الفصل الخامس : الخطوه الاولى في ظلال الفرسان
في عمق الغابة الكثيفة التي تحيط بالقصر العظيم لعائلة فينيكس، كان هناك ملعب واسع، أشبه بميدان أسطوري خرج من صفحات المخيلة، ملعب لا تحده الأبصار من شدّة امتداده، حتى بدا كأن الأرض نفسها قد قررت أن تمنح هذه العائلة مكاناً يليق بعظمتها ليكون شاهداً على تاريخها العسكري. لم يكن مجرد ساحة تدريب عابرة، بل كان قلباً نابضاً، مركزاً تتقاطع فيه القوة مع الشرف، والعرق مع المجد.
كانت الأرضية مرصوفة برخام عجيب الصنعة، حجر مأخوذ من صخور الجبال القديمة التي يقال إنها صمدت أمام ألسنة البراكين وعواصف القرون. الرخام لم يكن أملساً عادياً، بل محفوراً بزخارف دقيقة، خطوط متداخلة تتشابك كما لو كانت نقوشاً تحكي قصص الأجداد، تروي حكايات الدماء التي سُفكت، والبطولات التي صُنعت، والانتصارات التي انتُزعت من قلب المستحيل. وكان انعكاس أشعة الشمس على هذه الأرضية يشع بلمعان معدني، كأن الساحة محاطة بهالة من نور تحميها وتعلن عن قدسيتها.
في طرف الميدان، ارتفع ما يُعرف بمخزن الأسلحة، أو كما يسميه الفرسان "الميدان الذي لا ينتهي". كان مكاناً تثير رؤيته الرهبة؛ جدران عالية متينة تتدلى عليها رفوف لا تحصى، وعلى كل رفّ سيوف ورماح ودروع وقوس ونشاب، أسلحة من كل نوعٍ يمكن أن يخطر على بال محارب أو صانع حروب. بعضها لامع لم يمسّه دم بعد، وبعضها الآخر يروي على نصاله وخدوشه آثار معارك قديمة، وكأن كل قطعة تحمل تاريخاً مستقلاً، ذاكرة من نار وحديد.
في قلب هذا المشهد المهيب، وسط الساحة التي يمكن أن تحتضن آلافاً من المقاتلين، وقفت مجموعة من الفرسان، عددهم بالعشرات. كانوا مصطفّين في شكل نصف دائرة، نظراتهم مشدودة نحو مركز الميدان. لم يكن صمتهم صمتَ من يراقب تدريباً مألوفاً، بل صمتاً متردداً، متوتراً، كأنما كل واحد منهم يحاول أن يفهم ما يراه أمامه، يحاول أن يفسر ما يجري في داخله قبل أن يجرؤ على البوح به.
ففي المركز، كان هناك شاب يحمل سيفاً. تحركاته بدت للوهلة الأولى متعثرة، ثقيلة، بعيدة كل البعد عن تلك الرشاقة التي تميز المبارزين المحترفين. ضرباته غير متوازنة، خطواته تتأخر لحظة عن إيقاع السيف، قبضته تبدو غير ثابتة كما ينبغي. ومع ذلك، ورغم أن أعين الفرسان جميعاً كانت ترى هذه العيوب بوضوح، إلا أن أحداً منهم لم يجرؤ على أن يسخر أو يتهكم. كان في الأمر ما يتجاوز الظاهر.
ذلك الشاب لم يكن شخصاً عادياً، بل كان استر دي فينيكس، الابن الثاني للمركيز، الوريث من حيث الدم لا من حيث الشهرة. اسمه يتردد في القصر وفي المدينة، لكن ليس بصيغة المدح ولا في مقام الفخر. فقد عُرف عنه أنه الابن الذي لا يتدرب، الابن الضعيف الذي يعيش في ظل أخيه، الابن الذي لولا نسبه لعُدّ من العوام وطُرد بعيداً. كانت الشائعات تلهج باسمه، تقول إنه مجرد شخص عديم الفائدة، وإنه يعيش بفضل ما يحمله من دمٍ ملكيّ في عروقه. لولا ذلك، لكان مكانه المنفى أو الإهمال، لا ساحة التدريب.
