.

.

" أخيرا وصلنا…"

رن صوت سامويل الهادئ و هو يتحرك رفقة فيجي المغطى من رأسه إلى أخمص قدميه بالدروع الحديدية من أجل إخفاء لونه الأحمر الذي هو من مميزات العائلة الحاكمة السابقة .

" أجل ، هذه هي مدينة براغن ، سنبقى في هذه المدينة لبعض الوقت ثم سنتحرك للمدينة التالية …"

" فهمت … لكن ، لماذا يبدو كأن لديك دوافع خفية أخرى ؟!"

" أحم … أنا لا أملك …أية دوافع خفية …"

" حسنا … حسنا "

أجاب سامويل .

و عند وصولهما لأسفل البوابة الضخمة مباشرة ، رصد الثنائي مجموعة من المخلوقات الخضراء الضخمة المسلحة تقف بجانب البوابة .

" ماذا يحدث ؟ الأمن مشدد للغاية على عكس ما توقعت ."

تساءل فيجي و هو يحدق في مجموعة الأورك .

" لا أعلم ، أنت تعلم وضعي "

هز سامويل كتفه .

من المؤكد من الوضع الحالي أن المدينة في تأهب شديد .

" قف !"

و كما لو كانوا ينتظرون وصول الثنائي ، تقدم أورك يرتدي درعا معدنيا سميكا إلى الأمام .

مع لحية بلون الزنجبيل سقطت على طول الطريق نحو رقبته و تجاعيد خفيفة بجانب عينيه .

قام الأورك الضخم بمسح سامويل ثم فيجي من الأعلى إلى الأسفل بنظرة فضولية .

ثم ، فتح فمه ليرن صوته الصاخب في جميع أنحاء المنطقة .

" أيها المحاربان ، عرفا أنفسكما ."

تقدم فيجي للأمام ، توقف عن الحركة و رمى بميدالية ذهبية منقوش عليها أفعى خضراء على الأرض .

" نحن هنا بناء على طلب قائدة نقابة الثعبان الأخضر ."

" قائدة نقابة الثعبان الأخضر ؟"

أثارت كلمات فيجي على الفور إهتمام الأورك الحارس .

" أجل "

" هكذا إذن ، و هذا المحارب هو زميلك ؟!"

" أجل ، إسمه سامويل و هو مرافقي ."

" مرافق !"

صفع الأورك الحارس ظهر فيجي و إنفجر ضاحكا .

" و ما بال هذا الدرع الغريب..."

كان فيجي مستعدا لهذا السؤال سابقا .

" أنا فقط ولدت بوجه قبيح . لذلك تعهدت على إخفاء نفسي داخل هذا الدرع للأبد ."

" هكذا إذن "

إلتقط الأورك المسؤول الميدالية الذهبية و رماها في إتجاه فيجي ، إستدار و واجه البوابة ، ثم صرخ و هو يحرك يده الضخمة في الهواء .

" فتح البوابات "

ارتجاااج !

في اللحظة التي تلاشت فيها كلمات الأورك ، ارتعدت الأرض و فتحت الأبواب الخشبية الهائلة ببطء .

استدار الأورك ، و ابتسم للثنائي مضيفا.

" نسيت أن أسألكما ، هل رأيتما أي ترولز في رحلتكما إلى هنا ؟"

" لا " أجاب فيجي و سامويل في وقت واحد بلا تردد .

" حسنا "

عند دخولهما البوابة ، سرعان ما تم إغلاق الباب خلف الثنائي .

" أنا إسمي سوبا بريك . و سأقودكما إلى نقابة الثعبان الأخضر ."

" أنا فوجي …"

" أنا سامويل …"

بعد نطقه لكلماته السابقة ، أدار سامويل رأسه محدقا في فيجي بملامح إستغراب و هو يفكر داخليا .

' هل كل الأورك بهذا الغباء ؟!'

تحرك الثلاثي وسط أحياء المدينة بهدوء تام .

المدينة كانت مليئة بالهياكل المعمارية الضخمة والحجرية، حيث امتدت الشوارع العريضة والمزدحمة بالحياة في كل اتجاه.

