الفصل 16 : حكاية الأطفال ما قبل النوم

.

.

.

"استراحة؟ وهل أبدو لك ضعيف لهذا الحد؟ " : قال جوزيف ساخرا. ومع ذلك ، فإنه لم يشعر بأي نوايا سيئة من صاحب المكتبة، مما أعطى هذا الفارس العجوز انطباعًا أفضل عن هذا الشاب.

حتى أن لا مبالاة جوزيف بدأت تذوب بالتدريج، وشعر بميل نادر للدردشة مع صاحب المكتبة الشاب الذي تحدث إليه بشكل عرضي وعلى قدم المساواة، دون علمه.

ربما يعود ذاك لأنه ومنذ أن أصبح فارسًا مشعًا عظيمًا، فلم يعد قادرا على تذكر اخر من تجرأ على التحدث إليه بشكل غير رسمي.

نظرًا لأن صاحب المكتبة كان شخصًا عاديًا، غافلًا عن الحقائق من حوله ، فلم يجد جوزيف أنه بحاجة إلى الظهور كقائد وفارس عظيم.

هز لين جي رأسه وأجاب بصدق :"بالطبع لا! كل ما في الأمر... كما تعلم، هذا الطقس الكئيب في الأيام الأخيرة، من شأنه أن يؤثر على مفاصل المرئ. هل تواجه مشكلة في النوم؟ يبدو وجهك شاحبًا بعض الشيء ولا يسعني إلا الإعتقاد بأنك تجهد نفسك مؤخرا".

قد يكون الروماتيزم والأرق أكثر شيوعًا لدى كبار السن في مثل عمر هذا السن، علاوة على ذلك ، لاحظ لين جي أن يد جوزيف اليمنى كانت مشدودة بعض الشيء.

قد لا يكون ضعفه أمرا واضحًا جدًا، لكن لين جي كان بارعًا في مراقبة الأخرين، وبوسعه إدراك ذلك دون مواجهة أي صعوبة بالغة.

"هل لي أن أفترض أن هذا عائد إلى إرهاقك الناجم عن القلق حول مكان تواجد السيد وايلد؟": تنهد لين جي بشيء من الحسرة : "أنا سعيد حقًا أنكم تحظون بمثل هذه الصداقة عظيمة".

يد جوزيف اليمنى الميكانيكية التي كانت مغطاة بطبقة من الجلد الصناعي ارتعشت لوهلة وجيزة، مع تسلل شيء من الشك إلى عينيه.

كيف علم المالك بهذا… لا ينبغي أن تكون محض صدفة.

ولكن لم تبدو الكلمات "المفاصل" و "النوم" و "وايلد" معًا وكأنها تشير إلى شيء معين؟ وقوله ل "صداقة عظيمة" ألا يبدو غريبًا نوعًا ما؟

ومع ذلك ، كان جوزيف هو الذي أفاد سابقا بإنه كان أصديق جيد لوايلد منذ البداية.

بتعبير معقد بعض الشيء، قال جوزيف : "أنا لست من نوع كبار السن الذين يعانون مشكل في المفاصل مع رطوبة الجو، أنا أيضًا لا أعاني من الأرهاق بسبب هذه القضية... وكذلك لا داعي لكتاب، لم أحضر معي أي نقود هذه المرة".

سحب لين جي كرسيًا وجلس بينما كان يشاهد جوزيف يتجول حوله.

في أعماقه ، كان لين جي يهز رأسه. لقد عرف على الفور أن جوزيف قد يبدو خشنًا على السطح، ولكنه دافئ وحنون في أعماقه.

دفع لين جي فنجان الشاي الساخن نحو جوزيف وقال : "لا توجد أي رسوم مقابل قراءة كتب في متجري ولكن الأمل يقتصر فحسب على المقدمة، يمكنك شرب بعض من الشاي لتدفئ نفسك أولاً".

"كذلك، يمكنني المساعدتك في إبلاغ السيد وايلد بأنك تبحث عنه حين عودته لتسليم كتابه."

