.
.
إذا سألت أي شخص داخل القصر الإمبراطوري بأن يصف إيدين سماديل في بضع جمل ، فبماذا سيجيب يا ترى ؟
" شخص رائع و مثالي . رغم برودته ، يعامل الجميع بعدل و مساواة . أعتبر صراحة شخصيته مثالية ." تمتمت رئيسة الخدم الإمبراطوري بإعجاب ظاهر على وجهها .
" شخص قوي و وفي جدا . أستاذ جيد و خصم تدريب جدير بالإعجاب . كما أنه يملك العديد من المعجبين داخل أكاديمية الفرسان .... و أكثر ما أحبه فيه هو تواضعه الشديد ." أجاب أحد فرسان الإمبراطور المخضرمين .
" إنه مثلي الأعلى ، فارس قوي و مذهل وصل إلى مستويات مذهلة في المبارزة ... " أجاب أحد تلاميذ أكاديمية الفرسان الامبراطورية بفخر و الإعجاب الشديد ظاهر على وجهه .
حتى أن الإمبراطور السابق ، هارولد هانوفر إعتبر إيدن سماديل كأخ له بحيث عهد له تعليم و مساعدة إبنه الوحيد سامويل في المستقبل .
حاليا ، يتم إعتبار إيدن بالنسبة لكل من النبلاء والعامة كرمز من رموز الإمبراطورية التي لا يمكن الإستغناء عنها .
كما يعتبر فارس وفيا لسيده و نجما مشهورا بالنسبة للفرسان المبتدئين .
لكنه ، في الواقع ، عكس توقعات الجميع ،هو مجرد أفعى تتربص بهدفها بهدوء .
رجل عجوز ماكر و شرير ،
يمكن وصفه بأسد صبور ينتظر اللحظة المناسبة لتكشير أنيابه و الكشف عن خططه للعالم .
......
مستمتعا بسلوك الدوق الحذر ، ضحك إيدن بصوت عال وقال بابتسامة مجعدة على وجهه .
" هاهاها لا تقلق ، لاتقلق ، إسترخ قليلا ، لن أفعل لك شيئا . كما ترى أنا لا أعض ."
" أيها اللعين ، لماذا أنت هنا ؟ "
سأل الدوق بنبرة عدائية دون أن يتخلى عن حذره .
لولا حقيقة أن الدوق متأكد من إستحالة هزيمته للشخص أمامه ، لهاجمه بالفعل و أراه عواقب الإستهانة به .
فقط شخص أقوى من مستواه ، يمكن أن يظهر فجأة من فراغ دون أن يلاحظ داخل قصره .
" ألم تشتق لي ؟ "
إستمر إيدن في إغاظة الدوق بهدوء .
تحرك هذا الأخير بحركات خالية من الهموم نحو مكتب الدوق بني اللون ثم جلس عليه بهدوء ،
- قشعريرة .
إنتشرت القشعريرة في جسد الدوق عند تذكره لبعض الذكريات الغير السارة في الماضي البعيد .
" أيها اللعين العجوز ، ما الهدف من مجيئك ؟ "
ضاحكا بهدوء على سؤال الدوق ، إبتسم إيدن في وجه الدوق ثم تمتم بملامح حزينة .
" لقد كبرت حقا . أتذكر عندما كنت شابا ساذجا و كنت تطاردني في كل مكان ... هاه ، أخشى أن الوقت يمر بسرعة ."
بينما كان يحدق إيدن بجيريمي ماكنزي بهدوء ، أطلق تنهيدة حزينة و ظهر حنين على وجهه .
" أنت تعلم أنني كنت في يوم من الأيام شابا و طموحا مثلك ...في وقت سابق ، بعد تخرجي ، كنت أعيش بشكل جيد في مكان رائع من أجمل الأماكن بالنسبة لي ... هاه لكن ، بسبب مهمة غبية ، أصبحت متعلقا بشكل لاإرادي بهذه الإمبراطورية اللعينة ."
توقف إيدن لبعض ثوان ثم أضاف بمرارة .
"هاه ، كما أنني أعمل كجليسة أطفال لإمبراطور متخلف و غبي . في بعض الأحيان ، أحسده لأنه ولد بملعقة ذهبية في فمه ..."
عندما رأى الدوق إيدن يتذكر ماضيه ، جلس بهدوء لأنه يعلم أنه لا أحد يمكن أن يوقف العجوز الثرثار عن التكلم .
نظر إيدن إلى سقف الغرفة بينما يتذكر ماضيه ، أطلق إبتسامة حزينة ومأساوية .
" هاه ، أتمنى العودة إلى نقطة البداية لأختار مسارا أخر . "
أخذ إيدن نفسا عميقا مهدئا نفسه قبل مواصلة حديثه بينما ظل الدوق جالسا بصمت .
"هاه ، أتمنى ألا تتخد مساري يا جيريمي . بصفتي معلمك أكره رؤية تلميذي يسلك الطريق الخاطئ ."
حرك إيدن رأسه ليحدق بعينيه المجعدتين الخضراوتين المضطربتين بعيون جيريمي الحمراء .
" أسف . لكنني ، سبق لي أن إتخدت قراري يا ..."
" ألن تناديني بمعلم ؟ "
بعد توقف الدوق عن الكلام ، تمتم إيدن هذه الكلمات بملامح حزينة .
إختار الدوق أن يبقى صامتا و هو يحدق في إيدن ببرود ،
لا أحد يعلم مالذي يفكر به في هذه اللحظة .
" هاه ، حسنا ، أرى أنني إنجرفت في حديثي كثيرا ."
" لا أنا أفهم ."
