لقد اختفى القائد.

وبفضل هذا، تمكنتُ من الإفلات من لهيب المعركة لبعض الوقت، فعُدت على عجل، لكن لا شيء من ذلك جلب لي سكينة، بل لم يكن في قلبي موضع للفرح.

أما رفاقي في

فرقة الشياطين القتلة

، فقد اجتمعوا في إحدى زوايا الحديقة الخلفية، متقوقعين على أنفسهم، يزفرون تنهيدات يائسة وكأنها آهات ثقيلة.

«إلى أين رحلتَ بذلك الجسد المُثقل؟»

«لم يُختطف، أليس كذلك؟ وإن كان الأمر كذلك... هل يُطعمه خاطفه كما ينبغي؟»

«هل تفكر في الطعام الآن؟»

«الأكل مهم.»

«أجل، هو كذلك.»

«...»

أترى، هل يأكل مركيزنا الآن كما ينبغي؟

«بل، ما الذي ينبغي علينا فعله الآن؟ القائد ليس بيننا، ولا المركيز.»

«أتُرانا نبحث عنه بأنفسنا؟»

«لن نجد له أثراً، وإن خرجنا بحثًا عنه سنُتّهم بالفرار من الواجب. إنها خيانة.»

«فما العمل إذن؟»

كان الجواب عند "كليتر"، إذ قال بصوت كأنما خرج من رماد الحرب:

«فلنلتزم بأوامر الإمبراطور... حتى يعود المركيز. والآن وقد اختفى البطل، لا شك أنه يفتّش عنه بجدّ.»

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ديون هارت قد... كان يحتضر.

فقد اجتمعت عليه آلام الذاكرة التي اقتُلِعَت عنوة، مع الضغوط التي تراكمت في صدره سنينًا، حتى غدا الجسد عاجزًا عن الاحتمال.

كان الحُمّى تفتك به فتكًا، ويكاد الدم يملأ رئتيه. وكانت حالته تتأرجح بين الحياة والموت مراتٍ كل يوم، رغم أنه قد نُقِل بأمان إلى عالم الشياطين.

«افعل شيئًا!»

جاءت ريرينيل مسرعةً، بعد أن تلقّت إشارة من العقد الذي أوكل إليها أمره، فصرخت في "بن" غاضبة، وقد تدفّق صوتها بنبرة لا تخفى فيها دموعها التي كادت تفيض:

«هذا ميدان النفس، ما بوسعي إلا أن أبرد جسده وأُنعشه بالدم.»

«لكنك الطبيب! أنت طبيب ديون هارت، لماذا...؟!»

حين رأيتُه ساقطًا على الثلج، تجمّد قلبي من الخوف، فأحضرته إلى هنا، إلى عالم الشياطين، وأنا لا أرجو سوى أن تُحلّ الأمور حين نصل إلى قلعة الملك.

أرادت ليرينيل أن تنهار بالبكاء، لكنها علمت أن الدمع لا يشفي، ولا يُعيد من فقد روحه، فرفعت منديلًا لتمسح به عينيه المتعبة، وقد احمرّ بياضهما حتى صار مثل الدم. ولما سحبت المنديل، كان ملطخًا بالدماء.

«إن لم ينفع هذا... فاستعمل السحر، أرجوك...»

كانت تحدّق فيه دون أن ترمش، كأنما فقدت روحها، كدمية خرساء... ثم بدأت تبكي.

«أتبكين...؟»

لقد مسحت الدم منذ لحظات، لكنه عاد ينزف من جديد، وكأن المنديل لم يمر عليه قط.

كان الأجدر بها أن تبكي، لكن السائل القرمزي المتسلّل من عينيها، جعل المشهد أشدّ وحشةً من صرخة، فانهارت كطفلة لا تجد صدرًا تحتمي فيه.

«الحظر على السحر... لم يُرفَع بعد.»

«وهل لم تجد ما تقول الآن سوى هذا؟»

«و...»

رمق "بن" القائد الحادي عشر وهو يمسك بعنقه بكفيه الصغيرتين.

