3 - لقد تجسدت مرة أخرى كإمبراطور قمامة [2]

.

.

" إمبراطور غريفين هاه ."

سرعان ما أمر رامون الخادمة بابتسامة دافئة قائلا :

" إنسي ما قلته سابقا ، لقد كنت فقط أمزح . هل يمكنك أحضار لي كوب ماء بارد حالا ؟"

كان حلق رامون جافا ، كما أنه بحاجة لبعض الوحدة لتصفية ذهنه .

" سأقوم إعداده حالا جلالتك "

" رائع ، شكرا "

جفلت الخادمة لبعض ثواني ثم غادرت الغرفة بتعبير غريب على وجهها .

......

غادرت إيميليا الغرفة بسرعة لتنفيذ أوامر سيدها.

بمجرد تركها للغرفة ، أستطاع رامون التحرك بصعوبة ثم توجه للحمام ،

إذا إتضح أن الأمر كما يفكر به ، فحمام النبلاء يتوفر على مرآة كبيرة ،

كما هو المتوقع ، كانت المرآة داخل الحمام ،

حدق رامون في وجهه بهدوء ، ثم تمتم ببرود إسم مالك جسده الحالي :

" سامويل هانوفر ."

" لم يكتفي بإدخالي عالما جديدا بل أعطاني جسدا معطوبا بالكامل . "

كان لسامويل الأصلي جسد سمين جدا ، يمكن وصفه بخنزير يمشي ،

حتى التنفس بشكل طبيعي هو أمر صعب في هذا الجسد ،

يملك سامويل كذلك عيون حمراء و شعر أحمر وهي مميزات أنه سليل عائلة هانوفر ،

' ذلك اللعين .'

' أقسم بإسم الإله أنني سأنتقم منه .'

" هاه"

حلل رامون وضعيته بهدوء و هو يحدق في إنعكاسه بالمرآة .

" همم ."

لسبب غريب ، يتذكر محتويات روايته بشكل ممتاز رغم الوقت الطويل الذي قضاه في الظلام .

سامويل هانوفر هو شخصية جانبية ألفها رامون في رواية الطريق نحو القمة ،

الإبن الوحيد للإمبراطور السابق هارولد هانوفر ،

يسمى أيضا من طرف النبلاء بوصمة عار العائلة الإمبراطورية ،

ولد بدون الحماية الإلهية لعرق الغريفين ،

ضعيف في فنون المبارزة ،

ضعيف في ممارسة السحر ،

موهبة ضعيفة في جميع الميادين الأخرى ،

كما أنه شخصية مغرورة و في نفس الوقت جبانة ،

و أسوء شيء في الأمر هو بدانة جسده ،

' هل أنا غير محظوظ بإمتلاك جسده ؟ '

' أم أن ذلك الكائن اللعين قام بخدعة أخرى ؟'

'ً لماذا لم أولد كإبن تاجر غني أو نبيل ذو منصب مستقر ؟ لماذا يجب أن يكون سامويل بالذات ؟ '

إذا قارن رامون جميع روايات إعادة التجسيد التي قرأها أو ألفها ، سامويل هانوفر هو أسوء مضيف على الإطلاق ،

جسد يمكن تلقيبه بالقمامة البشرية ،

حتى التنفس هو عذاب بالنسبة لرامون حاليا،

' حسنا ، هذا لا يهم . سأعيش بكسل كالعادة .'

عقد رامون ذراعيه و هو يفكر في الأمور الملحة ،

لا يعرف رامون تفاصيل حياة سامويل ،

رغم أنه خالق هذا العالم ، فهو يعلم فقط أنه خلق هذه الشخصية الجانبية للموت على يد قوات التمرد ،

" آه ، إذن هل ستسير الأمور كما فعلت في الرواية ؟ "

رفع رامون عينيه عن المرأة ثم حدق في الحمام الفخم الذي يتواجد به ،

جدران رخامية مطلية بزخارف ذهبية ،

ثم تمتم بهدوء :

" هل أهرب بعيدا ؟ من الأحسن أن أختبأ في إحدى القرى الغير المأهولة . "

" يمكنني الحصول بسهولة على المال بصفتي إمبراطور هذا البلد ، ثم أعيش متخفيا في مكان أخر ."

أراد رامون عيش حياة كسولة خالية من المؤامرات .

" لكنني سأظل مطاردا من قبل عدو صاحب جسدي . همم ، لما لا أقضي على الدوق الخائن من أجل ضمان مستقبل أفضل و أحسن."

إبتسم رامون بمكر و هو يحك ذقنه الغليظ ،

" أكره العيش هاربا طوال حياتي ." تمتم رامون ببرود معتقداته .

إذا إتضح أن رامون حقا داخل روايته ، فهذه القارة السلمية ستتحول إلي جحيم بعد بضعة سنوات .

" سحقا ، أكره المتاعب يا رجل ."

غمر رامون وجهه السمين في الحوض الملئ بالماء البارد لتصفية أفكاره الشائكة .

فيو

" يجب علي الحصول على المزيد من المعلومات . لا بد من توفر مكتبة في هذا القصر، لنتفقدها حالا ."

" جلالتك ، هل أنت في الحمام ؟ "

فجأة رن صوت إيميليا القادم من الخارج في أذني رامون .

