.
.
" جلالتك .."
عند شعور التابع بنظرة إمبراطور التنانين توجه في طريقه ، شعر بضغط هائل للغاية .
يكفي لجعل أي شخص ينكمش بمجرد لمحة .
ركع التابع المرتجف على ركبة واحدة و هو ينتظر إشارة إمبراطوره لكي يتكلم .
فمن هو إمبراطور التنانين ؟
هو كائن قوي للغاية ،
و مخيف جدا .
حتى الأراضي المقدسة ، تراقب تحركاته بسبب حذرهم المستمر منه و من مكره .
يؤمن به جميع سكان إمبراطوريته .
كان التابع نيكولاس أحد هؤلاء الأشخاص .
كان إيمانه بإمبراطور التنانين شديدا جدا .
كان تبجيله قائما على اعتقاده أن هذا الأخير مطلق و وجود قاهر في هذا العالم .
الجميع كانوا تحت سيطرته ، و كان لايهزم .
لم يكن هناك شيء يمكن أن يهزمه .
هذا ما اعتقده التابع .
" كيف حالك أيها الصغير نيكولاس ؟"
سأل امبراطور التنانين بدفئ على وجهه .
" أنا بخير جلالتك ، شكرا على سؤالك ." أجاب نيكولاس بتأثر شديد ، إمبراطور التنانين تذكر إسمه ، ياله من شرف كبير له .
" جيد جدا ، إذن ما هو الأمر الطارئ ؟"
أضاف امبراطور التنانين جاسبر بصوت رقيق للغاية .
" إذن …"
" جلالتك ، لقد مات للتو الجاسوس الذي زرعناه في الغريفين قبل بضعة عقود ."
" جاسوس …"
رفع جاسبر رأسه ثم هزه في النهاية .
" هل هو ديريك …… " توقف لبعض الثواني ثم أضاف ،
" ماكفي ؟"
بدا صوته محبطا لحد ما . كأنه يتذكر شيئا متأصلا في ذكرياته بعد تمتمته للإسم .
" نعم ، جلالتك ."
كرر التابع نيكولاس ببطء .
أومأ امبراطور التنانين .
رفع هذا الأخير يده و فتح كفه ببطئ .
" مات ذلك العجوز … يال الشفقة ."
تمتم جاسبر بصوت خافت .
فجأة ، ظهرت في مقدمة راحة يده بلورة إتصال زرقاء .
أمر كاسبر تابعه و هو يميل رأسه .
" اكتشف ما حدث بالضبط يا نيكولاس."
أخذ التابع نفسا عميقا و تمتم بتوتر .
" نحن نعمل على الأمر يا جلالتك في خضم حديثنا الحالي ."
" جيد جدا نيكولاس ، لاتخيب ظني بك . أنت تعرف ما الذي أفعله لعديمي الفائدة ؟ "
" نعم … ن …عم ، سأكون عند حسن ظن جلالتك . كن …. مطمئنا .."
تلعثم نيكولاس شاعرا بالخوف الشديد .
الخوف .
شعور مزعج و لا مفر منه ناتج عن التهديد بالخطر أو الألم أو الأذى .
يبدأ بتوقف الشعر . بعد ذلك ، تبدأ راحة يدك في التعرق و يعاني جسدك من الغثيان ، مما يجعل من الصعب عليك فهم ما يوجد أمامك .
تشعر كأن العالم ضبابي . في لحظة ، يبدأ جسدك بالكامل بالإرتعاش و ينبض قلبك بصوت عال داخل رأسك لدرجة أنك تشعر بالإختناق .
يكون الخوف كرد فعل غريزي و بدائي مصمم لمساعدة البشر على تجنب المواقف الخطرة .
" غادر الآن . إذا لم يكن هناك شيء أخر ."
" هااااه ، …… نعم ، جلالتك ."
أجاب نيكولاس بسرعة حيث أصبح تنفسه أثقل فأثقل .
و كالصاعقة ، غادر مكتب إمبراطور التنانين .
جالسا على كرسي المكتب ، وضع كاسبر يديه على طرف ركبتيه .
" لسوء الحظ ، لا يمكنني التدخل مباشرة ."
بدأت البلورة الزرقاء الموضوعة فوق المكتب باللمعان .
من الواضح من أن كاسبر يحاول الإتصال بشخص ما .
" لكن ، يمكنني تغيير قواعد اللعبة ."
إبتسم كاسبر بمكر محدقا في البلورة الزرقاء التي ربطت الإتصال بالطرف الأخر .
***********
" يال التعب "
تأوه سامويل و نظر إلى الأوراق في يده.
' هذه مشكلة .'
