تحملتُ عواقب افعال والدتي المتجسدة [ 57 ]

"أنا واثقة، ألم يكن له فكان اثنان؟"

قال إيدغار بنبرة مترددة:

"حسنًا، أن تعرفي شيئًا أفضل من أن تجهلي كل شيء... لكن لا أظن أن معرفتك تلك ستلهمنا بحلٍّ فعّال."

حين قال ذلك، رمشت إستيل فجأة وكأن فكرة خطرت لها، ثم انتصبت جالسة فجأة، مما أدهش الرجلين الجالسين معها.

وبعينين متسعتين سألت:

"ألا يمكننا اصطياده؟"

"ماذا؟"

"الصيد! أعلم أن الأمر قد يبدو سخيفًا، لكن ذلك الوحش الغبي يمكن إغواؤه بسهولة إذا ألقينا الطُّعم المناسب."

لم يتمالك إيدغار نفسه من التعليق:

"يا لهذه الفكرة... هل أصابك خلل في البصر؟ أتظنين أن وحشًا بهذا الحجم يمكن اصطياده بالصنارة؟"

"إن استخدمنا صنارة ضخمة فذلك ممكن!"

ثم أشارت إلى إيدغار وسيّدريك على التوالي، وقالت بحماس:

"ساحر، وقائد سابق لفرسان الهيكل... أليسا معًا قادرَين على ذلك؟"

ابتسم إيدغار بسخرية:

"كلامك يبدو جميلاً... ولكن، الطُّعم سيكون هو ذاك المخلوق؟"

لم تفهم لوتشي قصده في البداية، لكن حين أدركت المعنى، أطلقت صرخة احتجاج وانطلقت نحو إستيل، التي سارعت لإخفائها خلف تنورتها وهي تحدّق بغضب في إيدغار:

"بئس القدوة أنت... لا تكتفي بعدم ضرب المثل، بل تفسد الأمر أكثر!"

رفع الساحر حاجبه ببرود، ثم قال وكأنه يعود للموضوع الأصلي:

"صحيح... ذلك المخلوق لن يضيع وقته على هدف صغير كهذا."

قالت إستيل بضيق:

"ما يزعجني ليس صِغَر حجمها، بل أن الفعل نفسه غير أخلاقي!"

أجابها إيدغار:

"هل رأيتِ حجم ذلك الشيء؟ يمكنه التهام سفينة كاملة! نظريتي أن نصنع صنارة عملاقة بمساعدتي، ونستغل قوة قائد الفرسان المقدسين لتقييده. لكن... بماذا سنغويه؟"

تدخل سيّدريك بهدوء وهو يحدّق في البحر المظلم:

"ربما سيأتي الطُّعم إلينا بنفسه."

ثم تابع شارحًا:

"عبدة الشياطين منذ اختفاء الكونت بلانشيه لم يعودوا تنظيمًا كبيرًا، بل مجموعات متفرقة لكنها مترابطة بقوة. على متن تلك السفينة التي ابتلعها الوحش كان هناك ساحر، وهو الآن نادر بين صفوفهم، ومعه ثمانية آخرون. فقدان عشرة منهم لن يمر مرور الكرام... بل ربما قد علموا بالفعل."

"وما الفائدة من ذلك؟"

سألته إستيل.

"سيأتون حتمًا للتحقيق في الأمر، وسيعرفون أن امرأة ورجلين مرّوا من هنا إلى عرض البحر. وبفضل صديقنا الساحر المتفاخر، سيعرفون أيضًا أن أحدنا ساحر إمبراطوري."

ابتسم إيدغار ببرود:

"إذن، سنستغلهم كطُّعم للوحش؟"

أومأ سيّدريك، فردّ إيدغار ساخرًا:

"يا للعجب... الفارس المقدس يعرف كيف يستخدم عقله، أرى أن السيف وحده يظلمه."

ثم قال:

"فلنفعل ذلك إذن."

أعاد إيدغار السفينة من الجو إلى الماء بعيدًا عن مكان ظهور الوحش، ودفعها برياح قوية نحو الشاطئ.

فسألته إستيل باستغراب:

"ألن نصطاده الآن؟"

ابتسم الساحر:

"لابد من نشر الخبر أولًا. سنطلب من أهل القرية أن يشيعوا كل ما يعرفونه عنا، حتى يصل الخبر لعبدة الشياطين."

أمالت إستيل رأسها متسائلة:

'هذا الرجل لا يبدو ممن يستمتعون بالقتال، فلماذا يبدو متحمسًا فجأة؟'

جلست على حافة السفينة قائلة:

"أراك مهتمًا بالطُّعم أكثر من اللازم... الأمر يترك في النفس شيئًا من المرارة."

"ولماذا ذلك؟"

سألها سيّدريك.

"لأننا عمليًا سنستدرجهم للموت هنا."

ردّ بهدوء:

"إن جاؤوا إلينا فذلك اختيارهم. نحن فقط نسهل عليهم الطريق."

على غير العادة وافق إيدغار:

"صحيح."

ثم رفع رأسه نحو السماء المظلمة وقال ببرود فيه مسحة سخرية:

"وما العيب في أن يموت الضعفاء؟"

أدارت إستيل رأسها عنه باستياء، وانحنت لتتقي الرياح العاصفة.

بفضل سرعة الرياح التي صنعها إيدغار، وصلت السفينة إلى الشاطئ بسرعة.

قفزت إستيل إلى الأرض، لكنها لاحظت أن لا أحد من الرجلين تبعها.

