مساء يوم إكتمال عملية الخلد

أعلن جوبلز للملئ عن إحباط محاولة إنقلاب فصيل من الفيرماخت.

"حاول الخونة الأنذال ممن زغللت السلطة عيونهم أغتيال الفوهرر وتشكيل الحكومة بما يرضي أهوائهم، بيد أن ما تأمرو عليه قد كشف، وما لاقته مخططاتهم هو فشل ذريع، أطمأنكم أن الفوهرر سالم، وأترككم مع كلمة فخامته".

ألتقطت الميكروفون بعد مقدمة جوبلز وقرأت الخطاب الذي كتب سابقًا.

"أعزائي المواطنين، جرت اليوم محاولة أنقلاب قام بها حسادي، وقد نجحنا في أحباطها والقبض على والخونة ويجري الآن إستجوابهم، وحتى هذه اللحظة نجهل عدد المتواطئين في هذه المؤمرة.

أخوتي وأخواتي، لا داعي للجزع، أنا سالم معافا والحكومة تشتغل شغلها المعهود، ورغم الأصابات التي لحقت ببعض افرادنا أثناء القبض، أستطيع القول أن ألمانيا نجت من أزمة وشيكة.

وأعتقد أن هذه الحادثة لم تخلو من الإرادة الألهية، وأن بقائي حيًا لأقود هذه البلاد نحو مستقبلها الواعد هي مشيئته، وبذلك فإني أتعهد بخدمة هذه الأمة وشعبها حتى اخر رمق، وامل أن تطمئنو وتحظو بأيام طيبة، شكرا".

"النهاية! بوركت جهودكم".

حين أعطى موظف محطة الإذاعة إشارة انقطاع البث ارخيت ربطة عنقي مبتسمًا.

"أخيرًا، سأعهد بالباقي إليك دكتور جوبلز".

"أعهد وأنت مرتاح فوهرر، سأتمه بدقة".

تلئلئت عينا جوبلز، لربما وجدها فرصة ذهبية لأثبات كفائته.

وقد وثقت بأنه سيفي بما وعد فلا يمكن لأحد أن يقارع جوبلز في مجاله.

وزع جوبلز البيان والعناوين التي كتبها بنفسه على الصحف ووسائل الإعلام لتكتب بنائًا عليها.

ولم تلبث أن تصدرت عناوين مثل "تائمر الخونة لأسقاط ألمانيا!" - و "محلولة أغتيال الفوهرر!" - الصحف الألمانية بالبنط العريض.

وقد ذهل الشعب الألماني بهذه الأنباء المفاجئة عن محاولة الأنقلاب، وقد كان الشعور السائد هو الغضب.

من اكون في عيونهم؟

ألست محنك القرن، الفوهرر الألماني، مؤسس الرايخ الثالث ودبلوماسي ليس له مقارع يقلبه بالبعض ببسمارك التالي؟

لست أبالغ إن قلت أني شبه مقدس داخل ألمانيا، وقد جرت محاولة أنقلاب علي؟ لابد ان يغضب الشعب.

صدق الرئي العام الغاضب رواية الحكومة -لم تتوافر رواية اخرى على اي حال- وقد قذف وشتم من شارك في الإنقلاب ونعتو بالخونة والعملاء الأجانب.

لم أضيع هذه الفرصة وقضيت على ما بقي من تكتلات منهاضة لنازيتي معتمدًا على موجة الدعم الشعبي والفوضى.

حلت كافة الأحزاب السياسية اليسارية الصغيرة وغيرها ممن أظهرت أعتراضًا لسياساتي كالحرزب الديموقراطي الأجتماهي وخصع أعضائها الرئيسيون للمراقبة.

أحزاب غير نازية كحزب الوسط وحزب الشعب بادرو في تقديم ولائهم لي للهروب من هذا المصير، لكن أغلب أعضائهم غيرو عضويتهم بعضوية الحزب النازي.

وما كان ذلك ليحدث لولا الدعم الشعبي المطلق لي.

أراد الجمهور أنتقامًا شاملا، وقد أستخدمت أرادتهم كصولجان لكسر جماجم الخونة بما يرضي فؤادي.

وبالطبع، حكم على النجوم الرئيسين كبيك وكناريس وفيتزليبن بالإعدام.

قبل تفيذ الحكم جردتهم المحكمة العسكرية من مناصبهم ورتبهم العسكرية وأصبحو جميعًا مجرد جنود.

