رغم الذهول الذي اعترى الجميع، إلا أنّ النبلاء أبدوا صمتًا مُطبقًا، وكأنّهم اتفقوا ضمنًا، بينما اعتدل الإمبراطور في جلسته، متقاطع الساقين، وأسند مرفقيه على مسندي العرش.
خرج صوت خافت يقول: "همم… أتُراك تشير إلى أن "جيم" هو الجاني؟"
قال آخر، بأسفٍ شاحب: "عذراً ولكنها تُراودني فكرة متمردة تزحف لذهني، مفادها أنّ لو لم يسعَ جلالتك لغزو عالم البشر، لما تدخل عالم الشياطين أصلًا. حتى لو لم تتغير مجريات المستقبل، ولو استمرت الحرب مع الشياطين، لكان الوضع أقل كارثية. ما كان للجنود أن يُستنزفوا في حرب طمع. ثم، ألم تقع مؤخرًا حادثة الانفجار الهائل المرتبطة بـ(ديون هارت)؟"
كان الإمبراطور يُصغي حتى تلك اللحظة بهدوء، لكن ما إن سُمع ذلك الاسم حتى ارتفعت نظرته فجأة، أما النبلاء الذين راقبوا الموقف بقلق فشهقوا وابتلعوا أنفاسهم.
فاسم "ديون هارت" من الأسماء المحرّمة على مسامع الإمبراطور، فمن ذا الذي تجاسر على النطق به؟ أي جُرأة نمت في كبده حتى تحدّى الصمت المفروض؟
لكنّ ذاك النبيل الجريء، وكأنّه لم يشعر بدهشة من حوله، تابع كلماته ببرود: "قبل أن يذكُر جلالتك، كان في خاطري سؤال وددتُ طرحه منذ زمن."
"..."
"هل كان جلالتكم يعلم أنّه القائد الأعلى للفيلق الصفري؟"
سواء علم أم جهل، فالمصيبة واقعة.
توجّهت أعين النبلاء نحو الإمبراطور، كأنها تطالبه بجواب. في تلك اللحظة، ما كان هنالك فرق بين ملك ونبيل.
"لا أحد هنا يقف في صفي."
"…جلالتك."
"وهل يُغيّر الأمر شيئًا الآن؟ مهما كان جوابي، فلن تتبدّل الحقيقة. أليس الأجدر بنا أن نركّز على حماية الإمبراطورية من الشياطين، بل وعلى صون العالم البشري بأسره؟ أتمنى أن يكون ولاؤكم موجهًا نحو الحرب."
كلماته لم تكن خاطئة، لكنها كذلك لا تُبطل خطاياه، ولا تمحو الأسئلة التي طُرحت.
ولا سيّما في ظل النزاع القائم حول إرسال النبلاء إلى الحرب وتجريدهم من القليل المتبقي من جنودهم الخاصّين، فهذه مسألة لا يمكن التغاضي عنها.
قال أحد النبلاء، مخاطبًا الإمبراطور: "كيف يسكت جلالتك، في حين أن الحدّ الأدنى من القدرة على حماية عائلات وأراضي خدمك على وشك أن يُنتزع؟ إحدى ذرائع دعم (رويشه) هي نفسها تصريحات (ديون هارت)، فلماذا طلبت منّا نحن فقط، نحن النبلاء، أن نُضحّي؟..."
فقاطعه الإمبراطور، بنبرة متمهّلة: "هل تأذنون لي أن أحمل السيف بنفسي وأخرج إلى الميدان؟"
كلمات النبيل لم تكن باطلة. لقد أفصح ديون هارت عن كونه قائد الفيلق الصفري، ما يعني ضمنًا أن الإمبراطور كان على علمٍ بالأمر. وقد وصف الإمبراطور بأنه رجل لا يُوثق به ، فصارت كل الأنظار في القارّة ترصده، تتحرى كل خطوة، وتراقب أنفاس إمبراطوريته.
وهكذا، صار من المستحيل تجاهل حلفاء الإمبراطورية، حتى لو من باب الحنكة، وكان هذا أيضًا جزءًا من خطيئة الإمبراطور. وفي مثل هذه الحال، بدا من الجَوْر نزع آخر جند من جنود النبلاء.
{م.م: الجَوْر= الظلم، من غير الإنصاف.}
'لكن..'
مال الإمبراطور برأسه جانبًا، كمن يتباهى بما يملك.
قال: "لقد سألتُ: أتسمحون بأن أُشهر السيف بنفسي وأخوض المعركة ضد الشياطين؟"
"..."
