.

بعد مسيرة قصيرة ، وصل الثلاثة إلى حانة فوق بابها لافتة مكتوب عليها إسم [ الحانة السفلية ] .

" لقد وصلنا.. "

تمتم أرون بهدوء ، مراقبا الأنحاء .

لينظر الجميع إلى المبنى أمامهم .

" إنهم حقا لا يهتمون بالمظهر الخارجي …"

أجاب ماغنوس بسخرية ، ناشرا إحساسه لتفقد المباني المجاورة .

[ الحانة السفلية ]

كما يوحي إسمها ، حانة متواضعة و قديمة ، زبناؤها الدائمون هم سكان هته الأحياء .

يبدوا أن هذا المبنى القديم المكون من طابقين على وشك الإنهيار .

صحيح أن أصل صاحب المحل من هذه الأحياء ، لذلك قرر بناء حانة هنا لتوفير إحدى المرافق الرخيصة لأبناء حيه .

لكن ، أيضا حسب إستخبارات سامويل فهو يجند المحتاجين ، الفقراء و الأطفال الصغار من أجل تنفيذ المهام لنقابته .

كجعل بعض الأطفال مخبرين سريين أو تدريبهم كمرتزقة مثلا .

" إسم مبتذل نوعا ما ."

أشار أرون موافقا على كلام معلمه و النسيم البارد يداعب وجهه ،

" أنت على حق ، إنه إسم ضعيف و طفولي . لكن ، لا تقلل من قيمة المكان . "

أجاب ماغنوس بشكل عرضي .

مستمتعا بكلام الثنائي ، إبتسم سامويل بهدوء ثم فتح باب الحانة المهترئ للدخول ،

- دينغ -

أعلن صوت جرس صاخب عن دخول الثلاثي إلى الحانة .

حيث وقفوا عند المدخل بهدوء، محملقين في أركان الطابق الأول للحانة .

كان الوقت لا يزال مبكرا ،

لم يكن أي زبون في هذا المكان .

إستطاع سامويل أن يشم رائحة العود القديم من جميع أنحاء الطابق .

حسب إستخباراتهم ، فزبناء هذه الحانة يأتون في المساء لشرب الخمر ، لذلك فالمكان فارغ حاليا .

في المكان طاولات مرتبة بشكل عشوائي ،

بلاط خشبي مهترئ ،

كما يمكن أن يرى أي شخص بعض الكراسي و الطاولات المكسورة في ركن الطابق كدليل على وقوع شجار ليلة أمس .

- ضجيج .

فجأة ، اعترضهم رجل عجوز ذو شعر رمادي أشعت و عيون خضراء، واضعا كرسيا جديدا للتو قرب إحدى الطاولات .

" ما زلنا مغلقين ... "

صدى صوت ألبرت ، صاحب الحانة ببرود .

' يجب أن يكون المسؤول عن هذا المكان حاليا .'

فكر سامويل داخليا ثم أومأ لصاحب الحانة قائلا .

" أنا أعلم ، لكن .. "

أخرج سامويل عملة فضية من سواره المكاني ثم ألقاها على صاحب الحانة ،

" … ، أريد بيرة باردة ."

تردد صوت سامويل البارد في أذني صاحب الحانة.

أمسك صاحب الحانة بالعملة المعدنية و شخر كما لو أنه لا يصدق ما كان يحدث .

بعد فترة وجيزة ،استجمع شتات نفسه مضيفا ،

" لكن ، سيدي ثمن البيرة هو قطعتان نحاسيتان ، إن ...- "

حدق صاحب الحانة في وجه سامويل بنظرة باردة .

تظاهر هذا الأخير بعدم ملاحظة الأمر ، مقاطعا إياه بكسل ،

" لا تفسد المرح أيها الصديق و إجلب لنا ثلاث بيرات باردة . "

" لكنها مازالت كثيرة جدا ، سيدي الزبون ."

كانت العملة الفضية تساوي مئة عملة نحاسية .

" لدي الكثير من المال ، إعتبرها علاوتك . يمكنك على الأقل جمع المال لإصلاح واجهة مبنى حانتك ."

تنهد ماغنوس و هو يحدق في إسراف إمبراطوره بغباء ،

' هاه ، من حسن الحظ ، لم يستعمل هذا الشقي العملات الذهبية .'

فكر هذا الأخير بعجز .

" أيها الزبون ، لا يزال .. "

" آه ، هذا يكفي . فقط أحضر لنا طلبنا أولا ."

لم يهتم سامويل بكونه محترما ،

بحيث خلع رداءه بأناقة ،

ليكشف عن شعره البني تحت الغطاء ،

ثم تجول في المكان كأنه في فناء قصره .

-صرير .

نظرا لأنهم وحدهم في الحانة ، فإن صوت الكرسي الذي تم إمساكه من طرف سامويل أطلق صوتا مزعجا.

ثم سرعان ما جلس سامويل في الحانة .

و أومأ برأسه لمرافقيه اللذان جلسا بقربه بهدوء ،

لم يخيب صاحب الحانة ظنهم .

منذ تسلمه للمال ، ترك مهامه المتبقية ثم شرع مباشرة في سكب كؤوس بيرة لهم

كلاك.