واصل صوته وهو مبحوح، لا يُدرى أهو الخنق أم الغصّة:

«لو كان في السحر شفاء، لاستخدمته منذ زمن بعيد.»

لا سحر، ولا دواء... فكل ما يعلو الأولوية الآن، هو حياة "ديون هارت". ذاك الذي فرّ من قلعة ملك الشياطين وسلك طريق البشر، لأنه أحسّ بنداءٍ أقوى من الخوف.

ولو كانت ثمّة وسيلة... لاستُخدمت منذ زمن.

لكنه العجز، حين يصير أقسى من الموت.

طبيبٌ لا يملك أن يفعل شيئًا لمريضٍ يحتضر بين يديه، وأشقى من في هذا المكان، لم يكن سواه.

«لكن، "ديون هارت"... يبدو أن حرارتك ترتفع مجددًا. أيمكنك أن تُرخِي يدك عن عنقي؟»

«...»

«...شكرًا.»

ومشى "بن" نحوه، متجاهلًا الذراع التي سقطت منه كغصن يابس.

جسده كله كان يشتعل. الحُمّى تلتهمه كأنما نذرت أن لا تدعه حيًا، فعضّ على شفته حتى سال الدم، وأخرج منشفة مبللة بماء الجليد.

وبينما هو يمسح صدره العاري الذي كشفه علّه يخفف حرارته، قال متحسرًا:

«يا لسوء الطالع، لقد كان ملك الشياطين خارجًا حين وصلتُ...»

قال إنه سيعود ما إن يصله الخبر عبر حجر الاتصال، ولكن... لماذا لم يأتِ بعد؟

لقد أرسلت "إِدْ" ليستقصي ويوضح التفاصيل، فهل حدث ما لم يكن في الحسبان؟

ـــ وما إن خطرت هذه الفكرة في بالي، حتى تجلى ملك الشياطين فجأةً بجانبي.

وفاح في الغرفة عطر الأعشاب البرية.

تطلّع الملك، الذي دخل برفقة "إد"، إلى المكان المتوهج بحرارة "ديون هارت"، ثم نظر إلى "ليرينيل" وهي تبكي، قبل أن يوجّه بصره إلى "بن".

وخرج صوته، باردًا، هادئًا، رتيبًا كنسيم الليل:

«تأخرت قليلًا، فقد ذهبت لأجلب أعشابًا من ملك الجان بعد أن بلغني النبأ... كيف حاله؟»

«...حالته خطيرة.»

فلم ينبس الطبيب بكلمة غيرها، وهو الذي كان ينبغي أن يسهب في شرح ما يراه.

أما "إد"، فما إن أبصر حالة "ديون هارت"، حتى تأوه تأوهًا خافتًا. وحينها، ألقى ملك الشياطين نظرة سريعة عليه، ثم أومأ بصمت.

--"يبدو أنّ الأمر كذلك... أُعطيتُ أعشابًا كثيرة بحسب الحاجة، لكني لا أدري إن كانت ستجدي نفعًا."

ــ "..."

ــ "أنت أدرى مني بخواصّ هذه الأعشاب يا (بن)، فرتّبها كما ينبغي، واستعملها بحكمة."

تلك أعشاب الجان، لها أثر عجيب إن أُحسن استخدامها، لكنّ أول الأمر أن نُسقط الحُمّى من عليائها.

كانت حركة (بن) تزداد.

وتولّى (إد) ما كان يقوم به (بن) من قبل، فبلّل المنديل بماءٍ مُثلَّج، ثم عصره، ومسح به جسد (ديون) العلوي.

هنالك، تقدّم ملك الشياطين من مكانه، بخطًى ثابتة، حتى إذا بلغ السرير الذي يرقد عليه (ديون)، مدّ إصبعه ومسح به الدم الذي تساقط من مقلته، ثم همس بصوتٍ خفيض:

ــ "ما الذي أبصرته عينيك؟"

"أيعقل أنها كانت تبكي بهذا العذاب لهذا؟"

هزّ يده وكأنما يطرد الدم عنها، ثم نظر في عينيّ الفتى، وقد فُتِحتا على اتساعهما كأنما اختنق من فرط الحُمّى، وكانت بياضهما مخضّبة بالدم، وسوادهما كمن رأى مصيرًا لا يُطاق.

