17 - امتحان الاكاديميه ـــ الجزء الاول — ذئاب ظلال

ساسرع من كتابه الفصول وانا اشكرك يا فانج من اضافه الى البقيه على الاحجار اتمنى ان تستمروا

انتم حق الابطال انا احتاج الى المزيد منها لكي اجعل روايه افضل رجاء قم بالنقر عليها معا

الفصل السابع عشر: امتحان الاكاديميه ـــ الجزء الاول — ذئاب ظلال

في صباح اليوم التالي، اجتمع الطلاب جميعًا في قاعة الاستقبال، وقد ارتسمت على وجوههم مزيج من الترقب والرهبة. كانت القاعة فخمة، تفوق الوصف، تحمل عبق التاريخ وألق الأكاديمية العريقة، تشبه ما يُروى عن صروح توتنهام في عصورها الذهبية، حيث يلتقي الفن المعماري بالفخامة المتأصلة في كل زاوية وكل عمود. الأضواء تتلألأ على الجدران المزخرفة، والستائر الثقيلة تتمايل بهدوء مع نسيم خفيف يطرق النوافذ الكبيرة، فيما الأرضية اللامعة تعكس صور الطلاب الواقفـين في حيرة وانبهار.

هؤلاء الطلاب لم يكونوا جميعهم من طبقة واحدة؛ فقد احتشدت قاعة الاستقبال بمجموعة هائلة من العامّة، إضافة إلى النبلاء الذين جاءوا بملابسهم المتميزة التي تعكس المكانة والثراء، وكان الانبهار بادياً في عيونهم جميعًا. كلٌ منهم يتفحص القاعة وكأنها عالم جديد يكتشفه لأول مرة، وتناوبت الهمسات بينهم على أعمدة الأعصاب المتوترة، يتحدثون عن المعلمين، عن القوة والشهرة التي يُحكى عنهم في أنحاء القارة.

"لا أصدق.. هل تعتقد أن أحدًا من المعلمين سيأتي إلى هنا؟ سمعتهم، إنهم أقوى أشخاص في القارة."

"صحيح، ليس فقط أقوى الأشخاص، بل جُمعوا من قبل الإمبراطورية لتعليمنا."

"نحن محظوظون جدًا… جيد أنني أمتلك الموهبة الكافية لأجلس هنا.." قال أحدهم بابتسامة خفية، مشيرًا إلى المكان الذي اختاره بين العامّة.

تجولت العيون بين الصفوف، يراقب بعض الطلاب الآخرين بصمت، بينما ينهمك البعض في حديثهم الخاص، يحاولون تهدئة أعصابهم، أو ربما استعراض قواهم الباطنة لبعضهم البعض. ملابس الطلاب كانت متقاربة في النمط، إلا أن الفوارق البسيطة كانت واضحة؛ العامّة يرتدون الأحمر والأسود، مع سراويل مصممة بعناية، تحمل شعار المدرسة المتمثل في شمس وسطها تنين نائم، بينما النبلاء كانوا يرتدون الأحمر مع الذهبي، ويزينون ملابسهم شعار عائلاتهم النبيلة، مع إطلالة تُميزهم عن بقية الحاضرين.

كانت الشمس في منتصف السماء حين بدأ القاعة بالهدوء التام، فجأة، توقف الضوء، والدهشة ارتسمت على وجوه الجميع. "ما الذي حدث؟" تمتم بعض الطلاب، بينما ظل البعض الآخر صامتًا، يحدق نحو المنصة الأمامية بتوتر وفضول متشابك. لحظات قليلة حتى اخترق الضوء المكان، وصوت أقدام يمشي بثبات نحو المنصة، استدارت الأعين نحو مصدر الصوت، وهناك ظهرت هي.

امرأة فائقة الجمال، لا يمكن تقدير جمالها بثمن، شعرها كالليل الأزرق الداكن، وعيناها سوداوين عميقتين، وبشرتها البيضاء تتلألأ تحت الضوء الخافت، ترتدي ملابس رسمية أنيقة، تنضح رقيًا وسلطانًا في كل حركة. اقتربت نحو المنصة، وقفت في منتصفها، نظراتها اجتاحت الطلاب جميعًا، ثم ظهرت دائرة سحرية أمامها، تتلألأ بطريقة تضخم الصوت، لتصبح كل كلمة لها واضحة، واضحة للغاية، تخترق قلوب المستمعين، تخلف صدى عميقًا في أعماقهم.

"جميعكم، أيها الطلاب… أتيتم إلى أكاديمية توتنهام لتصبحوا الجيل الجديد من الفرسان، الذين سيدافعون عن الإمبراطورية الخالدة، إمبراطورية نوفا كرون."

