م.م: السلام عليكم، وأهلا بكم يا جماعة. بإذن الله تكونوا بخير. عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير، أما بعد: فأريد أعلمكم أن طول الأسبوع القادم من 2025-06-08 حتى 2025-06-12 حكون مشغولة ومش حنشر فصول فذا الوقت، أتمنى تتفهمون،
شكرا لك يا أحبتي في الله على دعمكم المتواصل لي، أراكم الأسبوع الي بعده، والحين استمتعوا. 🌺
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[إنهم ورقة أُهملت. قوة لا يستطيع السيد أن يتحمّل وزرها، ولا قوة يمكن إنقاذها. إذ إن الذي اتّخذ القرار وأصدر الأمر ليس سوى جيم نفسه، فكان لزامًا أن يتحمّل تبعات ما جرى بعد ذلك، كلها على عاتقه.]
كلّ شيء، من موت الجنود البسيط إلى ما يُثقل كاهل القائد من ضغوط نفسية، كان يقع عليه.
[وذلك يعني أنّه ليس ميدانًا يصلح أن يتدخّل فيه قائد عادي.]
الانهيار تحت وطأة المسؤولية يكفي وحده.
إن كان ثمة ما يجمع بين السيد والفارس، ولو علمت أنّ الأمر سينتهي على هذا النحو، لجمعتهما في حضرة واحدة، وقُلت ما عندي دفعةً واحدة، دون أن أكرّر القول.
لين، التي لم تكن تعلم أنّ الإمبراطور كان يفكّر في شخصٍ لم يعد من الأحياء، أطرقت رأسها بصمت. تلك الكلمات التي عجز لساني عن نطقها، لأنني لم أجرؤ أن أُخالف الإمبراطور، علقت في حلقي كالشوك.
"نعم، يا جلالة الإمبراطور."
أن تُحمِّل غيرك البغض والكره، فذاك بعيدٌ كل البعد عمّا يجب أن يكون عليه الفارس.
التنصّل من المسؤولية لا يليق بفارسٍ شريف. فهل بوسعنا أن نزعم بملء أفواهنا أنّ أولئك الذين أُهملوا يستحقون الموت حقًا؟
الملك، وقد أعماه الغضب، سيبيد الجنود المتروكين. ولين راينر وحدها من ستعود. والإمبراطورية ستسعى إلى استغلال ذلك لتبرير آثامها. وبموتهم، تُحفظ الحلفاء وتُمدّ جسور التحالف.
أغمضت لين عينيها بشدة.
'ليتني لم أعلم.'
الإمبراطور لم ينبس ببنت شفة. فقط أمرني بالرحيل.
لقد كان عقلها، وقد تشرّب علوم النبلاء وتربّى على الحكمة، هو من أدرك الحقيقة.
'لقد أُهملوا لأنهم لم يشكّلوا خطرًا عليّ، ولأن الوضع السياسي قد انقلب على نحوٍ لا تُجنى فيه الفائدة إلا بموتهم.'
أحقٌ على الفارس أن يُعرض عن الذين دُفعوا إلى حتفهم المحتوم؟
جاء الجواب سريعًا.
قالت لين، وهي ما تزال تبسط معصمها:
"إن أذنت لي بحمل السيف، فلترَ معصمي هذا أمام عينيك."
عليّ أن أحيا. سنُنقذك، نتحمّل تبعاتك، ونعيدك إلى حضن الإمبراطورية.
"...هكذا فقط. "كي نجد مبررًا للإمبراطورية.""
ملك رويتشه، وقد بدا عليه الذهول للحظة، مرّر يده على وجهه المتعب.
بفضلك، برد رأسي. فمهما كان الغضب عظيمًا، ومهما كان دعم الجنود شحيحًا، فإنه لا يُقبل البتة المساس بمن جاؤوا باسم 'الدعم'.
لوّح بيده وقد بدت عليه آثار الإنهاك.
"عُودي وأخبريهم أن الحلف قد انكسر. وإن بقي فيكم شيء من ضمير، فلا حاجة للمزيد من الكلام في هذا القرار."