فجاء الجواب كريحٍ لا تتلعثم:

ــ "لقد اِعترفت بالحقيقة."

اِعتراف... وتبرير...

ملك الشياطين توقّف برهة، ثم اعتدل في وقفته وكأنّ شيئًا لم يكن.

وفي تلك الأثناء، اقترب (بن) راكضًا يحمل في كفّه حبة دواء صغيرة، ثم ناولها للملك.

ــ "دواء لتخفيض الحرارة."

ــ "هممم... لكني أظنّ أن المهدّئات أولى الآن."

...ورغم ذلك، لا بأس أن نُجرب.

تقدّم الملك نحو (ديون) بالدواء في يده، وما لبث أن رأى آثار الدم عند فمه، وكأنّ النزف خرج من جوفه لا من فمه.

(إد) التفت بسرعة، مسح فمه ثانية، ولوّح له بيده وقال:

ــ "ديون... أتسمعني؟"

ــ "..."

ــ "ينبغي أن تتناول هذا الدواء، أتقدر؟"

ــ "..."

ــ "...لا يمكن لهذا أن ينجح."

كيف له أن يتجرّع شيئًا وهو يتقيأ دمًا؟

أعشاب الجان نافعة، نعم، ولكن هذه المسألة أكبر.

لحظةً فكّر الملك في أن يفتح فمه بالقوة ويدفع الحبة داخله، لكنّه سرعان ما تراجع وألقى بها بعيدًا.

تدحرجت الحبة التي صنعها (بن) بكل جهده على الأرض، ثم اختفت بين الظلال.

ــ "...لا أظنّ أنّك ستموت بسهولة، لكن إن فارقت الحياة الآن فسيكون ذلك محزنًا."

لقد بدأ الأمر يثير المتعة... ولن أُفلت هذه الفرصة النادرة.

ــ "نعم... سيكون ممتعًا أن نُراقب قدرك في هذه اللحظة. أستموت هنا، أم لا؟"

ــ "يا ملك الشياطين..."

(إد) أدرك مقصده، فدعاه على عجل، ولكن (بن) ظلّ صامتًا، فمدّ الملك يده وغطّى بها عيني (ديون).

كلُّ مخلوقٍ على هذه الأرض قد كُتب له أجل،

وفي الغالب يموت الناس قبل أن يَبلُغوه، بفعل الحوادث أو المرض، ولهذا يُقال عن الذي عاش كامل عمره أنه "نَعِمَ بحياته".

فهل يموت (ديون) الآن لأنه بَلَغَ نهاية عمره؟ أم لأنه ضحية حادثٍ لم يكن بالحُسبان؟

"إن كانت الأولى، فلن يُجدي دواء ولا سُكون ولا سُبات... وإن كانت الثانية، فإنّي قادرٌ على إنقاذه."

ولكن تغيير مصير "الموت" ليس أمرًا يُستهان به.

ثمن ذلك؟ تسعون في المئة من قواي السحرية.

لو كان الأمر بيد شياطين آخرين، لهلكوا من الضّعف، أما أنا... فما زلتُ، رغم التضحية، الأكثر سحرًا بينهم.

كيف تُقارن تسعون بالمئة من ماء البحر، بتسعين بالمئة من ماء كوب؟

وإن كان ثمّة مشكلة، فهي أن الفارق بيني وبين الذي يأتيني في المرتبة الثانية قد صار أقلّ.

"سيكون ذلك مزعجًا حين أُواجه الأبطال لاحقًا."

...لكن، سأفكر في الأمر حين يحين أوانه.

ركّزتُ روحي وهمستُ:

ــ "نم نومًا هانئًا... فإنّ ما تحتاجه الآن راحة النفس."

وما إن فرغ من كلامه حتى انبعث نورٌ ساطع من كفّه، غمر الغرفة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ما إن ترك ملكُ الشياطين (ديون هارت) نائمًا باسترخاء، حتى أمر بجمع قادة الفيالق فورًا، وتحديدًا: أولئك الذين لهم دراية بشؤون الشياطين.

