.

.

" أوتش ."

فتح ماغنوس عينيه الزرقاوتين ببطئ ليجد نفسه مستلقيا على العشب الأخضر .

أضاء ضوء القمر الأبيض الجميل وجهه العابس .

" هاه "

" ذلك اللقيط المجنون ..."

صر ماغنوس أسنانه و هو يتذكر …

إبتسامة سامويل عندما قام بدفعه في الحفرة المظلمة .

"إنه حقا لقيط مجنون …"

لكن رغم غضبه الشديد ، استجمع ماغنوس نفسه لأنه يحتاج لمعرفة وضعه أولا قبل كل شيء .

" هاه "

ثم تنهد ببطئ ملاحظا محيطه .

وجد نفسه في الليل في حافة غابة جميلة المنظر مليئة بأشجار الخيزران الطويلة .

و على جانبه الأيسر ، توجد بحيرة زرقاء جميلة .

ضيق ماغنوس عينيه و هو ينظر إلى المياه الصافية للبحيرة .

تموجت مياه البحيرة الهادئة و إنعكست صور أشجار الخيزران على سطح الماء .

- سوويش .

دغدع نسيم بارد و هادئ وجه ماغنوس .

بحيث كلما مرت الرياح ، إنتشرت رائحة قوية لأشجار الخيزران في الأنحاء .

- بادوم !

- بادوم !

نبض قلب الساحر العجوز بقوة شديدة بسبب الموقع المألوف الذي يتواجد به .

ثم عدل موقفه للوقوف ، وضع يديه خلف ظهره و حدق في البحيرة المتلألئة بعينين تشعان بالحزن .

" هووو..."

هذه المنطقة الذي يوجد بها حاليا، تسمى ببحيرة السماء موقع سياحي مذهل جدا داخل إمبراطورية الغريفين .

فهو موقع مشهور على صعيد الإمبراطورية و مكان رائع للزيارة خصوصا مع العائلة و الأحباب .

" لقد مر طويل لأخر زيارة لي لهذا المكان .."

غرق ماغنوس في ذكرياته ،

هذا المكان الذي زاره في الماضي كل نهاية أسبوع رفقة عائلته .

نعم ، رفقة إبنته الصغيرة اللطيفة البالغ عمرها 3 سنوات و زوجته الحبيبة لورا .

أصبحت عيناه غير مركزتان و هو يتذكر إبتسامة إبنته المشرقة عند تعلمها السباحة منه .

بإبتسامة مريرة ، تذكر توبيخ زوجته المستمر له عند تسليمه ﻹبنته خلسة بعض الحلويات الإسفنجية .

" هاه"

إستحضر ماغنوس مجموعة من الذكريات السعيدة التي عاشها بسعادة مع عائلته الحبيبة .

" سحقا ."

" سحقا ….."

صر ماغنوس أسنانه بقوة و أحكم إغلاقه على قبضة يده اليسري لدرجة سيلان الدم الأحمر منها .

" لولا ذلك المبارز اللعين ."

" لولاه لكنا …"

ذكرته هذه الليلة المقمرة ، باسوء ليلة عاشها في حياته.

الليلة التي اختطفت فيها ابنته إليزابيث من أمام عينيه .

" سحقا "

تجهم وجهه تدريجيا ،

فقد عانى ماغنوس لمدة عقد كامل من الإكتئاب ، الغضب و الندم لعدم إستطاعته إيجاد لإبنته .

فكر دائما في الإنتحار لكي ينهي معاناته البائسة و ليلحق بزوجته لورا إلى السماء .

لكنه في الأخير ، قرر الإنتظار و البحث مجددا على أمل أن يجمعهما القدر .

إختار بعد الحادثة بسنة ، أخذ أرون بيرس كتلميذ له لأنه رأى ظل إبنته المفقودة فيه بعد إلتقائهما لأول مرة في الأحياء الفقيرة .

كما إعتنى به و رباه كإبنه لمحاولة مواساة نفسه الممزقة و الكئيبة .

لكنه ، ظل دائما في قرارة نفسه يتساءل عن وضع إبنته .

