ملاحظة المترجم :

أنا لا أدعم هتلر أو وأفكاره فما شابه، كما لا أعتقد أنه يستحق التمجيد، وهذه القصة عن "تاريخ بديل"- كمحب للتاريخ أجد أنها للمتعة ليس إلا.

....

الفصل الأول / المقدمة

.

.

كنت فضوليًا ليس إلا.

لكن إتضح أنه الفضول الذي قتل القطة.

***

لعب ألعاب الهاتف هي أحد هواياتي التي آنست فراغي كعاطل.

هي مجانية، ويمكنك الإستمتاع بها في أي وقت وكل مكان، لذا فهي هواية مناسبة لشخص مثلي لا يمتلك المال أو الالتزامات.

بعد أن تناولت الطعام الذي أعدته لي والدتي تقلبت على فراشي شمالًا ويمينًا أبحث عن لعبة هاتف جديدة أقضي بها الوقت.

وتوقفت على واحدة.

"قلوب من حديد"؟

(*ملاحظة المترجم: توجد لعبة بنفس الإسم تعرض عدة احتمالات للتاريخ البديل، أبحث عن "قلوب من حديد 4" على جوجل).

شدني الإسم المألوف والفريد فنقرت على اللعبة، وقرأت وصفها.

اللعبة تمنحك المقدرة على تغيير التاريخ عن طريق إختيار البلد والقائد الذي تريده.

معتقدًا أنها فكرة غير سيئة، ثبتها ونقرت على خانة البلدان، وقد ظهرت لي قائمة تشمل المئات.

بداية من البلدان العظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين، وصولا إلى بلدان العالم الثالث مثل نيبال وأرمينيا وإثيوبيا، وحتى دول صغيرة مثل جيبوتي وناورو.

"هل أجرب؟".

كان أول خيار حددته هو غامبيا.

لا سبب معين وراء قراري هذا، إنها محض نزوة.

لكن حين نظرت عليها إنبثقت خانة تخطرني أن هذا البلد لا زال قيد الإعداد، وهو الأمر الذي إستغربته، فإن كان اللعب بها غير ممكن لم وضعها المطور؟

إذا مالذي يجب أن أجربه تاليت؟

أمريكا؟ بدا ذلك مملا فهي قوة عظمى بالفعل، والعب بها في لعبة إستراتيجية ليس خيارًا مشوقًا.

بريطانيا أو فرنسا؟ لا أجد أني مهتم بهاذين البلدين حقًا.

أنا لا أحب الصين، ولا أظنني مهتم بروسيا.

ماذا عن أفغانستان أو التبت؟ أنا فضولي بشأن ما يمكنني تحقيقه معهم، لكن مستوى صعوبتهم ليس الأنسب للجولة الأولى.

بعد تفكير قصير، إخترت ألمانيا.

ألمانيا.

في يومنا هذا تعد دولة أوروبية كبرى، لكنها خاملة للغاية، مع ذلك فقد كانت أكبر مسبب للمشاكل في القارة العجوز في الماضي.

إخترت ألمانيا لأن مستوى صعوبتها معقول ويساعدني على تعلم اللعبة.

حين نقرت عليها إنبثقت قائمة طويلة بأسماء القادة الذين يمكنني اللعب بهم، من فريدريش الأول إلى مارتين لوثر، حتى بأسمارك وصولا للمستشار الألماني الحالي أولاف شولتز.

أشعرني طول القائمة بالدور، فقد بدا لي أن لا نهاية لها بغض النظر عن عدد المرات التي أسحب فيها إصبعي للأعلى.

بالله كم عدد هؤلاء القوم؟

قررت إختيار واحد عشوائي لأن تصفحهم جميعا مضيعة للوقت، كما أنني لا أعرفهم جميعًا على كل حال.

نقرت فوق زر أعلى الخانة، كتب عليه "إختيار عشوائي'.

فكرت أنه ربما كان من الأفضل أن أختار يدويًا، فالعشوئية لم تكن مثيرة للاهتمام في كثير من الأحيان.

ولكن بحلول الوقت الذي أدركت فيه كان الأوان قد فات.

لكن عندما توقفت القرعة عن الدوران تفاجئت بالنتيجة.

"من بينهم جميعًا هتلر؟".

أدولف هتلر.

دكتاتور شهير، يصعب أن تجد شخصًا لا يعرفه.

لكن بما أنه ولد في النمسا تسائلت عن ما إذا كان يجب أن يكون خيارًا في النمسا وليس في ألمانيا.