نظراتها لم تخلُ من البرود، كان هناك نوع من القوة الغريبة تحيط بها، ملابسها السوداء تعكسها بشكل غامض، وفي الوقت ذاته، يتلألأ شعار الأكاديمية على صدرها.

"قبل انضمامكم إلى هذه الأكاديمية… سيتم وضع امتحان تجريبي لكم جميعًا. هذا الامتحان سيكون قياسًا لقوتكم. يجب أن أخبركم مباشرة، يمكن أن يموت من يملك قلبًا ضعيفًا… الإمبراطورية لا تحتاج إلى أشخاص غير أكفاء ليكونوا فرسانها. إذا لم تثبت نفسك، سيتم طردك."

الكلمات كانت دقيقة، رسمية، خالية من أي عاطفة، كما لو أنها تقرأ نصًا معدًا مسبقًا، لكنها تحمل تهديدًا ضمنيًا يجعل الأدرينالين يتدفق في العروق.

ثم أشارت إلى الجدار خلفها، الذي بدأ بالبريق، لتظهر كلمات تتلألأ في الهواء:

"الامتحان: مواجهة الأعداء. سيتم إطلاق أنواع مختلفة من الوحوش داخل غرفة الاستقبال. الهدف: النجاة لمدة ثلاث ساعات. الذين يخسرون في هذا الاختبار سيتم طردهم."

كان الصمت يلف القاعة، وكأن الكلمات نفسها قد أثقلت الهواء، وأشعلت خفقان القلوب. بعض الطلاب شعروا بالدوار، فيما همس البعض الآخر بكلمات باردة في أنفسهم، يتحدثون بصوت خافت كما لو كانوا يحاولون إقناع أنفسهم بالقدرة على الصمود.

من بين الحاضرين، كان شاب أبيض الشعر يسمع صوتًا خافتًا في رأسه: "لقد مر ألف عام… لم يكن هناك أكاديمية في تلك الأيام… يبدو أن عليك أن تبذل بعض الجهد الآن، أيها الصبي." تحدث بخفة، بلا مبالاة، وكأن هذا الصوت جزء من ذاكرته القديمة.

نظر البرت إلى مجموعة النبلاء، وهو يتأملهم بعين الباحث عن القوة، متسائلًا عن المستوى الذي يميز العامّة عن النبلاء، عن الفرق بين القوة المكتسبة والدم الوراثي. بعيدًا عنه، كان نيفر يحدق في الجميع أيضًا، في حين ارتعش سيف المعلق بجانب خصره، ينتظر الوحوش القادمة من بعيد، شعور الخطر يتسلل إلى قلبه.

العداد على الجدار بدأ العد التنازلي، وجميع الطلاب أصيبوا بالتوتر. بعضهم أخرج سيوفه، آخرون رماحهم، وفؤوسهم، يدركون جميعًا أن هذا الاختبار ليس سهلاً. هذه الأكاديمية قد أخرجت أعظم الفرسان الذين يحرسون المملكة حاليًا، وأن الخروج منها بلا نجاح كان يعتبر عارًا للنبلاء، فيما كان العامّة يفكرون في الفرص التي قد تتاح لهم بعد اجتياز الامتحان.

عين جميع الطلاب كانت تراقب الجهة التي أشارت إليها المرأة، حيث ستظهر الوحوش، لكن الرصد لم يكن بدافع الحذر فقط، بل لمعرفة الفرق بين قدراتهم وقدرات الآخرين.

في لحظة مفاجئة، بدأت الكرات في الهواء تضيء شيئًا فشيئًا، هذه الكرات لم تكن سوى أجهزة سحرية مثبتة على الجدران، تطلق أضواء بيضاء قوية، في حين بدأ البوابة التي دخل منها معظم الطلاب إلى غرفة الاستقبال تتلون بالسواد شيئًا فشيئًا، كأنها تتحول إلى فتحة لعالم آخر، بوابة مجهولة مليئة بالخطر.

ثم انطلق الصوت من المرأة مرة أخرى: "كونوا مستعدين… إذا لم تكونوا قادرين على تجاوز هذا… انسحبوا فورًا…" توقفت للحظة، لتكمل بنبرة جافة تخلو من الرحمة: "الموت في هذا المكان ليس شرفًا، بل هو عار بالنسبة لعائلاتكم."

كانت الكلمات تتسلل إلى النفوس، تزرع الترقب والخوف معًا، وتدفع كل طالب إلى مواجهة ذاته قبل مواجهة الوحوش. كل نفسٍ كان مشحونًا، وكل قلب ينبض بسرعة، والقاعة بأكملها قد تحولت إلى ساحة اختبار، حيث القوة والمهارة والشجاعة هي الحكم النهائي على البقاء أو الرحيل.

