.

.

وسط غرفة واسعة،

جلس سامويل على كرسي قريب من النافذة، و هو ينظر إلى المدينة من خلالها.

كانت عينيه تعبر عن هدوء وتفكير عميق و هو يتذكر أخر ما قالته سيلا قبل دقائق بعد كشفهما عن طلبهما .

< الأمر صعب جدا في ظل الظروف الحالية . الأمن مشدد جدا حول العاصمة. كما أن فيجي هو شخص مطلوب مما يصعب الأمر درجات عديدة . هاه ، لكنني أعدكم أنني سأحاول طالما إلتزمتما بالصفقة .>

" سامويل …" رن صوت فيجي صاخب في كل مكان .

" نعم "

" ما الخطب ؟!"

" لاشيء ."

أمال سامويل رأسه جانبا و هو يتكاسل على الكرسي.

" هكذا إذن …"

"…"

" حاليا ، ما علينا سوى الانتظار لبضعة أيام ثم سنتحرك للعاصمة …"

" فيجي "

لم يهتم سامويل بكلام فيجي ، بحيث أومأ برأسه متسائلا .

" من أنت ؟!"

"…"

لم يستطع سامويل تجاهل هذا الأمر بعد وصوله لهذه النقطة . لذا قرر أن يسأل زميله أخيرا عن هويته الحقيقة .

لقد كون بالفعل تخمينات حول هوية الأورك فيجي ، لكنه حتى الآن لم يستطع تأكيدها .

" أنا …"

" لما أنت متردد ؟! هل كنت تظن أنني لن أتطرق لهذا السؤال ؟! "

"…"

"إنطلاقا من مستوى قوتك … من الواضح من أنك أورك رفيع المستوى … كما أنه إنطلاقا من كلام سيلا ، فأنت متهم بالخيانة وسط عرقنا مما يدل أنك أورك مخلوع من منصبه ."

"…"

" كما أن المعارف و التجارب الشخصية التي حكيتها لي في الأشهر الماضية تدعم نظريتي ."

"…"

" كنت تملك سلطة ضخمة داخل العاصمة . لكن ، تم إتهامك بالخيانة في النهاية و تمت مطاردتك . لو لم أنقذك في ذلك اليوم لحصل عدوك على مبتغاه ، أليس كذلك ؟!"

ظل فيجي صامتا و هو يستمع بهدوء إلى كلمات زميله . ظهرت مرارة واضحة في عينيه.

" لذا يبقى السؤال الأهم هو ما كان منصبك في السابق بالعاصمة ؟ و من قام بإتهامك بالخيانة ؟"

أضاف سامويل و هو يحدق في الأورك المارة بهدوء تام .

" أنت حقا شيء أخر يا سامويل … كلما رافقت كلما أعجبت بك أكثر … أنا أسف ، لكنني لم أرد أن أخفي عليك الأمر . لكن ، وضعي حساس للغاية لذلك لم أخبرك …"

" أنا أعرف "

أومأ سامويل رأسه بتفهم .

" للأسف ، كل ما قلته صحيح . كنت في الماضي أوركا فخورا ذو منصب مهم . حاولت بكل جوارحي تطوير شعبي من أجل مستقبل زاهر . لكنني فشلت في الأخير كما ترى و تم إتهامي بالخيانة ."

ظهرت نظرة حزينة على وجه فيجي و هو يستحضر الماضي الأليم .

" ضحيت بكل شيء من أجلهم . لكنني في الأخير أصبحت أختبئ كالفأر و أهرب بلا هوادة ."

" أنا أسف ."

تأسف سامويل على ما مر به زميله . لكن لم يندم قط على استحضاره لهذا الموضوع لأنه لا بد من أن يعرف قصة زميله لأن الأمر قد يؤثر على خططه المستقبلية.

" لا بأس "

" أنا فيجي سي ليون ، رئيس الأورك السابق و حفيد إمبراطور أركانا السابق . "

بوووووم

دوى إنفجار فجأة و اهتزت المدينة بأكملها .

أدار الثنائي رؤوسهم بسرعة و حدقوا من النافذة في الإتجاه الذي نشأ منه الصوت ،

رأى سامويل تموجات هائلة على الحائط الخشبي الذي يحيط بالمدينة بأكملها .

و بدا له أن الحائط إستوعب هجوما قويا .

أثناء التحديق في الإتجاه حيث تمركز التموج ، تجعدت حواف سامويل .

" لنؤجل هذه المحادثة لوقت لاحق ."

*************************.

داخل غرفة غير معروفة في المدينة .

