4 - لقد تجسدت مرة أخرى كإمبراطور قمامة [3]

,

,

كان عيش حياة الإمبراطور في القصر الإمبراطوري أكثر راحة مما تخيله رامون .

في غضون اليومين الماضيين ، مكث رامون في غرفة من شأنها جعل أي فندق من حياته الماضية يشعر بالعار .

صباحا ، يتوجه للمكتبة الإمبراطورية من أجل فهم هذا العالم الجديد أكثر و توسيع معرفته الحالية .

و كما توقع رامون إسم القارة التي تناسخ فيها هي قارة أزورا .

قارة يحكمها قانون ذهبي واحد ألا و هو قانون الغاب ، حيث القوي يحكم الضعيف و يتحكم بمصيره .

كما أن العديد من الأجناس المختلفة تعيش ظاهريا بشكل سلمي في هذه القارة منذ الحرب السابقة .

في المساء ، يستلقي رامون بكسل على السرير المريح ، يتناول وجبات خفيفة متنوعة بينما يقرأ الكتب التي من شأنها أن تساعده مستقبلا على وضع خططه في هذا العالم الجديد .

عامله خدم القصر بإحترام كبير رغم تغييره الملحوظ . فهو لم يرغب بالتظاهر بأنه لم يتغير لأن الأمر متعب و ممل بالنسبة له .

لكن ، أفضل ما في الأمر كله هو أنه لم يحاول أحد أن يعلق أنفه في عمله أو يحاول إزعاجه .

" سيكون من الصعب النجاة في هذا العالم ."

أضاف رامون بهدوء ، بعد إنتهائه من قراءة كتاب يختصر تاريخ العائلات النبلاء الموالية لعائلة هانوفر الإمبراطورية .

"إذا، وفقًا للمعلومات التي يمكنني استنتاجها من روايتي "الطريق نحو القمة"، يسيطر الدوق الأكبر على سلطات الإمبراطور. يتظاهر بأنه وكيلي، في حين أنه يقوم سرًا بجمع الدعم من النبلاء الآخرين، سعيًا لتولي العرش."

" حاليا ، لقد حصل بالفعل على تأييد 75 في المئة من النبلاء و هذا يضعني في وضعية صعبة جدا تتطلب المزيد من التفكير …"

"و وفقًا لخطته، سيقوم بالتحرك ضدي بعد مرور أسبوعين. الدوق يخطط للتمرد خلال حفل اختيار الإمبراطورة."

ابتسم رامون بهدوء و هو يمسك كأسًا من النبيذ الأحمر، الذي التقطته من فوق الطاولة الرخامية في الركن الشرقي من غرفته .

لم يشعر بالضغط بتاتا ، مازال لديه الوقت لإعداد هجمة مضادة ضده .

" لدي حاليا خطة عملية جاهزة . لكن، مازال هناك متغير خطير في خطتي أكبر من الدوق الأكبر . لذا علي إيجاد طريقة للقضاء عليه ."

" همممم ، لكن ، الخطة الوحيدة التي فكرت فيها سينتج عنها تدمير هيكل هذه الإمبراطورية بشكل مروع ، هل هذا أمر جيد ؟"

تساءل رامون بابتسامة مخيفة حول مدى ثأثير خطته وهو يحدق في انعكاس وجهه من كأس الزجاج الذي شرب نصف على كحوله بالفعل ،

لمس رامون وجهه بأصابع يده السمينة، مضيفا ، "يا رجل، هل كنت دائمًا بهذا الشر؟"

تغيرت شخصيته قليلا بعد خروجه من الفراغ ليصبح كشرير نموذجي يحب التخطيط و التلاعب بحياة الأخرين .

لكن ، رامون لم يكره تغييره .

"لا بأس، أحب تغييري الجديد."

ارتفعت زوايا فم لتجعل ابتسامته أكثر شرا و هو يتساءل عن شيء واحد في ذهنه .

" من الآن فصاعدا إسمي سامويل هانوفر…"

"هل سيقتلني الدوق قبل أن أقتله؟ أنا متشوق لمعرفة النتيجة النهائية."