حسنًا، عد هتلر نفسه ألمانيًا وعمل رئيسًا لها، لذلك قد لا يكون من الخطأ وجوده هنا.

على الرغم من أن صورة هتلر في اللعبة لم ترق لي، إلا أني إعتقدت أيضا أن لعب دور هتلر ممتع أكثر من بسمارك المحتال الذي إنحدر أو فريدريش العظيم الذي كان رجلا محظوظًا.

حين نقرت على صورة هتلر تغيرت الشاشة وظهرت كلمة "المهمة" أعلى الشاشة وأدناها نص جديد.

-حاول هتلر الذي كان رسامًا طموحًا توحيد أوروبا تحت راية ألمانيا، لكن جهوده لم تكلل بالنجاح، عليك أن تسيطر على البلاد وتصبح الفوهرر وتحقق طموحاته التي لم تحقق.

بعد أن قرأت دونما مبالاة ضغطت زر التشغيل.

لكن ذلك كان آخر ما رأيته أمامي.

***

"... كيف ذلك".

عندما فتحت عيني، صرت هتلر.

هذه ليست مزحة.

بداية ظننته حلمًا.

مع ذلك كنت قادرًا على رؤية ما أمامي والإستماع والإحساس بملمس الأشياء.

أنا أتنفس، وقلبي ينبض.

كل شيء بدا حقيقيًا.

ثم أدركت أن هذا لم يكن حلمًا، بل حقيقة.

حين أدركت ذلك ذعرت، ولبرهة فكرت جديًا في الإنتحار.

على الرغم من أني كنت خائفًا من الموت، إلا أني لم أمانع الموت في حال كنت قادرًا على العودة.

لكن حين كنت على وشك البدأ في تطبيق ذلك، شعرت أنه بلا معنى.

إن مت ولم أعد، وهو إحتمال وارد.

ماذا سأفعل؟

لم يكن لدي إستعداد لإنهاء حياتي بهذا الشكل.

كما أني تأملت أنه بالإنتظار قد تظهر طريقة أو خيار بديل للهروب من هنا.

لذا درأت أفكار الموت من ذهني، وقررت التكيف مع الواقع.

...

بما أني أصبحت هتلر بالفعل، قررت أن أعيش حياة مسالمة لعل التاريخ يصبح أكثر إيجابية قليلا.

عوضًا عن التوجه للسياسة، بقيت في الجيش حتى أنهيت فترتة خدمتي.

بفضل ذلك وبعد تحمل المصاعب، تمكنت من الحصول على وسام الصليب الحديدي، حتى أني رقيت إلى رتبة رقيب أول -على العكس هتلر الذي ظل عريفًا-.

وبما أنني لم أكن بطبيعتي محب للترف وأعيش وحيدًا كان إنفاقي متوضعًا، من ما مكنني من توفير المال براتبي لإعالة نفسي وفقًا لنمط حياتي هذا حتى أشيخ وأموت.

بينما كنت أعيش حياة هادئة أنتظر يوم التقاعد.

شبت حرب أهلية.

إذ قام الحزب الشيوعي بدعم سوفيتي بأعمال شغب في البلاد إحتجاجًا على أوضاع العمال السيئة وتدني الأجور وسرعان ما عمت الفوضى ألمانيا.

ما زيد الطين بلة أن بولندا إنتهزت الفرصة لتبدأ مناوشات على الحدود وحتلت ألمانيا التي أضعفتها معاهدة فيرساي والحكومة الهشة والثوار الشيوعيون.

بينما كنت أقود فصيلي وأقاتل الجيش البولندي قتلت برصاصة إخترقت صدري.

'إذا فهذه هي النهاية؟'...

لم يكن ذلك سيئًا بصراحة.

لكن عندما عدت إلى رشدي، وجدت أني عدت إلى اللحظة الأولى من إنتقالي ثانية.

وكان ذلك أول تراجع لي.

لكن هذه المرة بدلا من البقاء في الجيش، عدت إلى وطن هتلر، النمسا.

إعتقدت أن النمسا أمنة ويمكنني الاستقرار فيها بهدوء.

لكن إتضح أني كنت مخطأ، بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى، ومع إندلاع الحرب الأهلية في ألمانيا حدثت أعمال شغب بقيادة الشيوعين في النمسا أيضا.

ومع سقوط النمسا في الفوضى، تدخلت إيطاليا وتشيكسلوفاكيا في الحرب بإسم منع المد الشيوعي والحفاظ على النظام في النمسا، لكن ذلك كان بالطبع لقضم كل ما يمكن قضمه.