بعد بضع ثواني ، وضع ألبرت ستة أكواب بيرة كبيرة على طاولة الثلاثي ،

" ها هو طلبكم ! كما أنني أحضرت بعض الكؤوس الإضافية . "

" آه ، عظيم ، شكرا لك . "

أمسك سامويل أحد الكؤوس بامتنان ثم أخذ رشفة من البيرة ،

' ليس سيئا ، مقارنة بالخمر الموجود بالقصر .'

في حياة سامويل الماضية ، كان يشرب الخمر كل يوم لنسيان مشاكله و نحسه المستمر .

كان الخمر هو ملجأه و ملاذه الوحيد لتجاوز وضعيته المزرية و التظاهر بالإبتسام .

كما أن صاحب جسده الحالي كان مدمنا على الخمر بجميع أنواعه المختلفة . لذلك لم يؤثر الخمر العادي به على الإطلاق .

- غلوب .

- غلوب .

تمتع سامويل بلحظة من السكينة في الحانة المهترئة و هو يشرب البيرة ببطئء .

شرب ثنائي المعلم و التلميذ كأس بيرتهما بخفة و هما يتبادلان النظرات بينهما بهدوء .

" حسنا ، حان وقت العمل .... "

فجأة قال سامويل و هو ينقر بطرف أصابعه على الطاولة .

" أيها النادل ."

ليعود صاحب الحانة للظهور أمام الثلاثي ،

" هل تحتاج شيئا أخر يا سيدي ؟ "

" ما إسمك ؟ "

طرح سامويل السؤال بلا مبالاة ظاهرة على وجهه .

" ألبرت . يا سيدي ."

" همم .."

لا وجود لإسم ألبرت في تقارير سامويل مما يعني أنه شخص عادي.

تذكر سامويل بالفعل أسماء أعضاء نقابة الظل المهمين الذين قد يتعامل معهم اليوم ،

لكن ، لا وجود لإسم ألبرت فيها .

'إذن هو فقط شخص غير مهم أو موظف جديد .'

' لندخل قاعدتهم أولا ...-'

تمتم سامويل هذه الكلمات داخليا .

" إذا أسعفتني ذاكرتي جيدا ، أظن أن هذا هو موقع الفرع الرئيسي لنقابة الظل . هل أنا مخطئ ؟ "

تجمد صاحب الحانة في مكانه و هو يحدق في موقف سامويل اللامبالي إتجاهه .

سرعان ما تمالك نفسه ، مضيفا بإبتسامة ودية ،

" أيها الزبون ، كما ترى هذه حانة قديمة . إذا كنت تريد بيرة أو وجبة الغذاء فتفضل بالبقاء . لكن ، إن إستمررت في القيام ب...- "

" هاااه "

" أنت لن تعترف إذن ؟ أصبح الأمر مملا نوعا ما ."

أمسك سامويل بذقنه ، مردفا .

" حسنا ، سنقوم بالأمر بطريقتك الإعتيادية . هل أنت مسرور ؟ "

" [ أريد كأس ليمون ذو درجة باردة مع بعض المقبلات . لا تنسى أن تضيف القليل من السكر .] أظنها كلمة سر غريبة نوعا ما . أتساءل من إخترعها ؟ "

إرتسمت إبتسامة ماكرة على وجه سامويل و هو يحملق في ألبرت ،

" هذه كلمة السر التي يعلم بها فقط العملاء المميزون ، أليس كذلك ؟ "

هذه المرة ، لم يجادل ألبرت سامويل . أومأ للثلاثي برأسه ثم قال بإحترام :

" إعذرنا يا سيدي لكنها إجراءاتنا الأمنية . "

" إتبعوني أيها الزبناء الكرام ."

لم يتفاجأ الثلاثي بتغير سلوك ألبرت ،

لكونهم يعلمون بالفعل ، معظم قوانين نقابة الظل .

تصرف صاحب الحانة حاليا كخادم يوجه أسياده نحو مكان مهم .

دخل الثلاثي القبو عبر مدخل سري محروس بمجموعة من المصفوفات السحرية و الرونيات الدفاعية.

لاحظ كل من أرون وماغنوس التعويذات الدفاعية بهدوء و هما يحاولان تمييزها .

ليجدوا أنفسهم داخل غرفة بسيطة تتوفر على سرير ، ساعة ضخمة معلقة على الحائط المتشقق و مكتب ذو تصميم عادي .

- تيك

- توك

حرك ألبرت برشاقة عقارب الساعة العملاقة بترتيب محدد ،

- تاك

- تاك

- تاك

و بطريقة سحرية ، إختفت الساعة ليحل مكانها باب ذهبي عملاق مزخرف برسومات مبهرجة .

إنحنى ألبرت بطريقة محترمة ثم أردف ببشاشة .

" مرحبا بكم في [ نقابة الظل ] "

" لنذهب "

أومأ سامويل برأسه للثنائي خلفه بالتقدم.

ثم تمتم بخفوت و إبتسامة مرعبة تتكون على وجهه ،

" حسنا … لننهي هذه المسرحية "

.

.

2024/05/08 · 296 مشاهدة · 1237 كلمة
....وحيد
نادي الروايات - 2024