مرحبا يا اصدقاء هذا الفصل يوضح وجود النواه الطاقه السحريه الخاصه بالمستويات يجب ان اقول انه من المهم جدا ان تعرف هذا
بالاضافه الى ذلك وجود البوابات وعن الوحوش اسف لعدم وجود توضيحات اخرى في هذا الفصل
لكن ايضا ارغب بان اضع البطل في هذا الموقف ايضا هناك شخص يراقبه في هذا المكان
يجب ان اقول انني احاول جعل القصه تفاعليه ومع وجود حوارات بالاضافه الى قتالات واظهار مزايات الطلاب وشخصيتهم من كلمه اشخاص اخرين ليس فقط البطل
اتمنى ان احصل على رايكم في خانه التعليقات شباب
الفصل الثامن عشر: امتحان الاكاديميه ــ الجزء الثاني ــ غابه الغوريلات الحجريه
كانت أعداد الذئاب تتكاثر شيئًا فشيئًا في أرجاء القاعة، كأنها أمواج مظلمة تنبثق من أعماق الظلال، غير أنّ الطلاب، على الرغم من ذلك، استطاعوا أن يواجهوا هذا السيل الكاسح بسهولة ملحوظة.
كان الفارق في القوة شاسعًا، يكاد يلامس حدّ الاستهزاء، بين طلاب الأكاديمية الذين جرى إعدادهم بالعلم والتدريب والسحر، وبين تلك الذئاب التي لا تعدو كونها مخلوقات من ظلالٍ خاوية تسعى إلى تمزيق كل ما يقف في طريقها. أصوات العواء كانت ترتفع، ثم تختنق بسرعة تحت وقع السيوف والتعاويذ، فيما كان صدى الاصطدام يتردد في الفضاء الرحب للقاعة المضيئة بأنوار البلورات السحرية.
برز في مقدمة الصفوف قومٌ من الطلاب، وفي مقدمتهم "ألبرت"، الذي تحرك بسرعة تفوق التوقع. كان جسده يندفع بين الذئاب كما يندفع السهم في الهواء، يلوّح بسيفه كأنّه امتداد لذراعه، وكل ضربة يوجهها تترافق مع انبعاث طاقة سحرية هادرة تعزز قوته البدنية، فتجعل حركته أكثر ثباتًا وصلابة. بدا كأنّ جسده يتناغم مع الطاقة السحرية حدّ الانصهار؛ كل خفقة من قلبه كانت تبعث في أطرافه دفقات قوة تجعل الضربة التالية أكثر رعبًا من سابقتها. عيون ألبرت لم تكن مجرد عيون مقاتل يواجه خصومه؛ كانت مشتعلة بغضب دفين، غضب يفيض من أعماقه حتى يوشك أن يحرق الهواء من حوله.
ومن بعيد، كان "إستر" يراقب المشهد بصمت. عيناه لم تتركا حركة ألبرت للحظة، يدرس كل خطوة، كل اندفاعة، كل صرخة تتسرب من حنجرة المقاتل الغاضب. همس في نفسه، وهو يسترجع ما يعرفه من القصة الأصلية التي قرأها من قبل:
«البطل... نعم، إنّه كما كان في الحكاية... مندفع، غاضب، لا يعرف الرحمة. الغضب يملأ قلبه كأنه لا يترك فيه موضعًا لأي شعور آخر».
كان في صوت إستر الداخلي شيء من التعجب، وشيء آخر من الحذر، كأنّه يرى في ذلك الغضب بذرة قوة عظيمة، ولكن أيضًا بذرة تهلكة.
حين أزاح نظره بعيدًا عن ألبرت، وقع بصره على بقية الطلاب. كان بينهم من الشخصيات البارزة التي يعرفها من القصة الأصلية، ومن بينهم "نيفر". ذلك الفتى الذي بدا مختلفًا في مزاجه، إذ كان يهاجم الذئاب أيضًا مستخدمًا سيفه، غير أنّ ابتسامته لم تفارقه. على عكس الجدية المتقدة في وجه ألبرت، كان نيفر يبتسم ابتسامة باردة وهو يضرب الذئاب، كأنّه يتسلى بلعبة ممتعة قبل أن تبدأ المرحلة الرئيسية من المغامرة. تلك الابتسامة لم تكن مجرّد قناع، بل كانت تحمل إشاراتٍ خفية، وكأنّ شيئًا ما قد أخبره مسبقًا عمّا سيواجهه. قال إستر في نفسه: «لا شك أنّ أخته قد أخبرته ببعض الأسرار... إنّ ابتسامته تنطق بما لا يقوله لسانه».