***

استر وقف بعيدًا عن صخب الطلاب الآخرين، مختارًا زاوية هادئة في القاعة، بعيدًا عن الباب الذي كان يعلم يقينًا أن الوحوش ستخرج منه. كان المكان الذي اختاره يحمل طابعًا من العزلة، حافة الأمان التي لم يكن يعلم إن كانت ستكفيه، ولكنه شعر براحة مؤقتة في الابتعاد عن تجمع الطلاب المشتعل بالحماس والخوف. نظر إلى ما حوله بعينين هادئتين، متأملاً المشهد الذي يسبق العاصفة، كل تفاصيل القاعة الكبيرة أمامه تبدو وكأنها تنتظر الحدث الأعظم، الأجواء مشحونة بالكهرباء الخفية التي تسبق المواجهة.

توقف بصره على شاب ذو شعر أبيض ناصع، يحمل سيفًا مهترئًا، يتأهب بشكل غريب، ينظر أيضًا نحو الباب كما لو كان يعرف مسبقًا من أين ستخرج الوحوش، كما لو أن الزمن قد منح هذا الفتى نوعًا من الإدراك الفطري، تلك النظرة التي تجمع بين الهدوء والترقب العميق. "ذلك هو بطل الرواية"، خطرت الفكرة في ذهن استر، وهو يراقبه بهدوء، يدرس كل حركة، كل تفاصيل جسده، كل إشارات استعداده للقتال.

بجانبه، كان شاب آخر، شعره أسود كظلام الليل وعيونه حمراء كجمر متقد، يتنفس بثبات، يراقب المشهد بهدوء، يختزن طاقته في الداخل، منتظرًا اللحظة المناسبة للتدخل. "نيفر مون لايت… هذا هو"، تمتم استر في نفسه، مدركًا أن هذه الشخصيات الرئيسة التي سيصادفها في المستقبل كلهم موجودون الآن هنا، في هذه اللحظة، في قلب المعركة التي لم تبدأ بعد، وفي وسط هؤلاء الطلاب المبتدئين الذين سيشكلون معهم شبكة مصائر مترابطة.

لحظة تالية، انطلق صراخ مفاجئ من أحد الطلاب، شعره رمادي وعيونه بنية، صوته عالٍ، متحمسًا بكل وضوح: "رائع، أنا متشوق للقتال!" توقف استر للحظة، وركز على الصوت، ليس للوهلة الأولى على المظهر أو نبرة الصوت، بل على شيء أكثر عمقًا، على الإحساس الداخلي الذي ينبعث من صرخة الحماسة هذه، كأنها تخرج من جوهر الروح، تحمل شيئًا يفوق الكلمات العادية.

في اللحظة التالية، فتح الباب فجأة، وتدافعت مخلوقات تشبه الذئاب، لكنها مشوهة، مصنوعة من الظلال، تتحرك ببطء شديد، ولكن كل خطوة منها تحمل تهديدًا ضمنيًا. تراجع بعض الطلاب الذين لم يكونوا مستعدين، ظهر الخوف على وجوههم، وأصابهم الارتباك، لكن المشهد لم يمر على استر بصفاء عادي، بل كان يراقب، يدرس، يزن كل خطوة وكل حركة.

ثم، في لحظة خاطفة، وقع انفجار من صوت معدني، وسيف مهترئ في يد الشاب الأبيض انطلق بسرعة لا تصدق، يقطع ذئبًا واحدًا بضربة واحدة، كل شيء حدث في ثانية واحدة، دقيقة وسريعة، مشهد سريع يفوق قدرة النظر العادي، ومع ذلك بدا كل شيء متقنًا، سلسًا، كرقصة قاتلة.

كان الشاب نفسه، البرت، الذي تقدم مباشرة نحو القتال بضربة واحدة متقنة، يدمر كل ذئب يقترب منه، قوته وتهدئه كانتا مذهلتين، وكأن جسده كله قد أصبح سلاحًا، كل حركة محسوبة بدقة مذهلة، وكل ضربة تتحدث عن سنوات من التدريب والمعرفة العميقة بالفنون القتالية. الطلاب الذين شاهدوه تفاجأوا، النبلاء على وجه الخصوص، دهشتهم كانت واضحة، واندفاع البرت لم يكن مجرد اندفاع شاب عادي، بل انفجار قوة فنية متناغمة مع جسده وروحه.

نيفر، الذي كان يراقب المشهد من بعيد، تمتم بكلمات مختصرة، ولكنه مليئة بالاهتمام والتقدير: "يبدو أنك متحمس يا البرت… يجب أن أشارك أيضًا." بلا أي تردد، أمسك سيفه، وأطلق قوة سحرية تزيد من سرعته، مزيج بين التحرك المادي والطاقة الروحية، ليصبح جزءًا من النسيج المتشابك للقتال.

