.

.

سامويل هانوفر وقف في السماء ، محاطا بالأثير الذهبي ، و وجهه مكشوف بإبتسامة لطيفة .

كان يدرك جيدا ما عليه القيام به .

" سامويل هانوفر ، حفيد رئيسي من خط سلالة هانوفر و الإمبراطور 18 لإمبراطورية الغريفن يحيي السلف ، الغريفين العظيم و القديم ، المؤسس الأول ، راغنار ."

"…"

راغنار أخذ لحظة قبل أن يجيب ،

ثم قال بصوت هادئ .

" تهانينا على مرورك بمحاكماتي … أيها الحفيد سامويل هانوفر. كن فخورا لأن أسرع شخص أنهى محاكماتي ."

" شكرا لك ."

أجاب سامويل بإحترام .

كان يعلم سامويل أنه حسب المعايير التي أسس بها شخصية راغنار في قصته، أن هذا الأخير لا يبدي إعجابا أو فخرا بسهولة.

" أحببت شخصيتك ، متواضع تماما و شخص يزن خياراته …"

" شكرا لك أيها السلف ."

" جيد جد…"

فجأة و بسرعة غير مرئية ، حرك راغنار رأسه ناحية إتجاه الشرق و حدق في الأفق بنظرة جدية .

كأنه اخترق مجال الزمان و المكان ليرى شيئا غير مسر .

ثم تمتم بصوت منزعج ،

" لقد تمكنوا من تحديد هذا المكان . سحقا ، لقد نفذ الوقت …"

سامويل وقف هناك بعد أن وضعه راغنار على الأرض سابقا ، يحاول فهم كلمات سلف الغريفين و الإشارات الغامضة التي يظهرها .

كانت اللحظة مليئة بالتوتر ، حيث علم أن هناك أشياء أخرى مخفية لا يعلمها .

' تحديد هذا المكان … من هم ؟'

' ما معنى نفذ الوقت ؟ '

' لم أضع في إعدادات الرواية وضعية مثل هذه .'

' هل هنالك شيء لم أضعه بإعتباري ؟ '

تكونت عاصفة من الأسئلة في عقل سامويل و لكن إحتفظ بها لنفسه .

" أيها السلف ، ماذا تقصد ؟ "

راغنار بقي يحدق في الأفق بنظرة جادة ، و كأنه يتفحص أحداثا لا يمكن للعيون البشرية أن تراها .

بعد لحظة من الصمت ، أجاب بصوت يحمل لمسة من الغموض .

" سأكلفك بمهمة يا إمبراطور الغريفين 18 ، سامويل غريفين . إنحني لمرسوم هذا السلف ."

كلمات راغنار كانت كأمواج تتلاطم في عقل سامويل مما جعل هذا الأخير ينحني على ركبة واحدة .

" سامويل هانوفر ، سأكلفك بمهمة خطيرة ، هل أنت أهل بها ؟ "

سامويل رفع رأسه بثقة ، و هو يتظاهر بأن عينيه الحمراوتان تلمعان بالإستعداد و التحدي .

" نعم ، سأفعل ما هو ضروري . قد يكون الطريق صعبا ، لكنني إمبراطور الغريفين ، سأحقق مهمتي بفخر و أجعلك أيها السلف فخورا ."

" جيد جدا "

راغنار أبدى إعترافا بالإستعداد و القوة في عيون سامويل ،

ثم أشار بيده ليظهر ضوء رمادي في المحيط أعمى عيون سامويل و جعل الدموع تسيل منها .

بعد بضع ثوان ، فتح سامويل عينيه ثم حكهما بسرعة لمسح الدموع الموجودة على طرفهما .

بعد ذلك ، نظر إتجاه سلف الغريفين ليرى شكلا غريبا .

********

********

" أبي !!!"

وصل صوت الفتاة الصغيرة مرة أخرى إلى أذني ماغنوس ،

مما جعل جسده يتجمد تماما في مكانه ، و عادت ذكريات مدفونة في أعماقه إلى التجسد في عقله ، و تحولت ملامح العجوز إلى تعبير مختلف .

" هل يمكن ؟ "

همس ماغنوس بدهشة .

إختفت الخيبة من وجهه و استبدلت محلها الأمل و الفرح .

نسي العجوز أمر المحاكمة و أمر سامويل ،

-بادوم

" إنتظري !!"

هتف ماغنوس بتلهف و شق طريقه ناحية الصوت .

لم يستطع إستخدام أي نوع من أنواع الطاقات في هذا الإختبار ، لذلك كل ما يمكنه القيام به هو الجري بسرعة عجوز كهل .

" هوف …. هوف "

اتجه ماغنوس إلى الأمام بدون تردد .

كلما إقترب كلما رأى صورا ظلية في الأمام .

كلما إقترب كلما بدأت دموعه تسيل بشكل لا أرادي .