كما لم يتم الأعدام رميًا بالرصاص، بل أعدمو شنقًا بلباس السجن.

وقد طالبو بأعدامهم رميًا بالرصاص حتى اخر رمق، وفي الفرمخت سمعت أصوات تطالب بأن يعدمو بالرصاص من باب الرحمة.

لكني لم أمتلك أدنى رغبة للقيام بذلك.

قبل الإعدام، جردتهم من وضعهم العسكري من خلال محاكمة عسكرية وخفضت رتبتهم جميعًا إلى جنود.

كما أن الإعدام لم يتم رمياً بالرصاص، بل شنقاً وهم يرتدون ازياء السجن.

لقد طالبو بإعدامهم رميا بالرصاص، وحتى داخل الجيش، كان هناك رأي مفاده أنه يجب إعدامهم رميا بالرصاص كرحمة أخيرة، لكنني رفضت ذلك تماما.

"وهل يستحق من دنس شرف الجندي الرحمة؟ هذا سخف".

"نعم سعادتك! حتى أسم الجندي كثير عليهم!".

وقد دعمني شبيحي هيملر في وقت كهذا.

إضافة إلى ذلك تأكدت أن تكون سقالة منصة لأعدام صغيرة ليموتو بأكبر قدر من الألم.

ولم يعدم الخونة فورًا.

ضربت السقالة رؤوسهم، وماتو أختناقًا واجسادهم النازفة تأرجح بحبل المشنقة.

حين أجبي ديوني فأني لا أنسى الفائدة.

كما كشفت التحقيقات عن تورط عدد كبير من عملاء Afwehr في مؤمرة الأنقلاب.

وبالطبع أعدمو جميعا ودمج ما بقي من الـAfwehr في وكالة الـSD وأصبحو تحت قيادة هيدريش.

كانت سعادة هيدريش بذلك واضحة، إذ ظل يجوب المقر الرئيسي مبتسمًا على غير عادته.

وسعت ألوية Waffen-SS الثلاث إلى فرق.

وشغل فالتر فون رايخيناو -مؤيدي الكبير- منصب رئيس أركان الجيش الشاغر.

ولسبب مفهوم لم ينطق الجنرالات الذين كانو يعارضون تعيين رايخيناو بكلمة هذه المرة.

حتى غيرد فون رونتشتيت الذي كان في سابق عهده من أشد معارضي تعيين رايخيناو رئيسًا لاركان الجيش كان أهدأ الجميع.

بالطبع أدركو أنهم إن أقترفو خطأ غير محسوب سيكون هذا مآلهم.

وفي وقت كهذه أظهر هؤلاء الرجال سرعة البديهة.

أتضح ان للتطهير أثر أكبر من ما كنت أتوقع.

***

حلق صقر فولاذي عاليًا في السماء الصافية.

ما لبث الطائر الذي غطس بشغف في محيطه الأزرق ان مال حتى ستقر هابطًا على المدرج المرصوص.

"ما قول سعادتكم؟".

"همم.. إني راضٍ".

أكتمل أختبار الطائرة المقاتلة الجديدة من طراز Bf109 F بنجاح.

تاريخيًا لم يظهر هذا الطراز إلى بعد الحرب الجوية على السواحل البريطانية، لكن فكرة أنتظار ذلك الحين لم ترق لي، ولهذا حشدت ما عندنا من موارد ومهندسين ألمان لجعله يظهر مبكرًا.

الطيار الذي قاد الرحلة التجريبية هو الرائد أدولف جالاند، ولكونه مدخنًا شرها كان اول ما فعله بعد فك رباط المظلة عن صدره هو وضع سيجارة في فمه.

"أيمنحك التدخين أحساسًا جيدًا إلى هذا الحد؟".

حين رأني عنده رد جالاند سيجارته سريعًا إلى جيبه وبتسم خجلا.

"ليس إلى هذا الحد، لكنها عدة عجزت عن الإقلاع عنها.. هاهاها"...

"عليك الحد من هذه العادة حفاظًا على صحتك فألمانيا تحتاج موهبتك، إذا، ما رأيك في Bf109 الجديدة؟ هل تروق لك؟".

"تروق لي وأكثر، هي أسرع وأخف وزنًا من طراز E الأسبق، لقد قام مهندسونا بعمل فذ".