" أنه هجوم "

" الترولز "

تمتم الأورك ذو الشعر الأحمر ، و هو يحدق من النافذة بالحفرة العميقة على الجدار الخشبي .

" لقد هاجموا بشكل متسلل ، لا أعرف كيف لم يكتشفهم كشافتنا ؟"

" أرسل رسالة إلى العاصمة ، نحتاج إلى التعزيزات في الحال ."

أضاف أورك أخر بشعر أسود مضفر .

" هل تعتقد ذلك ؟"

" نعم "

" أطلب من قادة النقابات التوجه إلى الخطوط الأمامية و أرسل الدعم للجنود المرتكزين في الحائط . قم بإخلاء المدنيين للأنفاق … لا نستطيع تضييع الوقت ."

" حاضر "

أجاب أورك متحور مسؤول عن مهمات التبليغ و غادر بسرعة لتنفيذ مهامه .

" هذا أمر سيء للغاية . لقد تحققت مخاوفنا ."

" ما علينا سوى الصمود و إنتظار الدعم ."

أومأ الأورك ذو الشعر الأحمر برأسه .

" أتمنى ذلك ."

.

*********************

.

عندما حدث الإنفجار السابق ، قامت سيلا من فوق سريرها و تحركت بسرعة شديدة ناحية نافذتها لتتفقد الأمر .

" إنه هجوم ، لقد حدث الأمر بسرعة البرق . لكن ، كيف ؟"

" كيف …؟"

رن صراخها في جميع أنحاء الغرفة .

" ريني "

بعد سماعه لنداء قائدته ، فتح ريني الذي وصل قبل بضع ثوان الباب .

لم يدخل الغرفة حتى يؤذن له من طرف قائدته مما يدل على درجة إحترامه لسيلا .

" نعم ، أيها القائدة ."

" إجمع أعضاء النقابة و وزعهم على دفاعات المدينة ."

" حاضر " أومأ الأورك ريني برأسه .

" و - "

توقفت سيلا لبضع ثوان ثم تنهدت بمرارة مضيفة ،

" أطلب من ضيوف النقابة بأن يتجهوا نحو الخطوط الأمامية."

" ضيوف النقابة ؟! "

تذكر ريني الأورك المدرع و زميله اللذان قابلتهما قائدته قبل بضع دقائق في مكتبها .

إنطلاقا من طلب قائدته ، أحس ريني أن الضيفين قويان و موثوقان .

"حاضر أيها القائدة ."

" حسنا ، سأتوجه للخطوط الأمامية .إعتني بالأمور هنا ."

" حاضر "

مباشرة بعد ذلك ، غادرت سيلا بسرعة البرق نحو البوابة الأمامية للمدينة .

يمكن لها أن ترى الهلع و الخوف المنتشر بين المواطنين الذي يتم إخلاؤهم نحو الأنفاق .

تم خلق هذه الأنفاق كطريقة لكي يهرب المواطنون من المدن تحت الحصار إلى مناطق آمنة .

يمكنها سماع صوت القتال يصبح أوضح ثم أوضح مع مرور الوقت .

" هوف … هوف "

أخيرا ، وصلت سيلا و وقفت أمام صف من الأورك يستعدون للخروج من البوابة للقتال .

التفتت سيلا نحو قائد المجموعة ، الذي كان بجوارها .

ثم سألت بهدوء ،

" ما الوضع الحالي ؟"

بعد سماعه سؤال قائدة نقابة الثعبان الأخضر ، إبتسم قائد المجموعة بمرارة مجيبا ،

" ألق نظرة عليها بنفسك ."

فيووووووووو

سمع صوت بوق الحرب في جميع أنحاء المدينة .

" إفتحوا البوابة ."

" إفتحوا البوابة ."

-كيييك

بمجرد إن تلاشت هذه الكلمات ، فتح الباب الخشبي ببطء .

كان يكمن وراءه أكثر من آلاف و آلاف من الترولز .

أصبح الجو متوترا على الفور ، و بدأت المانا تتكثف في الهواء .

كانت هذه موجة مخيفة للغاية .

" كيف وصلوا بدون تنبيهنا ؟؟؟!!"

الترولز يظهرون بشكل مهيب ومخيف وكأنهم جيش لا يعرف الرحمة.

يشبهون في مظهرهم إلى حد كبير البشر، لكنهم يمتلكون بشرة زرقاء وشعراً أسوداً وعيوناً حمراء مشرقة.

و هم متيني البنية و لهم قوة جسدية مخيفة. كما أن لديهم أنياب حادة ومخالب قوية تجعلهم مخيفين في المعركة.