هل هي حية ؟

إذا كانت على قيد الحياة …

أين توجد ؟

هل تعيش بشكل جيد ؟

هل تأكل طعاما لذيذا ؟

هل تنام بشكل جيد ؟

هل يعتني بها شخص جيد ؟

هل ...

رنت هذه الأسئلة بشكل متواصل في بال ماغنوس منذ إختطاف فتاته الصغيرة .

و بعد إنتظار دام 12 سنة ، أتى بصيص أمل صغير جعل ماغنوس يشعر لأول مرة بالحياة .

جلب شخص غير متوقع بتاتا أخبارا عن إبنته ،

هذا الشخص علم موقع فتاته المفقودة .

هل الإله إستجاب لدعائه و أشفق عليه ؟

هذا لا يهم ، الشيء الأهم هو الاجتماع بإبنته و الإعتناء بها كما وعد زوجته المتوقية .

هكذا ، سامويل هانوفر ، طلب دعم برجه السحري مقابل موقع إبنته و مساعدة قيمة في أبحاثه .

لم يصدق ماغنوس الأمر في البداية و إعتقد أنها فقط مزحة جديدة تعلمها اللقيط عديم الفائدة الذي أخزى إسم والده مرات عديدة .

لكنه ، في الأخير ، قرر تصديقه …

غزى الشوق عقله بحيث كل ما فكر به ماغنوس في تلك اللحظة هي إبتسامة إبنته الغالية .

و مدفوعا بمشاعره أيضا ، قبل ماغنوس صفقة سامويل .

إذا كان سامويل يستطيع جمعه مع إبنته إليزابيت .

فليكن الأمر ، سيفعل ما يرغب به ، سيصبح حتى كلبه المخلص فقط ليحصل على ما يريده قلبه بشدة .

لقاء إبنته .

" هاه ، هذا الاختبار قاسي ، أليس كذلك ؟ "

- سوووش .

رفرفت ملابس سامويل السوداء بقوة بسبب النسيم العليل .

" قال بأن الاختبار له علاقة بالخوف و ليس الهوس …"

" أبي ...."

فجأة ، رن صوت مألوف جدا خلف ماغنوس جعله يتصلب في مكانه كالتمثال ،

إهتز كتفا ماغنوس بإستمرار بينما عرض وجهه ملامح متضاربة .

- بادوم ! بادوم !

تسارعت دقات قلب ماغنوس بسرعة شديدة .

كيف يمكنه نسيان هذا الصوت ؟

صوت لطيف و حلو ،

جعله في فترة من حياته ينسى همومه و يضحك بشكل متواصل .

صوت شخص كان منارة له في حياته المملة و الكئيبة .

طقطقة !

أدار الساحر العجوز رأسه بقوة للخلف مما جعل رقبته تطلق صوت طقطقة ،

لكن ، لسوء الحظ ، لم يكن يوجد خلفه سوى أشجار الخيزران .

لا يوجد صاحب الصوت الذي إشتاق له طيلة 12 سنة خلفه ،

أشعت خيبة أمل كبيرة من عيني الساحر العحوز الزرقاء و هو يحدق في الغابة بحواجب متماسكة،

لا وجود لإبنته .

" هاهاها ، هل أصبحت أهلوس الآن ؟ "

أمسك ماغنوس بيده اليمنى وجهه و بدأ في الضحك بجنون .

" هاهاها "

" أبي ... أبي ، أنقذني ، إنه رجل شرير ."

لحسن الحظ ، لم يكن يهلوس .

رن صوت فتاة صغيرة من الجانب الشرقي لغابة الخيزران .

.

***************

.

فيووو

كان جسد سامويل بأكمله ملفوفا بالبريق الذهبي .

ثم بعد فترة وجيزة ، ظهر في مكان أخر جديد .

" هاه "

نظر سامويل بهدوء و فضول إلى محيطه .

كان يقف أمام قصر مهيب يحيط به جزيئات الأثير الذهبي بإشراق .

لا يزال القصر مهيبا و فخما كما كان عندما تم بناؤه .

في مقدمة القصر ، كان هناك باب أسود عملاق أغلق مدخل القصر .

عندما نظر سامويل إلى القصر من بعيد ، أشعت عيناه بنوع من الإثارة و الترقب بحيث تشكلت إبتسامة جشعة على وجهه.

" ها نحن ذا أخيرا ..."

