تحملت عواقب افعال والدتي المتجسدة [ 50 ]
الفصل الرابع: كارثة أعظم من الطمع
تعلقت أنفاس إستيل وهي تضع يدها على نافذة العربة، وجهها شاحب كالثلج.
لقد كانوا للتو قد اجتازوا بوابة انتقال، قافزين مسافة هائلة في لحظة واحدة، وهي لا تزال داخل العربة.
وما إن انتهى الأمر حتى ساءت حالتها.
ألقى إيدغار عليها نظرة تنم عن الاستهزاء، بينما كانت أصابعه تعبث بلا وعي بشعر التنينة الأزرق التي كانت تجلس إلى جانبه وقد استقر رأسها على كفّه.
قال ساخرًا:
"هذا وكأننا ننقل عجوزًا يحتضر..."
"أ-أعتقد أنني سأقيء..."
اندفعت إستيل، وقد وضعت يدها على فمها، نحو الخارج بخطوات متمايلة، بينما تبعها سيدريك مسرعًا، يطل داخل العربة بملامح مستغربة.
باستثناء إستل، كان الجميع بخير تمامًا. أمسك سيدريك بها ليسندها وهي ترتجف ساقاها كعجل مولود للتو، وسأل:
"ما الذي يحدث لها؟"
أجابه إدغار وهو يهبط من العربة دون اكتراث:
"في الواقع، هذه ردة فعل طبيعية. عبور البوابة ليس أمرًا سهلًا على الجسد."
ثم انحنى قليلًا ليتفحص وجه إستيل التي لم تتوقف عن التقيؤ الجاف، ووضع كفيه على وجنتيها وهو ينقر بلسانه بأسف.
"ليس هناك دواء لهذا، تحمّلي فقط. خلال دقيقتين ستشعرين بتحسن."
"أوكك! مساعدة بلا فائدة... أوغخ."
أبعد سيدريك يده عنها بضيق، وهو يتمتم:
'لماذا يلمسها إذًا إن كان لن يساعد؟'
ثم سأله:
"ولماذا نحن بخير إذن؟"
أجاب إيدغار وهو يرفع حاجبه وكأنه يستغرب السؤال:
"هل أنت شخص عادي؟ وهل أنا شخص عادي؟ أما الأكثر غرابة، فهي هذا الكائن هنا."
"نعم، أنا مميزة."
كان لدى التنينة الصغيرة ميل لطيف للتأثر بالكلمات.
ارتسمت على وجه لوتشي ابتسامة صغيرة حين سمعت ثناء إيدغار، مما جعل سيدريك يتمتم ساخطًا:
"مجموعة لا فائدة منها..."
ثم التفت نحو إستيل التي لا تزال تميل عليه.
"هل أنتِ بخير الآن؟"
"أظن أنني بدأت أشعر بتحسن...؟"
ابتسمت فجأة بابتسامة مشرقة جعلت سيدريك يحدق فيها لحظة وكأنه غاب عن وعيه، قبل أن يستعيد جديته فجأة، ويحرر ذراعه من قبضتها.
"إذًا أبتعدي."
"ما هذا؟ أنت من أسندني منذ قليل..."
تراجعت خطوة وهي تتمتم، لكن ذلك لم يزعجها؛ فقد اعتادت على طبعه.
مدّت جسدها الذي تيبّس من طول الجلوس، ثم أخذت نفسًا عميقًا.
لكن ما إن رفعت بصرها حتى اتسعت عيناها بدهشة.
"البحر... لونه ليس أزرق؟"
"آه..."
إذًا هذا ما لفت انتباهها، لا شيء مهم إذن.
كان البحر الداخلي يمتد عميقًا في اليابسة، حتى إن أشعة الشمس لا تصل إلى قاعه، فيبدو داكن اللون.
بالنسبة لإستيل، التي اعتادت على رؤية البحر الأزرق الصافي في غلاسيوم حيث تطفو الجبال الجليدية، كان المنظر غريبًا.
اقتربوا من حافة الجرف، ثلاثتهم ومعهم ذلك الكائن غير البشري، يحدقون في البحر ذي اللون الموحش.
وفي تلك اللحظة، انكمشت ملامح لوتشي فجأة، ثم ارتمت على إستيل كما لو كانت تتمسك بأمها.
"لا أشعر بشعور جيد."
"هاه؟ لماذا؟"
"لا أعرف... لكن بمجرد أن رأيته شعرت بالضيق."
وأدارت رأسها بعيدًا وكأنها لا تريد النظر إليه إطلاقًا، عندها تصلب وجه إيدغار.