كانت ملابسهم مصنوعة من الجلد والمعادن مما يعكس طابعهم البري والعنيف.

سيلا ورغم مشاعر الرعب التي اجتاحتها، أبقت على هدوئها وبرودها.

كانت قائدة نقابة الثعبان الأخضر، وكان عليها أن تظهر القوة والثبات أمام هذا الهجوم الضخم.

"استعدوا للدفاع!" صاحت سيلا بصوت قوي، و الأورك خلفها بدأوا في التجهيز لمواجهة الهجوم الضخم الذي كان على وشك القدوم.

كانوا يعلمون أنهم لا يمكنهم هزيمة هذا الجيش بمفردهم، لكن عليهم أن يقاوموا بكل ما أوتوا.

بوووم

أحكمت سيلا قبضتها و سرعان ما اصطدمت لكماتها بهجوم الترول ، و تم دفع الترول إلى الوراء .

" هؤلاء اللعناء ، أصبحوا يعتمدون أكثر فأكثر على أعدادهم لمجابهتنا . "

الترولز ليسوا أقوياء كالأورك و لكنهم يتميزون بسرعة تكاثرهم مما يغطي عن النقص في قوتهم .

" حسنا "

إستلت سيلا سيفها الضخم و شددت قبضتها عليه ، و شرعت في أخذ نفس عميق .

ويينغ !

في تلك اللحظة ظهر الترول أمامها مرة أخرى . توجهت قوة حادة بسرعة ناحيتها .

كانت تحدق في الهجوم القادم ، لم تشعر بتاتا بالذعر . تماما كما كان فأس الترول الحاد على وشك الوصول إليها . أدارت جسدها و ظهر جسدها على الجانب الأيسر من الترول ،

تشبثت سيلا بمقبض السيف ، و لوحت للأسفل بسلاحها .

و قبل أن يدرك الترول ما حدق ، تحطم جسده مباشرة على الأرض .

فالترولز معروفون بخاصيتين أساسيتين :

الخاصية الأولى هي تكاثرهم المخيف و الخارج عن نطاق العادة . يمكن لإناث الترولز أن يلدوا أربع مرات في العام . لهذا يناديهم الأورك عادة بالصراصير أو الحشرات المتكاثرة.

أما الخاصية الثانية هي تجددهم المخيف ، يمكنهم تجديد الأعضاء المقطوعة أو المحطمة بسهولة .

لذلك من الأفضل قطع رأسهم أو تفجيره لأن الرأس هو نقطة ضعفهم .

لهذا يمكن للمرء أن يرى أن معظم الترولز يرتدون خوذات جلدية ، برونزية أو حديدية فوق رأسهم لداعي الحماية .

كواااك

رفعت سيلا رجلها اليسرى ، و ضغطت على وجه الترول بلا رحمة مفجرة رأسه .

إنتشرت الدماء الزرقاء على حذائها ، لكنها لم تهتم .

" هواااه "

مباشرة بعد ذلك ، داست قدمها على الأرض ، و استعارت الزخم السابق ، إنطلقت نحو ترول أخر بسرعة لا تصدق .

-تفجر

لم تكن هناك أخطاء هذه المرة لأن سيفها قطع جسد الترول إلى نصفين .

" هاااا ….هااا"

بمجرد أن انتهت من الترول السابق ، إخترق سبعة ترول أخرين خط الدفاع الأول المقام من طرف المئات من الأورك المخصرمين في القتالات و الحروب .

سرعان ما وجهوا إنتباههم لسيلا قلب خط الدفاع الثاني .

" اللعنة …"

-كلانغ

" يوكك!"

بعد بضع خطوات للوراء ، تركت سيلا تأوها مؤلما .

واجهت هجوما مشتركا بين سبعة من الترولز مما جعلها تصاب قليلا .

كانوا أضعف بكثير منها ، لكن بفضل إتحادهم و قدرتهم على التجديد ، كانت تواجه صعوبة في التعامل معهم .

بالنسبة لها ، كان من المحبط كثيرا أن تواجه مشاكل مع بضعة ترولز ضعفاء بإمكانها قتلهم لو إستعملت المانا .

ليس ذلك فحسب ، فقد بدأت الإصابات في جسدها تتراكم ببطء .

لكنها علمت أنه ليس الوقت المناسب لإظهار قوتها .

مازال قادة كتائب الترولز لم يظهروا حتى الآن .

" هااااه"

تركت سيلا صرخة ، و أخذت خطوة إلى الأمام ، و إنخفضت للأسفل متفادية هجوم العدو.

ثم أطلقت كل التوتر المتراكم في صميمها على شكل هجوم سيف قوي يحمل زخما مخيفا .