استمرت المعركة على هذا الحال نحو نصف ساعة. الطلاب يقتلون الذئاب بسهولة، والظلال تتبدد مع كل ضربة. خلال تلك الفترة، كان إستر يراقب الساعة السحرية المثبتة على الجدار، ساعة صُنعت من نقاء الطاقة السحرية نفسها، عقاربها تتحرك ببطء، لكن دقتها لا تخطئ. نظر إليها إستر بتمعّن، وهو يعد الثواني، وكأنه ينتظر شيئًا ما، شيئًا يعرفه مسبقًا.
في تلك اللحظة، ارتفع صوتٌ متوتر بجانب الجدار. كان "جوي"، الذي كان يقف بالقرب من "جيسيكا"، ينظر إلى السقف بعينين متسعتين:
ـ «ما الذي يحدث؟!»
أجابته جيسيكا بنبرة مختلفة، وقد رفعت عينيها هي الأخرى:
ـ «الطاقة السحرية... إنّها ترتفع!».
كان صوتها يحمل شيئًا من الإثارة والفضول، على عكس صوت جوي الذي كان مليئًا بالتحذير والحذر. قالت: «هذا مثير للاهتمام... يبدو أنّ مزيدًا من الوحوش قادم».
توقف الطلاب الآخرون قليلًا عن القتال، وأداروا أنظارهم نحو الأجواء الغريبة. لقد لاحظوا أن عدد الذئاب آخذ في التناقص، على خلاف المعتاد، إذ كانوا يعرفون أنّ الوحوش في هذا المستوى عادة ما تتكاثر بمرور الوقت. قال أحد الطلاب بقلق: «الطاقة السحرية... إنّها ليست طبيعية».
تقدم طالب آخر، بدا أكثر جدية من غيره، وقال وهو يضيق عينيه: «هذه الطاقة مرتبطة بالبلورات... هناك أمر جلل يحدث. على الجميع أن يكونوا على استعداد».
وفجأة، شقّ الصوت الميكانيكي الجاف أجواء القاعة. انبعث مباشرة من الجدار السحري نفسه، ذاك الذي شرح لهم المهام قبل قليل. الصوت كان كأنه صادر عن آلة لا تعرف الرحمة:
ــ «تهانينا... لقد تمكنتم من الصمود في المستوى الأول لمدة ثلاثين دقيقة. الآن سننتقل إلى المستوى الثاني. استعدوا، فإنّ الهجوم الحقيقي للوحوش سيبدأ».
ترددت الكلمات في القاعة كصدى ثقيل، فسرت في قلوب الطلاب رعشة مبهمة. همس بعضهم: «هجوم الوحوش...» بينما شحب وجه آخرين.
في اللحظة التالية، بدأ الشعور القادم من البلورات المعلقة في السقف يزداد حدة. كانت البلورات تشعّ نورًا غريبًا، والقاعة الفاخرة نفسها بدت كأنها تتحول إلى لوحة من الضوء. في ثوانٍ معدودة، امتصّت الجدران السحرية كل ما حولها من هواء وألوان، وبدأت تتلاشى كما لو كانت مجرد وهم. الضوء غمر القاعة حتى لم يعد يُرى فيها شيء سوى البياض الناصع.
وحين انقشع ذلك الضوء المفاجئ، وجد الطلاب أنفسهم في مكان آخر تمامًا. غابة خضراء تمتد أمام أعينهم، أشجارها باسقة، أوراقها تتمايل بهدوء، غير أنّ الهدوء لم يكن سوى ستار يخفي شيئًا أثقل وأشد.