تناول جوزيف رشفة من الفنجان، لكنه لم يكن معتادًا على طعم أوراق الشاي هذه. بعبوس طفيف، هز رأسه وأجاب : "ليس هناك حاجة لذلك. سأغادر بعد لحظات بمجرد أخذ قسط من الراحة".

في ذات اللحظة التي عبس فيها، بدأ الألم الخفيف في رأسه يتفاقم مجددا.

اللعنة ، إن هذا يحدث مرة أخرى..

تحمَّل جوزيف الألم، وقام بتحريك كرسيه قليلا. مع تحويل زاوية جلوسه، سقطت نظراته على الكتاب الذي وضعه لين جي على الجانب الآخر من الطاولة.

ضاقت عيون جوزيف بذهول فجأة بعد أن واقع عنوان الكتاب نصب عينيه.

بذرة الهاوية؟

"صادف أنني كنت قد قرأ قصة الأطفال هذه، ووجدتها مريحة حقًا، وتدعو للإسترخاء. إنها حقًا مهدئ حقيقي للروح، ربما قد ترغب في تجربتها؟ أشعر أن قراءتها قبل النوم قد تساعد حقًا في تخفيف التوتر": واصل لين جي المحادثة بسلاسة.

وفقًا لما قاله مدرس الأدب واللغة الخاص به في المرحلة الثانوية العليا ، كلما كان الرجل الأكثر صرامة على السطح، كلما كان الإحتمال في كونه فتاة رقيقة القلب في أعماقه أرجح.

اعتقد لين جي اعتقادا راسخا دون أدنى شك.

كان الرجل أمامه الآن شخصا حساسًا ولطيفًا، نظرا لتشبثه بهذه الصداقة القديمة بقوة، كان لين جي متأكدًا بنسبة تسعين في المائة أن هذا الرجل العجوز ينتمي إلى هذه الفئة من الأشخاص.

"تقول قصة أطفال؟": قال جوزف بنبرة بها شيء من السخرية بضحكة مكتومة :"تلك الأشياء المضحكة والطفولية ذات الحبكة المبهرجة. أيها الشاب، لم تعد طفلاً بعد الآن، لماذا تحب قراءة مثل هذه الكتب؟"

(هوامش مانجو : أعرف مالذي تفكرون فيه، لكن لا تنظرو إلي بغرابة رجاءً-)

"حسنًا ، إنها أفضل قصة أطفال سبق وقرأتها على الإطلاق، وهي النسخة الوحيدة في نورزين" : سحب لين جي يده التي كانت تحمل الأمير الصغير مع بعض الأسف : "كم هذا محزن…"

إرتعشت شفاه جوزيف قليلا وأشار إلى الكتاب بين يدي لين جي : "تقصد هذا الكتاب؟ هو قصة أطفال؟ هل أنت واثق من ذلك؟".

ما نوع قصة الأطفال التي ستحمل عنوان مثل بذرة الهاوية ؟ هل هذه قصة لصغار الوحوش البرية في عالم الأحلام أو ما شابه؟

أومأ لين جي بحيرة طفيفة: "بالطبع! فهي قصة أطفال جيدة وعمل كلاسيكي".

لم يستطع جوزيف قمع الشك من التسلل إلى نفسه، حيث شعر أن شيء ما لم يكن في موضعه، لكنه لم يشعر بأي تغييرات في تدفق الأثير بعد.

ومع ذلك ، فقد أصبح لديه الآن رغبة ملحة في معرفة سبب حصول قصة زُعم أنها مخصصة للأطفال على مثل هذا العنوان.

"هاتٍها" : أخيرًا ، مد جوزيف يده دون إكتراث، واتكأ على مقعده بينما تابع : "سألقي نظرة بسيطة، واعتبرها تلبية لرغبتك بأن أقرأها".

ابتسم لين جي وهو يسلم الكتاب.

تظاهر جوزيف بتصفح الغلاف والعنوان بلا مبالاة - بذرة الهاوية.