" أنا سأتي على الفور "

رد رامون على الخادمة ببرود و هو يمسح وجهي بالمنشفة ،

" ما هذا …-؟"

لم يعرف رامون ما الذي يحدث معه ؟

منذ دخوله إلى الفراغ ، شخصيته تغيرت قليلا .

" هاه ، لقد تغيرت بعض الشيء ، لكن هذا لا يهم حاليا ."

غمغم رامون بهته الكلمات و هو يغادر الحمام .

كانت إيميليا تقف أمام الباب بابتسامة مشرقة على وجهها و هي تحمل صينية بها فنجان ماء ،

خلفها خادمان كل منهما يحمل صينية مليئة بالأطعمة المختلفة .

ناولت إيميليا رامون فنجان الماء البارد بسرعة ، ثم أمرت الخدم بالإنصراف بعض وضع الصينيتين فوق طاولة رخامية ضخمة تتواجد في الركن الشرقي للغرفة ،

حمل رامون الفنجان و هو يحدق في أركان الغرفة الضخمة المتمثلة أمامه ،

غرفة أفضل بمئة مرة من غرف 5 نجوم التي توجد في القرن 21 .

سرير ضخم مزخر بزخارف ذهبية ،

إطلالة جميلة على الحدائق الإمبراطورية ،

تتوفر الغرفة على العديد من العناصر الثمينة ،

حتى أن غطاء السرير هو من جلد عرق النمس الذهبي النادر ،

مجرد غطاء سرير كافي لإعالة قرية متوسطة لعشر سنوات .

' هذه بداية جيدة .'

تنهد رامون و قال هذه الكلمات لتشجيع نفسه ،

*****************

- قضم

- قضم

أمسك رامون تفاحة خضراء أخرى من على الطاولة ثم قضمها ،

" هاه ، لم أتناول الطعام منذ مدة طويلة جدا . تذوق التفاح بعد مدة طويلة يشعرني بالغرابة ."

سرعان ما أمال رأسه ليحدق في الخادمة المتصلبة أمامه ،

" أنت ما زلت هنا ."

" نعم ، جلالتك . هل تريد أي شيء ؟"

رغم ملاحظتها لتغيير سيدها الغريب ، لم تقل إيميليا أي شيء ، إنتظرت فقط أوامر سيدها القادمة .

" إجلسي ، تناولي بعض الطعام . "

أشار رامون لإيميليا بالجلوس قربه لمشاركته الطعام .

" لكن ، جلالتك ... "

" قلت ، إجلسي ."

أجاب رامون ببرود و هو يحشو اللحم في فمه ،

سرعان نفذت الخادمة أمره ثم جلست قرب رامون ،

ناولها رامون قطعة لحم دسمة ،

لتشرع هي الأخرى في إلتهام اللحم بشراهة .

" هذه هي الروح المطلوبة ."

أومأ رامون رأسه برضا و هو يشاهد إيميليا تشاركه الطعام .

بعد الإنتهاء من تناول الطعام ،

شعر رامون بالرضا لكونه إلتهم مجموعة من الأطباق اللذيذة مباشرة بعد خروجه من الفراغ .

" طعام لذيذ ."

قال رامون هذه الكلمات بإبتسامة صغيرة على وجهه و هو يربت بلطف على شعر إيميليا الحريري .

" إيميليا ."

نادى رامون الشابة الشقراء بهدوء ،

" نعم ، جلالتك ."

" سأسألك عن بضع الأسئلة ، أريد فقط إجابات ، أتفهمين ؟ "

" نعم "

رتب رامون شعره الأحمر قليلا ،

ثم قال بجدية :

" ما هو تاريخ اليوم ؟ "

" اليوم هو 15 مارس "

أجابت إيميليا بدون تردد ،

" أية سنة ؟؟"

" السنة 109 من التقويم الإمبراطوري ، ألا تتذكر جلالتك ؟ "

" قلت لا أسئلة غير ضرورية . "

تمتم رامون بهذه الكلمات بلهجة تحذيرية و هو يحدق في إيميليا المرتجفة أمامه ،

تذكر رامون محتويات الرواية بهدوء ثم أضاف :

" كم بقي من الوقت على حفل إختيار الإمبراطورة ؟"

" أقل من شهر جلالتك ، إنتهت تحضيرات الحفل قبل أسبوع ."

تنهد رامون طويلا ، وضع يديه خلف ظهره ثم حدق من النافذة بهدوء :

" هاه ، إقترب الوقت ."

في الرواية ، تم إغتيال سامويل هانوفر اليوم 12 أبريل سنة 109 من التقويم الإمبراطوري أي في حفل إختيار الإمبراطورة ،

" هاه ، حسنا ما زالت أملك الوقت . علي الإعتناء بالجرذ الخائن و أتباعه . ثم سأفكر في الباقي لاحقا ."

تمتم رامون هذه الكلمات بكسل محدقا في روعة الحدائق الإمبراطورية الخلفية .

إبتسم رامون بمكر و هو غارق في أفكاره ثم قال لإيميليا الواقفة خلفه بهدوء :

" أرشديني إلى المكتبة ."

.

.

2024/04/02 · 460 مشاهدة · 1246 كلمة
....وحيد
نادي الروايات - 2024