.

***************

.

إمبراطورية الغريفين، في السابق، لم تكن مجرد إمبراطورية عابرة في عالم الإمبراطوريات، بل كانت أرضًا مقدسة تتسم برونقها وتاريخها الطويل بالتأريخ والحكمة.

كانت تنظر إليها الإمبراطوريات الأخرى بإزدراء، حيث اعتبرها البعض بمثابة "الأرض المقدسة الحاكمة لقارة أزورا".

ولكن، وفي وقت لاحق من تاريخها الرائع، شهدت الغريفين حادثة مأساوية قبل 1000 سنة، حيث انهارت في ليلة واحدة إلى الحضيض بطريقة غامضة لا يعرف سببها حتى الآن.

حاول العديد من الأفراد والمؤرخين كشف الستار عن هذا الغموض، إلَّا أنهم فشلوا في العثور على أدلة توضح جذور هذا الانهيار الذي دمر كل ما كانت تقف عليه الإمبراطورية.

بسبب غياب الأدلة والمعلومات الواضحة، زادت الشائعات والتكهنات حول السبب وراء هذا السقوط المدمر.

بعض النبلاء والفلاسفة بدؤوا يشككون في أن هناك علاقة بين هذا الحدث الكارثي والأراضي المقدسة الأخرى.

على مر الألف سنة، شهدت الغريفين تدهورًا لا رجعة فيه، حيث انزلقت من رتبتها الرفيعة كأرض مقدسة إلى رتبة إمبراطورية ساقطة قريبة من حافة التفكك.

مع تغير مجريات الأحداث وتشتت السلطة، فإن انهيارها وضياع عظمتها السابقة أصبحا جزءًا من تاريخ هذه الإمبراطورية الذي ارتبط بالكثير من الغموض والتساؤلات.

في أحداث رواية "الطريق نحو القمة"، بعد أن تولى الدوق الأكبر مقاليد الحكم واعتلى عرش إمبراطورية الغريفين، تغيرت مسارات السلطة والقرارات بشكل جذري. تم إعادة تسمية إمبراطورية الغريفين وإعلانها بأسم "مملكة ماكينزي"، لتشير إلى الفترة الجديدة التي تحكمها رؤية الدوق وتوجهاته السياسية .

ثم، عقب هذا التغيير الجذري في السلطة، تحوَّل الدوق الأكبر إلى كلب مخلص لولي عهد إمبراطورية التنانين. حاول بجد وجهد الارتباط بالسلطة الجديدة وإظهار ولائه وتقديم خدماته لتعزيز مكانته وتطوير مملكته الجديدة.

لكن في النهاية، تم القضاء عليه بسبب جشعه الشديد .

*****************

داخل المكتب الخاص بالإمبراطور، جلس سامويل فوق مكتب أسود ذو تصميم أنيق، مطبوع عليه علم إمبراطورية الغريفين.

نقر سامويل بهدوء بأطراف أصابعه على مكتبي الخاص و هو يقرأ التقارير والإشاعات المحيطة بالدوق الأكبر.

بسبب ثمثيله المتقن والمخادع، حافظ الدوق ماكنزي على صورة جيدة وسط العامة بسبب تبرعاته السخية للفقراء و الضعفاء، حيث يناديه معظم سكان العاصمة بالقديس.

"إنه حقا ذكي ، يحاول خلق صورة جيدة له لتقليل نسبة المعارضة من طرف العامة بعد وفاتي."

" هذه إستراتيجية ذكية لمنع الثوار من القيام بأية حركات خطيرة ضده بعد وفاتي ."

ابتسم سامويل بهدوء و هو يحدد هدفه الاول في هذا العالم .

"حان وقت زيارة برج السحر . لا بد لي من إقناع طرف محايد كرئيس برج السحر على دعمي ."

هدف سامويل الأول هو ماغنوس بيرس، رئيس برج السحر الإمبراطوري، وهو أحد أعداء الدوق الأكبر.