" هذا لا يكفي ، لقد دمرت التخطيط الهرمي لإمبراطورية الغريفين بشكل غير قابل للإصلاح ."
خدش سامويل رأسه باستمرار .
" قتل النبلاء في لحظة واحدة حقا دمر أساسات هذه الإمبراطورية."
المشكلة هي …
كيف يمكنه إصلاح الأمر ؟
كما أنه سيغادر في الساعة 12 مساءا إلى مكان مجهول بسبب النظام الذي حصل عليه .
أي أنه سيغادر في غضون ساعة .
" أظن سأعتمد سياسة إعادة التطوير لإصلاح الوضع بعض الشيء ."
" سأقوم بالقيام بملئ المناصب الخونة الشاغرة بالعامة عبر القيام باختبارات في جميع أنحاء الإمبراطورية.."
" نعم .. هذا جيد و .."
لذا ما عليه فعله الآن ليس مسودة أولية ، بل تعليمات واضحة لكيفية تطوير امبراطوريته .
و تركها لماغنوس للتكلف بتحقيقها .
كما عليه كتابتها في أسرع وقت ممكن بالإستناد على معرفة حياته الماضية .
" اللعنة !"
حك سامويل رأسه .
لم يكن ليلمس القلم على الإطلاق لولا الظروف .
فبعد تهدئته للوضع في العاصمة سابقا عبر ظهوره العلني وسطها و تهدئة شعبه شخصيا .
أصبح الآن يكتب الإستراتيجيات التي يجب اتخاذها أثناء غيابه .
" لكن مازلت بحاجة إلى القيام بذلك !"
كل شيء يجب أن يكون مثاليا .
كما يجب عليه أن يضع خططا تحسبا لهجوم امبراطورية التنانين أو شخص أخر .
مفصلة بما يكفي للفهم .
طق طق
بدأ سامويل في نجر القلم بالمنجرة .
" علي فعلها في الوقت ."
اشتعلت النيران في عينيه .
" أوه "
أخد نفسا قصيرا و بدأ في ملئ بضعة أوراق بخططه .
لمعت عيناه اللتان كانتا تكتبان .
مرت أربعون دقيقة بسرعة البرق ،
ظل فيها سامويل يكتب كالآلة .
" أخيرا "
هذا ليس سيئا للغاية .
لحسن الحظ ، تمكن من انهاء كتابة خططه و استراتيجياته قبل إنتهاء الوقت .
دق
دق
سمع صوت دق خفيف على الباب .
" أدخل "
" حاضر ، جلالتك ."
دخل ماغنوس الذي يرتدي جلبابا أسودا إلى غرفة سامويل بهدوء شديد .
" هل إستقر الوضع ؟ "
سأل سامويل الذي أخرج رأسه من كومة الأوراق .
" بالطبع لا ، العاصمة مليئة بالجنون حاليا . كما أن العديد من الأشخاص يغادرون منها خوفا من الموت الفجائي بسبب الإنفجارات السابقة ."
أوضح ماغنوس الصورة الكاملة لسامويل و هو يتحرك نحو الأريكة الموجودة أمامه .
جلس هذا الأخير عليها بأناقة .
" كما أن معظم الإقطاعيات يتم التحكم بها من طرف قوات الدوق المتبقية المعادية مما صعب أمر تحقيق الإستقرار في الوقت الحالي ."
" سحقا "
لعن سامويل بملامح باردة على وجهه .
" إذن ، ماذا علينا فعله يا جلالتك ؟"
سأل ماغنوس بترقب و هو يسترخي ببطء على الأريكة .
أحداث اليوم جعلته يشعر بتعب شديد .
لكنه ، متمسك بنفسه بصعوبة شديدة .
" لدي خطة ، بالأحرى لدي العديد من الخطط و الإستراتيجيات."
رد سامويل بابتسامة ذكية و هو يأخد مكانا على الأريكة المقابلة .
" هاهي !!"
أشار سامويل إلى الأوراق الموضوعة على جانب المكتب الأيمن .
فقد عزل في وقت سابق ، الأوراق التي تحتوي على الأفكار المهمة عن الخربشات و وضعها على يمين المكتب .
" المؤشرات تشير على أن الوضع لن يتحسن قريبا . هناك توترات سياسية و إقتصادية متصاعدة . كما أننا على مشارف الحرب مع امبراطورية قوية كالتنانين ."
" لذلك ، قمت بكتابة مجموعة خطط التي يمكنها أن تساعدنا على حل بعض المشاكل ."
" أنظر ."
تكلم سامويل بهدوء بينما تأمل ماغنوس الأوراق التي كتبها هذا الأخير في وقت سابق .
