تحملت عواقب أفعال والدتي المتجسده [ 52 ]
'أنا؟ ماذا؟'
ارتجف بريق عيني سيـدريك المتجمّد، وحتى إسـتيل، التي نادرًا ما تتفاجأ، حدّقت في يده بذهول كما لو أنها سمعت الحقيقة لتوّها.
'أنا من أمسكت بيدها؟! ليست هي من بدأت، بل أنا؟'
استرجع ما جرى... كان يتجوّل وحده في القرية ليتفقد الأوضاع، حين لمح إسـتيل تتحدث بسهولة وبمرح مع فتى بدا وكأنه يحمل نوايا بريئة في ظاهرها لكنها في نظره لم تكن كذلك.
وفي ظل احتمال أن تكون قوى عابدين الشيطان ما تزال تتعقبها، رآها تجلس منفردة مع شخص يبدو أصغر منها سنًا وأضعف قوة، فاعتبر الموقف خطرًا.
حتى هنا كان الأمر مجرد حكم منطقي، هادئ ورصين. لكن...
"لا بأس، إنه ليس غريبًا، إنه صديقي."
في اللحظة التي رأى فيها إسـتيل تهدّئ الفتى الخائف بابتسامة دافئة، تسرّبت إلى داخله مشاعر لا علاقة لها بالبرود أو المنطق.
وحين لوّحت له بخفة وأشارت بلسانها الصامت "أراك غدًا"، شعر بالغضب يغلي بداخله... وتوقف عند هذه الذكرى.
'غضب؟ لماذا؟'
هذه هي طبيعة إسـتيل. تمنح المودة للجميع بلا تحفظ، وتتصرف بلطف دائمًا.
ما فعلته الآن لم يكن مميزًا على الإطلاق، وهو يعلم ذلك.
كان أمرًا متوقعًا، ولا يوجد أي سبب يدعوه للانفعال...
$إذن، لماذا؟'
تأمل يده التي تحركت بلا وعي منه، وأطبق قبضته بإحكام، ثم بدأ يصعد المنحدر بخطوات واسعة.
لحقت به إسـتيل رافعة طرف فستانها متخطية الصخور البارزة وهي تصرخ:
"آه، انتظر! لنصعد معًا!"
في البداية استطاعت مواكبة خطاه، لكن مع ازدياد وعورة الطريق بدأ الأمر يرهقها.
'هل هو يتعمد الإسراع ليتعبني؟ وما الذي فعلته له أصلاً؟'
عضّت شفتها بإصرار، لكن بعد دقائق رفعت الراية البيضاء.
أزاحت شعرها الطويل عن كتفها لتخفف من حرارتها، ثم صاحت وهي تلهث:
"قلت لك لنصعد معًا! إن واصلت هكذا، فسأهرب فعلًا! وسأترك العالم لمصيره بلا رجعة!"
فجأة، التفت إليها سيـدريك وكأنه فوجئ بالتهديد.
كان البحر خلفه يزداد قتامة تحت السماء الليلية، ويعلوه قمر ضخم، وتحت ضوءه كانت إسـتيل واقفة، بشعرها الأبيض الذي يتطاير مع نسيم البحر، وثوبها البسيط غير المرهق بالحلي والزينة، يلمع تحت القمر.
اقتربت منه تبتسم وهي تلهث:
"هاه، توقفت فورًا! يبدو أنك خفت من فكرة هروبي، أليس كذلك؟ صحيح، فأنا أمل العالم الوحيد!"
شعر أن حواسه تتضاعف فجأة؛ يسمع صوت الأمواج البعيدة وهي تضرب الشاطئ، وصيحات طيور البحر، ورائحة الملح، وحتى خفقان قلبه الذي كاد يتوقف.
تقدمت خطوة أخرى حين طال صمته:
"أين إدغار ولوتشي؟ هل نتابع الصعود من هنا؟"
"......."
"سيـدريك؟ ما الأمر؟"
صفقت بيديها أمام وجهه كما لو أنها توقظه من شروده، فعاد إلى واقعه ورمش بعينيه، ثم هز رأسه.
ما يراه أمامه الآن مجرد إسـتيل المعتادة.
ربما كان ما شعر به لحظة ضعف عابرة. وبنبرة حاسمة قال:
"حتى لو هربتِ، فأنتِ ما زلتِ تحت سيطرتي، ولا تنسي أنكِ أمل هذا العالم الوحيد. إدغار ولوتشي في الأعلى، تابعي هذا الطريق."
ساد الصمت لحظة، قبل أن تدور عيناها الذهبيتان بدهشة ساخرة.