هز الدوق رأسه و قام من مكانه ،
حدق الثنائي في بعضهما البعض لبضع ثوان ، إرتفعت خلالها زوايا وجه إيدن لتتكون إبتسامة دافئة .
ثم ربت على كتف جيريمي قائلا ،
" لو كانت سارة على قيد الحياة لكانت فخورة بك ."
لاحظ إيدن إضطرابا طفيفا في ملامح الدوق بعد ذكر إسم والدته ،
مباشرة بعد ذلك ، أردف .
" لنمشي قليلا في الحديقة السرية ."
" حسنا "
أجاب الدوق بأدب .
حالما غادرا الغرفة ، مرا بعدد من الغرف ليصلا إلى حديقة جميلة بشكل غير مفهوم .
مرة أخرى ، فتن إيدن بهذا المشهد الجميل ،
غطت النباتات الخضراء بشكل حيوي جميع أرجاء الحديقة و في منتصفها بركة شفافة كبيرة تسبح فيها أسماك ملونة مختلفة .
قرب البركة شجرة جميلة عملاقة ذات أوراق وردية أنيقة .
في بعض الأحيان ، تسمع حفيف الأشجار و صوت الطيور المزقزقة .
كانت الحديقة محاطة بدرع مانا قوي شفاف ليحميها و يمنع الأشخاص الغير المخولين من الدخول أو التسلل إليها .
" هاها ، مازلت تعتني بهذه الحديقة الجميلة . أول لقاء غير رسمي بيننا ، كان في هذا المكان بالذات . عندما كنت طفلا يريد فقط أن يصبح أقوى من أجل ..-"
إبتسم إيدن بمرارة و هو غارق في ذكرياته ،
" لماذا مازلت تعمل لدى عائلة هانوفر ؟ "
قاطع جيريمي كلام إيدن و هو ينتظر بإهتمام إجابة إيدن ،
آمل جيريمي أن يجيبه معلمه هذه المرة .
" كما أخبرتك سابقا ، لا يمكنني إخبارك حتى لو أردت لأنني وقعت تعهد مانا يقتضي أحد شروطه بإلتزام الصمت حول العملية ."
أجاب إيدن بلا مبالاة و هو يحدق في المنظر الخلاب أمامه ثم أضاف .
" هاه ، أعلم أنك تكرهني لكوني تركتك . لكن ، ليس بيدي حيلة .."
- زفير .
زفر سماديل مطولا مردفا .
" حسنا ، لننتقل لصلب الموضوع . "
أصبحت ملامح إيدن جادة و باردة مما جعل الدوق يقف بهدوء و يحدق بمعلمه بإهتمام ،
" كما سمعت سابقا من تقارير تابعك الذي قتلته . تحرك ماغنوس بيرس ذلك العجوز المثير للمتاعب ضد أحد أتباعك الصغار ألكسندر بالإضافة أنه تم مهاجمة نقابة الظل التي تواصلت معها بإستمرار مؤخرا . ما رأيك في الأمر ؟"
" حاليا ، حسب تحركات ماغنوس الغريبة ، أظن أنه يحاول توحيد برج السحر من أجل التحرك ضدي . و من هنا يمكن إستنتاج أنه هاجم نقابة الظل بسرعة آملا الحصول على شيء ما يمكنه استعماله ضدي."
أجاب الدوق ببرود و بسرعة ،
إبتسم إيدن بدفء في وجه تلميذه متذكرا السنوات التي علم فيها جيريمي بعض حيله .
" نعم و لا ، أنت محق أن برج السحر هاجمك . لكنني ، أعلم شخصية ماغنوس جيدا بعد عقود من معرفته ، إنه لن يتحرك تحت أي ظروف حتى يملك ثقة بفوزه أو يطرأ شيء مفاجئ جعله يشارك ."
حلل إيدن الوضعية بوجه جاد للغاية مردفا .
" في الحالة الراهنة ، أثق أن ماغنوس لا يستطيع الفوز بقوة برجه ...-"
" إذن هي الحالة الثانية ، طرأ شيء جعل ماغنوس بيرس يشارك ."
قاطع الدوق كلام إيدن بسرعة ،
" أجل ."
أومأ إيدن برأسه كدليل على موافقة رأي تلميذه ،
" إذا ما الذي جعل ماغنوس بيرس المعروف بحذره و كرهه للنبلاء الجشعين بالتحرك ؟ "
سأل جيريمي معلمه منتظرا الإجابة بصبر ،
لكون ماغنوس بيرس ساحر عجوز معروف بولعه بأبحاثه و كرهه للدوق بسبب جشعه للسلطة و بعض الحوادث الأخرى .
لكنه ، ثعلب صبور ،
كمعلمه إيدن سماديل ،
لذلك تساءل الدوق عن سبب تحرك ماغنوس الإنتحاري ضده ؟
فرغم إمتلاكه لبرج السحر خلفه ، فجيريمي بذاته يتحكم بنبلاء ثلاث جهات داخل الإمبراطورية .
كما يملك العديد من العلاقات مع مختلف النقابات و البلدان المجاورة .
" الإمبراطور ."
قاطع إيدن أفكار جيريمي و تمتم بهذه الكلمة ببرود ،
" ما علاقة الإمبراطور بالأمر ؟ "
ما مدى سخافة الأمر بالنسبة لجيريمي ؟
الإمبراطور السمين الغبي له علاقة بالأمر ،
إمبراطور لم يستطع حتى إدارة بلاده بشكل جيد ،
سامويل هانوفر ، شخص جشع يكره الدوق أمثاله حتى النخاع .
" إنه العقل المدبر ."
أضاف إيدن هذه الكلمات كقذيفة فجرت أفكار الدوق السابقة .
" أجل ، إنه العقل المدبر ."
أكد إيدن على كلامه السابق بهدوء .
.
.