الفصل 31: ثمانية أسنان إضافية

.

.

.

وقف هيريس واستلم الملف من مرؤوسه.

ما صُور في الصفحات الأولى هو تقرير عن إعادة بناء المشهد الذي قام به هؤلاء السحرة السود من "طائفة القرمزي"، الوثيقة الورقية كانت مليئة بتحليل طويل ومفصل.

حتى أنها تضمنت وقت إطلاق السحر ، ومدى الاضطراب الأثري ، والحالة الذهنية الافتراضية، ونطاق الضرر في الموقع ، والعديد من التفاصيل الأخرى. وكما تم ترتيب وتسجيل كل ما قد يكون ذا أهمية كبيرة بدقة.

لحسن الحظ، لم يكن السحرة السود مثل جمعية الحقيقة -والتي تلخص كل شيء بالتفصيل الممل في العادة- وقد حددوا أهم النقاط فحسب علاوة على ذلك، كان هناك وصف كامل ومفصل لإعادة بناء المشهد.

لا يمكن إنتاج تقارير مفصيلية كهذه إلا من قبل سحرة.

تميل طرق التحقيق التي يستخدمها الصيادون إلى الاعتماد على أنفسهم وعلى حواسهم الخاصة. على سبيل المثال، يمكن للصيادين ذوي الرؤية الفائقة اكتشاف بقع الدم التي تم التخلص منها، أو الإحساس بإضرابات الأثير التي لن يلاحظها غيرهم.

ومع ذلك، فهم معرضين دائما لخطر النظر إلى جانب آخر من هذا العالم لم يكن يتوجب عليهم رؤيته، ويتهي بهم المطاف مصابين بالجنون...

بالطبع، كانت هذه محض خرافة واهية. والأمر عائد لأن جميع الصيادون المخضرمون الذين أصيبوا بالجنون وماتوا إثره سيكونون قد فقدوا بالفعل قدراتهم على الكلام منذ فترة طويلة، ولن يكونوا قادرين على وصف ما شاهدوه للآخرين بدقة من خلال هديرهم الخالي من العقلانية.

كان التعاون المؤقت بين كل من 'الذئب الأبيض' و 'طائفة القرمزي' مفيدًا حقًا لكلا الجانبين.

ففي المعارك، كلما زادت تغطية كل من جانبي القتال القريب للصيادين والبعيد للسحرة، زاد ذلك من كفاءة قوتهم القتالية المشتركة. اعتبارًا من الوضع الحالي، كان هذا التعاون شيئًا لا يمكن للطرفين الاستغناء عنه...

لكن وبطبيعة الحال، يجب أن تكون لهم أهداف مشتركة تدعم نشوب حلف كهذا، إن لم يتوفر ذلك، فإن هؤلاء السحرة الكبار والأقوياء ذوي الفخر لن يختاروا أبدًا العمل مع الصيادين.

قلب هيريس صفحات الملف، وصول إلى الصفحة الأخيرة حيث ضاقت عينيه قليلا. كان الجزء الأخير من الملف عبارة عن صورة فوتوغرافية للمشهد بالمجمل.

كان الزقاق بأكمله مغطى باللحم والدم. وغلفت الأوردة وكتل اللحم المشوه الأرضية والجدران. حتى مع كونها مجرد صورة، مازال يشعر أن تلك القطع الدموية كانت تترنح قليلا، كما لو كانت تتحرك.

لم تكن هناك أي بقايا لجثة يوري تقريبا، وقد كانت الآثار الوحيدة المتبقية كبرهان على وجوده ذات يوم هي الأجزاء الممزقة من ملابسه التي تركت وراءه.

كانت جثته بأكملها ملتوية لما يشبه العجينة، أو ربما عش لبعض الكائنات الحية. دمرت الأوردة الدموية التي كست الجسد مظهر الجثة تمامًا وكانت زهرة قزحية بيضاء نقية تنمو من فتحة بدا أنها كانت فمه. الجذور الخضراء للزهرة كانت مغروسة بعمق في جسده، وأصبحت الآن حمراء داكنة اللون.