همست وهي تكتم ضحكتها:
"لم يكن هناك داعٍ للإجابة على كل ذلك... ما هذا الطبع!"
ظنت أنها أفرطت في كلامها، لكنها فوجئت به يبتسم، وابتسامته تتسع تدريجيًا.
'هل جنّ؟'
بدا على وجهها علامات الحيرة، فقال سيـدريك:
"أنتِ حقًا..."
"نعم؟"
"لم تتغيري أبدًا. كما كنتِ حين التقينا لأول مرة."
تذكّر تلك الفتاة التي واجهته بغضب وهي لا تعرف من هو، وتجادله بلا خوف.
وها هي الآن، ما تزال تمازحه وتستفزه بنفس الطريقة.
لم يتغير شيء.
تمتم:
"فقط كما أنتِ."
'إذن، إن كان هناك تغيّر الآن، فمن المسؤول عنه؟'
قطع هذا الخاطر وهز رأسه، ثم بدأ يصعد بجانبها.
'التغيير الحقيقي هو ما يدوم، وما حدث الآن لحظة عابرة. ولن أسمح لنفسي بأن أفسد الأمور بالانجرار وراء الجو.'
أما إسـتيل، فهرولت لتواكب خطاه وبدأت تتحدث بحماس:
"أرأيتَ؟ أنا محبوبة!"
"وهل تفخرين بهذا الآن؟"
ابتسمت وهي تلف خصلات شعرها بأصابعها:
"حتى لو تغير المكان، وجهي يلقى القبول نفسه. فمعايير الجمال لا تتغير، أليس كذلك؟"
'هل أعجبك ذلك الفتى الصغير؟'
حاول أن يخفي انزعاجه، فسأل ببرود:
"يبدو أن مزاجك جيد."
"لا، ليس كثيرًا. لكن ماذا عن ذوقك؟ هل فكرت فيه؟"
"هل سنعود لهذا الموضوع مجددًا؟"
'ما الذي يجعلها مهتمة بزواجي فجأة؟'
حاول تجاهلها، لكنها أمسكت كمّه وألحت:
"ألم تجد فتاة تعجبك في هذه القرية؟"
"قلت لك، لا."
"ربما لأنك لم تبحث جيدًا. لو منحت نفسك بعض الوقت، بالتأكيد..."
"أعتقد أن الشخص الذي سنحبه سنتعرف عليه فور رؤيته. فإذا لم أشعر بذلك الإحساس، فلا أظن أنه هو."
كانت كلمات صادرة بلا مبالاة، لكنها بدت عاطفية إلى حد كبير.
'يا للهول...'
غطت إسـتيل فمها بيديها من شدة الدهشة وهي تحدّق فيه بتركيز.
'كيف يمكن لوجهه الجاف والمتحفظ أن يصدر مثل هذه الكلمات؟ هذا لا يتناسب معه إطلاقًا... حقًا لا يتناسب!'
عندما حاول فتح فمه ليوبخها على نظراتها التي تشبه نظرات من يرى مجنونًا، قاطعته هي قائلة:
"حسنًا، إذاً، هل فكرت في صورة المثال المثالي لديك؟"
"لا..."
"يقال إن الجسم السليم يسكنه عقل سليم، فلنبدأ بالمظهر الخارجي. كيف تحب أن يكون شكلها؟"
'هل تسمعني حقًا؟ قلت لها عدة مرات لا يوجد، لكنها تبدو مصرة على أن تستخرج جوابًا مهما كلف الأمر.'
لكن على خلاف رأسه الذي يقول "لا يوجد"، كان قلب سيـدريك يتصرف بشكل مختلف تمامًا.
بينما كان يحدق في وجه إسـتيل المبتسم، خرجت كلماته من فمه بلا تحكم منه وكأنها تتصرف بحرية.
"فتاة لطيفة تضحك جيدًا..."
"فتاة لطيفة تضحك جيدًا؟"
'غريب! ظننت أنه يكره الفتيات اللاتي يضحكن كثيرًا... فلماذا يعاملني بقسوة إذا كان هذا هو ذوقه؟'
'آه، هل من المستحيل أن أكون أنا الاستثناء؟ صحيح أنني أفعل هذا لأتهرب من الزواج، لكن كبريائي مجروح إلى حد ما...'
"فتاة لطيفة تضحك جيدًا..."
أخذت إسـتيل تتمتم، تستذكر وجوه سكان القرية التي قابلتهم اليوم، وتحركت أصابعها وهي تعدهم.
نظر إليها سيـدريك ثم التفت فجأة نحو البحر البعيد بلا هدف.