ومع ذلك، كان المشهد في هذا اليوم غريباً. فالأيام تمضي، والفرسان يلاحظون شيئاً لم يتوقعوه: الشاب يأتي كل صباح، منذ مطلع الفجر، ولا يغادر حتى يكسو الظلام الأفق. يتدرب وحده، ينهك جسده، يتصبب عرقاً، يسقط أحياناً ثم ينهض مرات. لا يترك الميدان إلا لفترات قصيرة، حيث يتجه نحو المكتبة الملكية الخاصة بالمركيز. ذلك المكان الذي لا يجرؤ على دخوله إلا من كان مصرحاً له، أفراد العائلة أو الفرسان الذين يطلبون المعرفة. وهناك، بين رفوف الكتب والمخطوطات، يقضي وقتاً غامضاً، ثم يعود من جديد إلى الساحة، وكأن شيئاً ما يدفعه، قوة داخلية لا يستطيع أحد تفسيرها.
كانت حركاته في الميدان تشي بأنه ليس نبيلاً بالمعنى التقليدي. لا تلك الأناقة المدروسة، ولا ذلك الصقل الذي يتطلبه التدريب منذ الطفولة. ومع ذلك، كان هناك ما يثير الحيرة: جوّ من النبل يحيط به، هالة غامضة تجعل عثراته تبدو كأنها بداية رحلة وليست نهاية قدر. كان في عينيه شيء مختلف، إصرار لم يعتده الفرسان فيمن وصفوه يوماً بالضعف.
وبينما كانت العيون متعلقة به، إذ بخطوات ثقيلة تتردد في أرجاء الميدان. صوت وقعها على الرخام كان أشبه بقرع الطبول، يعلن عن قدوم شخصية لا يمكن تجاهلها. استدار الفرسان جميعاً، كأن قوة خفية دفعتهم للالتفات. وهناك، خلفهم، ظهر رجل يرتدي درعاً أسود اللون، يعلوه شعار العنقاء الذهبي.
شعار عائلة فينيكس، ذلك الطائر الأسطوري الذي ينهض من رماده، لم يكن رمزاً يمكن لأي أحد أن يرتديه. إنه ميدالية شرف، لا يمنح إلا لمن خاض معارك لا تُحصى، ونجا من جحيمها حاملاً على صدره براهين القوة والولاء. والرجل الذي يقترب الآن لم يكن شخصاً مغموراً، بل أحد أعمدة هذه العائلة، أحد القادة الثلاثة الذين يقفون تحت راية المركيز مباشرة.
كان اسمه أندرو سيلفر.
عرفه الجميع بلقب "وحش الجحيم". رجل لم يتجاوز الثلاثين، لكنه حمل في مسيرته من التجارب والانتصارات ما يكفي لثلاثة أجيال. وجهه يحمل ندوباً خفيفة على ذقنه، ليست ندوب تشوّه، بل علامات عز تروي أنه واجه الموت مرات وخرج منتصراً. عيناه، بلونهما الأزرق الحاد، تشبهان عيني صقر يراقب فرائسه من علياء، يحدد هدفه بلا تردد. شعره الأسود الكثيف ينساب كستار من الليل فوق كتفيه العريضتين. ودرعه، المصنوع خصيصاً له، يمزج بين السواد والذهب، يلمع شعار العنقاء على صدره بسطوع مهيب.
لم يكن مجرد فارس، بل قائد. رجل قيل إنه يملك تقارباً مع عنصري النار يصل إلى سبعين في المئة، نسبة لا يصل إليها إلا قلة نادرة من البشر. قوته جعلته أسطورة حية، سيفه قادر على تدمير الساحة بمجرد نزوله، وعلى إطلاق نيران تلتهم الشياطين، بل وتبتلع أعداءه كأنهم لم يكونوا يوماً موجودين. لقد صنع لنفسه تاريخاً من اللهيب والدم، تاريخاً جعل اسمه يرتبط بالرعب والاحترام في آن واحد.
حين تقدم بخطواته نحو الفرسان، لم يحتج أن ينطق بكلمة واحدة. انحنوا جميعاً له بانضباط عفوي، كأن أجسادهم تتحرك وحدها تحت وطأة حضوره. كان احترامهم له هائلاً، ليس لأنه قائدهم فحسب، بل لأنه عاش معهم وقادهم منذ أكثر من عشر سنوات، منذ أن صار أحد قادة الفرسان الثلاثة. إنه الرجل الذي عرّفوه بالوحش، لكن الوحش الذي يحميهم ويقودهم إلى النصر.