"أ...أممم؟"

عندها التفت سيّدريك الذي كان غارقًا في التفكير، وحمل لوتشي التي كانت تتقلب على سطح السفينة وقدّمها لإستيل:

"اذهبي مع التنينة إلى ذلك الصياد العجوز عند الشاطئ وأخبريه بما نريد. المسافة قصيرة، لكن وجودها معك أضمن."

تحولت لوتشي إلى هيئة فتاة صغيرة وقفزت إلى حضن إستيل، وهي تقول محتجة:

"غير موثوق بي؟ سأحميها جيدًا!"

ضحكت إستيل:

"إذن، هل نمسك بأيدينا؟"

"نعم!"

أمسكت الصغيرة يدها وانطلقت تعدو بها نحو الصياد، بينما سيّدريك التفت نحو إيدغار الذي كان يلوّح له مبتسمًا وقال:

"إذن، هل لديك ما تريد قوله لي؟"

*

لعل السبب في ذلك أنها قضت زمنًا طويلًا نائمة في مكتبة الشياطين، إذ بدت لوتشي وكأن كل ما في هذا العالم يثير دهشتها.

ورغم أن الطريق إلى الصيّاد لم يكن بعيدًا، فإن تقدّمهم كان بطيئًا، إذ راحت تملأ كفّيها بالرمل وتلقيه في الهواء، أو تجمعه وتلقيه فوق صفحة البحر، بينما كانت إستيل تسايرها على مضض.

قالت لوتشي وهي تلمع ببريق الفضول:

"إستيل، إستيل... أريد أن أدخل إلى هناك."

أجابتها وهي تهز رأسها بحزم:

"لا، الجو في غاية البرودة، نحن في الشتاء."

"والبرد مشكلة؟"

قالتها وهي ترفع ذراعيها الصغيرتين بحماس، مضيفة:

"إذن سأدفئ نفسي بالنار..."

"هاي! لا، كفِ عن ذلك، وأصغِ إلي، فنحن لدينا ما ننجزه."

"هيييه..."

تمتم بامتعاض، فاضطرت إستيل أن تجرها جَرًّا حتى وصلا إلى العجوز الصيّاد، الذي كان قد أوشك على الانتهاء من إصلاح شباكه.

ولما شعر بهما، رفع رأسه وعلامات الدهشة بادية على وجهه.

تقدّمت نحوه بابتسامة مشرقة وهتفت:

"مرحبًا! نحن... نعرف بعضنا من قبل-

لكنها توقفت في منتصف الجملة.

'لا... لم يكن كذلك.'

كانت تظن أنها قد رأت جميع أهل القرية مساء الأمس حين اجتمعوا في الساحة بين الحشود، لكن هذا الرجل لم يسبق أن رأته قط.

'حسنًا... ماذا أقول الآن؟'

ترددت للحظة، لكن العجوز فاجأها بسؤاله:

'ألعلّك... ابنة تلك المرأة؟'

توقف الدم في عروقها لوهلة، وشعرت بقشعريرة تسري في جسدها، وبدأ عقلها يدور بسرعة محمومة.

'كيف عرف؟ أهو من الأعداء؟'

وبينما كانت جامدة مكانها، مستسلمة للخوف، أخذ الشيخ يداعب لحيته الكثّة بنفاد صبر، ثم قال:

"أقد حان الوقت؟"

"أي وقت؟ ماذا تعني؟"

أشار بيده نحو الأفق حيث اختلط وهج الغروب الأحمر بمياه البحر الداكنة، لتتشكل لوحة بنفسجية غريبة، وقال بنبرة هادئة:

"أعني... هل حانت ساعة موت الوحش الذي أطلقته الساحرة العظيمة في هذا البحر؟"

'وحش أطلقته الساحرة العظيمة؟'

تساءلت في ذهول، فابتسم العجوز ابتسامة ودودة، لكنها لم تمنحها الطمأنينة.

ضمت لوتشي إلى صدرها بقوة، لا تدري أتبقى أم تفرّ، فقال العجوز وهو يربّت على الموضع الخالي إلى جانبه:

"كنت لأدعوكم إلى كوب شاي، لكني أعلم أنكم لن تثقوا بي بسهولة... فهلا جلستم لنتحدث قليلًا؟"

'أأثق به... أم لا؟'

وبينما كانت تفكر، تذكرت محادثة عابرة سمعتها من قبل:

"إذًا، هانز كان مهمومًا؟"

"الحق أن الحفيد كان مهمومًا، أما جدّه الصيّاد... فكان هادئًا وكأن الأمر لا يعنيه."

وهذا "الجدّ الصيّاد" لا بد أنه الرجل نفسه.

كانوا يقولون إن حفيده يقلق لأن الأسماك اختفت، والشباك تتمزق رغم غياب أي مفترسات، بينما هو ظلّ مطمئنًا.

ربما لأنه كان يعرف السبب.

وهذا يعني أنه قد يكون أحد الخيوط التي تركتها والدتها وراءها.

جلست إستيل إلى جانبه ببطء، وهي تضم لوتشي في حضنها، ثم أومأت إشارةً لأن يبدأ حديثه.

فأخذ جرعة من الماء من قارورته، ثم قال:

"لقد قابلتُ والدتك مرةً واحدة فقط في حياتي..."

———

ترجمة : سنو

الحسابات صارت تنحذف من الواتباد ، وإذا مالقيتو حسابي لا تلوموني فهذول الكوريين يحذفونها ، فمنشان هيك تعو تيليجرام عامله جروب انشر فيه الروايات ملفات وإذا انحذف حسابي مراح ارجع له.

بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee

او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee

واتباد : punnychanehe

واتباد احتياطي : punnychanehep

2025/08/12 · 4 مشاهدة · 1088 كلمة
᥉ꪀ᥆᭙
نادي الروايات - 2025