.
.
" إمبراطور غريفين هاه ."
سرعان ما أمر رامون الخادمة بابتسامة دافئة قائلا :
" إنسي ما قلته سابقا ، لقد كنت فقط أمزح . هل يمكنك أحضار لي كوب ماء بارد حالا ؟"
كان حلق رامون جافا ، كما أنه بحاجة لبعض الوحدة لتصفية ذهنه .
" سأقوم إعداده حالا جلالتك "
" رائع ، شكرا "
جفلت الخادمة لبعض ثواني ثم غادرت الغرفة بتعبير غريب على وجهها .
......
غادرت إيميليا الغرفة بسرعة لتنفيذ أوامر سيدها.
بمجرد تركها للغرفة ، أستطاع رامون التحرك بصعوبة ثم توجه للحمام ،
إذا إتضح أن الأمر كما يفكر به ، فحمام النبلاء يتوفر على مرآة كبيرة ،
كما هو المتوقع ، كانت المرآة داخل الحمام ،
حدق رامون في وجهه بهدوء ، ثم تمتم ببرود إسم مالك جسده الحالي :
" سامويل هانوفر ."
" لم يكتفي بإدخالي عالما جديدا بل أعطاني جسدا معطوبا بالكامل . "
كان لسامويل الأصلي جسد سمين جدا ، يمكن وصفه بخنزير يمشي ،
حتى التنفس بشكل طبيعي هو أمر صعب في هذا الجسد ،
يملك سامويل كذلك عيون حمراء و شعر أحمر وهي مميزات أنه سليل عائلة هانوفر ،
' ذلك اللعين .'
' أقسم بإسم الإله أنني سأنتقم منه .'
" هاه"
حلل رامون وضعيته بهدوء و هو يحدق في إنعكاسه بالمرآة .
" همم ."
لسبب غريب ، يتذكر محتويات روايته بشكل ممتاز رغم الوقت الطويل الذي قضاه في الظلام .
سامويل هانوفر هو شخصية جانبية ألفها رامون في رواية الطريق نحو القمة ،
الإبن الوحيد للإمبراطور السابق هارولد هانوفر ،
يسمى أيضا من طرف النبلاء بوصمة عار العائلة الإمبراطورية ،
ولد بدون الحماية الإلهية لعرق الغريفين ،
ضعيف في فنون المبارزة ،
ضعيف في ممارسة السحر ،
موهبة ضعيفة في جميع الميادين الأخرى ،
كما أنه شخصية مغرورة و في نفس الوقت جبانة ،
و أسوء شيء في الأمر هو بدانة جسده ،
' هل أنا غير محظوظ بإمتلاك جسده ؟ '
' أم أن ذلك الكائن اللعين قام بخدعة أخرى ؟'
'ً لماذا لم أولد كإبن تاجر غني أو نبيل ذو منصب مستقر ؟ لماذا يجب أن يكون سامويل بالذات ؟ '
إذا قارن رامون جميع روايات إعادة التجسيد التي قرأها أو ألفها ، سامويل هانوفر هو أسوء مضيف على الإطلاق ،
جسد يمكن تلقيبه بالقمامة البشرية ،
حتى التنفس هو عذاب بالنسبة لرامون حاليا،
' حسنا ، هذا لا يهم . سأعيش بكسل كالعادة .'
عقد رامون ذراعيه و هو يفكر في الأمور الملحة ،
لا يعرف رامون تفاصيل حياة سامويل ،
رغم أنه خالق هذا العالم ، فهو يعلم فقط أنه خلق هذه الشخصية الجانبية للموت على يد قوات التمرد ،
" آه ، إذن هل ستسير الأمور كما فعلت في الرواية ؟ "
رفع رامون عينيه عن المرأة ثم حدق في الحمام الفخم الذي يتواجد به ،
جدران رخامية مطلية بزخارف ذهبية ،
ثم تمتم بهدوء :
" هل أهرب بعيدا ؟ من الأحسن أن أختبأ في إحدى القرى الغير المأهولة . "
" يمكنني الحصول بسهولة على المال بصفتي إمبراطور هذا البلد ، ثم أعيش متخفيا في مكان أخر ."
أراد رامون عيش حياة كسولة خالية من المؤامرات .
" لكنني سأظل مطاردا من قبل عدو صاحب جسدي . همم ، لما لا أقضي على الدوق الخائن من أجل ضمان مستقبل أفضل و أحسن."
إبتسم رامون بمكر و هو يحك ذقنه الغليظ ،
" أكره العيش هاربا طوال حياتي ." تمتم رامون ببرود معتقداته .
إذا إتضح أن رامون حقا داخل روايته ، فهذه القارة السلمية ستتحول إلي جحيم بعد بضعة سنوات .
" سحقا ، أكره المتاعب يا رجل ."
غمر رامون وجهه السمين في الحوض الملئ بالماء البارد لتصفية أفكاره الشائكة .
فيو
" يجب علي الحصول على المزيد من المعلومات . لا بد من توفر مكتبة في هذا القصر، لنتفقدها حالا ."
" جلالتك ، هل أنت في الحمام ؟ "
فجأة رن صوت إيميليا القادم من الخارج في أذني رامون .