قال أحد الطلاب وهو يحدق في الأفق بعينين مذهولتين: «مستحيل... ما هذا؟! هل تم نقلنا فعلًا؟... الانتقال يحتاج إلى طقوس هائلة!»
بجانبه، وقف طالب آخر يراقب المكان، أحسّ بثقل السحر في الهواء وقال: «هذه الغابة... إنني أشعر بضغط سحري هائل هنا، أعظم بكثير مما كان مع تلك الذئاب قبل قليل». قبض على سيفه بقوة، عيناه تمسحان المكان من حوله بحذر.
وبعيدًا عن ضجيج بقية الطلاب، وقف ألبرت ونيفر جنبًا إلى جنب. قال نيفر بلا مبالاة واضحة، بنبرة خالية من القلق: «كما توقعت... أختي تكذب عليّ دومًا. قالت إن هذه الأكاديمية ممتعة! من ذا الذي يصدّق أنّهم يستخدمون الانتقال هنا؟».
أما ألبرت، فقد ظل صامتًا، يكتفي بإمساك سيفه بقوة والنظر إلى الغابة التي امتلأت بالهالة السحرية الكثيفة. وجهه كان أكثر حدة من أي وقت مضى، عيناه كأنهما تثبتان في الأفق البعيد حيث يترقب قدوم الخطر.
في ذهنه، انبعث الصوت من جديد... صوت مألوف، عميق، يفيض بالسخرية والقدم: «تقنية متقدمة، أليس كذلك؟ يبدو أنّ هؤلاء البشر الجدد استطاعوا أن يطوروا التقنية التي منحتهم إياها...».
تفاجأ ألبرت للحظة من كلمات ذلك الصوت الذي سكن في رأسه منذ ألف عام، غير أنّه لم ينبس بكلمة. كان يعرف هوية ذلك الكائن جيدًا، ويعلم أنّه ليس شخصًا صالحًا. ومع ذلك، لم يكن بمقدوره أن يتخلص منه الآن؛ لم يحن وقت التخلص من هذا الحمل الثقيل، ليس قبل أن يحقق هدفه.
وبينما كان هذا الصراع الداخلي يعتمل في صدره، اهتزت الأرض تحت أقدام الجميع. دوّت رجفة عنيفة جعلت الأشجار نفسها ترتعش، وبدأت من بين أحضان الغابة تخرج مخلوقات ضخمة. كانت تشبه الغوريلات في بنيتها، غير أنّ أجسادها كانت مزوّدة بأحجارٍ متلألئة انغرست في لحمها كأنها جزء لا ينفصل عنه. ضخامتها فاقت كل تصور، والرهبة التي تبعثها نظرة واحدة من عيونها كادت تكفي لإرعاب أي طالب غير متمرس.
صرخ أحد الطلاب، وهو يشير برمحه المرتجف: «إنها غوريلات الأرض! هذه وحوش من الزنزانة من الدرجة الثانية!».
اتسعت عيون الجميع، لم يتوقعوا أن يواجهوا مثل هذا الخطر في هذه المرحلة. معظمهم لم يتجاوز الدرجة الأولى في نواة الطاقة السحرية، وكانوا يدركون أن مواجهة مثل هذه المخلوقات تكاد تكون انتحارًا.
أما إستر، الذي كان يقف مختفيًا بين الطلاب، فقد رفع سيفه ببطء. عيناه تتأملان الوحوش وهي تتقدم، وعقله ينشغل بالتفكير. قال في نفسه:
«الطاقة السحرية والتقارب... أمران مختلفان. في هذا العالم، التقارب هو ما يحدد الإمكانيات التي قد يبلغها المرء مع التدريب، ويحدد سرعة نموه أيضًا. لكن ما يوازيه في الأهمية هو نواة الطاقة السحرية ذاتها، التي تُعرف بمركز الطاقة. منذ أن جئت إلى هذا العالم لم أكن أستطيع استخدام السحر مباشرة، جسدي لم يعتد بعد على الطاقة السحرية. ولكن مع أسابيع من التدريب، ومع الشفاء الطبيعي المستمر للطاقة، بدأت أكتسب شيئًا آخر... الحاسة السحرية».