إن مظهر Bf109 F يختلف جريًا عن النسخة E بسبب أعادة تصميم هيكل الطائرة بالكامل.

السمات الأكثر بروزا في النوع F تتمثل في إزالة دعامة الذيل الأفقية وتغيير تصميم هيكل الطائرة الأمامي والجناح الرئيسي، ما منحها مظهرًا أكثر أنسيابية.

كما تم تقليل الوزن وتزويدها بمحرك جديد ما منحها سرعات اكبر من زميلتها E.

"مع ذلك فأني أشعر بقدر من الحسرة": علق جالاند ناظرًا إلى الطائرة خلفه.

"ولم ذلك؟".

"في رأيي طراز E بمدفع الجناح الآلي أكثر سلاسة في التصويب، قد لا يتفق بعض زملائي من سلاح الجو مع ذلك، فهناك من يرتاح اكثر لمدفع آلي امامي، لكني لازلت افضل مدافع الجناح".

"هوه؟ حسنًا اظن أن لكل فرد نظرة تخصه".

على عكس سلفها E التي زودت بمدافع رشاشة على الجناح، حملت F مدعًا رشاشًا في المقدمة وقد اختلفت أراء الطيارين في أمره.

ادولف جالانت مثلا أشتهر بالقتال على متن طارئة معدلة بمدافع الأجنحة.

ومع الأنتهاء من تطوير طائرة Bf109 T المقاتلة التي ستخدم على متن حاملة الطائرات غراف زبلن والتي تقرر ان تكتمل بعد شهرين من الآن، أكتمل تطوير النموذج الأولي من طائرة Fw190 المقاتلة الرئيسية الجديدة، وقد حلق نموذ تجريبي منها في سماء ألمانيا مع Bf109 قبل اسبوع.

وقد تقدم أنتاج قاذفة القنابل الأقضاضية Ju87، والتي تعرف على نطاق اوسع بلقبها "ستوكا" -Stuka- بسلاسة، وكذلك زميلتها Hs123.

أقترح البعض أن انتاج Hs123 ذات السطح المزدوج يجب ان يتوقف بعد اطلاق Ju87، لكني كنت متشبثا بأنتاجهما معا.

إن نظرنا إلى الاداء قد تكون Hs123 أقل شأنًا من Ju87، لكن Ju87 ظلت طارئة أنقضاضية مكرسة للقصف الجوي ما جعلها غير ملائمة تماما لتكون دعمًا جويا منخفضا للقوات البرية، ولهذا السبب ظلت Hs123 رغم قدمها ممتازة لدعم القوات البرية بفضل خفتها ودقتها.

تحديدا، اظهرت Hs123 أداءًا فذًا في الجبهة الشرقية، لذا يقال أن قيادة لوفتوافا قد فكرت جديًا في إستئناف أنتاجها، لكن هذه المخططات ألغيت بسبب تفكيك جميع خطوط انتاجها سلفا.

كما سار تطوير القاذفة الإستراتيجية لوالتر فيبر بسلاسة حتى الان.

في التريخ وافته المنية في حادث طيران عام 1936 ما أوقف كافة مشاريع القاذفات الإستراتيجية والتكتيكية التي عمل عليها، ولكن ولأنه عاش هذه المرة أمتلك فرصة لمواصلة مشاريعه بشغف.

جرت عملية تحليق القاذفة الثقيلة Fw200 بين برلين ونيويورك بنجاح دونما توقف، وقد بدأ أنتاجها بكميات كبيرة كما يجري أيضا تطوير He177.

لكن هذه الأخيرة واجهت عراقيل في المحرك، ما أصاب المهندسين بصداع مستمر لكن لحسن الحظ، لم يستسلم فيبر.

اه، في الحقيقة تم رفض خطة تقسيم أقسام تطوير الطائرات التي أقترحها إرنست أوديت منذ دهر.

دافع أوديت عن خطته قائلا أن تقسيم التطوير سيزيد سلاسة التطوير المستقبلي، لكني تجهلت حججه فقد ادركت أن خطته ستعود بنتيجة معاكسة تماما لما زعم.

"الأقسام الأربع تؤدي عملها على أكمل وجه ولك يد في ذلك، أن قسمنا عملياتها دونما مبرر فإن خط أنتاجنا سيزداد تعقيدًا ما قد يؤثر على نظام التطوير بأكمله، لذا أمل أن لا تفعل شيء غبي كهذا، وعتني بصحتك ولا تكثر في شرب الخمر".