" أنا سأتي على الفور "
رد رامون على الخادمة ببرود و هو يمسح وجهي بالمنشفة ،
" ما هذا …-؟"
لم يعرف رامون ما الذي يحدث معه ؟
منذ دخوله إلى الفراغ ، شخصيته تغيرت قليلا .
" هاه ، لقد تغيرت بعض الشيء ، لكن هذا لا يهم حاليا ."
غمغم رامون بهته الكلمات و هو يغادر الحمام .
كانت إيميليا تقف أمام الباب بابتسامة مشرقة على وجهها و هي تحمل صينية بها فنجان ماء ،
خلفها خادمان كل منهما يحمل صينية مليئة بالأطعمة المختلفة .
ناولت إيميليا رامون فنجان الماء البارد بسرعة ، ثم أمرت الخدم بالإنصراف بعض وضع الصينيتين فوق طاولة رخامية ضخمة تتواجد في الركن الشرقي للغرفة ،
حمل رامون الفنجان و هو يحدق في أركان الغرفة الضخمة المتمثلة أمامه ،
غرفة أفضل بمئة مرة من غرف 5 نجوم التي توجد في القرن 21 .
سرير ضخم مزخر بزخارف ذهبية ،
إطلالة جميلة على الحدائق الإمبراطورية ،
تتوفر الغرفة على العديد من العناصر الثمينة ،
حتى أن غطاء السرير هو من جلد عرق النمس الذهبي النادر ،
مجرد غطاء سرير كافي لإعالة قرية متوسطة لعشر سنوات .
' هذه بداية جيدة .'
تنهد رامون و قال هذه الكلمات لتشجيع نفسه ،
*****************
- قضم
- قضم
أمسك رامون تفاحة خضراء أخرى من على الطاولة ثم قضمها ،
" هاه ، لم أتناول الطعام منذ مدة طويلة جدا . تذوق التفاح بعد مدة طويلة يشعرني بالغرابة ."
سرعان ما أمال رأسه ليحدق في الخادمة المتصلبة أمامه ،
" أنت ما زلت هنا ."
" نعم ، جلالتك . هل تريد أي شيء ؟"
رغم ملاحظتها لتغيير سيدها الغريب ، لم تقل إيميليا أي شيء ، إنتظرت فقط أوامر سيدها القادمة .
" إجلسي ، تناولي بعض الطعام . "
أشار رامون لإيميليا بالجلوس قربه لمشاركته الطعام .
" لكن ، جلالتك ... "
" قلت ، إجلسي ."
أجاب رامون ببرود و هو يحشو اللحم في فمه ،
سرعان نفذت الخادمة أمره ثم جلست قرب رامون ،
ناولها رامون قطعة لحم دسمة ،
لتشرع هي الأخرى في إلتهام اللحم بشراهة .
" هذه هي الروح المطلوبة ."
أومأ رامون رأسه برضا و هو يشاهد إيميليا تشاركه الطعام .
بعد الإنتهاء من تناول الطعام ،
شعر رامون بالرضا لكونه إلتهم مجموعة من الأطباق اللذيذة مباشرة بعد خروجه من الفراغ .
" طعام لذيذ ."
قال رامون هذه الكلمات بإبتسامة صغيرة على وجهه و هو يربت بلطف على شعر إيميليا الحريري .
" إيميليا ."
نادى رامون الشابة الشقراء بهدوء ،
" نعم ، جلالتك ."
" سأسألك عن بضع الأسئلة ، أريد فقط إجابات ، أتفهمين ؟ "
" نعم "
رتب رامون شعره الأحمر قليلا ،
ثم قال بجدية :
" ما هو تاريخ اليوم ؟ "
" اليوم هو 15 مارس "
أجابت إيميليا بدون تردد ،
" أية سنة ؟؟"
" السنة 109 من التقويم الإمبراطوري ، ألا تتذكر جلالتك ؟ "
" قلت لا أسئلة غير ضرورية . "
تمتم رامون بهذه الكلمات بلهجة تحذيرية و هو يحدق في إيميليا المرتجفة أمامه ،
تذكر رامون محتويات الرواية بهدوء ثم أضاف :
" كم بقي من الوقت على حفل إختيار الإمبراطورة ؟"
" أقل من شهر جلالتك ، إنتهت تحضيرات الحفل قبل أسبوع ."
تنهد رامون طويلا ، وضع يديه خلف ظهره ثم حدق من النافذة بهدوء :
" هاه ، إقترب الوقت ."
في الرواية ، تم إغتيال سامويل هانوفر اليوم 12 أبريل سنة 109 من التقويم الإمبراطوري أي في حفل إختيار الإمبراطورة ،
" هاه ، حسنا ما زالت أملك الوقت . علي الإعتناء بالجرذ الخائن و أتباعه . ثم سأفكر في الباقي لاحقا ."
تمتم رامون هذه الكلمات بكسل محدقا في روعة الحدائق الإمبراطورية الخلفية .
إبتسم رامون بمكر و هو غارق في أفكاره ثم قال لإيميليا الواقفة خلفه بهدوء :
" أرشديني إلى المكتبة ."
.
.