.

.

في أعماق الغابة الكثيفة، حيث تلتقي أشجار ضخمة وأوراق الشجيرات الخضراء، كان سامويل يختبئ بحذر خلف إحدى الأشجار العتيقة.

كان يحاول جاهداً تقليل حضوره، متخفياً خلف أغصان الشجرة لتجنب اكتشافه المبكر من قِبَل الترولز، الكائنات الغريبة التي كان يراقبها.

عندما نظر سامويل إلى تلك الكائنات، صدمه الفارق الكبير بين توقعاته والحقيقة.

كان يتخيل الترولز على أنهم مخلوقات تشبه الأورك في الشكل الوحشي والمرعب،

وكان يتصور أنهم يمتلكون حيوية هائلة تجعلهم قوة لا تُقهَر، قادرين على التجدد المستمر.

لأنه لم يدخل إعداد هذه الكائنات في روايته .

لكن هناك تناقضا غير متوقع، فعوضًا عن ذلك، اتضح له أن الترولز يشبهون البشر في عدة جوانب.

بحيث كانت لديهم خصائص تذكّر بجمال الإنسان.

هذه المفاجأة جعلته يشعر بالفضول و يتساءل عن طبيعة هؤلاء الكائنات .

وسط همس الأشجار وتوهج أضواء القذائف الفضية التي تتساقط بشكل متواصل، تمتم سامويل بتساؤل.

"إذن، كيف يمكنني تحقيق النجاح في هذا الأمر؟"

هدفه الآن كان واضحًا، وهو إيقاف المدافع الفضية التي يتسلل ضوءها في جميع زوايا أرض المعركة و تطلق قذائفها بشكل لا هوادة.

فقد أدرك سامويل أن هذه التكنولوجيا المتقدمة تحمل بصمات البشر، مميزة بحجر المانا الضخم الموجود في الخلف و الذي يعطي لكل مدفع قوة لا تضاهى.

مما جعله يتساءل …

هل حقا لا يوجد البشر في هذا العالم ؟

" حسنا ، هذا لا يهم حاليا ."

بعد التفكير لبضع ثوان ، أومأ سامويل لنفسه .

" أولا ، أحتاج إلى إحداث إرتباك و فوضى بينهم ، لكي لا يفكروا حتى في الهجوم بشكل جماعي علي . أنا الآن في طرف الغابة ."

بإبتسامة شريرة ، تشكلت كرتان من المانا القرمزية على يدي سامويل . كانت هذه تعويذة أساسية من تعاويذ النار : تعويذة من فئة نجمتين كرات اللهب .

" إنه لأمر جيد أنني قد أصبحت ساحرا من فئة نجمتين قبل المجيء هنا . كان ليكون أصعب بكثير حرق غابة رطبة بقوتي السابقة ."

فوش !

قام سامويل برمي كرات اللهب بجنون في جميع الإتجاهات الأربعة .

تمتعت التعويذة بقوة نيران لائقة نوعا ما و لكن مع دعم شظية النار أصبحت القوة النارية في حدود قوة تعويذة 4 نجوم .

لم تكن هناك تعويذة أفضل منها لحرق غابة رطبة . ألقى سامويل نفس التعويذة مرارا و تكرارا .

الحرق العمد بإستخدام السحر هو أمر سيء للغاية .

لكن ، سامويل لم يهتم بتاتا بالأمر .

مباشرة بعد ذلك ، أخرج سامويل من خاتمه مخطوطة خضراء و فعلها بتزويدها بالمانا خاصته .

< موجة الرياح >

خزنت المخطوطة الخضراء تعويذة من فئة نجمتين.

بمجرد أن إنتهى سامويل من تفعيلها ، بدأت رياح خضراء مليئة بالمانا تدفع النيران للأمام .

تماما كما يوحي الإسم ، كانت تعويذة خلقت عاصفة هائلة من الرياح ، تحركت للأمام مثل الموجة .

إنتشر الحريق في البداية بشكل بطيء ، لم يكن قادرا على حرق الأشجار الضخمة .

و لكن بمجرد أن كبر اللهب بشكل كاف ، بدأ في إبتلاع كل شيء في طريقه سواء الأخضر أو اليابس .

و هكذا تقدم سامويل عبر حواف الغابة القريبة من المدافع و هو يحرقها .

أخفى جسده خلف الهب ، مستفيدا من مقاومة النار التي قدمتها شظية النار له .