أوديت الذي عرف عنه أنه من كبار الشاربي الخمر في لوفتوافا، بل في كل الفيرماخت إنتحر عام 1941 بفعد أن عانى من أكتئاب إدمان الكحوليات.

وفي تسلسل الأحداث تحطمت طائرة من نوع He111 كانت تقل ضباط كبار لسلاح الجو كانو في طريقهم لحضور جنازته، ما أسفر عن مقتل أسماء كبيرة منهم فيرنر مولدرز الذي يقارع جالانت.

هذه تفاصيل صغيرة، لكن إن أغفلناها قد يكرر التاريخ نفسه.

وقد اتضح ان الأمر لم يكن بهذه السهولة إذ أستمر أوديت بأفراطه في شرب الخمر كل يوم رغم زني المستمر عليه.

لذا ما كان مني إلا أن إستخدمت الجيستابو لقتحام منزله ومصادرة مافيه من خمر وأجباره على الخضوع لكشف طبي كل يوم.

حتى انهم قد وضعو عليه مراقبًا وأجبروه على اتباع نظام غذائي جديد، وقد كان التغيير -الإيجابي- يظهر على اوديت كل يوم رغم تذمره المستمر بأن الموت أرحم من ما يمر به.

"فوهرر أدرك خطأي! لذا إرجوك-.."

"لا تصخبنا، سيستمر الحال على ماهو عليه إلى أن تعود صحتك إلى سابق عهدها، وإلى ذلك الحين يسمح لك بشرب الخمر ثلاث مرات أسبوعيا".

وذاك بالطبع شرط أن يشربه امامي.

***

تم إعدام إريك فيلجيبيل، خبير الاتصالات الرائد في الفيرماخت، لمشاركته في التمرد، لكن لا يمكنني نكران إنجازاته.

كان ظهور الة التشفير إنجما من أبرز أنجازات فيلجيبل، وقد اصر بتفان على أدخالها في كل العمليات العسكرية.

ظل نظام إنجما معروف بصلابة دفاعه، وذاك حتى فك تشفيره البريطاني آلان تورنغ وفريقه في بلتشي بارك بإنجلترا عام 1942.

خلال الحرب العالمية الثانية كان البولنديون اول من فك تشفير إنجما، لكن مع تحسين الألمان لها، بات مفتاح الفك البولندي عديم الفائدة.

وسلمت بولندا العاجزة بيانات ابحاثها في هذا الشأن لبريطانيا، وبفضل العالم العبقري آلان تورينج نجحت بريطانيا في فك التشفير، وانتهت الحرب بنصر الحلفاء.

لولا فكهم للتشفير إنجما لكانت غواصات يو الألمانية قادرة على الأبحار ابعد، ولحققت حرب الغواصات نجاح اكبر في حصارها للسواحل البريطانية.

أتذكر رواية تاريخ بديل قائمة على هذا الأفتراض.

بالطبع قد لا يكون عدم فك الشيفرة كافيا لحمل بريطانيا على الأستسلام أو لدفع الأتحاد السويفيتي إلى ما وراء جبال الأورال كما في الرواية، لكن الأكيد انه سيخفف على ألمانيا الكثير من تحديات الحرب. . وإن كان غزو كل أوروبا محالًا، علينا على الأقل أن لا نخسر.

عندها فقط سأهرب من حلقة الأعادة المرهقة هذه.

قبل اندلاع الحرب كانت طريقة إنجما للتشفير هي اختيار ثلاث عجلات من اصل خمس، والطريقة المحسنة في عام 1942 اقتضت اربع عجلات من اصل ثمانية.

لقد قدمت هذه الطريقة الأخيرة عام 1938، ورغم انها ستحمينا الآن، يظل احتمال كسرها في المستقبل قائما.

لذا فإن الحل الوحيد هو تطوير انظمة تشفير جديدة.

يتم تطوير ناظم لورنتز بديلا لإنجما، بيد أن أحتمال كسره بواسطة حاسوب كولوسوس الذي طوره الحلفاء اواخر الحرب يظل واردًا، لذا لابد من ان نضع ذلك في الحسبان.

حين افكر في المستقبل، أجد اني لا استطيع ان استريح أبدا.

***

"جيكوب، اعطني برهة من وقتك".

"ماذا عندك؟".

"انظر إلي".

عندها فقط أدار جيكوب بيسون رأسه تجاه زميله كونراد زوس.