كانت المباني مصممة بأسلوب فريد يعكس طابع الأورك وتقدمهم التكنولوجي.

الأسواق كانت مليئة بالحيوية، حيث يتداول الأورك ببضائعهم ويتحاورون بلغتهم الخاصة.

وسط هذه الشوارع ، اندمج فيجي ، سامويل و سوبا وسط حشود الأورك التي كانت تتجول بحرية.

" ها قد وصلنا "

بعد بضعة دقائق من السير ، وصل الثلاثي أمام نقابة الثعبان الأخضر .

" حسنا ، حظا موفقا أيها المحاربان ."

" شكرا لك "

" و أنت أيضا …"

و هو يحدق في شخصية سوبا التي تختفي في الأفق ، تنهد فيجي قبل أن يصفع كتف سامويل مضيفا .

" هنا سنحصل على المساعدة اللازمة للوصول بسرعة إلى العاصمة …"

"أنت … هل حس التسمية لديك معاق؟"

" هاه ؟!"

صرخ فيجي بإستغراب .

" فوجي … هاهاها من كل أسماء العالم إخترت فوجي …"

"آه ، لقد إرتبكت بعد طلبه لإسمي …"

تحت الخوذة ، إبتسم فيجي بإحراج شديد .

" حسنا … حسنا ، لندخل الآن "

بمجرد دخول الثنائي إلى نقابة الثعبان الأخضر ، وجدا نفسيهما في مكان هادئ و مرتب ، يعكس جوهر النقابة .

الأروقة مزينة برموز و ملصقات أوركية مكتوبة بلغة الأورك .

و في مركز الإستقبال ، كان هناك أورك صغير مقارنة بأقرانه يرتدي زيا فخما و يستقبل الزوار .

إقترب فيجي بصمت متبوعا بسامويل من مركز الإستقبال و قال بصخب .

" نريد لقاء قائدة النقابة ."

" هل حددت موعدا سابقا ؟"

أجاب أورك الإستقبال بنغمة هادئة لأنه إعتاد على مثل هذه السيناريوهات.

أورك مجانين يأتون للقاء قائدة نقابته لأسباب تافهة جدا و أهمها هو طلب الزواج أو طلب القتال .

" لا "

أتى أورك مدرع كالدمية و أورك غريب أخر للقاء قائدته .

هل سيسمح لمثل هذين المتخلفين بلقاء قائدته ؟

بالطبع ، لا . لن يسمح لهما بالإقتراب منها و لو شعرة واحدة .

" أنا أسف ، القائدة مشغولة جدا و لن تستطيع لقاءكما . عدا مستقبلا و ربما قد تروها ."

أضاف أورك الإستقبال بملامح سخرية و هو ينظر إلى الثنائي باحتقار .

" أخبرها أنه فيجي و ستأتي للقائي ."

" فيجي .."

حدق أورك الإستقبال مطولا في فيجي و أضاف .

" زريعة صغيرة تدعي أنها تعرف القائدة . أغرب عن وجهي قبل أن أنادي الحرس ."

" هاه ! "

" هاهاهاها "

انفجر سامويل من الضحك الشديد.

بينما وقف فيجي مصدوما و هو يحدق في الأورك المغرور أمامه .

هو كحاكم سابق للأورك يتعرض للتمييز و السخرية من أورك متحور ضعيف .

هل أصبح من هب و دب يستطيع أن يشتمه ؟

" هاهاها … زريعة ، أنظر إلى نفسك."

ضحك سامويل بصخب لأول مرة منذ مدة طويلة .

" هل تستطيع تحمل مسؤولية كلامك ؟"

ظهرت ملامح باردة على وجه فيجي و وجه ضغطا شديدا على الأورك المتحور .

شعر هذا الأخير بخوف شديد و بشعور الموت يقترب منه تدريجيا .

بدأ تنفسه يصبح أصعب و شعر بالقشعريرة في جميع أنحاء جسده .

نزل العرق الشديد من ظهره كالماء الجاري .