"..."
"أعتذر إن أفرغت عليك غضبي بشكلٍ أرعن. لكن، في المقابل، أعدك بأن رويتشه لن تميل يومًا إلى عالم الشياطين، فابذلي(وا) ما بوسعك(م). سأظل أراقبك(م)."
{م.م: ممكن قاعد يخاطب في الأخير لين، أو الإمبراطورية كاملة.}
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما ظننته يستغرق شهورًا حُسم أسرع مما توقعت.
كان من العسير لقاء الكاهن في البداية، لكن دان لم يبخل باستعمال معارف غير متوقعة، وموارد من أعلى السلم، وأقنعهم بدهاء لسانه.
دان، الذي فرغ لتوّه من لقاء آخر كاهن وأبرم عقد توزيع أوراق التمائم، جلس يدعو بهدوء وهو يرتّب المكان.
"هل ثمة تعويذة تكبح قدرات الشياطين؟"
بعد كل ذاك الحديث، أعطاني ديون هارت مهمّة كأنها عرضية، لكن من كان يدري أنّها ستكون الأصعب؟
طرحت السؤال ذاته على كل الكهنة الذين التقيت بهم، فاكتفوا بهزّ الرؤوس، ولم يأتِ أحد منهم بجواب شافٍ. لذا أعاد دان السؤال هذه المرة، دون أي أملٍ يُذكر.
"بقدرات... هل تقصد السحر؟"
عاد السؤال ذاته، كما قاله غيرهم.
أومأ دان بكتفيه وأجاب:
"لست أدري. لو كان سحرًا، لقال صاحب الطلب ذلك صراحة."
"إذن تقصد تميمة تُقيّد كافة قدرات الشياطين، حتى الجسدية منها."
أومأ برأسه مؤكدًا.
وكما العادة، كان ينتظر أن يسمع: "لا أعلم." لكن الشيخ الجالس أمامه، الذي قيل إنه كاهن إمبراطوري سابق، انتفض وكأن في الأمر عجبًا.
"إن كنت تقصد تلك التميمة... لا أعلم من زبونك، لكني أود أن أسألك: كيف علم بها؟"
"...أتعلم شيئًا عنها؟"
"ثمّة تميمة وُهبت لمُحارب ورفاقه في رحلة طويلة لإبادة ملك الشياطين."
"..."
كما هو متوقع، لم تكن مسيرته ككاهن إمبراطوري لتذهب هباءً. جلس دان باعتدال وأصغى جيدًا.
"كان بين رفاق المحارب أُناس ليسوا من 'الأبطال' الذين يحملون الشظايا، لذا احتاجوا إلى بديل."
"...أتقصد أن التميمة كانت ذاك البديل؟ لقمع قدرات الشياطين؟"
"نعم. والحق يُقال، لا فائدة لها في عالم البشر، لذا لا يستعملها إلا الأبطال ورفاقهم، وقد شارف وجودها على الانقراض. كيف علم صاحبك بها؟..."
لأن "السيد" سبق أن كان من رفاق أحد الأبطال.
ولهذا قال أن أبحث عن تميمة تكبح "القدرات"، لا "السحر". كتمت إعجابي في صدري، ونطقت بهدوء:
"ربما ظلّ البطل أو رفاقه أحياء، فذاع الخبر من بعدهم."
"ذلك محال... فقد مُنحت لهم دون علمهم. أُخفيت في حمالة الكتف."
"...؟"
فكيف عَلِم السيد بحقيقتها إذًا؟
تتزاحم الأسئلة، لكن أمامه رجل حاضر الآن. فتحكّم دان بتعابير وجهه وأجاب باحتراف:
"قلتَ إنها لا تنفع في عالم البشر... هل لي أن أعرف السبب؟"
"ذلك لأنّ التميمة تفرض 'قيودًا عند الدخول إلى عالم البشر عبر الحدود' على كل شيطان ضمن دائرة شعاعها ثلاثة أمتار. وفي عالم البشر، تلك القيود مفروضة مسبقًا، لذا لا جدوى منها."