وبطبيعة الحال قضيت نحبي تحت الركام خلال غارة جوية إيطالية.

يقودها ذلك إلى إعادتي الثانية، وقد فكرت وقتها في الذهاب إلى سويسرا، لأنها على الأقل تبدو أكثر أمانًا، ولا تتوافر فيها أسباب لوقوع حرب أهلية، ولا يمكن نظريا إحتلالها.

لكن حتى لو تجنبت الحرب، ربما لا أستطيع تجنب حوادث السير.

بدا القدر عازمًا على جعلي أجرب الموت مرارًا.

فحين كنت عائدًا إلى منزلي بعد التسوق، صدمتني شاحنة نقل مسرعة.

تم نقلي إلى المستشفى لكني مت بعدها بأيام.

وفي مرتي الثالثة تمكنت من تحاشي الشاحنة وبتهجت معتقدًا أن كل شيء على ما يرام.

لكن حين عدت للمنزل ذلك المساء أقتحم لصوص منزلي وطعنني أحدهم في الشريان السباتي.

بينما كنت أنزف على الأرض، تذكرت "المهمة التي رأيتها ذلك اليوم حين فتحت واجهة اللعبة.

ماذا كانت؟ لا أتذكر السياق تمامًا بعد الآن، لكن أظن مختصرها المفيد هو أنها أرادت مني أن أصبح الفوهرر وأحول ألمانيا إلى قوة عظمى.

ربما يكون موتي بشكل متكرر عقابًا على تجنب المهمة.

بالتفكير بالأمر، ربما إن نفذت المهمة أقلها أن أتوقف عن الموت، وربما حتى أكون قادرًا على الهرب من هذه الحلقة.

لأني بدأت أشعر باليأس.

أدركت أن تجنب الحرب غير ممكن، وقد مت مرات بالفعل، وسأستمر في هذه الحلقة إلى الأبد.

لذلك قررت أن أخطو نحو السلطة.

وكما فعل هتلر الأصلي، كافحت لشق طريق سياسي لنفسي متبعًا خطاه، أصبحت الفوهرر بعد السيطرة الحزب على البلاد، اعدت تسليح الجيش، تمت إستعادة الراينلاند، وضم النمسا والتنازل عن السوديت واستعادة غرب بروسيا وبوزن.

إعتقد بسذاجة أني أكملت كل شيء وانهيت هذه المهمة، ولا مزيد من المقالب الغبية، لكن إتضح أن هناك

مقلب إضافي والأمر لن يمر مرور الكرام.

يقال أن الجشع خصلة لا تشبع، عندما أطيح ببولندا طالب نبلاء الونكرز لبروسيين بإستعادة النظام الملكي.

بالطبع لم أقبل ورفضت مطالبهم وكنت ضد إستعادة الملكية، لأن ذلك بدا لي بلا معنى ودون أي دواعي.

لكن النبلاء الفخورين إمتلكو أفكارًا أخرى، بالمناسبة هل أعتقدو بصدق أن ألمانيا ليست ألمانيا دون قيصر كما زعمو، أم أنها مجرد ذريعة لأخذ السلطة التي إمتلكتها؟

على العموم لم يعد ذلك مهمًا.

نظمو إنقلاب كبيرًا، وسجنت في قبو مكتب مكافحة الجواسيس.

أعلنوا للملئ أني في خطر، وألقو بالائمة على قوات الأمن الخاصة "SS" وقادو بعميلة تطيهر واسعة النطاق ضدهم.

إختارت قوات الأمن الخاصة ألا تقف مكتوبة الأيدي، كقوة مسلحة أعددتها إختارو المقاومة، ما نتج عنه حرب أهلية.

وبالطبع القروش المحيطة لن تفوت رائحة الدم، تدخلت بريطانيا وفرنسا والإتحاد السوفيتي لإنهاء خطر ألماني الذي كانو قادرين على فهم حجمه في مهده.

وقبل وصول الجيش السوفييتي إلى برلين، سحبت من الزنزانة التي مكثت فيها طويلا وأعدمت رميًا بالرصاص.

وقبل أن أفقد الوعي، عدت مرة أخرى.

وهذه المرة غزمت أن لا أكرر غلطاتي السابقة.

سأنتصر، وسأتكد من إطلاق الرصاص على مؤخرات الأوغاد الذين خذلوني.

2024/05/04 · 297 مشاهدة · 1391 كلمة
نادي الروايات - 2025