لقد أصبح يندب على حظه العاثر .

" كفى فيجي ."

فجأة ، رن صوت أنثوي غليظ خلف الثنائي مما جعل فيجي يتوقف تاركا أورك الإستقبال يرتجف بلاهوادة .

" هل تتنمر على الضعفاء مجددا ؟"

" مجددا …"

تجمدت ملامح فيجي و هو يستدير للوراء بهدوء .

بينما ظل سامويل صامتا بعد كبحه لنفسه و هو يراقب المسرحية أمامه .

" نعم ، أنت حقا متنمر كبيرا ، هل أذكرك ؟ …. راوول ، مايكل ، نورمان … هل تريد مزيدا من الأسماء ؟"

" حسنا ، أصمتي ."

لم يرد فيجي أن يسمع سامويل و الأورك المحيطون بتاريخه المظلم .

" هوهوهو … " إبتسم سامويل بهدوء .

كانت صاحبة الصوت هي قائدة النقابة سيلا .

إمرأة أورك ذات شعر أخضر طويل يتدلى على كتفيها و عيون خضراء مخملية .

كانت سيلا ضخمة أيضا و ترتدي درعا فضي يعكس قوتها و سلطتها كقائدة .

كانت أطول من فيجي ببضعة أمتار مما خلق منظرا غريبا و متقاربة الطول مع سامويل .

كان فيجي قصيرا مقارنة بالأورك الأخرين .

" لقد مضى طويل يا فيجي ."

" نعم لقد مضى طويل يا ستيلا ."

أجاب فيجي بإبتسامة حزينة تحت درعه.

"أوه … ألن تعرفني بزميلك ؟! "

" آه ، نسيت … إسمه ..- "

" إسمي سامويل ، سعدت بلقائك أنسة ستيلا ."

قاطع سامويل كلام فيجي بلا تردد .

" أوهو، لبق للغاية . جيد جدا ، لنذهب لمكان أكثر خصوصية ."

" آه … حسنا "

أومأ سامويل برأسه .

" إتبعاني ......... و أنتم إعتنوا به .."

لتشير سيلا للحراس القادمين بالإعتناء بأورك الإستقبال .

" حاضر ، أيتها القائدة "

تحرك الثلاثي بهدوء إلى مكتب ستيلا .

كانوا يجتازون أروقة النقابة المزخرفة برموز الثعابين الخضراء و التحف الأوركية .

كانت الأجواء هادئة ومنعشة .

و بعض بضع ثوان ، وصلوا إلى مكتب سيلا .

وكان المكتب يتسم بالفخامة والأناقة.

كانت الجدران مزينة بلوحات فنية تعكس تاريخ النقابة، في حين كانت النوافذ تسمح بدخول ضوء النهار الطبيعي.

مكتب سيلا كان مرتبًا ومنظمًا، حيث كان هناك مكتب خشبي فاخر في وسط الغرفة، محاطًا بكراسي مريحة للزوار.

على المكتب، كان هناك خريطة استراتيجية للمنطقة، تحدد المناطق الحيوية والتحديات التي تواجه النقابة.

جلس الثلاثي على الكراسي، وكانت سيلا تتبادل النظرات بين سامويل و فيجي بجدية تامة.

"إذن، فيجي. ما الذي أتيت به إلى نقابتي بعد كل هذا الوقت ؟"

سألت سيلا بقوة.

" أريد معروفا منك ."

" معروف أخر ."

عند سماعها لإجابة فيجي، أصبحت ملامح سيلا باردة و قالت بدون تردد .

" إذن ، لا ."

بينما كانت كلمات سيلا تتساقط في الهواء مثل الثلوج الباردة، شعر فيجي بوزن ثقيل يضغط على صدره.

كان يعلم أن سيلا لن توافق بسهولة بسبب مظالم الماضي ولكنه كان عازمًا على إقناعها .

" سيلا ، أرجوك …"

" لا ، لقد قدمت لك العديد من المعروفات في الماضي . لكن ، ما المقابل الذي حصلت عليه ؟ "قالت سيلا بصخب.