مدّ يده وضرب ذراع سيدريك بخفة وهو يقول:
"يا قائد الفرسان المقدسين."
"إلى متى ستناديني بهذا اللقب الذي تركته؟"
"لأن مناداة اسمك مقزز أكثر."
كاد سيدريك أن يقطب غاضبًا من استفزازه، لكن إيدغار سأله بنبرة جادة فجأة:
"ألا تشعر بشيء؟"
"أشعر بماذا...؟"
كان على وشك أن يزيحه بضجر، لكن إحساسًا مريبًا تسلل إلى قلبه فأوقف كلامه.
لاحظت إستيل تغير ملامحه فسألته باستغراب وهي تربت على التنينة الملتصقة بها:
"ما الأمر؟"
"هناك إحساس غريب..."
كان مرتبكًا.
ورغم أنه وريث دوقية، إلا أنه لم يكن نباتًا محميًا في دفيئة؛ فقد جاب القارة في مهام عدة، وزار مناطق قريبة من البحر الداخلي أكثر من مرة.
لكن...
'آخر مرة جئت إلى هنا لم أشعر بهذا قط...'
كانت هناك طاقة سحرية تتسرب من البحر، تشبه تلك الطاقة الشريرة التي شعر بها في مكتبة الشيطان، لكنها أقل إيلامًا.
حافظ على يقظته وقال:
"هيا بنا."
"إلى أين؟"
"أسفل الجرف، هناك قرية."
إن كانت هذه الطاقة لم تكن موجودة من قبل، وها هي الآن واضحة، فلا بد أن أمرًا ما قد وقع.
ليس شيئًا هائلًا بالضرورة، لكنه بالتأكيد غريب عن روتين الحياة اليومية...
نظر سيدريك إلى أسفل الجرف، إلى البحر الأسود الذي لطالما رآه بلا اهتمام، فإذا به هذه المرة يبدو وكأنه يخفي شيئًا في أعماقه.
كما قال سيدريك، كان أسفل الجرف تقع قرية كبيرة نسبيًا.
ورغم أنّه كان فصل الشتاء، إلا أن الطقس بدأ يدفأ قليلًا، فامتلأت الشوارع بالناس.
ألقى إيدغار نظرة شاملة على القرية وذراعاه معقودتان، ثم قال:
"إن بدأنا نحن الغرباء بطرح الأسئلة هنا وهناك، فلن يلقى ذلك ترحيبًا."
تساءلت إستيل في نفسها، وما المشكلة في السؤال؟ فمالت برأسها باستفهام، فأجابها إيدغار وكأن الأمر بديهي:
"تخيّلي شخصًا غريبًا يظهر فجأة ويسألك بإصرار "هل حصل شيء غريب هنا مؤخرًا؟" ما الذي سيخطر ببالك؟"
"ربما... أنه شخص فضولي مهتم بأخبار العالم...؟"
ابتسم إيدغار بسخرية قصيرة، ثم قال بجدية:
"احذري من النصب."
"هاه؟ ولماذا؟"
لم يكلّف نفسه عناء الشرح، بل رمقها بنظرة توحي بأنّ الأمر أوضح من أن يُقال، ثم مدّ يده وأوقف أحد المارة قائلًا:
"عذرًا، أيمكنني أن أسأل..."
"لا أشتري، ولا أثق، ولا أعرف الطريق!"
لم يكد يلمسه حتى أبعده المار بعصبية، فبقي إيدغار ينظر إلى يده الفارغة بدهشة، ثم تمتم:
"هذا الرفض كان سريعًا..."
وألقى نظرة إلى رفيقيه وكأنه يقول هل رأيتم؟
ارتبكت إستيل من الموقف، والتفتت إلى سيدريك الذي كان يتابع المشهد، وسألته:
"أهكذا الناس هنا دائمًا؟"
"أجل، هذه طبيعة المكان. حتى السحرة الذين يرسلهم القصر يجدون صعوبة في إقناع أهل القرية بالتعاون."
كان سيدريك يعلم أنّ المناطق القريبة من البحر الداخلي بطبيعتها منغلقة على الغرباء.
لكن ما الغريب؟ أنه رغم ذلك، لم يشعر بالقلق هذه المرة.
حمل لوتشي الصغيرة التي كانت تتشبث بإستيل، وأشار إلى حركة الناس في الشوارع.
"ومع ذلك... أظن أنّ الأمر سيكون مختلفًا لو أنتِ من فعلها."
"أنا؟"
"جربي بنفسك."
'هل يثق بي أكثر مما ينبغي؟'
فكرت إستيل وهي تنظر إليه بريبة، ثم اقتربت بخطوات حذرة من محل يبيع الفاكهة.