في تلك اللحظة بالذات، ظهرت أمامه شاشة مضيئة، سطرٌ بعد سطر يعلن عن هويته في هذا العالم:
ـــ الاسم: إستر دي فينكس الانتماء: عائلة فينكس التقارب: البرق 60% الماء 30% الريح 30% مستوى نواة الطاقة السحرية: الدرجة الأولى ـ متوسط ـــ
قرأ إستر ما ظهر، وزفر في داخله: «كما هو متوقع... الجسد الذي جئت به إلى هذا العالم لا يساوي شيئًا أمام الشخصيات الرئيسية. إنّه قمامة بالمقارنة بهم». أدرك أنّ حتى أضعف الطلاب المحيطين به يملكون على الأقل رتبة متوسطة في الدرجة الأولى، بينما معظم الآخرين من العامة في مرتبة عالية، وأما النبلاء ـ وخصوصًا الشخصيات الرئيسة مثل ألبرت ونيفر وجيسيكا وجوي ـ فقد تجاوزوا الدرجة الثانية بمستويات تراوح بين المتوسط والعالي.
لم يستطع إستر أن يتمادى في تفكيره، إذ في اللحظة التالية سمع صوت ضربة عنيفة تهز المكان. التفت الجميع ناحية الصوت، فإذا بأحد الطلاب يُقذف في الهواء قبل أن يسقط متدحرجًا بالقرب من قدمي ألبرت. جسد الطالب كان يرتجف بشدة، وقد أصيب إصابة بالغة بضربة واحدة فقط من إحدى الغوريلات.
ساد الصمت لثوانٍ، ثم أدركوا جميعًا ما يحدث. الغوريلات لم تكن وحشًا واحدًا، بل جيشًا بأكمله، عشرات من تلك المخلوقات المرعبة. على خلاف الذئاب في البداية، التي جاءت من اتجاه واحد، كانت الغوريلات الآن تحيط بهم من كل الجهات. الغابة التي نقلوا إليها تحولت إلى فخ حقيقي، وهم في قلبها، محاصرون وسط ذلك الطوق من الوحوش.
---
بعد دقائق معدودات، كانت ساحة الغابة قد تحولت إلى ميدان صاخب تتردد فيه أصداء المعركة. الطلاب يقاتلون بشراسة ظاهرة، يصدّون موجات الغوريلات التي كانت تتقدم نحوهم بسرعة مذهلة وقوة لا يُستهان بها، والغضب المتأجج في صدور تلك المخلوقات جعل زئيرها يزلزل القلوب قبل أن يهزّ الأشجار. ارتفعت الأصوات حتى بدت كأنها طوفان من الفوضى، ومع كل عواء غاضب أو زئير هادر كانت بعض القلوب تضعف للحظة، فيتراجع أصحابها خطوة إلى الوراء قبل أن يجمعوا شجاعتهم ويعودوا لمواجهة الوحش الكاسر. الهواء نفسه بدا مثقلاً بالرعب، ممزوجًا بغبار الأرض الذي تناثر مع خطوات الغوريلات العاتية.
في لحظة خاطفة، اندفعت موجة عاتية من الرياح، قوة غير مرئية اجتاحت المكان فجأة، تغطي بسطوتها عشرًا من الغوريلات دفعة واحدة. أوراق الأشجار تساقطت وتطايرت في الهواء كأنها تشهد على ميلاد قوة جديدة في قلب ساحة القتال. الموجة حملت في طياتها صخبًا أشبه بصخب العاصفة، تلتف وتدور حول أجساد الوحوش فتربكها للحظة وجيزة، لحظة كانت كافية لتكشف عن بطلة من نوع خاص.
«حان الوقت لأحصل على بعض... المتعة». كانت تلك كلمات "جيسيكا"، التي اندفعت إلى الأمام بسرعة تفوق قدرة العيون على اللحاق بها. تركت جوي في مكانه ينظر إليها بنظرة باردة لا تخلو من عدم المبالاة، بينما ظلت خطواتها تطرق الأرض كالرعد. تجاوزت رفاقها الطلاب، وكأنها لا ترى في وجودهم حاجزًا أو عائقًا.