ظل سامويل صامتا و هو يراقب تطورات الحوار .

قرر ترك كل شيء في يد زميله .

" سيلا أرجوك ، أنا أسف جدا على ما فعلته سابقا، لكن ،الأمر طارئ للغاية …"

" لا ، لا مزيد من المعروفات لك ."

كان هناك حزن شديد مخبأ في عيني فيجي مما جعل سيلا ترتجف و تتردد لثانية .

" أرجوك سيلا …"

" أرجوك …"

" سحقا …. سحقا … سحقا …يالك من صرصور مثابر ..سحقا … حسنا ، أصمت ….، سأساعدك بشرط أن تنفذ مهمة خاصة."

"مهمة؟!!!"

"ستكون مهمة صعبة، ولكن إذا نجحت فيها، سألبي لك أي طلب في المتناول " أجابت سيلا بجدية.

"حسنا " أجاب فيجي بإبتسامة مريرة على وجهه و أضاف ،

" لكنني أسف للغاية ."

سيلا لم تلتفت للاعتذار الصريح من فيجي، ولكنها حدقت في سامويل مضيفة .

" أسف ، لأنك رأيت هذا المنظر أيها الزميل سامويل."

" لابأس ، هاها… هذه أول مرة أكتشف فيها أنه يوجد جانب عاطفي لهذا الغبي ."

" هكذا إذن "

أومأت سيلا برأسها موافقة على كلام سامويل .

" غبي !!… سامويل "

لكن الثنائي تجاهلا صراخ الأورك الأحمر الطفولي .

" هل ستساعده ؟!"

" بالطبع "

" فهمت ، إذن هل ننتقل للغرفة المجاورة من أجل النظر إلى تفاصيل المهمة ؟"

" من دواعي سروري "

" لباقتك تجعلني أحبك أكثر فأكثر أيها المحارب سامويل ."

" شرف لي …"

" أنتما …!!!" صرخ فيجي بجنون تام .

" كفى تصرفات طفولية و لنتحرك …"

" أنت ..!"

شد فيجي أسنانه و حدق في زميله بغضب .

بعد ذلك ، انطلق الثلاثي من المكتب و دخلوا غرفة الاجتماعات الخاصة بالنقابة.

"المهمة التي سأكلفكما بها تتعلق بالدفاع على المدينة. هناك شائعات عن نشاطات غير طبيعية للترولز في الشرق و هناك تقارير عن تقدم جيش صغير للترولز ناحيتنا . وأريدكما أن تبقيا هنا حتى نتأكد من صحة الأمر .."

قالت سيلا وهي تفحص خريطة المنطقة.

"الترولز وصلوا إلى هنا ؟ هذا مستحيل .." أجاب فيجي بصدمة على وجهه.

" هل حقا جاكسون عديم الفائدة ؟"

"هناك تقارير عن رؤية الترولز من طرف كشافتنا.و إذا صحت مخاوفي ستكشف نفسك حتى و لو عنى الأمر مطاردتك .. أنت تفهم الأمر ."أجابت سيلا بجدية.

" برهن لي صدقك يا فيجي لأساعدك ."

" حسنا " أومأ فيجي برأسه .

لم يستطع رفض الأمر لأن سيلا هي الأمل الوحيد لمساعدتهما على عبور دفاعات العاصمة.

" بالمناسبة ما هو طلبك الذي تزعم أنه طارئ ؟!!!"

أمالت سيلا شعرها بأناقة و هي تحدق بعيون فضولية في فيجي .

هذه المرة ، أجاب سامويل الذي تمتم بهدوء تام .

" نريدك أن تمهدي لنا طريقا إلى المعبد الإمبراطوري ..أخبرني فيجي أنك تستطيعين مساعدتنا "

" هل أنتما تمزحان معي ؟"

.

.

.

3 تعليقات و سأ ن شر الفصل القادم لتحفيزي على الكتابة و النشر.

2024/06/14 · 156 مشاهدة · 1897 كلمة
....وحيد
نادي الروايات - 2024