أما من شغلته أعماله عن الحضور، فقد استُدعِي عبر طاولة التواصل السحري، وجلس في المجلس كلٌّ من (إد)، و(بن)، وحتى (هاين).

فقال الملك، بصوتٍ خفيضٍ، يحمل جديةً لا لبس فيها:

ــ "من هو الشيطان الذي يأتمنه (ديون أرَت) أكثر من سواه؟"

ــ "..."

فهبط صمتٌ أثقل من جبل، وسكن المكان.

كان الملك يظنّ أن القوم سيتزاحمون على نيل شرف الثقة، فإذا بهم يتقاعسون كمن دُهش وصُعق.

رفع حاجبًا من التعجّب، ثم تابع مستنكرًا:

ــ "ما بالكم لا تردّون؟ إنّ (ديون) يسأل عن أكثر من يثق به... وإن لم يكن ثمّة يقين، فليجبني من يعدّ نفسه الأقرب إليه."

فنحن بحاجة إلى شيطانٍ يمدّ يده لعقل (ديون هارت) المكسور.

فإن كان الموثوق فيه قريبًا، فلعلّ الجرح يُرمّم ويهدأ.

ولكن...

ــ (ديون، يا ترى كيف كنت تعيش؟)

فهاهم أولئك الشامخون، لا يجرؤون على التقدّم خطوة، وكلٌّ يرمق الآخر دون أن يتحرّك.

تأمّلهم الملك برهةً، ثم ثبّت ناظريه على قائدة الفيلق الثاني (ديفيلانيا)، التي كانت دومًا مصدر الأخبار والمعلومات.

ــ "يا (ديفيلانيا)... ألم تكوني من أكثر من وقروه واتبعوه من بينكم؟"

أجابت بعد تردّد:

ــ "ذلك لأن المشاعر ليست دائمًا متبادلة. أنا، واللهِ، ما أحببتُ أحدًا من الشياطين كما أحببتُه، لكن إن سألتني هل يبادلني نفس الثقة؟ فذاك ما لا أقدر على الجزم به."

تقدّم قائد الفيلق الثالث (آشيلد)، وأومأ برأسه قائلاً:

ــ "لقد كان يعاملنا دومًا بجدارٍ خفيّ... لا نراه، لكنّنا نشعر بوجوده."

ثم سقط الصمت من جديد، لكنّه هذه المرّة حمل معنى الخيبة والانكسار.

ملك الشياطين، وقد خاب ظنّه، التفت نحو (إد)، و(بن)، و(هاين)، عساه يجد بينهم من يحظى بالقرب من (ديون)، لكنهم جميعًا، حين التقت أعينهم بعينه، هزّوا رؤوسهم نفيًا، كأنّ الحال لا يختلف عندهم.

حرّك الملك فاهه كأنّه على وشك أن يتكلّم، ثم ما لبث أن تنفّس الصعداء، ولوّح بيده:

ــ "حسنًا... فهمت. انصرفوا."

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الذكريات التي انهمرت بعد انهيار السدّ قد رُتّبت على نحوٍ ما... لكنّها لا تشفي علّة الروح.

ما إن أفاق (ديون هارت) من سُباته، حتى انغمس بجنونٍ في جمع المعلومات.

وكيف يستقيم الجسد إن كانت النفسُ في اضطراب، حتى الطعام هجَره ولم يُعد له بالٌ؟

نعم، دموع الدم قد توقّفت، ونوبات التقيّؤ قلّت، لكن الحُمّى التي كبَحها الملك عادت بقوة ما إن استعاد وعيه.

طَفّ

تقطّر العرق البارد من جبينه، لكنه لم يعبأ، بل ترنّح بخُطاه، حتى بلغ بابًا عظيمًا في طابقٍ ما.

موضعٌ زاره من قبل، وهو المكان الذي جُمعت فيه سجلات (ديفيلانيا) و(إيديليا)، قائدة الفيلق الرابع.

ــ "افتحوا."