"...إذن لا تنفع إلا للأبطال ورفاقهم."
فلولاهم، لما جنّ أحد وسافر إلى عالم الشياطين ليجابههم.
لكن الكاهن هزّ رأسه ببطء.
"في الواقع، لا جدوى منها أمام الأبطال، وخاصة أولئك الذين يحملون في أرواحهم شظايا المحاربين. فبالنسبة للمحارب، ليست سوى ورقة لا وزن لها."
"...إن الأمر مختلف عمّا كان عليه في السابق، لماذا...؟"
"كل القيود التي تُكبّل قوى الشياطين تُرفع حين يتعلّق الأمر بقوة المحارب. بعبارة أخرى، لا فائدة لها سوى لأولئك من زملائك الذين لا يُعدّون من 'الأبطال'. لكن، حتى لا يشعر أحدهم بالإقصاء أو بالتمييز، نخفيه ونعلّقه على حمالة الكتف كأنّه زينة."
كانت حكاية تسترعي الانتباه.
وبينما كان يستمتع بشعور الحفيد الذي يُنصت لحكايات الجد، عاد "دان" إلى مهامه، يجمع ما تفرّق من معلومات، مطيعًا كخادمٍ يلبّي أوامر سيده التاجر.
"فلا حاجة إذًا لهذا التميمة، حتى وإن وُزّعت. ففي هذا النزاع القائم، يصعب علينا صدّ جيش ملك الشياطين عن بلوغ عاصمة الإمبراطورية، ناهيك عن التقدّم نحو عالم الشياطين ذاته."
وإن تبدّلت الأحوال، فلربّما وجب علينا حينها إعادة النظر في الأمر. لنأخذ إذًا ما أمرنا به السيّد من التمائم، ولنُنجز ما علينا.
"هل لي بحُزمة من هذه التمائم؟ وسأدفع لك ثمنًا يرضيك، بلا شكّ."
"...هذه التميمة صعبةُ الصنع للغاية، حتى أن صناعتها تتطلّب جماعة من العرّافين/الشامان. وتطلبُ منّي 'حزمة'؟"
"هكذا هو الطلب."
ألهذا الحدّ كانت ثمينة؟ آدرك السيّد هذا حين أمرني بها؟
لكن، ليس من شأننا أن نُخفق في المهمّة لهذا السبب وحده. عبس "دان" قليلًا وهمس:
"أما من سبيل؟ إن شئت، بوسعي أن أصل بينك وبين عرّافين/شامان آخرين."
"ما لم أقم بالأمر وحدي... فكم من الوقت أحتاج لتسليمها؟"
"أسبوع؟"
"..."
"...عشرة أيام؟"
"...حسنًا، لحسن الحظ لديّ بعضها من صنعٍ قديم... سأحاول استكمال العدد في غضون أسبوعين، فامنحني هذه المهلة."
لقد نمتُ جيدًا لمدّة أسبوعين.
تنحنح "دان"، وحرّك بصره بعيدًا، كأنّ همسًا داخليًا يجلده تأنيبًا لا يدري سببه.
"إذن، أوكلك بالأمر."
أسبوعان... مهلة لا تُناسب رحلة ذهابٍ وإيابٍ إلى عالم الشياطين. فلنستغلّ الوقت هنا ونغص في هذا العالم البشري كما نشاء.
رغم تكرار زياراتهم لعالم البشر، إلا أنّ من عاش فيه طيلة عمره لن يكتفي ببضعة أيام.
"هناك أيضاً قرية اِبتغيتُ أن أُضرِمَ النار فيها."
خرج "دان" بخطًى وئيدة كمن وجد لنفسه عذرًا، والشمس تُلقي عليه دفئها رغم قسوة البرد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[شكرًا لك.]
[لقد كان عملًا مُقابل أجر، ومع ذلك، أرجو ألا يُطلَب منّي مثل هذا مجدداً. فليس لي طاقة به مرّتين.]
[هاها.]
[...أعتقد أنه لا جدوى من المزيد الكلام. رجاءً خذ هذه.]
