فتح رامون عينيه المشوشتين ببطء، ولكن وجد نفسه محاطًا بالظلام الدامس.
الصمت المخيف يسود في جميع الاتجاهات، والظلام الأسود يلتف حوله كالستار الثقيل.
وقف رامون بهدوء من فوق الأرضية باستعمال يديه .
بينما يحدق في الظلام، لم يشعر بالخوف الذي قد يكون متوقعًا من إنسان عادي في موقف مشابه.
بدلاً من ذلك، انغمس في شعور غريب، كما لو كان الظلام جزءًا من وجوده.
فإذا إستيقظ شخص غريب عكس رامون في الظلام.
بحيث ، لا يستطيع الرؤية، فسيشعر بشكل طبيعي بالخوف و الدهشة ، هذه هي طبيعة البشر .
الخوف من المجهول و الموت.
لكنه ، شعر بشعور الانتمائية و الحميمية.
شعر رامون كأن الظلام يجذبه و يناديه من أجل امتلاكه و لأن يندمج معه ليصبح جزءًا منه.
بدى رامون كأنه يعيش تجربة استثنائية، حيث تفاعل بشكل فريد مع هذا العالم المظلم.
"حسنا …"
تذكر رامون أخر شيء قام به قبل أن يجد نفسه هنا.
لقد نام بهدوء بعد أن قرأ بعض التعليقات السلبية و المستفزة عن روايته الأخيرة .
" إذن ، أين أنا ؟؟!"
حك رامون ذقنه ببطئ،
ثم أخرج هاتفه النقال بسرعة من جيبه الأيسر ،
- نقر
شغل رامون المصباح الخلفي للهاتف ، ثم تمتم نوعا ما بإيجابية,
" كما توقعت، أنا لست أعمى . أنا حقا في مكان مظلم جدا ."
" حاولت الإتصال بالشرطة لكنني لاحظت أنه لا يوجد إرسال في المنطقة ."
" غريب جدا . هل تم إختطافي حقا ؟!!!!"
" همم ، هل أملك أعداء لا أعرفهم ؟ "
سرعان ما عاد الصمت للمكان.
تجول رامون بلا هدف لبعض الوقت ، لكنه لم يستطع الإجابة على الأسئلة المنبثقة في ذهنه.
كان ذهنه في حالة فوضى حاليا.
لسبب غير معروف ، أحس بالديجا فو،
كأنه سبق له أن كان في هذا المكان لعدة مرات.
" حاليا ، لدي إحتماليتان . الأكثر ترجيحا هي أنني توفيت و أنا نائم ثم هذا هو جحيمي الخاص الذي كونه الإله لعقابي . همم ، أما الثاني هو أنني وسط إحدى الكوابيس، التي لا أتذكرها عند إستيقاظي ."
إستمر رامون في التجول بصمت آملا أن يجد مخرجا في أقرب وقت .
" هاه"
ثم تدريجيا ، سرعان ما بدأ رامون يؤمن بالإحتمالية الأولى ،
" لقد مت حقا "
" الأمر لا بأس به "
" لحسن الحظ ، لا يوجد شياطين لتعذيبي ."
" همم ، الموت أمر لا مفر منه ، لم أتوقع أن يقبض ملك الموت على روحي مبكرا . حسنا ، الأمر ليس بهذا السوء . وضعيتي المزرية و نحسي الغريب إختفى ."
" الموت هو أيضا مظهر من مظاهر الراحة ."
" أنا متعب حقا ، "
" أريد فقط النوم بكسل ."
استلقى رامون على الأرض بهدوء ،
" يا رجل ، أتمنى لو حصلت على سرير أو بضع بطانيات . يمكنني حتى قبول النوم في خيمة ."
" إنسى الأمر ، سأعتاد الأمر بهدوء ."
ظل رامون في وضعيته لكم من يعلم من الوقت.
ربما بضع سنوات،
ربما بضع عقود.
لم يعلم أحد ما .
كلما إستيقظ رامون وجد نفسه وسط الظلام مجددا.
لينام مجددا ،
كرر رامون هذه الحلقة ملايين المرات.
إستيقاظ ،
ثم نوم.
لسبب غريب ، لم يحتج رامون لتناول الطعام و أن يقوم بحاجته في المرحاض.
كل ما يحتاج القيام به هو النوم.
أحب رامون بغرابة أسلوب حياته الجديد.
أحس كأنه حقق رغبته الأبدية و هي التكاسل للأبد.
"هاه ، كم مر من الوقت ؟ "
إبتسم رامون ببرود و هو يفكر في حياته الماضية.
[ لا يتوفر هذا المكان على مفهوم الزمان .]
أجاب رامون صوت غليظ بشكل مفاجئ مما جعله يفتح عينيه بسرعة.
لم يستطع التحرك بسبب تيبس جسده ، لذلك كل ما استطاع القيام به هو تحريك عينيه للتحديق في جميع الإتجاهات بحثا عن مصدر الصوت.
" مرحبا "
صرخ رامون بقوة في الظلام الدامس،
لكن ، لم يجبه أي أحد .
ظل يصرخ مرارا و تكرارا ،
لكن كل ما قوبل به رامون هو الصمت .
بعد مدة طويلة ، جفل في مكانه قائلا بصوت يتخلله البرودة :
" مثير للأهتمام ، هل أنا أهلوس ؟ هل هذا المكان يؤثر على عقلي بشكل سلبي ؟ "
" لا أتذكر جيدا المصطلح العلمي لمرض الوحدة النفسية . "
فجأة ، فتحت عينان ضخمتان في الظلام الدامس . وسطهما ، يمكن أن يرى المرء مجموعة من النجوم و المجرات المختلفة .