إذا رأى شخص من امبراطورية الغريفين ما شكله الآن فلن يصدق أنه الساحر ماغنوس الأسطوري .

و بعد بضعة دقائق ،

هناك ، خلف أشجار الخيزران ، ظهرت صورة فتاة صغيرة ذات وجه أبيض ناصع ، عينين زرقاوتين صافيتين و شعر بني كستاني .

ترتدي الفتاة الصغيرة فستانا أزرق فاتح و تحمل على وجهها ملامح الخوف و الرعب لأنها كانت مأسورة في يد شخص مجهول يرتدي ملابس سوداء من الفوق إلى التحت .

" أبي أنقذني "

صرخت الفتاة بقوة شديدة .

و لما لاحظ الشخص المجهول مطارده ، قام بحركة سلسة بإفقاد وعيها .

رأى ماغنوس جل السيناريو مما جعله يرتجف بدون توقف ، شعر بالخوف و الغضب في نفس الوقت .

لأن الشخص أمامه هو الوحش الذي اختطف طفلته الثمينة قبل 12 سنة .

" أنت …"

صر ماغنوس العجوز أسنانه و حاول تحريك المانا في جسده للقيام بإلقاء أحد تعويذاته .

لكن ، لسوء الحظ ، لم يطرأ أي شيء .

لم يستطع إستخدام المانا التي يبرع بها .

حدق الرجل المجهول في ماغنوس بعيون مليئة بالازدراء.

" هذا والدها ؟!"

تمتم الرجل المجهول بهدوء .

" ضعها على الأرض و لنتحدث "

نسي ماغنوس كل شيء ، كلما يهمه حاليا هو سلامة فتاته الحبيبة .

" أتركها أيها اللعين "

" أتركها … "

فقد ماغنوس تفكيره من كثرة الغضب ،

غضب تم تخزينه في قلبه لمدة 12 سنة .

أمسك و هو يرتجف بدون توقف بصخرة على الأرض مرسلا إياها ناحية الرجل المجهول .

" مت …"

لكن ، هذا الأخير ، تفاداها كأنها لا شيء .

" أتركه…ا "

هاجم ماغنوس عدوه بشتى الطرق عبر رمي الحجارة ، هجمات و ركلات خاطفة .

لكنه لم يستطع حتى لمس ملابس الرجل المجهول .

" أتركها …"

" أجبني ، لماذا جعلتني أعاني ؟ "

" ما هدفك ؟"

" لماذا أنا ؟ لماذا ؟"

"أجبني ، لماذا أنت صامت؟ "

" لماذا حرمتني من فتاتي ؟"

" أرجوك أجبني .."

إنهار ماغنوس على الأرض بسبب جسده العجوز الخالي من المانا .

" لماذا أنا ؟ إجبني ، أريد أن أعلم لماذا ؟ "

الشخص المجهول بقي صامتا في ظل هجمات العجوز اليائسة ، و لم يظهر عليه أي رد فعل .

كل ما فعله هو أن المراوغة بثبات ، بينما كان ماغنوس يصرخ بأسئلته بجنون .

" لماذا ؟!"

" لماذا نحن ؟!"

كانت اللحظات مليئة بالتوتر و الغموض .

كانت مأساة ماغنوس تتكشف أمامه ، و الفتاة الصغيرة لا تزال فاقدة للوعي .

" هاه ،فهمت أخيرا "

بعد تفريغ مشاعره المكبوتة ، وقف ماغنوس المتسخ من مكانه بهدوء .

مازالت الدموع تتدفق بغزارة من عينيه و هو يتمتم بهدوء .

" لقد حصلت عليه ، لقد فهمت ، لقد فهمت "

ماغنوس توقف على الهجوم و كأنه قرر التصالح مع حقيقة ماضيه المظلم و البائس .

بينما يعاني ماغنوس من مشاعره المتدفقة ، ظهرت على وجهه ملامح الفهم و القرار في وجهه .

بقي الشخص المجهول صامتا كالصخر يراقب العجوز المنكسر أمامه .

" رغم أن هذا مجرد إختبار أو محاكمة . لا أهتم حقا بماذا يسمى هذا المكان ."

"لكنني فهمت شيئا مهما … "

فجأة ، بدأت أجزاء الإختبار تتفكك ببطئ ، كما ظهرت نظرة دافئة على وجه ماغنوس و هو ينظر على الفتاة النائمة بهدوء على ظهر الرجل المجهول .

كانت الدموع تتساقط بحرية على وجنتيه ، ثم قال بصوت صاخب ،

" لقد كنت خائفا من التذكر … كنت خائفا من تذكر حادثة اليوم … كنت خائفا منك … لكنني أقسم …. أقسم أنني ساجدك و سأنتقم منك ."

2024/05/15 · 181 مشاهدة · 1162 كلمة
....وحيد
نادي الروايات - 2024