"لقد دفعتُ بكل ما أملك من جند إلى هذه الحرب. لم يبق لي أحد أرسله."
"...لكنك تملك جنودًا في القصر، أليس كذلك؟"
ردّ بحدة: "هل ظننتموهم حرّاس أمتعتي أم هذا القصر؟"
حتمًا لا.
فثباتهم لا يعني أنّهم غائبون عن رقعة الشطرنج. إنهم بيادق مترقّبة، صامتة، تنتظر دورها. هؤلاء في حالة حرب دائم، يتهيّأون للانقضاض ساعة النداء.
لقد زجّ الإمبراطور بكل أوراقه في ساحة القتال.
"ما تبقّى لي هو هذا الجسد، فهل أخرج به الآن لأقاتل بنفسي؟"
"..."
"أم أنّكم تطلبون منّا أن نُعهد للدول الأخرى بأدنى حصن يحمي الإمبراطورية، في وقتٍ لا نعلم فيه متى سيهاجمنا الشيطان، ولا من أين؟"
كلمات قاسية لمن أراد نزع ما اعتُبر آخر خط دفاع، لكنها خرجت من فم رجل يعرف تمامًا ما يسعى لحمايته، ويؤمن بأهميته الفائقة.
"أسألكم فقط: هل معارضتكم هذه لأجل حماية الأراضي؟ متى طلبتُ منكم أن تتخلّوا عن أراضيكم من أجل الإمبراطورية؟ الجنود الذين جمعتهم منكم، سأستخدمهم لحماية أراضيكم."
"لكن إن فعلتَ، فلن تحتاج إلى جنودنا أصلاً..."
"خطتي هي نشر القوات على امتداد كل الأراضي المحاذية للحدود، لنتدخّل فور الإبلاغ عن أي صدام مع الشياطين. في الواقع، سيكون صدّهم أيسر مما لو كنتم وحدكم تتولّون الدفاع بفرقكم الخاصّة."
تباينت الوجوه بين مرتاحٍ وساخط.
أولئك الذين تقع أراضيهم عند الحدود بدا عليهم الرضا، بينما الذين يسكنون أعماق البلاد أظهروا امتعاضًا. لكن الإمبراطور لم يُعر وجوههم التفاتًا، وأكمل: "وبالطبع، ما إن تنتهي الحرب، فسنعيد إليكم جنودكم."
وإن كانت تلك حكاية لا يدوم صدقها إلى الأبد.
كتم شكوكه في صدره، وعاد إلى صُلب الحديث. فآراء النبلاء لم تكن سوى زينة على هامش المجلس، لا يعتد بها إن جاءت على غير هوى. لا سيّما حين تكون رجع صدى لغضب.
أويُظَن أن الطاغية يُدعى طاغية عبثاً؟
"فلنُرسل إلى (رويتشه) جيشاً من السُّوقة والفقراء. ولهذا الغرض، أنوي ملء القاعدة العسكرية بجنودٍ من صنائعكم. لا تقلقوا، سأضعكم حيث يليق بكم لحماية 'الديار'."
{م.م: السوقة (مفرد: سوقيّ) بمعنى عامة الناس، .}
"لكننا لم نوافق بعد..."
"سأمتثل بكل سرور يا مولاي."
"مارغريف أميابل!"
وها هم بعض النبلاء قد رضخوا، وكأن الأمر قد قُضي.
ابتسم الإمبراطور ابتسامة باهتة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما إن انفضّ الجمع، حتى قصد الدوق بلاط الإمبراطور.
"لقد تجاوزت العاصفة بسلام."
تقلّبت عيناه كمن يُثني ويُعجب.
فالسؤال عن القائد ديون هارت وفيلقه الصفري، كان كالسهم المصوَّب إلى قلب الإمبراطور. سؤالٌ لا تُجدي فيه إجابة، إذ كلا الطريقين يقودان إلى هاوية.
لكن الأمر قد غمره سياق الحديث، كما شاء له الإمبراطور.
"إلى متى نُخفي الحقائق؟ النبلاء ليسوا بالسُّذَّج. نعلم أن السلاح لا يُرمى بعد أول زلّة. فلا أحكم على سيفي بالبَطَل لمجرد أنه أخطأ الضربة."
سأخبّئه خلف ظهري، وأنتظر الفرصة من جديد.
قطّب الإمبراطور حاجبيه، وحدّق في الدوق نظرةً فيها من الضيق ما لا يُخفى.