وقف أندرو يراقب المشهد. عيناه الثاقبتان توقفتا على الشاب الذي يقف في منتصف الميدان، عرقه يتصبب، قبضته ترتجف قليلاً على سيفه، أنفاسه متلاحقة، ومع ذلك يواصل. لم يعلّق بشيء، لكنه في داخله تمتم بصوت خافت: "المركيز… يبدو أن السيد الشاب يحاول أن يتحسن…"
ظل واقفاً لبرهة، يراقب عن كثب، كأنما يحاول أن يتبين شيئاً خفياً لا يظهر للآخرين. ثم مرّت فكرة عابرة في ذهنه، لكنها لم تكن عابرة حقاً، بل أشبه بنبوءة مبكرة: "ربما لم يحن الأوان بعد… لكن هناك فرصة… إن واصل التدريب… سيصبح أقوى."
هز رأسه قليلاً، وكأن عقله يتصارع بين التشاؤم والأمل، ثم التفت نحو الفرسان الذين ما زالوا متجمهرين، يحدقون في المشهد بنظرات مبطنة بالدهشة. عندها دوّى صوته الصارم، كزئير يخرج من صدره: ــ "ما الذي تفعلونه هنا؟ عودوا إلى التدريب فوراً! إن رأيت أحدكم واقفاً هنا مرة أخرى بلا إذن، فستكون العواقب وخيمة!"
لم يكن في صوته صخب فارغ، بل قوة تحمل ثقل الجحيم ذاته. الكلمات لم تكن بحاجة إلى تكرار. لم ينبس فارس واحد بكلمة، لم يتذمر أحد، لم يحاول أي منهم أن يتملص. تحركوا جميعاً بانضباط حديدي، بخطوات منسجمة كأنهم جسد واحد، عائدين إلى تدريباتهم.
ذلك الانضباط لم يكن وليد اللحظة، بل ثمرة سنوات طويلة من التربية الصارمة، من ترسيخ القاعدة التي تقول: "الطاعة هي الحياة". في عائلة المركيز، لا مجال للفردية، لا مكان للتراخي. الفارس ليس لنفسه، بل لسيده. هدفه واحد: تنفيذ الأوامر بلا جدال. تلك هي القاعدة، وذلك هو السر الذي أبقى هذه العائلة بين أوائل العشرين الذين يحملون لقب المركيز.
وبينما عاد الفرسان إلى تدريباتهم، ظل أندرو واقفاً، عيناه معلقتان بالشاب وسط الميدان. لم يتكلم، لكنه شعر بأن المستقبل يخفي شيئاً لهذا الابن الثاني. ربما لم يره أحد بعد، وربما لم يعترف به أحد بعد، لكن البذرة قد زُرعت، وكل ما تحتاجه هو الوقت لتنبت، لتصبح شجرة من نار وحديد، أو لعلها عنقاء جديدة تنهض من الرماد.
***
آه… أنفاسي تتلاحق كأنها مطارق تهوي على صدري، يعلو ويهبط مع كل شهيق وزفير، صوتها الخشن يكاد يملأ المكان من شدّة ما أعانيه. أشعر أنّ قلبي يصرخ بين أضلعي، ينبض بعنف حتى أخشى أن يتوقّف فجأة، أن يخذلني ويعلن عجزه أمام وطأة هذا التدريب القاسي الذي يكاد يمزّق روحي قبل جسدي. ومع ذلك، لم أملك خياراً آخر غير أن أتابع، أن أصرّ على المواصلة، أن أواجه نفسي وأدفعها دفعاً نحو الاستمرار، فذلك ما همستُ به لنفسي مراراً وتكراراً في خضمّ الإعياء: "ليس لك أن تتوقف الآن، إن توقفت انتهيت، إن توقفت متَّ." وهكذا واصلت، أحرّك السيف بين يديّ بطريقة مضطربة متعثّرة، تفضح خوفي وضعفي وقلة خبرتي، حتى بدوت لنفسي ساذجاً يلهو بقطعة حديد لا يدرك ثقلها ولا يعرف سرّها.
لم أكن قطّ بارعاً في استخدام السيف، ولم يكن في يوم من الأيام جزءاً من حياتي السابقة. والآن ها أنا أقف وسط ميدان التدريب القابع في أعماق الغابة، ذلك الميدان الذي يتردّد فيه صدى ضربات الفرسان وصيحاتهم، والمخصّص حصراً لفرسان المركيز ألكسندر دي فينكس، الذين ذاع صيتهم بلقب الفرسان السود.