كان من الصعب تحديد ما إذا كانت الزهرة قد زرعت هناك أم أنها نمت من كتلة اللحم تلك.

ومع ذلك ، وفقًا للتقرير ، فقد ذبلت الزهرة وكتلة اللحم والدم بعد فترة قصيرة من التقاط الصورة.

بدا الأمر كأن هذه الزهرة كانت كائنًا طفيليًا يمتص طعامه من طاقة حياة كل من يوهان ويوري قبل أن يذبل أخيرا بعد أن ينضب مصدر طاقته.

وضعية الجثة الغريبة في الزقاق المظلم، وآثار الدم المنتشرة بعشوائية خلفها تصور المعاناة والألم الذين مر بهما يوري قبل وفاته.

بذل يوري كل جهده في لحظاته الأخيرة لترك رسالة يائسة ملطخة بالدماء.

" أركض

"

.

وضع هيريس الملف على المكتب بعد أن فرغ منه، وزفر بحدة :"هذا يعني أنه وبعد عودة يوهان من تلك المكتبة، كان وعيه قد تم إخضاعه أو إستبداله بشيء غير معروف... هل سأكون مصيب حين أخمن أن هؤلاء السحرة السود لا يمتلكون أي طريقة لتحليل ماهية هذا الشيء حتى الآن؟"

خفض المرؤوس رأسه وأجاب :"صحيح".

"ماهي خططهم التالية؟".

"لقد تم بالفعل جمع بقايا اللحم المتحلل وزهرة السوسن الذابلة من قبلهم، وسيتم تسليمها إلى المقر الرئيسي لطائفة القرمزي، عسى أن تتمكن بريكانت مورفي من دراستها، في الوقت الراهن، نصحونا بالتخلي عن خطط التحقيق في المكتبة بشكل مؤقت، وتركيز كافة جهودنا لضمان احتضان ماجيك اوفوم ميرور.

"أليست هي تلك الساحرة السوداء من رتبة الدمار لطائفة القرمزي، والتي لم تظهر نفسها طوال هذا الوقت؟": حافظ هيريس على هدوئه: " حسنا، أبلغهم أن الذئاب البيضاء ستتعاون بشكل كامل".

"حاضر".

انحنى المرؤوس باحترام وغادر الغرفة.

هل هذا تحذير صاحب المكتبة لنا؟

تأمل هيريس في صمت.

استدار وحدق خارج النافذة. كان ما وراء النافذة جزءًا من مصنع كبير. تم وضع حاضنة ضخمة في قلبه، وداخلها مكثت ماجيك اوفوم ميرور".

ضمان حضانة ماجيك اوفوم ميرور هو الأولوية؟..

لكن هيريس لم يتمكن من نسيان جي زيكسيو التي ظهر فجأة وتمكنت من مجابهته لأنها كانت على اتصال بمالك المكتبة هذا.

كان لديه سببه للاعتقاد بأن صاحب المكتبة هو الشخص الذي يدعم جي زيكسيو، لم يكن هناك كذلك ما يضمن أن جي زيكسيو الطليقة لن تعود للحصل على المزيد من المساعدة من صاحب المكتبة.

لا يمكنني السماح بنشوب تغييرات أكبر..

......

فتح لين جي عينيه، وإستفاق من حلمه.

لم يستطع إلا أن يبتسم وهو يستذكر الحلم الجميل الذي مر به البارحة، تمتم وهو يحدق في الريش الناعم لصائد الأحلام المعلق فوقه :"يتوجب علي تقديم شكر مناسب للعجوز وايلد في المرة القادمة التي أراه فيها. هديته هذه تأتي بالأحلام الجميلة فعلا".