كان زوس ينظر إلى جيكوب حاملًا صينية بها اكواب قهوة وطبق من الطعام.

"استرح قليلا، انت تعتمد على القهوة ليومين كاملين".

نظر حوله إلى زملائهم الذين اجتمعو لتناول الخبز وحتساء القهوة، او الإستلقاء للأستراحة.

رؤية رفاقهم المرهقين يحتسون القهوة بوجوه مبهدلة والشغف مبدد من عيونه أشعرته أنهم في دور رعاية للمسنين وضعاف المجتمع.

"وكم يوم مر على عودتك لمنزلك؟".

أجاب جيكوب :"أسبوع، ناولني بعض الخبز، ربما سأستريح قليلا فذراعي بدأت تؤلمني".

على الصينية التي وضعها زوس امامه عدة شرائح من الخبز والنقانق ولحم الخنزير وبعض الزبدة والمربى، وفنجان قهوة.

تناول زوس النقانق في حين دهن جيكوب الخبز بالمربى متذمرًا.

"أشك انني نسيت طريق المنزل، لو كنت أعرف ان العمل سيكون صعبًا إلى هذا الحد لتبعت نصيحة والدي وأصبحت حاخامًا".

"ألم تقل لي أنك ألتحقت بالكلية فقط لكي لا تصبح حاخامًا؟".

"أقلت ذلك؟ أعتقد اني بطول المكث هنا بدأت أنسى الكثير".

رغم تذمره لم يندم جيكوب حقًا على خياره.

وكأي انسان، مر بصعاب شتى، بيد انه ثابر وظل متشبثا بأن أختياره أن يغدو مهندسًا ألكترونيًا سيخدم بلاده.

عمل جيكوب بجد في ابحاثه، وخاصة بعد ما حدث قبل أسبوعين.

فقبل اسبوعين زار الفوهرر هتلر مقر ابحاثهم بنفسه، وتحدث إلى الباحثين وصافحهم واحدًو احدًا.

زارهم قادة وضباط من الفيرمخات احيانا، لكنها كانت المرة الأولى التي يزورهم فيها الفوهرر، لذا كان الجميع متوترًا.

"أسترخي، أنا لا أعض".

"هاهاها-..."

وبعد ان انصت إلى شكوى الباحثين والمصاعب التي يواجهونها، ألقى الفوهرر كلمة قصيرة ووعدهم بدعمه الكامل.

وقد تمكن جيكوب الذي كان في الصف الأمامي من رؤية هتلر عن قرب اثناء ذلك.

"خسرت ألمانيا الحرب الأخيرة، ولكسر نظام تشفيرنا وقتها يد في ذلك، لذا فإن من واجبنا ان نحرص على أن لا تتكرر المأساة، أمل ان تعتبرو مصير ألمانيا ماثل فوق اكتافكم".

قاتل والد جيكوب في الحرب العظمى، ونقل إلى المستشفى بعد أن أصيب عند جبهة فلاندرز.

ورغم عودته لمنزله بعدها فاقدًا ساقه اليسرى، عاد فخورًا بقتاله لأجل بلاده، ولم يساوره شك ان النصر سيكون حليف ألمانيا.

لكن ألمانيا خسرت، وذهبت تضحيته مهب الريح.

وقد توفي والد جيكوب الذي امضى ايامه في السكر بسرطان المعدة قبل عامين.

يجب ألا تتكرر مآسي كمأسات والده، أبدًا.

"ماذا، هل ستعود للعمل بهذه السرعة؟"

"أرتحت لخمسة عشر دقيقة، وذاك يكفيني".

"أشك أنها خمسة عشر دقيقة، هل تطمح لأن تغدو مدمنًا على المنشطات؟"

"سانهي البحث ومن بعدها أستريح، فلا استطيع اضاعة وقت قد يخدم بلادي بالتخاذل"

"يا ألاهي، متى أصبحت وطنيًا لهذه الدرجة؟ لابد أني أحلم، أيقظني بعد ساعتين".

أشرقت شمس الصباح خارجًا.

لمعظم الناس كان هذا هو الوقت الأمثل لبدء نهارهم، وللبعض غيرهم كان الوقت الأمثل للأستيقاظ.

أو لمواصلة ما كان يُفعَل.

2025/05/02 · 9 مشاهدة · 2193 كلمة
نادي الروايات - 2025