كما أنه بيدق يحتاج له سامويل حاليًا، ساحر عظيم من فئة سبع نجوم لديه القوة لتدمير مدينة صغيرة الحجم بتلويحة من يده،

لكي تنجح خطته بسلاسة، يجب علي تجنيد ماغنوس و برج السحر ضمن قواته الخاصة.

لحسن الحظ، الأمر ليس بذلك الصعوبة ، يملك سامويل بطاقة ذهبية ستمكنه من التعامل مع الساحر العجوز. كما أنه سيسديه خدمة عظيمة عبر تحقيق أمنية حياته.

- تاك -

فتح سامويل باب مكتبه مناديا بكل هدوء على الفارس الواقف بجوار باب المكتب .

"السير إيدن."

فارس عجوز عمره يتجاوز 60 سنة، تعهد بولائه لصاحب هذا الجسد بسبب إمتنانه للإمبراطور الراحل.

عكس تصرفاته الباردة، فقد اعتنى بصاحب الجسد منذ طفولته.

كان إيدن سماديل سندًا لسامويل في السراء و الضراء . كما اعتبره صاحب جسده السابق كأب ثاني له في هذه الحياة.

أجاب إيدن بكل برود محافظا على الأداب بين الفارس و سيده .

" نعم جلالتك."

"أُخبر إيميليا بأن تجهز العربة لأنني ذاهب لإلقاء نظرة على برج السحر . و أرسل رسالة للبرج بأنني قادم حالا ."

أومأ الفارس برأسه بهدوء ، عرف أن إمبراطوره يحب الذهاب لبرج السحر و لكن للأسف من أجل خلق المتاعب ثم قال:

"أمرك."

غادر السير إيدن بسرعة، تاركًا سامويل في غرفته ليكمل قراءة تقارير أخرى حول المجلس الإمبراطوري الذي يترأسه بالطبع الدوق الأكبر جيريمي.

.

*************

وسط مختبر ضخم في برج السحر الإمبراطوري، جلس رجل عجوز ذو جلد مجعد ولحية بيضاء متسخة على أريكة فخمة. إذا حدق أي شخص بملابسه المرقعة، فسيحكم عليه على أنه مجرد متشرد عادي. ارتدى على وجهه ملامح غاضبة وهو ينظر إلى الشاب ذو الشعر الأسود والعيون الأرجوانية الجاثم أمامه.

"هل أنت متأكد؟"

"نعم معلمي، أرسل القصر الإمبراطوري رسالة مفادها أن الإمبراطور سامويل قادم في غضون ساعة."

تنهد العجوز بقوة، استخدم يداه الخشنتان لتدليك جبهته المجعدة ثم صرخ بصوت بارد:

"سحقًا، هل يحب ذلك الشقي حقًا إزعاجي لهذه الدرجة؟ لم يمر حتى أسبوعان على آخر مرة جاء فيها، هل يراني النبلاء اللعينون كجليسة أطفال؟"

كتم ماغنوس بيرس رئيس سحرة البلاط الإمبراطوري والساحر الوحيد من فئة 7 نجوم في إمبراطورية الغريفين غضبه ثم قال:

"أرون، نظف مكتبي وقم بإغلاق بإحكام المختبرات المجاورة له، لكي نتجنب الوقوع في مصيبة جديدة."

"حاضر معلمي."

خفض أرون تلميذ ماغنوس رأسه احترامًا لمعلمه.

ووووش

استعمل أرون، ساحر 5 نجوم تعويذة النقل عن البعد ثم اختفى من الغرفة، تاركًا معلمه في حيرة من أمره.

حدق ماغنوس بعينيه الزرقاوتان اللامعتان من الطابق الخمسين للبرج الإمبراطوري في العاصمة الإمبراطورية وهو يتمتم ببطء:

"هارولد، أظن أن سلالتك ستنتهي في هذه الحقبة يا صديقي العزيز، رغم وعدي بمساعدة عائلتك لكن ابنك غبي ومزعج بشكل لا يطاق."

ابتسم ماغنوس وهو يحدق في السماء الزرقاء من النافذة .

.

.

2024/04/02 · 416 مشاهدة · 1282 كلمة
....وحيد
نادي الروايات - 2024