تسمية الفرسان السود لم تكن مجرّد إشارة إلى دروعهم السوداء، تلك الدروع المذهّبة بزخارف خفيفة تضفي عليها مهابة وهيبة، بل كانت وصفاً دقيقاً لجوهرهم، لروحهم التي تجلّت في ساحة المعارك شجاعةً وولاءً لا ينكسر. لقد شبّه الناس إخلاصهم بقتمة الليل وسواده الصافي الذي لا يشوبه عيب، ولا يخترقه بصيص شك. وكان ذلك السواد انعكاساً لصورة قائدهم العظيم، المركيز نفسه، الذي لم يترك في نفوسهم أي مجال للريبة أو التردّد.
اخترتُ أن أتدرّب في هذا المكان تحديداً، لأني كنت أعلم يقيناً أنّ نظراتهم ستلاحقني من بعيد، تراقبني وأنا أتصبّب عرقاً وأتعثر، لكنني كذلك كنت أعلم أنهم لن يجرؤوا على الاقتراب مني أو التدخل في شأني. ليس ذلك لأنني أقوى منهم، ولا لأنهم أضعف من أن يعترضوا طريقي، بل لأنهم يقدّسون الولاء للدم النبيل، وللعائلة التي ينتمون إليها. فكرة الخيانة لم يكن لها موضع في عقولهم، ولا مجال للهمس حتى بكلمة ضدّ أحد ورثة العائلة. وأنا… أنا أستر دي فينكس، وريث دم المركيز.
أيام قليلة فقط قضيتها في التدريب، لكن تلك الأيام كانت كافية لتكشف لي بوضوح الحالة المزرية التي آل إليها وضعي. لم تكن المشكلة فقط أنّني لم أمتلك موهبة استثنائية في هذا العالم الذي لا يعترف إلا بالقوّة، بل كانت أيضاً في جسدي نفسه: جسد لم يعرف التدريب يوماً، ولم يختبر قسوة الانضباط، ولم يشعر بحرارة سيف يثقل قبضته.
كنت أعود بعد ساعات التدريب إلى الحمام، أقف أمام المرآة محدّقاً في ذلك الجسد الذي ورثته، أتمعّن في ملامحه الخالية من أي ندوب أو آثار تعب، فأدرك أكثر فأكثر أنّ هذا الجسد لم يعرف الكفاح يوماً، لم يُختبر في معترك، لم يجرّب ألم عضلة تتمزّق أو يد تتقرّح من قبض السلاح. كان جسداً مدللاً، عاش في كنف الراحة والرفاهية، بعيداً عن خشونة الواقع. ومع ذلك، كان هذا هو الجسد الذي انتقلت إليه، وسيطرت عليه، وصرتُ أنا من يسكنه ويتحكّم به.
حرّكتُ السيف مجدداً بطريقة مرتبكة، تفضح غربتي عنه. لم يكن الأمر أنّني عاجز عن فهم السيف أو استيعاب وزنه، بل لأنّني جئت من عالم آخر لم أعرف فيه من الأسلحة إلا سكين مطبخ عادي، أستخدمه لتقطيع الطماطم واللحم الذي كنت أبتاعه من المحال على الأرض. كنت رجلاً عادياً، بلا مجد ولا بطولات، بلا دروع ولا معارك. أما الآن… فهذا السيف الذي أقبض عليه هو سلاحي الوحيد، حاجزي بين الحياة والموت، وهو ما أريد أن أتعلّم إتقانه كي أستطيع حماية نفسي في عالمٍ يموج بالطبقيّة القاسية، والمكائد المتشابكة، والخداع المتربّص، والشياطين الكامنة في الظلال.
دار في ذهني خاطر عميق: "الطريق الوحيد للنجاة في هذا العالم ليس السيف وحده، بل السحر." كان ذلك قناعتي المتجدّدة في كل لحظة. لم أتدرّب فقط لأكون مبارزاً أو لأتعلم مهارات السيف وحده، بل لأنني أردت أن أصل بجسدي إلى أقصى درجات الاحتمال، حتى أفهم ما هو أهمّ: كيف أستطيع استخدام السحر؟
فالسحر في هذا العالم ليس مجرّد كلماتٍ تتلى أو طلاسمٍ تُردّد، بل هو تقارب حقيقي مع العناصر، تواصل روحي مع الماء أو الريح أو البرق من خلال الطاقة السحرية التي تتدفّق في الكيان. غير أنّ هذه الطاقة لا تنكشف بسهولة، ولا يقدر المرء على الشعور بها إلا بعد سنوات طويلة من التدريب المضني، من الانضباط والتجلّي. ومع أنّ جسدي لم يتدرّب يوماً، فقد كنت واثقاً أنّ من سكنه قبلي كان يملك خبرة ما في السحر، إذ إنّه من المستحيل أن يولد شخص في عائلة نبيلة، وخصوصاً في عائلة مركيز، تحت سلطة دوق، ولا يتعلّم شيئاً من فنون السحر.