ثم زفر سامويل بعمق و هو يتذكر ما خلف الباب الأسود .

خلفه يوجد مجموعة من الكنوز المذهلة خصوصا كنزان مفيدان سيساعدانه في المستقبل .

إستجمع سامويل نفسه و سار بحذر حتى وصل إلى مدخل القصر .

" هوو .."

وصل أمام الباب الأسود ، أخذ نفسا عميقا و وضع يديه على الباب متمتما بلغة قبيلة الشاولين .

‏" Открой дверь "

- شيين

مباشرة بعد ذلك ، فتح الباب .

و إنتشر توهج ذهبي مخيف في الأنحاء ، جعله يغطي تلقائيا عينيه بيديه .

و بعد إختفاء التوهج ، فتح عينيه ليرى أن التماثيل البيضاء المكسورة التي كانت متمركزة أمام البوابة الأولى مصطفة على جوانب الطريق للداخل .

" حسنا …"

تجول سامويل بهدوء متبعا المسار .

لتظهر في طريقه العديد من الكومات الضخمة .

" هذا مذهل "

تتكون كل كومة من الكتب ، المخطوطات و القطع الأثرية .

قيمة أي عنصر يراه ، يمكن أن يجعل أي شخص يسيل لعابه تماما .

" حسنا "

في خضم إعجابه بالكنوز ، نظر سامويل إلى الفوق لأنه إستشعر شيئا ما .

على الجانب المقابل للمدخل ،

و عيناه مغمضتان ، جلس على عرش ذهبي عملاق ، شخصية تشبه بشكل لافت الإنسان .كان لديه شعر أحمر ناري و ارتدى ملابس جميلة .

على العرش ، ظل الشخص جالسا دون تحريك عضلة واحدة من جسده .

أشع ضوء ذهبي خافت جدا من خلفه ليجعل المنظر مذهلا نوعا ما .

كم مضى من الوقت و هو جالس في وضعيته ،

لا أحد يعلم …

- وينك

و مع رعشة صغيرة ، تحركت رموش الكائن الجالس على العرش فجأة .

" إنه …"

ثم بعد بضعة رعشات ، إنفتحت عيون الشخص فجأة لتكشف عن عينين ذهبيتين جميلتين .

يمكن أن تجعلا أي شخص يغار بسبب أناقتهما و جمالهما .

" .. "

رمش الشخص مرتين ثم تحركت حدقتيه بسرعة لتحدق ببرود في إتجاه المدخل .

بإلقاء نظرة خاطفة على الدخيل ، كانت على وجهه نظرة إرتباك .

في الأخير ، فتح شفتيه قائلا بإعجاب .

" لم أتوقع أن تنجح في إختباراتي بهذه السرعة …!"

رن صوته المفاجئ في جميع أنحاء القاعة .

" مثير للإعجاب …"

ألقى الشخص أحمر الشعر نظرة على محيطه و رفع يده بأناقة.

ثم بضغطة صغيرة من يده تمزق نسيج المساحة أمامه .

- كراك .

بمجرد تمزق الفضاء ، أدى الأمر إلى ظهور صدع صغير أمامه .

ثم مد يده مرة أخرى داخل الصدع أمامه ، لينفتح فجأة صدع أخر أمام سامويل بسرعة غير مفهومة .

- قبض .

خرجت يد ذهبية مكونة من الأثير من الصدع لتمسك بسامويل .

" لا تخف لن أقوم بايذائك …"

"…"

و بدون أي مقاومة ، ترك سامويل اليد تمسكه .

- سوووش .

و في رمشة عين ، ظهر سامويل المحاط بالأثير الذهبي في السماء أمام الطرف الأخر الذي تتخلله هالة خالدة .

كان كل شيء ضمن توقعات سامويل ،

أومأ هذا الأخير رأسه للمخلوق و تمتم بإحترام تام .

" سامويل هانوفر ، حفيد رئيسي من خط سلالة هانوفر و الإمبراطور 18 لإمبراطورية الغريفن يحيي السلف ، الغريفين العظيم و القديم ، المؤسس الأول ، راغنار ."

.

.

2024/05/15 · 197 مشاهدة · 1501 كلمة
....وحيد
نادي الروايات - 2024