[ أنت لا تهلوس ، أنا موجود . ]
تكلم المخلوق بصوت غليظ أوتوماتيكي،
" أوه ، دعني أخمن .أنت آمر السجن و جئت للإطلاع على حالة السجين ."
[ لا ، أنا هنا لتحقيق هدفنا ، من أجل الإرتقاء مجددا لتحقيق هدفنا .]
رسم وجه رامون ملامح تدل على ' ما الذي يتحدث عنه هذا المخلوق ؟'
[ يمكن أن تقول أنني بقايا مخلوق مخيف حكم العوالم اللامتناهية لعصور مضت .]
" مثير للإهتمام ، إذن توجد عوالم أخرى ؟ هل تتوفر العوالم اللامتناهية على أجناس أخرى مثلك ؟ إذن ، مفهوم العوالم المتعددة حقا موجود... "
إستمر رامون في طرح الأسئلة المختلفة على أول مخلوق قابلته منذ مدة طويلة .
لكن ، كل ما قوبل به هو الصمت .
[ ... ]
" يالك من مخلوق ممل . "
أغمض رامون عينيه لترتيب أفكاره المبعثرة ،
و بعد برهة من الزمن ، كسر رامون عجلة الصمت مرة أخرى قائلا ببرودة :
" هاه ، إذا ما الهدف من سجني هنا ؟ "
حدق رامون في المخلوق و هو ينتظر إجابة على سؤاله ،
سرعان ما أجابه الكائن الغريب قائلا :
[ أنت لست سجين ، أنا أحاول محو ما تبقى لك من @#@@$# ، لكي نحقق إنتقامنا . ] " ماذا قلت ؟ " [ هاه ، ستعلم عندما يحين الوقت . ستعود قريبا إلى عالمك .]
" ماذا ؟ هل سأغادر ؟ "
لسوء الحظ ،لم يشعر رامون بالحماس أو الرغبة الشديدة في الحرية .
جل ما شعر به هو الرغبة في البقاء و النوم للأبد .
قلبه إختار طوعا البقاء في هذا المكان ،
[ أرى أنك ما زلت تحتفظ برغبتك البدائية الأصلية . لكن ، لسوء الحظ يجب أن تغادر من أجل تحقيق هدفنا القديم ، ستعرفه حينما يحين الوقت و تصبح أقوى . إستخدم هديتي الصغيرة من أجل #@##@@ .]
" هاه ، أيا كان ما قلته ."
سرعان ما فقد رامون اهتمامه بالعينين العملاقتان المضيئتين اللتان تطفوان قربه ، ثم أغلق عينيه للعودة إلى النوم .
أخر ما سمعته من المخلوق الغريب أو أيا كان هو [ حظا سعيدا .]
ثم غاص رامون في أحلامه.
***************
" هاه " فتح رامون عينيه هذه المرة ، ليجد ضوءا مشعا وسط الظلام الدامس ،
إستمر الضوء في الإقتراب ناحيته بسرعة غير مفهومة .
سرعان ما تذكر ما قاله المخلوق الغريب سابقا ،
' العودة .'
" سحقا ، لعين حقير ."
صرخ رامون بقوة شديدة ثم سرعان ما إبتلعه الضوء المشع .
***************
" جلالتك ، إستيقظ ، كثرة النوم ستجعل جسدك متيبسا بالكامل ..."
فتح رامون عينيه بسرعة بسبب صوت مرتفع أزعجه.
حلل وضعيته بسرعة شديدة ،
" هاه ، لقد عدت حقا ."
سرعان ما صر رامون أسنانه بقوة قائلا بغضب :
" اللعين ، إنتظرني حتى أعود ."
سرعان ما استجمع شتات نفسه بسرعة ، ثم حملق ببرودة في الشخص الموجود أمامه قائلا :
" من أنت ؟ "
أمامه شابة ذات شعر أصفر حريري و عيون خضراوتان جذابتان بعض الشيء . كما أنها ترتدي ملابس خدم متهالكة . تحمل على وجهها ملامح البراءة و الحيرة في نفس الوقت ،
" هل أنت مريض جلالتك ؟ "
أجابت الفتاة الشقراء على سؤال رامون بطرح سؤال أخر .
" من أنت ؟ من أنا ؟ و أين أنا الآن ؟ "
أعاد رامون طرح أسئلته بدون إعارة الإنتباه لأسئلتها الغبية .
" إذا كنت أنا سيدك فأجيبيني على أسئلتي ."
سرعان ما خفضت الخادمة الشابة رأسها كدليل على الطاعة ثم قالت :
" أنا إيميليا بوسن ، الخادمة الشخصية لجلالتك في القصر للملكي. "
ترددت إيميليا لبضع ثوان ثم أضافت :
" أنت سامويل هانوفر ، شمس و قمر إمبراطوريتنا ، الإمبراطور 18 لسلالة هانوفر المقدسة ، الإمبراطور الحالي لإمبراطورية الغريفين ."
" هانوفر ، أين سمعت هذا الإسم ؟
" تمتم رامون هذه الكلمات و هو يحك ذقنه دون إعارة الإنتباه للخادمة المتصلبة أمامه ،
" هاه ، إذن قصد بالعودة لعالمي الدخول إلى روايتي الأخيرة ."
" لعين حقير ."
" لكن رغم ذلك ، الأمر مثير للإهتمام ."
تلوت زوايا شفاه رامون بشكل مخيف ليتم تكوين إبتسامة شيطانية في وجهه.