الغوريلات الصخرية، ذات الأجساد الهائلة المحاطة بأحجارٍ متينة، التفتت إليها في اللحظة الخاطئة. قبل أن تدرك المخلوقات ما يحدث، كانت جيسيكا قد وصلت إليهم مباشرة، حضورها كعاصفة لا تمنح أحدًا فرصة الالتقاط. رمحها الطويل، الذي بلغ طوله مترًا ونصف، تحرك بين يديها في حركة دائرية مبهرة، سرعة البرق كانت تكسو دورانها، والرياح نفسها بدت وكأنها استجابت لندائها، تدور مع الرمح وتتشكل حول نصله الذي تلون بلون أرجواني مشعّ.
الطلاب من خلفها شهدوا المنظر بدهشة عميقة، عيونهم اتسعت وكأنهم يرون شيئًا لا ينتمي إلى عالمهم المعتاد. الرمح كان يتحول أمامهم إلى سراب لا يمكن للعقل أن يحيط به، يتحرك ويظهر ويختفي في أجزاء من الثانية، بينما الرياح المتجمعة حوله أخذت تتحول إلى شفرات قاطعة، نصال هوائية حادة قادرة على تمزيق اللحم والعظم والصخر معًا في لحظات معدودة.
تمتمت جيسيكا وهي تتمحور وسط دوامة من القوة: «أسلوب الرمح ــ نصل العاصفة». وبالخلفية المدوية للقتال، كانت الرياح تتفجر من حولها، تعصف بأجساد الغوريلات العشرة التي وقعت في محيط هجومها. صرخات الوحوش ارتفعت في الهواء، أصوات الألم الممزوجة بالحنق، بينما طبقة الصخور المحيطة بأجسادها بدأت تتشقق وتتناثر بسرعة لا تُصدّق. في ثوانٍ، كانت القطع الصخرية تسقط على الأرض متناثرة، فيما انغرست الشفرات الهوائية في أجساد المخلوقات، تمزقها بلا رحمة.
ألبرت، من بعيد، كان يراقب المشهد بعينين تتألقان بدهشة مكتومة، ثم تمتم ببطء: «إنها من الدرجة الثانية... ربما في منتصفها، أليس كذلك؟». لم يطل الوقت حتى اقترب منه نيفر، وقد تخلّص بدوره من مجموعة غوريلات في جهته الخاصة، ثم وجه حديثه إلى ألبرت قائلاً: «إنها جيسيكا فاليريو...». ألبرت أدار رأسه قليلاً، كأنّه يسأله بصمت عما يعرفه عنها. فأجابه نيفر مباشرة: «إنها من عائلة فاليريو، إحدى العائلات النبيلة ذات رتبة المركيز. هذه العائلة متميزة بمهارات الرمح، والتحكم الفائق بالرياح.».
ضحك نيفر بخفة وهو يتابع حركاتها المبهرة، لكن ضحكته لم تكن مجرد استهزاء أو تسلية، بل كان فيها بريق جدية خافت، بريق من يعرف جيدًا قيمة ما يراه. قال وهو يتأملها: «أسلوبها يشبه الورقة حين تتحول إلى نصل قادر على قطع الصخور. تحكمها بالرياح مذهل حقًا، أقوى مما يتخيله معظم من هنا».
ألبرت سأله بصوتٍ فارغ من الانفعال، صوتٍ أقرب إلى المراقبة الباردة: «هل هناك كثيرون في مستواها؟... يبدو أن بقية الطلاب لا يقتربون من ذلك... أظن أن معظمهم عند الدرجة الأولى العالية، أليس كذلك؟».
نيفر أجابه وهو لا يتوقف عن القتال، يتحرك بخفة يقطع غوريلات أخرى كانت تقترب نحوهما: «لا داعي لأن تغضب أو تحتقر مستواهم... هذا طبيعي. حتى لو امتلك أحدهم إمكانيات عظيمة وتقاربًا شديدًا مع عناصر السحر، فلا بد أن يدخل البوابات ويختبر الوحوش بنفسه ليصبح أقوى. إن المعركة المباشرة هي ما يصقل القدرات ويحوّل الإمكانات النظرية إلى قوة عملية». ثم أضاف وهو يشرح بهدوء: «التقارب يسمح بجمع الطاقة السحرية المتولدة من موت الوحوش، ويدمجها مع نواة الشخص، فيرفع مستواه ويزيد من نقاء طاقته. هكذا يتطور المرء تدريجيًا».