كانت امرأة تفحص التفاح، فاقتربت منها إستيل وهمست لها بشيء.
تمتم إيدغار ساخرًا:
"بدل أن تختار شخصًا فارغ اليدين، ذهبت تزعج من هو منشغل... ستتلقى ردًا قاسيًا حتمًا."
لكن فجأة، انطلقت ضحكة من المرأتين عند محل الفاكهة، وارتسمت الابتسامة على وجه البائعة الذي كان قبل لحظات باردًا كريح الشتاء.
أشار سيدريك إلى المشهد مبتسمًا بانتصار:
"أرأيت؟"
'كيف فعلت ذلك؟'
كان أهل البحر الداخلي معروفين بالحذر الشديد، رجالًا ونساءً، صغارًا وكبارًا، وكسر ذلك الحاجز لم يكن أمرًا سهلًا.
بقي إيدغار يرمش بدهشة، بينما كانت البائعة تربت على رأس إستيل وهي تبتسم، وإستيل ترد بحركة فم مازحة وكأنها متذمرة قليلًا.
وفجأة، شعر إيدغار بيد صغيرة تربّت على خصره.
كانت لوتشي تمد يدها نحوه وكأنها تحاول مواساته.
"... ماذا تفعلين؟"
"لا بأس، إستيل مميزة."
لم يكن في الأمر نية سيئة، لكن إيدغار انفعل، ووضع يده على رأسها وضغطها قليلًا.
"كنتُ أحاول مواساتك!"
غضبت لوتشي ورفست قدمه، ثم هربت نحو سيدريك.
'من أين جاءت هذه الصغيرة بالجرأة؟'
فكّر إيدغار وهو يبتسم ببرود، متسائلًا عن حجم كرة النار التي قد يستحقها الموقف.
حينها عادت إستيل.
"هل سمعتِ شيئًا مفيدًا؟"
"لا! فقط استمعتُ لشكوى السيدة."
"إنجاز عظيم..."
تمتم ساخرًا.
ابتسمت إستيل بخفة وهمست بصوت منخفض يكفي ليسمعه:
"على الأقل أفضل من إيدغار الذي لم يتمكن حتى من تبادل كلمة واحدة..."
"اخرسي."
"أوه!"
مدّ يده وجذب خدها، فلوّحت بذراعيها محاولة الإفلات.
نظر إليه سيدريك ببرود، وكأنه يقول له أن يتركها.
رفع إيدغار يديه مستسلمًا وقال:
"حسنًا، وماذا الآن؟"
"ماذا تعني؟ نواصل السؤال طبعًا! آه، خذوا هذه."
أسقطت في أيديهم حبات برقوق، فحدّقوا فيها ثم رفعوا أنظارهم إليها.
ابتسمت قائلة:
"حصلت عليها مجانًا! وقالت لي أن أزورهم إن كان لدي وقت."
ةماذا؟"
"وإن احتجنا للعشاء، نتناوله عندهم!"
دعوة عشاء بعد جملة واحدة فقط... ما هذه القدرة العجيبة على كسب الناس؟ هل تستعمل سحرًا للتحكم بالعقول؟
وقبل أن يتمكن إدغار من الاعتراض، رفعت إستيل يدها بحماس وقالت:
"حسنًا، سأذهب لجمع المزيد من المعلومات! أراكم لاحقًا!"
"انتظري، سأأتي معك..."
"لا، إن أتيتَ معي سيهرب الجميع! سأعود بسرعة!"
'ولماذا يهربون إن كنتُ معها؟'
بقي سيدريك واقفًا في مكانه، مذهولًا من كلامها، بينما ركضت مبتعدة.
أما لوتشي، فقد وضعت حبة البرقوق كاملة في فمها، لكنها بدأت تدبّ الأرض بضيق.
انحنى إيدغار نحوها وهمس:
"أيتها الغبية..."
"هاه؟"
"البذرة الصلبة في وسط الفاكهة لا تُؤكل، بل تُبصق."
"ماذاا! حقًا!"
فتحت عينيها بدهشة، ثم بصقت البذرة التي كانت قد تشوهت من أثر أسنانها.
——-
ترجمة : سنو
الحسابات صارت تنحذف من الواتباد ، وإذا مالقيتو حسابي لا تلوموني فهذول الكوريين يحذفونها ، فمنشان هيك تعو تيليجرام عامله جروب انشر فيه الروايات ملفات وإذا انحذف حسابي مراح ارجع له.
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
واتباد : punnychanehe
واتباد احتياطي : punnychanehep