ظل ماغنوس يقرأ الأوراق باهتمام شديد .
تغيرت ملامحه مرارا و تكرارا مع مرور الثواني .
ثم بعض بضع دقائق ، ماغنوس أغلق الأوراق و أخذ لحظة ليفكر قبل أن يلتفت نحو سامويل بابتسامة خفيفة .
" جلالتك ، هل أنت عبقري القرن ؟"
" ماذا تعني ؟"
" جلالتك ، هل تمزح معي ؟ هذه خطط مذهلة للغاية و خارجة تماما عن المألوف حقا . لو لم أعرف أنك من كتب هذه الخطط شخصيا لإعتقدت أن عجوزا مخصرم في السياسة هو من كتبها ."
سامويل إبتسم بفخر ،
" نحن بحاجة إلى التحضير لأي إحتمال ، فالأمور قد تتطور بسرعة ، و الإستعداد يعني القوة ."
" صحيح " أجاب ماغنوس .
" لكن ، عدني ماغنوس ."
" بماذا جلالتك ؟"
توقف سامويل عن التكلم لبرهة ثم أضاف بملامح جادة ،
" ستغادر أنت ، إيميليا و أرون الإمبراطورية إذا ساءت الأمور ، عدني …"
ماغنوس تفاجأ من تغير رياح المحادثة و نظر إلى سامويل بعمق ، عيونه تعكس التفكير الجاد .
" سأفعل ما يلزم لحمايتك و حمايتهم . كما قلت ، إذا ساءت الأمور سنغادر إلى مكان آمن . "
سامويل أومأ برأسه .
" أعلم أن الأمور لا تزال غامضة ، و لكن إذا تغيرت الأحوال بشكل كبير ، يجب أن تكونوا مستعدين للتحرك بسرعة ."
" ماذا يعني هذا ؟"
أمال ماغنوس رأسه و هو يراقب سامويل الذي يجلس قبالته .
لاحظ المعنى الخفي في كلمات سامويل .
أنه لن يرافقهم ،
لكن ، لماذا ؟
" سأغادر يا ماغنوس الإمبراطورية لبعض الوقت ."
ماغنوس تجاهل التوتر الذي بدأ يسكن قلبه ، حك لحيته البيضاء و سأل بصوت هادئ ،
" لماذا تقرر الرحيل في هذا الوقت الحرج ؟"
" للتدريب ."
سامويل نظر إلى عيني ماغنوس مجيبا بصراحة .
سيغادر سامويل إلى مكان أخر ، هدفه الأساسي هو فهم كيفية عمل النظام و هدفه .
أما هدفه الثانوي هو تدريب نفسه ، بعد فتح ختم النظام عنه سيصبح قادرا على التدرب أخيرا .
" هل التدريب أهم من سلامة الإمبراطورية أيها الشقي ؟ "
صرخ ماغنوس بقوة محاولا إدخال بعض الحس لعقل سامويل .
بعد ذلك سيطر الصمت الثقيل على الغرفة ، تاركا الكلمات تتداول في الهواء كالضباب الثقيل .
سامويل بقي هادئا ، لكن عينيه كشفت عن قرار ثابت .
" التدريب ليس فقط من أجلي ، ماغنوس ، بل هو لصالح الإمبراطورية بأكملها . إذا كنت قويا ، سأستطيع تحقيق تغيير إيجابي ."
ماغنوس رفع عينيه بدهشة ،
عدل وضعية جلوسه و قال .
" حسنا ، حسنا ، لنقل أنك تدربت ، ما هو المستوى الذي يمكنك تحقيقه في هذا الوقت القصير . هل ستستطيع تحقيق فئة فارس من فئة خمس نجوم ؟ "
" بالطبع لا ."
" هل ستستطيع أن تصبح ساحرا من فئة خمس نجوم ؟"
" بالطبع لا ."
" حتى و لو تدربت مطولا أيها الشقي، لن تنفعنا بتاتا في المعارك الكبرى "
" إذن ، على الأقل ، إبقى و إنفعنا باستعمال عقلك الماكر في نهج الخطط ."
حاول ماغنوس إدخال بعض المنطق في عقل سامويل و حثه عن التراجع عن قراره .
لكنه ، لسوء الحظ ،
قابل سامويل ….
" سأغادر الليلة بأمر من السلف."
" أيها الشقي ."
ماغنوس نظر إلى سامويل بتعبير مختلط من الإحباط و القلق و هو يخدش لحيته باستمرار .
" أيها الشقي ، هل فعلا لا يمكنك البقاء لفترة أطول ؟"
" أنا ممتن لثقتك ، لكنني مصمم على المغادرة في هذه الليلة ."
أجاب سامويل بثبات .