ألبرت استمع وفهم، دون أن يُظهر الكثير من الانفعال. لكن في مكان آخر، كان إستر يتابع المشهد بضحكة باردة تنبعث من داخله: «يا لها من مهارات مخيفة... اللعنة عليك يا إستر... هكذا يجب أن يكون أبناء الماركيز. لماذا أنا ضعيف إلى هذا الحد؟».
لم يستطع أن يقاوم مرارة الشكوى التي ارتفعت في حلقه، لكنها خرجت في داخله لا في صوته. لقد اختار عمدًا أن يأخذ مكانًا بعيدًا وهادئًا في قلب هذه المعركة، لم يكن يرغب بالقتال في تلك اللحظة. على الرغم من أنه شعر بتدفق الطاقة السحرية في الأجواء، إلا أن إلقاء نفسه وسط الطلاب الآخرين أو مجاراة الشخصيات الرئيسة في قتالهم سيشبه أن يحاول طفل أن يُظهر لمعلمه كيف يقاتل، مقارنةً بما يملكونه من خبرة ومهارة.
قال في نفسه وهو يضغط على قبضته: «المهارات التي امتلكها الآن لا تستطيع أن تجاريهم، ولا تكشف عن مكانتي الحقيقية أو ما يُفترض أن أحمله من إرث عائلتي. إن عرف الآخرون أنني مجرد شخص ضعيف، اكتسب منذ أيام قليلة فقط القدرة على الشعور بالطاقة السحرية، وأن مستوى نواتي لا يتجاوز الدرجة الأولى المتوسطة، فستكون كارثة لا تُغتفر».
ارتجف من الفكرة نفسها، الخوف يزحف في أعماقه: «ذلك سيكون مهينًا... محطِّمًا لمكانتي... ومع ذلك، هناك طريق واحد للخروج من هذا الاختبار. إذا نجحت في اجتيازه فسأحقق مرتبة كبرى، وسأثبت أنني لست ذلك الضعيف الذي يظنه الجميع».
بينما كان غارقًا في تفكيره، مركزًا على القتال الذي كانت تعرضه الشخصيات البارزة أمامه، لم ينتبه إلى أن عيونًا أخرى كانت تحدق به من بعيد. تلك العيون الحمراء المتوهجة، كأنها جمر مشتعِل في ليلٍ مظلم، كانت تتابعه عن كثب، تراقبه وهو يتظاهر بالهدوء.
«هذا الشعار... إنه من عائلة العنقاء. لماذا لا يتقدم إلى القتال؟ كنت أظن أن أبناء تلك العائلة يندفعون إلى المواجهة أكثر حتى من جيسيكا نفسها...».
كان صاحب تلك العيون هو "جوي"، الذي أمسك بخناجره الخاصة، يراقب ويقيّم بصمت ذلك الفتى الواقف بعيدًا عن بقية الطلاب. بدا إستر وكأنه لا يبالي بأي شيء يحدث، وكأنه مراقب لا أكثر. وفي ذهن جوي، خطرت الفكرة المنطقية الوحيدة: «لا بد أنه يعتقد أنّ هذه الغوريلات لا تستحق وقته». ابتسم ببرود، وهو يحدّق فيه: «يجب أن أعترف... إنني أستمتع حقًا. وسأستمتع أكثر في السنوات القادمة، حين أراقب ما سيحدث لهذا الفتى في هذه الأكاديمية».
إستر، الغارق في أفكاره، لم يدرك تلك النظرات المشتعلة الحماس، لم يشعر بتركيز جوي عليه، وإلا لارتجف قلبه ولابتعد عن مكانه على الفور. لقد ظلّ يظن نفسه بعيدًا عن الأنظار، بينما في الحقيقة كان موضع مراقبة دقيقة، مراقبة قد تكشف ما يحاول إخفاءه.