ــ "سيّدي (ديون)؟"

ــ "فورًا!"

خرج صوته أشبه بزئير وحشٍ، لا صوت آدمي.

أي روحٍ هذه تسكن جسدًا واهنًا، شاحب الوجه، يرشح عرقًا كالماء؟!

إنه غير الذي عهدناه. ألعلّ الألم استثار فيه الغضب؟ أم هو الوعي الثقيل بالواقع؟

فما كان من الحرّاس إلا أن سارعوا بفتح الباب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شرح النص:

في بداية المشهد، يُعلن عن اختفاء القائد ، ما يخلق حالة من القلق والتوتر في صفوف "فرقة الشياطين القاتلة". رغم أن هذا الاختفاء سمح لبعضهم بالانسحاب من ساحة المعركة مؤقتًا، إلا أن أحدًا لم يشعر بالراحة. الفرقة مجتمعة في فناء خلفي، يخيّم عليهم الإحباط، وهم يتساءلون بسخرية حزينة عن مكان القائد وما إذا كان يتناول طعامه جيدًا.

وسط هذا الغموض، يتدخل أحد الأعضاء، "كليتر" ، ويقترح أن يتبعوا أوامر الإمبراطور مؤقتًا حتى يعود القائد الماركيز، خاصة بعد اختفاء البطل أيضًا.

ينتقل النص بشكل مفاجئ إلى محور درامي أكثر حدة: ديون هارت (Daemon أو Demon) ، يعاني من حالة صحية حرجة. فقد تسببت ذكريات ماضية مؤلمة، كانت قد فُصلت عنه قسرًا، بضغط نفسي هائل، تفاقم ليصل إلى حدودٍ جسدية خطيرة: حمى شديدة، سعال دموي، وفقدان للوعي .

تم نقله إلى عالم الشياطين لإنقاذه، وهناك تظهر شخصية "ليرينيل" ، التي حملت ديونهارت من الثلج وهي تبكي، ظنًا منها أن وصوله إلى قلعة ملك الشياطين سيحل كل شيء. لكنها تصطدم بالعجز الكامل، فلا يمكنها سوى تبريد جسده وتعويض دمه، دون القدرة على استخدام السحر بسبب الحظر المفروض.

حين يزداد الوضع سوءًا، يصل ملك الشياطين حاملًا أعشابًا طبية من ملك الجنيات، آملاً أن تساعد ديونهارت على التعافي. رغم سكونه الظاهري، يمكن استشعار توتره وقلقه. بن، الطبيب، يحاول جاهدًا تخفيض الحمى، لكن الأدوية لا تُجدي نفعًا، وديونهارت لا يستطيع ابتلاعها، ما يضطر الملك إلى اتخاذ قرار غير عادي: التضحية بـ90% من قوته السحرية في محاولة لتغيير "مصير الموت".

هنا يبرز البُعد الفلسفي: الموت ليس مجرد توقف بيولوجي، بل جزء من قدر، والملك يتحدى هذا القدر بدفع ثمنٍ باهظ.

بعد أن ينجو ديونهارت، يبدأ الملك مرحلة الاستشفاء النفسي، ويسأل الجنرالات: "من هو الشيطان الذي يثق به ديونهارت أكثر من غيره؟"

لكن المفاجأة كانت صادمة: لا أحد يجرؤ على الادعاء بذلك . رغم حبهم له، إلا أن ديونهارت كان دائمًا يضع "جدارًا غير مرئيًا" بينه وبين الآخرين. حتى أقربهم يعترف: "ربما كنت أحبه كثيرًا، لكني لا أظن أنه كان يثق بي." وهذا يعكس عزلة ديونهارت النفسية رغم محيطه الممتلئ بالناس.

رغم نجاته الجسدية، فإن ديونهارت لا يمنح نفسه راحة. يستيقظ ويبدأ فورًا بالبحث عن المعلومات، غير مبالٍ بحاله المتدهورة، متعرقًا، يترنّح، ويطرق باب الأرشيف بعنف طالبًا فتحه.

2025/05/07 · 66 مشاهدة · 2018 كلمة
نادي الروايات - 2025