" أنت …"
صرخ ماغنوس .
" إلى أين ستذهب ؟"
"…"
" من سيرافقك ؟ "
"…"
الصمت الكثيف سيطر على الغرفة ،
أراد ماغنوس ربط سامويل بحبل ،حبسه و مراقبته طوال الوقت .
لكنه ، علم أن عليه إحترام رأي إمبراطوره .
" إذن ستغادر وحيدا ."
أومأ سامويل .
أدرك ماغنوس أن سامويل لن يكشف عن التفاصيل أكثر .
فلكل مرء أسراره الخاصة .
" أ لهذا أخذت كتب تعلم السحر مني ؟ أكنت تستعد لهذا اليوم طوال الوقت ؟ "
أومأ سامويل برأسه بلطف .
ثم وقف من مكانه ثم تمدد بعنف ،
" أرغ "
" أيها الشقي اللعين ، ستقتلني يوما ما ."
وقف ماغنوس هو الأخر من مكانه و هو يحمل الأوراق التي كان يضعها على ركبتيه على يديه .
و سأل بلطف ،
" متى ستعود ؟ "
كجد قلق على حفيده من الغياب لوقت مطول .
" لا أعلم ، لكنني سأتي في أقرب وقت ممكن ."
" هكذا إذن ."
بينما وقف سامويل يواجه ماغنوس ،
بدت علامات الوداع في عيونهما .
لم يكم الصمت كافيا للتعبير عن الإحساس الكامنة بينهما .
شعر سامويل بامتنان شديد لماغنوس .
تحول من بيدق في يده إلى شخص عزيز عليه .
وفي لحظة نادرة من النضج ، قال ماغنوس بلطف ،
" أعلم أنك تريد تحقيق شيء كبير . و أنا أدرك قوتك و إصرارك . فاجأتني مرارا و تكرارا في الشهر الماضي . آمل أن تبقى على هذا المنوال و تعود أقوى ."
" إعتن بنفسك ، سامويل ."
سامويل إبتسم بتقدير و شكر .
" شكرا لك ."
" لا تخف أيها الشقي سأغطي على غيابك لا تخف . ما رأيك بقول أنك في عزلة للتدريب ."
" هذا جيد ."
أومأ سامويل موافقا للعجوز أمامه .
" فقد لا تتأخر ، تعلم أنني أكره الأعمال المكتبية . أااااه ، أظنني سأعين شخصا ما لمساعدتي ."
ماغنوس إنفصل عن سامويل و اتجه نحو باب الغرفة . حينما فتحه ، نظر للوراء بابتسامة و قال ،
" عد سريعا ."
و بينما إختفت صورة ماغنوس ، جلس سامويل على الأريكة منتظرا إنتهاء العد التنازلي لنظامه .
[1Min:59S]
حدق سامويل بصمت في العداد ، متشوقا نوعا ما للمكان الذي سيذهب إليه .
هل سيكون عالما جديدا ؟
هل سيكون فيه كائنات غريبة ؟
ملأت الأسئلة عقله .
لكنه ، لا يعرف حتى هل سيستطيع العودة إلى الغريفين بعد الإنتقال إلى ذلك المكان ؟
' أسف ، ماغنوس ' إعتذر داخليا .
[1Min]
[58s]
.
.
.
.
[3s]
[2s]
[1s]
[ إنتهى الوقت ]
[ جاري …. خلق البوابة ….]
" أنا جاهز ."
في الواقع ، حصل سامويل على كل ما يستطيع الحصول عليه لدعم تدريبه .
كما أنه معه إمدادات طعام لمدة عامين . مع عدم إفساد الطعام داخل خاتمه ، يمكنه تخزين كل الطعام الذي يريده بدون أن يتعفن .
سيوف ، رماح ، أسهم ، خيام ، مياه ، كتب … جهز سامويل نفسه بشكل كامل .
فجأة ، بدأ الفضاء و المادة بارتجاف ، مزق الهواء كما ظهر فراغ أسود أمام سامويل .
بدأت تموجات صغيرة من المانا تظهر ببطء في المنطقة .
نما الفراغ تدريجيا ليتحول إلى دوامة مفتوحة مليئة بالظلام .
شاهد سامويل أيضا ، أضواء صغيرة نصف شفافة مليئة بألوان مختلفة تظهر ببطء .
تملأ الفراغ مثل السماء المرصعة بالنجوم .
[ تم تشكيل البوابة …]
[ سيتم نقل المضيف في …]
حدق سامويل في البوابة السوداء بهدوء غير مسبوق .
[3 …….2 ……1 ]
كانت هذه اللحظة التي غادر فيها سامويل إلى المجهول .