تقلص مخزون المانا خاصته بشكل كبير بسبب إستمراره في إلقاء لتعويذة النار من فئة نجمتين بشكل أعمى ، لكن خطته كانت ناجحة للغاية .

يمكنه له رؤية الذعر و الهلع المنتشر بين ترولز الصفوف الخلفية قرب المدافع .

" نار ! الغابة تحترق ."

" أبلغ القائد الأعلى ، نحتاج تأمين خطوط للإنسحاب في حالة الطوارئ."

" ماء ! نحن بحاجة للماء ."

" لماذا يوجد حريق …؟!"

كان الترولز يركضون بطريقة فوضوية . و بما أن الحريق لم يصل حتى الآن قرب مدافعهم فقد قرروا إخماده مسبقا .

" إجلبوا الماء بسرعة من النهر ." صرخ أحد الترولز بصخب .

الآن كل ما على سامويل هو قتلهم واحدا تلو الأخر و إيقاف المدافع أو تفجيرها .

قام سامويل بإستلال سيفه و تحرك بهدوء كالمغتال .

لقد نزع بالفعل قناع الأوهام لأنه وجد من المزعج القتال بجسم ضخم كجسم الأورك .

فهو يفضل القتال بشكله الأصلي لأن الأمر أكثر راحة و سيعطيه الأفضلية بدل أن يقاتل بجسد ضخم .

كما أنه لا يملك سلاحا ضحم يناسب حجم جسد الأورك .

في غضون ذلك ، لم يكن لدى حراس المدافع أي فكرة عن أن شخصا ما يهدف لحياتهم .

لا يستطيع المرء عادة التفكير بعقلانية عندما يكونون في حالة من الذعر أثناء وقوع كارثة مفاجئة .

بالإضافة أن أعداء سامويل هم وحوش مجانين ، لو كان هناك فرد هادئ منهم لكان أدرك أن حريق الغابة نشأ بشكل مصطنع .

يمكن للمرء أن يرى العديد من الترولز الذين يسكبون الماء على النار بدلائهم .

" أحتاج ضربة واحدة قاضية لكل فرد دون منحهم فرصة لإستعمال تجددهم ."

تمكن سامويل من الإقتراب منهم لأنه كان مختبئا بين النيران .

سووووش !

تحركت شفرة سيف سامويل بأناقة و فصلت رأس أحد الترولز عن جسده .

سمع رش الدماء بصوت خافت . لكن الصوت كان مموها بصوت طقطة الأغصان و صيحات الترولز الصاخبة .

" واحد سقط .."

ألقى سامويل بالجثة في النيران و ركزت عيناه على فريسته التالية : ترول منخفض المستوى يحمل دلاء من الماء .

سووووش !

لقد هلك بنفس الطريقة التي هلك بها الترول السابق .

كان إكتشاف هجوم السيف عبر النيران أمرا صعبا على الترولز ضعيفي المستوى اللذين يحرسون المدافع .

أخرج سامويل سيفا أخر من خاتمه المكاني بسبب ذوبان شفرة السابق .

" سأحاول إسقاط أكبر عدد ممكن قبل أن يلاحظوا إستمرار زملائهم في الإختفاء ."

أخفى سامويل نفسه و إستمر في قتل الترولز بنفس الطريقة .

الثالث ..

الرابع سقط …

الخامس …

الترول العشرون سقط …

" هذا ؟!"

أخفى سامويل نفسه و لاحظ الوضع بين الأعداء .

بدا أن الترول القائد قد لاحظ شيئا ما ، لذا بدأ في قيادة الآخرين و إعطاء الأوامر .

" يجب أن أقتله أولا .."

عندما صرخ الترول القائد بشيء لم يكن مسموعا لسامويل ، أخرج الترولز من حوله أسلحتهم ثم تفرقوا حول المدافع .

" أرسل رسالة للقائد الأعلى تخبره بوضعنا الحالي و أبقي فقط بضع جنود لإخماد الحريق . أخبرهم بالإنتباه لأن عدوا مجهولا يهاجمنا ."

" أولويتنا الحالية هي الدفاع على المدافع ."

" حاضر "

مباشرة بعد إختفى الترول الجندي في الأفق ، طار سامويل نحو قائد الترولز الذي ترك بمفرده مثل السهم .