"ماذا غايتُكَ مِن القول؟"
"لا يزال في الوقت متّسع."
"...قهوة مثلجة."
اطلبوا منه أن يُسلّم العرش إليك، بوصفك الإمبراطور.
"أرجوك، سلّم على الأقل زمام السلطة."
يا لسخرية الموقف، حتى في زمن الوهن هذا، ما زال الناس يتهافتون على السلطة.
ضحك الإمبراطور ضحكة من سمع سُخفاً لا يُطاق، لكن الدوق أكمل: "لابد أن التعب قد نال منك."
"..."
"والآن، بعد أن أُغدقت على النبلاء الأسباب، لن يأتي إلا ما يُنهِك الجسد ويُضني الروح. هلاوس سمعية، وأوهام لا تهدأ..."
عادت عيناه الأرجوانيتان إلى موضعهما، بعد أن سارت مع نظرة الإمبراطور في الهواء.
"كلما تفاقم الأمر، ازداد سوءاً، ولا أمل في الشفاء."
"...ستعيش دهراً، ما دام همّك مَتاتي."
{م.م: هذه جملة تهكمية ألقاها الإمبراطور ردًّا على الدوق الذي كان يطالبه بالتنحي والتفرغ للراحة بسبب إرهاقه المتزايد. ظاهر كلام الدوق يوحي بالشفقة، لكنه في الحقيقة يحمل تلميحًا لضعف الإمبراطور العقلي وتدهور صحته النفسية، ما يجعله غير مؤهل للحكم.
جاء ردّ الإمبراطور ساخرًا ليقلب المعنى رأسًا على عقب، فيقول باختصار:
"...ستعيش دهراً، ما دام همّك مَتاتي."
"هل تنتظر أن أتحمل عنك مسؤولياتك أو أن أهتم بأعبائك التافهة؟ هذا وهم."
العبارة تعبّر عن ازدراء الإمبراطور لمقترح الدوق واتهامه المبطن، وتذكّره بأن السلطة لا تُمنح لمن لم يعد أهلًا لها، ولا تلتفت لحِملِ من تعثر في مسؤولياته.}
"ما الذي تعنيه؟ لطالما كنتُ مشغولاً بأمر جلالتك. فهلّا تنحيت قليلاً، وأخذت قسطاً من الراحة؟"
قهقه الإمبراطور بسخرية مَن سمع نكتة سمجة.
"أتطلب مني أن أُسلّم مقاليد الحكم لمن عجز عن حماية داره؟ مضحكٌ والله."
"..."
فلقد سُحقت قوات الدوق تحت ضربات الجيش الثوري. فهل هذا تبريرٌ كافٍ إن لم يقدر حتى على مؤازرة الحرب؟
في بادئ الأمر، ظنّ الإمبراطور أن الدوق يحتال ليوفر جنوده، لكنه ما لبث أن اكتشف بعد التحقيق أن حال قواته يُرثى له.
"نعم، لقد تعثرتُ وسقطتُ بسبب تلك الغطرسة."
تبدّلت ملامح الدوق، إذ أُهين كبرياؤه، لكن الإمبراطور لم يعبأ، بل استرسل في حديثه: "وأنت، ألستَ من تسبّب في الحال الذي بلغناه؟ كيف تجرؤ أن تتظاهر بالبراءة؟"
"عما تتحدث؟"
"مَن سواكَ يجرؤ على قتل (كرويل هارت)؟"
ويا للخيبة، أن تنتشر الإشاعة بأن (ديون هارت) قتل (كرويل هارت) قبل أن ينكشف أمره كعدو. لقد كانت إشاعة مدروسة، ولم يخفَ على الإمبراطور من أشعلها.
"أغلب الظن أنهم أَرْدَوْه قتيلاً أمام (ديون هارت). فلا غرابة أن يصاب بالجنون."
"...آهاه، جلالتك."
كانت إصابة بالغة، لكن الدوق ضحك من جديد.
"كنتَ تعلم، ومع ذلك آثرت الصمت."
"..."
"أفهمك. حان وقت الاتحاد ضد عدو واحد. فإن انكشفت الحقيقة، انقسمت الإمبراطورية على نفسها."
وثقة الدوق لا تأتي من فراغ، فهو يعلم أن الإمبراطور لن يفشي هذا السر. فهز الإمبراطور رأسه بامتعاض.
وكان الدوق مُحقاً؛ فالشقاق بين أبناء الإمبراطورية خطرٌ بذاته، وقد يمتد ليهزّ تحالفات الدول أيضاً.