الذئاب، رغم مرونتها وسرعتها، لم تكن كافية لمواجهة الطلاب الذين بدأوا في تجهيز أنفسهم أخيرًا، أصوات تصادم الأسلحة انتشرت، كل ضربة تحمل صدى واضحًا، كل حركة تحتوي على تركيز عميق، وكأن القاعة نفسها تشهد صراع الأرواح لا الأجساد فقط. بعض الطلاب، في دهشة، صرخوا: "ظننت أن الأمر أصعب من ذلك، يبدو أنه لا شيء!" بينما واحد من النبلاء قال بتفاخر: "هل هذا كل شيء؟ سأقوم بتدميرهم جميعًا بنفسي."

القتال استمر بوتيرة متسارعة، الظلال تتزايد من البوابة، لكن قوة الطلاب كانت كافية لتدمير كل ذئب يظهر أمامهم، كأنهم ينسخون نمط القوة والتنسيق من بعضهم البعض، كل ضربة محسوبة، كل حركة متناغمة مع زملائهم.

استر لم يشارك مباشرة، كان واقفًا بمكانه، يتأمل المعركة بلا مبالاة، يراقب الأبواب، يحسب الزيادة المستمرة في عدد الذئاب، يعرف أن هذه معركة استنزاف حقيقية، ولن يكون مجرد سيف أو قوة سحرية كافيًا للبقاء على المدى الطويل.

ثم لفت انتباهه فتاة أخرى، لم تتحرك مع باقي الطلاب، مختبئة جزئيًا لكنها مكشوفة أمام الجميع. تمسكت برمح بيدها، وشاب أشقر بجانبها، عيونه حمراء، بينما شعرها الوردي وعيونها الأرجوانية يضفيان عليها هالة غريبة من الأناقة والتهديد الكامن. قالت الفتاة بعينين عابستين، تحدق في الذئاب: "هل هذا كل شيء… ظننت أن الأكاديمية ستطلق الكثير من الوحوش القوية اليوم. الاختبار، لكن إذا كانوا فقط هؤلاء، فهم لا يستحقون ضربة رمح."

كانت هذه الفتاة، جيسيكا فاليريو، إحدى المركيزات العشرين، وكانت عينها تلمع بشعور المتعة القتالية، وكأن المعركة نفسها غذت روحها الداخلية، بينما بجانبها جوي أندرسون، شاب من نفس الطبقة النبيلة، يحدق في المشهد بابتسامة هادئة، عارفًا بأن التحدي لم يبدأ بعد: "انظري إلى عدد الوحوش، وهو يزداد يا جيسيكا… الاختبار ما زال في بدايته. الأكاديمية بالتأكيد تحاول أن تختبر قوتنا الكاملة…" توقف للحظة، ثم أضاف بتمعن: "ذلك ابن الدوق، نيفر مون لايت… قوته حقًا رائعة، لكن من هو الشاب الذي بجانبه؟ ليس سيئًا أيضًا."

جيسيكا، بعكس مظهرها الناعم، قالت بصوت وحشي، مليء بالحماسة: "هل سنظل ننظر فقط إليهم وهم يستمتعون؟ إذا كان الأمر هكذا، أريد أن أقاتل أكثر بالتأكيد." كانت عيناها تتألقان، ويدها مشدودة على الرمح، شعور المتعة القتالية يتسلل إلى جسدها، وكأنها على وشك الانقضاض على كل ظل يظهر أمامها.

جوي، صديق الطفولة والمرافق لها، اكتفى بالنظر، لم يتحدث، لكنه أخرج سكينتيه، وأمسك بهما بثبات، ينظر إلى الوحوش البعيدة: "لا تقلقي… هناك وحوش أكثر ستظهر مع تقدم الوقت… إنها مجرد حرب استنزاف."

الهواء في القاعة أصبح مشحونًا، كل خطوة وكل حركة من الطلاب تحمل وزنًا كبيرًا، كل ضربة لها صدى في النفوس قبل الأجساد، كل ظل يُهزم يترك أثرًا من الطاقة يتوزع في الغرفة، كل ضحكة أو صرخة تحمل نبرة القوة الداخلية. استر استمر في مراقبة الجميع، يوازن بين مراقبة البرت ونيفر والطلاب الآخرين وبين تقييم الفتاة الورديّة والشاب الأشقر، يحسب احتمالات النجاة، يحلل كل موقف كما لو أن الحياة نفسها كانت رهينة قراراته الباردة.

---

2025/09/19 · 39 مشاهدة · 1855 كلمة
ONE FOR ME
نادي الروايات - 2025