'هل أنا حقًا أفضل هذا النوع من الأشخاص؟ منذ متى؟'
لقد تعامل مع العديد من النساء في حياته، لكنه رفض الجميع، حتى إنه لا يعرف ما هو ذوقه الحقيقي.
فلماذا تتسرب هذه الكلمات من فمه دون وعي عندما تسأله إسـتيل؟
'فتاة لطيفة تضحك جيدًا؟ متى أصبح هذا ذوقي؟'
مرّ بخاطره فرضية واحدة، هل يمكن أن يكون قد بدأ يفضل هذا النوع من الآن؟ كما يقولون، "ما تفكر فيه يتحقق."
"حسنًا، على الأقل هناك تناسق. سيكون من السهل العثور عليها!"
أجابت إسـتيل بصوت مرح، ثم تقدمت مسرعة.
ظل سيـدريك يحدق في ظهرها بذهول، ثم عبث بشعره بطريقة غير معتاد عليه.
'حقًا، غريب أن يتدفق ذوق لم أفكر فيه من قبل بهذه الطريقة المتناسقة. لا أحد ليستمع لاحتجاجاتي.'
أغلق فمه وتابع خطوات إسـتيل.
***
كان لوتشي وإيدغار مستلقيين على سرير داخل خيمة سحرية صنعاها بأنفسهم.
حين أخبرتهما إسـتيل بما سمعته، ضاقت عينا الساحر.
"السمك؟"
"نعم، لم يتم اصطياد أي سمك منذ فترة."
"هممم..."
"هل يمكننا المساعدة...؟"
كانت تتوقع أن يرد إيدغار بسخرية "طبعًا أنتِ كذلك"، لكنه بدلاً من ذلك أومأ برأسه، يبدو أنه مقتنع.
ثم قالت لوتشي، التي جلست على ركبتي إسـتيل:
"عندما نظرت إلى البحر شعرت بشيء غير مريح."
'صحيح، كان سيـدريك قد أبدى ملامح قلق حين نظر إلى البحر أيضًا...'
تمتمت إسـتيل وهي تحدق في الفراغ:
"هناك شيء في البحر...؟"
"هم، لدي إحساس بذلك."
بينما كان إيدغار يرسم دائرة سحرية نصف مكتملة ثم يمحوها مرارًا وتكرارًا، قال فجأة:
"هذا اختبار مفاجئ."
"ماذا؟!"
فتحّت إسـتيل عينيها على اتساعهما بدهشة، لكن إيدغار واصل الكلام بسخرية:
"قلت أن معركة شاركت فيها الساحرة العظيمة وقعت هنا. مع من تعتقد أنها كانت؟"
هل يوجد عقاب إذا لم تجب؟
جلست مشدوهة ثم أسرعت إلى إخراج دفتر تجسد الساحرة العظيمة.
"أحضري الإجابة خلال خمس دقائق. وإلا فسنتقدم في الدرس من دونك."
'الموت أفضل من التخلف عن الدراسة...!'
قلبت إسـتيل الصفحة الأولى من الدفتر، وبدأت بالقراءة:
[25 يوليو 769
بدأت المخلوقات البحرية تظهر في البحر الداخلي. كما توقعت.
في هذا الوقت من السنة عادة ما تزدهر المخلوقات، وأتذكر أن إيزابيلا البطلة المنكوبة، تورطت في هذه الفوضى.
المشكلة... أن إيزابيلا جميلة جدًا. هذه دائمًا المشكلة. (رجال هذا البلد يظنون أن الجميلة يجب اختطافها والزواج بها قسرًا، أو ستلعقهم الأشواك في أفواههم).
ربما سيحاول هذا الوغد اختطافها هذه المرة.
لذا، يجب أن أتخلص من المخلوقات البحرية وفي الوقت نفسه أحمي إيزابيلا من الاختطاف. وبعد وقت ليس بطويل، سينضم ميكاييل البطل، وتبدأ قصة لقائهما.
خطر في بالي فجأة.
لو نجحت في حمايتها حتى النهاية، وكانت إيزابيلا سعيدة، فسأكون...
وماذا بعد ذلك...؟
ماذا سأفعل بحياتي بعد ذلك؟]
—--
ترجمة : سنو
الحسابات صارت تنحذف من الواتباد ، وإذا مالقيتو حسابي لا تلوموني فهذول الكوريين يحذفونها ، فمنشان هيك تعو تيليجرام عامله جروب انشر فيه الروايات ملفات وإذا انحذف حسابي مراح ارجع له.
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
واتباد : punnychanehe
واتباد احتياطي : punnychanehep