[أليست هذه... حلوى؟ لماذا...]
عاد "دان" إلى قلعة ملك الشياطين، وثيابه تحمل التمائم والحلوى، وطرق باب الغرفة التي كان "ديون" يقيم فيها، ثم مال برأسه مستغربًا.
'لا إجابة، ألعلكَ نائم؟'
وبما أنّه اعتاد الدخول دون إذن، فقد فتح الباب غير مكترث. لم يكن هناك أحد، غرفة فارغة تستقبله بصمتها.
'...أين اِختفيت؟'
ذاك الذي كان حضوره شبحًا في الغرفة، لا يُرى ولا يُسمع.
راح "دان" يتلفّت بين الأرجاء، يقدّر المواضع التي قد يذهب إليها، وإذ بعينيه تنجذب فجأة إلى النافذة، وجسده ينتفض، يهمس في ذهول:
"...ما ذاك؟"
في ساحة التدريب العامّة، كان جمعٌ من فرسان الموت الذين يكتنفهم الإحراج بوضوح. وذاك الواقف أمامهم، ما هو إلا "ديون هارت".
أما "إد"، فكان مختبئًا يتسلّل حوله في خفاء. اتكأ "دان" على حافة النافذة، يتأمّل المشهد في هدوء بوضعية أكثر أريحية.
"ماذا لو وقع حادثٌ بغض النظر عن المدة التي مضت منذ أن استقبلناكم؟ إن كنتم تتمنون الموت لهذه الدرجة فالأجدر بكم إخباري بوقت أقرب، لأفلتُّكُم عن أجسادكم بلا عناء."
"أيها القائد...العظيم دعنا نتحدث أولًا...!"
"اسم هذه الخنجر 'دايهوا'."
"اهدأ من فضلك..."
"واسم هذه الأخرى هو 'جينجين'."
"أتشكّ بنا إلى هذا الحد؟ اسمعنا فقط..."
"ثقة؟ هذا اسم خنجر أخرى. كيف عرفت؟"
"لماذا لديك هذا الكمّ من الخناجر؟ وما أسماء بقيّتها؟!"
"سرّ لا يُفشى حتى يُذكَر."
"وهذا يعني أنّك ستُخبرنا بها في كل حديث؟!"
"يا لكم من متغطرسين."
بكونهم هنا في المقام الأول، فيبدو أنّ الشيطان قد قبل بوجودهم، ولا عجب في أن ملك الشياطين قد قَبِل بذلك. فقد كانت القلعة تغرق دومًا في الكآبة، أما الآن فقد دبّ فيها نبض، كأنّما رُزقوا حيواناتَ علاجٍ نفسيّ.
ولكن،
"على غرار هذا يا زعيم! ما بالك تُكلّمنا بهذه الطريقة؟ لا أستسيغها!"
"حقًا! وكأنها مثل ستيغما... وكأنك صرت أشبه بالماركيز بريميرو! إنّنا نرتعد!"
"لو كنتم ترتعدون فعلًا، لما تجرّأتم على فتح أفواهكم هكذا أمامي."
"مهلاً انظروا إلى هذا! إنّه مخيف!"
ما هذا الشعور المريب؟
'لم يظهر بهذا الوجه أمامي من قبل.'
ومع هذا، كنتُ الأقرب إليه في عالم الشياطين.
ترنحت قليلاً، وتساءلتُ عن المدة منذ أن غمرني شرودٌ بسبب الحيوية التي شعرتُ بها من "ديون" غير المعهودة منه، حتى رفعت رأسي لا إراديًا، وصادفت نظراته.
وفي اللحظة ذاتها، رأيت الحياة تنسحب من عينيه، فأخفيت ابتسامة كادت تَطْفُر، وطأطأتُ رأسي.
{م.م: كادت تطفُر= كانت أن تُفلِتَ منه.}
'ما دامت أعيننا قد التقت، فحريّ بي أن أنزل وأبلّغه بتقرير المهمّة.'
استدرتُ، وفتحت الباب.