كلانغ

عند الهجوم ، رفع إثنان من الترولز أسلحتهم و حاولا منع الهجوم . طارت الشرارات و دفعت أجسادهم عشرين خطوة للوراء على الأقل .

' هل أستعمل المانا و أنهي الأمر بسهولة ؟ '

لسوء الحظ ، لم تستطع .

لقد قاتلت العديد من القتالات ، لذلك تعرف طريقة هجوم الترولز التي هي إرسال قواتهم الضعيفة للهجوم من أجل إتعاب و إستنفاذ جانبهم .

لتظهر في الأخير ، القوات الأساسية و توجه ضربة قاسية لهم .

وونغ !

عندما تم دفع الترولز ، ظهر خمسة بجوارها .

كلانغ

بمجرد أن رأت نية الترولز أمامها ، حركت سيلا سيفها مستخدمة زخمه لتكوين رياح عاتية ، أرسلت الترولز المهاجمين للخلف .

فقد معظم الخمسة توازنهم .

و مستفيدة من الموقف ، ظهرت بجانب الترولز ، واحدا تلو الأخر . و قطعت رؤوسهم بمهارة و خفة .

—قطع

أراقت الدم الأزرق في كل مكان و سقطت الجثث على الأرض .

أثناء مسح وجهها المصبوغ الآن باللون الأزرق ، واجهت الترولز الآخرين اللذين يقتربان منها بسرعة .

" سحقا "

-كلانغ

كان ثنائي الترولز أمامها مرة أخرى . رفعوا أسلحتهم ، و وجهوها ناحيتها بعنف .

أثناء قطعهم ، إنشق الهواء ، و صدر صوت الصفير .

عند التحديق في الهجوم القادم ، ركزت سيلا و حاولت بذل جهدها لتخفيف هجماتهم إما بالتراجع خطوة إلى الوراء أو إعادة توجيه هجماتهم إلى مكان أخر .

كان هذا هو الخيار الوحيد للتقليل من الجهد المبذول من طرفها .

كلانك -!

أجبرتها الترولز على التراجع مرارا و تكرارا .

" هذا لن ينجح .."

بعد إبعاد نفسها عن الترولز ، تعمق عبوسها .

ألقت نظرة خاطفة على محيطها .

الدماء مختلطة في كل مكان ، دافع الأورك بإستماتة . بينما هاجم الترولز بجنون و بدون مراعاة حياتهم .

الجو محتقن بالدماء و هذه فقط بداية المعركة .

" ماهذا ؟!!"

كلانغ !

أعادت الرياح التي كونتها بسيفها توجيه الترول المهاجم بعيدا عنها و هي تلاحظ شيئا غريبا في الخطوط الخلفية للترولز .

لاحظت وجود شيء غريب في الخطوط الخلفية للترولز. كان هذا الشيء مجهولًا بالنسبة للأورك.

الشيء الذي وُجد في الخطوط الخلفية للترولز لونه معدني فضي، و تصميماته تشير إلى أنه تكنولوجيا متقدمة.

كانت الأنابيب الطويلة تمتد من الجزء الخلفي للشيء، وكان هناك تأثيرات ضوئية غريبة تنبعث من محيط المدفع عندما كان يستعد للإطلاق. الجزء العلوي من الشيء الفضي يبدو أنه يحتوي على نظام تحكم معقد، وكأنه يعتمد على تقنيات تكنولوجيا فائقة.

" هل هذا سلاح ؟؟!!"

تساءلت سيلا و هي تتراجع للخلف مواجهة أعداءها .

" ما-"

بووووووم

بووووووم

بووووووم

بدأ السلاح الغريب في إطلاق النيران باتجاه سيلا والأورك، مما زاد من تعقيد الوضع.

إنتشرت الانفجارات في جميع أنحاء ساحة المعركة .

و إنفجر العديد من الأورك المحاربين كالبالونات .

لم يكن لديها الوقت للتردد، فعاودت استخدام سيفها بمهارة وسرعة، حيث قطعت مرجعة الترولز المهاجمين للخلف للإنسحاب .

" سحقا ، ما هذا السلاح ؟ و كيف حصلوا عليه ؟"

صرخت سيلا بقوة و هو تشاهد بني جنسها يسقطون واحدا تلو الأخر بسبب السلاح الفضي .

" إنه سلاح وحشي "

.

.

4 تعليقات و سأ نشر الفصل القادم لتحفيزي على الكتابة و النشر.

2024/06/15 · 180 مشاهدة · 2142 كلمة
....وحيد
نادي الروايات - 2024