لذا آثر (إدواردو ديزرت) أن يصمت كإمبراطور، وأن يشيطن (ديون هارت) على الملأ، ويتفق الجميع على كونه العدوّ المشترك.
"...لكن صمتك لا يُسقط إثمك."
"ما لم يُكشف فهو لا يُعدّ إثماً."
"يا له من قول شنيع. إن لم يكن أمراً يمكنك إخفاؤه ما حييت، فبأي قلب تُصدق ما تقول وتثق به كل هذه الثقة؟"
ابتسم الدوق ابتسامة خبيثة لهذا التعليق اللاذع.
"أشعر بالحزن، يا مولاي، لأن جلالتك منشغل البال بـ(سوشين)، ولا أدري ما أفعل، غير أنني، والحق يُقال، أكثر قلقاً عليك أنت. أؤكد لك أنك ستظل في منصبك، وأرجو من كل قلبي ألا يجرّك الوهم إلى هاوية لا خلاص منها."
"شكراً على كلماتك الطيبة."
ولأن لا أحد يحيط بهما، تَبادَلا الكلام اللاذع بغير تحفظ.
أنهى الإمبراطور الحديث بتجاهل سخرية الدوق اللاذعة، وأدار له ظهره، منصرفاً.
وفي طريقه إلى الديوان، وصله خبر مؤلم من السائق الذي جاء يحمل التقرير الثاني عشر.
"...أعد ما قلت، ما شأن الفرسان الأشراف؟"
{م.م: تم تغيير الاسم من "الفرسان النبلاء" إلى "الفرسان الأشراف"، وهم فصيل (ديون هارت).}
"القتلة، لا، أقصد الفرسان الأشراف... فرّوا أثناء الترحيل."
"...أخيراً."
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السماء، كعادتها، زرقاء هذا اليوم.
رفعت بصري إليها، حيث النسيم العليل يعبر فوق ساحة يغمرها الدم، ثم خفضت رأسي إلى أفراد الوحدة القتلة المتجمهرين أمامي.
{م.م: على الرغم من اسمهم رسميا هو "الفرسان الأشراف"، إلا أنهم برضو معروفين بـ"أفراد الوحدة القتلة" للناس لأنه معروفين بجنونهم في القتل وكذا في حرب الثمان سنوات. وهم فصيل (ديون هارت).}
لم تقع معركة، لكن النظرات الحائرة تتقاطع، وكل منهم يتساءل عن سبب هذا التجمّع المفاجئ.
قلت بصوت خافت:
"أريد أن أسألكم عن أمر."
جاء الرد فوراً:
"من أنت؟"
"أين مكانك؟!"
"هل أدفنه بعد أن أقطع رأسه، أم أدفن الرأس وحده بترتيب أنيق؟"
كل فرد من أفراد الوحدة القتلة أطلق سؤاله وعيناه تلمعان بفضول مريب. ساد الصخب سريعاً، فصمتُّ للحظة.
ولما هممت أن أرفع صوتي كي أُعيد النظام، دوّى صراخٌ من أحد الجوانب:
"يا لُكم من أوغاد! هذا ليس السؤال المناسب!"
"...إذن ما هو؟"
استدار (كليتر) ليرى من تكلّم، فجاء السؤال بأدب:
"كم عددهم؟"
"آه، هكذا إذًا!"
آه- ماذا...
كان واضحاً أن النقاش لن يبلغ غايته بهذه الفوضى، فبادرت بالكلام مباشرة:
"سمعتُ أن بعضكم يتناول الحبوب حتى في غير أوقات القتال."
{م.م: هذيك الحبوب حق قمع الإحساس، في الترجمة الإنجليزية كانت على أساس أنها "مخدرات"، وهي فعليّاً شبيهة بالمخدرات، تخليهم مجانين، صفر إحساس بالواقع.}
"آه..."
"يبدو أن ذلك الكلام صحيح."
"..."
ارتبك بعضهم، وأشاح بنظره في صمت.
تنهدت.
"كفّوا عن هذا."
"..."
"أتودّون الموت؟ أتحسبون أنكم لن تعودوا من هذا المكان؟ هذه وسيلة للبقاء على قيد الحياة في ساحة الحرب، لا لعبة نُسلي بها أيامنا."