جلس لين جي على سريره، زفر بإرتياح، قبل التمدد وتدليك كتفيه برفق. شعر جسده بأكمله بشيء من الاسترخاء والحيوية.

لم يتوقف هطول المطر بالخارج، وكان الجو الذي تتخلله القاتمة يجعل من الصعب تمييز التوقيت. نظر لين جي إلى المنبه المعدني بجانب سريره.

السادسة صباحا.

لقد إستيقظ أبكر بثلاثين دقيقة من المعتاد، ولكن في نفس الوقت ، كان شعوره بالحيوية يبرهن أنه حظي بنوم جيد الليلة الماضية.

"نلتقي في المنام عند بلوغ الليلة التالية.. أتمنى أن يصدق هذا الفأل": أسر لين جي لنفسه وهو ينهض من السرير ، ويغير ثيابه، متجه إلى الحمام.

على الرغم من وجود احتمال الحصول على أحلام مستمرة -أي تكرار حلم قديم-، إلا أن احتمالية حدوث ذلك كانت ضئيلة للغاية. شعر لين جي أن حلمه السابق كان مجرد حظ ولم يعلق العديد من التوقعات عليه، وكل ما كان يتمناه هو أن تلتقط شبكة صائد الأحلام حلمًا جميلًا اخر في المرة القادمة.

واقفًا أمام الحوض، مد لين جي يده نحو فرشاة أسنانه وبدأ في تنظيفه اليومي. كان الحفاظ على مظهر أنيق ومرتب مجاملة أساسية للعملاء، ولا يمكنه الاستغناء عنها.

"قرقرة... بصق!"

بصق لين جي اللعاب والرغوة، ثم شطف فمه مرتين. قبل أن يقوم بغسل وجهه بمنشفة وابتسم لإنعكاسه في المرآة، وفحص أسنانه من باب العادة.

في هذه اللحظة، أذهل لين جي:"لماذا يبدو.. أن شيء ما مختلف؟".

نظر لين جي إلى المرآة بريبة وفتح فمه على إتساعه، واستخدم إصبعًا للمس صفي أسنانه.

عند الفحص الدقيق ، أكد أن ثمانية أسنان إضافية قد نمت في نهايات فكيه. يبدو أن أسنانه الأصلية وخاصة أضراسه قد تقلصت، وأن أسنانه الإضافية كانت متناسقة للغاية ومناسبة لموضعها الجديد، لم يكن لين جي ليدرك وجودهم لو أنه لم يلقي نظرة فاحصة.

"حتى لو أصبت بفرط التسنين فجأة، ما كان ينبغي أن ينمووا بهذه السرعة، أليس كذلك؟"

عبس لين جي، بعد بعض التفكير ، اشتبه في أن هذا كان من فعل بلاكي.

- بلاكي هو الاسم الذي أطلقه على اليد الخفية وراء إنتقاله، بعد كل شيء ، كان له مظهر صورة ظلية سوداء.

ومع ذلك ، فكلما فكر لين جي في الأمر، كلما أحس أكثر أن مجموعة من الأسنان الإضافية لم تكن بالأمر الجلل،

"هاه، من يعرف ما يدور في ذهن ذلك المخلوق. ربما ، إعطاء الأسنان هو شكل من أشكال الهدايا في نظره؟"

اختبر لين جي عضته عدة مرات وأدرك أن وظيفة أسنانه لم تتأثر بأي شكل من الأشكال ، وبالتالي ، فقد تخلى عن التفكير في هذا الأمر.

كان كل شيء على ما يرام طالما كانت أسنانه صالحة للاستعمال ولن تؤذيه.

رتب لين جي مظهره ونزل إلى الطابق السفلي ليفتح باب مكتبته لهذا اليوم.

"أتساءل عما إذا كان بوسعنا أن نشهَد أي عملاء جدد لهذا اليوم.."

.

.

.

-نهاية الفصل-

2021/11/14 · 639 مشاهدة · 1239 كلمة
نادي الروايات - 2025