لقد اكتشفت أنّ لديّ ثلاثة تقاربات: الماء، والريح، والبرق. غير أنّ امتلاك هذه التقاربات لا يعني شيئاً إذا لم أواصل استخدام السيف والتدرّب بلا هوادة، فالجسد هو الوعاء الذي يتيح للسحر أن يتجلّى. كان عليّ أن أستمر في المران حتى أفهم، حتى أتمكّن.
أمام أستر مباشرةً، كان السيف يتحرّك بلا توقّف، قبضته تشدّ على مقبضه بعنف، وحركاته تظلّ خرقاء غير منسجمة، بلا جمال أو دقّة، حتى بعد مرور أيام. لم يظهر أي تحسّن بارز، لم ألمس في نفسي بارقة موهبةٍ مفاجئة، لكن شيئاً آخر بدأ يتغيّر.
أخذ الألم الذي يعصف بعضلاتي يخفّ شيئاً فشيئاً. ذلك الألم الذي كان يحرمني النوم، ويجعلني أتلوّى طوال الليل، بدأ يتراجع تدريجياً. ومع تراجع الألم، ارتسمت على وجهي ابتسامة خفيّة، لم يرها أحد غيري، ولم أفصح عنها حتى لنفسي إلا بالصمت. عيناي الزرقاوان اكتسبتا حدّة جديدة، كأنما أضاء فيهما بريق مختلف، بريق رجل بدأ يكتشف ذاته.
"جسدي… إنه يتكيّف مع الضغط." هكذا تمتمت داخلي. لقد بدأت ألحظ أنّ القوة السحرية تنبع من داخلي ببطء، تغذّي أعضائي وتداويها. الإصابات العضلية التي كنت أتوقّع أن تبقيني عاجزاً أياماً كانت تلتئم بسرعة عجيبة، وكأنّ في داخلي طبيباً خفيّاً يعمل ليل نهار. لم يكن هذا ليتحقّق في عالمي السابق مهما امتلكت من أدوية أو معدات، بل كان دليلاً ساطعاً على أنّ الطاقة السحرية بدأت تستيقظ وتعمل في جسدي.
بهذا الشعور، شعور الولادة الجديدة، شعور أنّني لست عاجزاً كما كنت أظن، عقدت العزم أن أستمر. أن أتابع التدريب أيّاماً أخرى بلا توقّف، أن أكرّس نفسي لمراقبة حالتي، لتأمّل جسدي وهو يتغيّر، ولنحت هذا الكيان حتى يصبح أداة أتقن استخدامها. كنت أعلم أنّ عليّ أن أتقن القوّة، ليس رفاهية، بل ضرورة، ضرورة للبقاء حيّاً في هذا العالم السياسي المليء بالتقلّبات، العالم الذي يخبّئ مستقبلاً مظلماً لا يرحم الضعفاء ولا يعبأ بالمترنّحين.
ولذلك… تابعت. لم أسمح لليأس أن يتسرّب، ولا للإرهاق أن يغلبني. صرتُ أستمع لصوت أنفاسي وكأنه موسيقى الحرب، لصوت ضربات السيف وكأنها نذر حياة جديدة. ومع كل ضربة، مع كل تنهيدة، كنت أقترب خطوة نحو هدفي، نحو ذلك اليوم الذي أقف فيه لا كمدلّل عاجز، بل كمحارب ساحر، وريث حقيقي لدماء فينكس.
---
ما رايك يا صديقي بهذا الفصل اتمنى ان يكون جيدا بالنسبه لك
هذا هو فصل تدريبيون اولي احاول ان اجد طريقه لكتابه الامر بشكل جيد اريد ان تخبرني رايك في خانه التعليقات اذا سمحت
بالمناسبه اتمنى ان يكون طول الفصل جيدا بالنسبه لك ولا تقلق سيكون هناك فصولا قادمه سوف اتاكد من ذلك دائما وشكرا لك على قراءه القصه
بالنسبه الى سؤالي هذه المره ( ما هو لقب اندرو سيلفر في القصه ؟ )