في ميدان المعركة، الجنون سيدُ الموقف: أنا مجنون، وأنتم مجانين، وكل ما حولنا فاقدٌ للعقل. لذا، قد تمرّ الحبوب دون أن يلحظها أحد. لكن الحياة اليومية ليست كذاك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تحليل لبعض أجزاء الفصل:
🔹 أولاً: حوار النبلاء مع الإمبراطور
السياق:
بعد سلسلة من الإخفاقات العسكرية، والاتهامات المتزايدة حول قرارات الإمبراطور، بدأ النبلاء بالتعبير عن غضبهم وشكوكهم، خصوصًا فيما يتعلق بشخصية غامضة تُدعى "ديون هارت"، وقضية تورطه كقائد الفيلق "الصفري" السري.
أهم محاور الحوار:
الاتهام غير المباشر : أحد النبلاء يلمّح بشجاعة نادرة إلى أن السبب في تدخل عالم الشياطين ربما يعود لقرار الإمبراطور بغزو العالم البشري. هذا يعني ضمنًا أن ما يحدث هو نتيجة مباشرة لسياسات الإمبراطور.
ذكر اسم محرّم: "ديون هارت" هذا الاسم محظور أمام الإمبراطور، وذكره يثير صدمة في القاعة. لكن النبيل يتجاهل ذلك ويواصل طرح السؤال المهم: "هل كان يعلم الإمبراطور أن ديون هارت هو قائد الفيلق الصفري؟" السؤال في غاية الخطورة، لأن:
إذا كان يعلم ، فهو متواطئ.
وإذا لم يكن يعلم ، فهو غير كفء.
رد الإمبراطور الغامض والماكر : يحاول التملص بقول إن السؤال خارج عن جدول الاجتماع، ويحوّل الحديث إلى أولوية حماية الإمبراطورية. لكنه لا يجيب بوضوح، ما يزيد الشكوك ويترك التهمة معلقة.
قضية الجنود الخاصين بالنبلاء : النبلاء يعارضون تسليم قواتهم الخاصة للدولة، لأن ذلك يعرّي أراضيهم من الدفاع. لكن الإمبراطور يرد بخطة ذكية:
سيستخدم هؤلاء الجنود لحماية أراضيهم نفسها .
سيعيدهم بعد انتهاء الحرب. هذا الرد يقسم النبلاء إلى فريقين:
من هم على حدود الشياطين ويشعرون بالارتياح بالخطة.
ومن هم في أماكن آمنة ويخشون فقدان سلطتهم.
القرار النهائي : رغم المعارضة، فإن نبيلًا واحدًا (مارغريف) يوافق علنًا، مما يعطي الإمبراطور ذريعة للمضي في قراره، ويُظهره كقائد مسيطر.
🔹 ثانيًا: نوايا الدوق
خلفية:
الدوق يلتقي بالإمبراطور بعد الاجتماع، ويبدو من حديثه أنه ذكي، سياسي مخضرم، لكنه طامع في السلطة .
نواياه الأساسية:
التظاهر بالقلق على الإمبراطور : يتحدث عن تعب الإمبراطور، عن الهلوسات التي يعانيها، وكأنه يدعوه للتنحي من باب الشفقة والرعاية.
مطالبته بالسلطة : يقترح بصراحة:
"أرجوك، سلّم على الأقل زمام السلطة." لكنه يخفي طموحه خلف ستار المصلحة العامة.
محاولة الضغط بورقة "ديون هارت" : يعلم أن الإمبراطور يتستر على حقيقة مقتل "كرويل هارت"، وأن الدوق قد يكون المتسبب فيها. يستخدم هذه الحقيقة كورقة مساومة، معتمدًا على أن الإمبراطور لن يفضح الأمر حرصًا على وحدة الإمبراطورية.
الثقة المفرطة : يقول باستخفاف:
"ما لم يُكشف فهو لا يُعدّ إثماً."
ما يعكس غروره واعتقاده بأنه خارج دائرة المحاسبة.
🔚 خلاصة التحليل:
الإمبراطور في موقف حرج، يحاول الحفاظ على صورته القوية رغم الشكوك والتحديات، ويستخدم دهاءه السياسي للخروج من المآزق دون إجابات مباشرة.
النبلاء منقسمون، لكنهم بدأوا في إظهار التمرد، خاصة عندما يشعرون بخطر شخصي على ممتلكاتهم.
الدوق يمثل تهديدًا خفيًا: فهو منافق، متلون، يبتسم في وجه الإمبراطور ويطعنه بالكلمات المبطنة. يطمع في السلطة باسم القلق على الإمبراطورية.