أمن الممكن... أمن الممكن أن تحمل قصة للأطفال مثل هذا العنوان المشؤوم؟

عندما أخذ الكتاب من بين يدي لين جي، شعر جوزيف عل الفور بنوبة غير متوقعة من الدوار.

اشتد الألم الحاد في ذهنه، والذي سرعان ما حاول جاهدًا أن يقمعه. غطت الظلال السوداء القاتمة رؤيته وغمغمة باهتة تتبادر إلى أذنيه.

بدأ إحساس غريب يغتشيى أسفل عموده الفقري ، قبل أن يبتلع روحه بالكامل ويشتت الألم.

بدأ جوزيف يفقد توازنه.

"!"..

كان هذا الإحساس الغريب في غاية الألفة له!

شيطان السيف كانديلا! لماذا يبدو أنه له إتصال غامضا بشيء معين...

لم بالتحديد يحدث هذا الآن؟..

انتظر لحظة ، هل هذا ما قصده ذاك الرفيق حين قال "وقت النوم"؟

أيمكن أن يكون هذا فخًا؟

تلاشى صوت صاحب المكتبة بعيدًا وتشتت كما لو مان وهما مفرغا، حيث فقد جوزيف وعيه في هذه اللحظات ، و وقع مغشي على الأرض.

"إنتظر لحظة! أيها العم!".

"يا عم، هل أنت بخير!".

"مهلا! هل انت بخير!".

تشوه تعبير لين جي، سرعان ما قفز من خلف طاولة الإستقبال، وذهب لدعم العم الذي أغشي عليه في محله.

لا تقل لي ... أنه أصيب بجلطة دماغية؟

هذا العم متقدم قليلاً في العمر بالفعل، لكن جسده لا يزال يبدو بصحة جيدة وعلى عكس الأشخاص في عمره.

لكنه ما يزال مسن بعد كل شيء...

يجب أن أنقذه أولاً!

ومع ذلك ، بعد أن استنفد كل قوته لوضع جوزيف الضخم على الأرض ، أدرك لين جي أن تنفس العم ونبضات قلبه كانتا بخير.

لم يكن يبدو كمسن يقابل سكرات الموت، أو مصاب بمرض ما، ولكنه أشبه بشخص مستغرق في نوم هادئ.

"هو على ما يرام؟".

كان لين جي متشككا في حكمه الأولي نوعا ما، فمد يده إلى معصم جوزيف واستخدم أصابعه لإستشعار النبض.

بصفته باحثًا في دراسات الفولكلور ، كان من الطبيعي أن يكون على إضلاع ببعض مهارات قراءة النبض الأساسية.

عبس لين جي ووضع معصم جوزيف أرضا : "يا عم، أنت مذهل بحق. هذا النبض أقوى من نبضاي خلال أفضل فترات حياتي" قال لين جي بحزن.

لكن لماذا قد يغمى عليك فجأة؟

لا يجب أن يكون له علاقة بهذا الكتاب أليس كذلك؟!

في هذا العالم، لن يفقد الناس وعيهم بمجرد رؤية غلاف الأمير الصغير ، فحسب، و حتى لو كان آخر شيء فعله قبل الإغماء هو أخذ الكتاب فهذا ما يزال ضرب من المُحال، كما خمن لين جي.

الأمر بالتأكيد لا علاقة له بالكتاب. إن هذا هي قصة الأمير الصغير ، قصة أطفال مهدئة قبل النوم، تهدئ القلب وتريح الصدر بعد الانتهاء من قرأتها، وليست شيئًا قد يتسبب بنوبة قلبية!

ولكن بما أن هذا العم قد أغمي عليه ، لم يستطع لين جي سوى التنهد ومساعدته مؤقتًا على الراحة بشكل صحيح، وترك فضوله جانبا حتى يستفيق العم.

.

.

.

-نهاية الفصل-

كنت لأتفق مع رأيه في أن الرواية لا علاقة لها.. بيد أن الحقائق تفرض نفسها.

....

أعتذر عن عدم رفعي لشيء أمس. :(

2021/10/11 · 707 مشاهدة · 1318 كلمة
نادي الروايات - 2025