لم يزل سيفه الجديد من غمده لأن صوت المعدن و صوت الشفرة قد يفسد الهجوم المفاجئ .

عندما ظهر سامويل فجأة من داخل النار ، قام القائد بأرجحة مطرقته في حالة من الصدمة و الذعر .

ردة فعل القائد كانت حقا مثيرة للدهشة .

بام !

تفادى سامويل المطرقة و تدحرج على الجانب .

واصل قائد الترول سلسلة هجماته .

" إذن أنت من أشعلت النار في الغابة !.."

إستمر هذا الأخير في مهاجمة سامويل الذي يرتدي كليا ملابس سوداء تغطي جلده الأبيض .

بينما كان سامويل يقوم بتدوير جسده لتجنب الهجمات دون لحظة للراحة .

سوووش !

إندفع القائد مرة أخرى إلى الأمام ممسكا مطرقته . كان سريعا بشكل لا يصدق هذه المرة لدرجة يمكن أن يعتقد أنه إنتقل أمام سامويل .

بووووم

تجنب سامويل هذه الضربة بالتراجع للخلف بحركة قدم ماهرة و دفع سيفه نحو صدر قائد الترولز .

و مع ذلك ، قائد الترولز غير ببراعة طريقة هجومه و طغى على سامويل .

لم يكن بإمكان سامويل سوى أن يتم دفعه من قبل الترول بلا حول و لا قوة .

" أرغ "

خلال هذه الثواني القليلة من التبادل ، إتصلت أسلحتهم مرة واحدة فقط . لكن تلك الضربة كانت كفيلة بأن يشعر سامويل بألم قوي في معصمه .

لا ، ليس معصميه ، بل جسده كله . أخذ يتألم من رأسه إلى أخمص قدميه . حكم سامويل أنه لا يمكنه سوى أن يصد خمس ضربات منه لا أكثر قبل أن ينهار جسده .

كما أنه أدرك أن الترول أمامه في مستوى قريب من خمسة نجوم .

" علي أن أخلق فرصة ."

إذا لم تكن لدى سامويل فرص للفوز على الإطلاق ، لكان سامويل إستخدم مخطوطة النقل عن بعد التي حصل عليها في قبر راغنار للهروب من هنا بحياته .

لكنه أدرك أن هذه الأزمة فرصة لتطوير نفسه أكثر .

علاوة على ذلك ، إذا لم يستطع التغلب على أزمة بسيطة كهذه فلن يكون له الحق أو المؤهلات بأن يحلم بأن يصبح كائن يحكم مصيره مستقبلا .

كل الأفراد الأقوياء و العظماء لابد أنهم تغلبوا على أزمات قاتلة في حياتهم ليصبحوا رموزا للقوة .

في هذه الحالة كان قائد الترول لا يزال لا يعلم عن حقيقة إستخدام سامويل للسحر . كما أنه يملك بطاقة مخفية طورها بمساعدة النظام .

" سأنتظر اللحظة المناسبة "

ضربة !

تأوه سامويل بصوت عال و هو يصد ضربة قوية من مطرقة قائد الترولز .على الرغم من دفاعه المثالي ، إلا جسده شعر بضغط شديد جدا جعله يرتجف بإستمرار .

" هل هذا كل ما لديك أيها الفأر . "

لم يهتم الترول بهوية سامويل . فبعد قتله لهذا الأخير سيكتشف بسهولة هويته .

" مجددا !"

" هوهوه "

بووووم

أصابت سامويل ضربة أخرى ، هذه المرة ، تم إرساله طائرا نحو النيران التي خلقها .

شعر سامويل بالشجرة الخشنة خلفه ، و هي تصطدم بظهره .

لقد شعر بأن جمجمته و عموده الفقري سيتحطم . لكنه تمكن من التمسك بوعيه بطريقة ما و الصبر باقيا مستيقظا .

" كح كح "

بينما كان سامويل يلهث ، لم يرد إخراج جرعة شفاء و شربها لأن هذا سيرفع من يقظة الترول أمامه و سيخرب ما خطط له من البداية .

" سحقا "

رأى سامويل قائد الترولز يقترب منه و بدأت رؤيته تضعف بسبب الإرتجاج .

" إنتهى الأمر الآن ."

رفع قائد الترولز مطرقته عاليا . إذا سقط هذا السلاح على سامويل فسوف يموت دون أدنى شك .

" وداعا !"

في اللحظة التي كان قائد الترولز على وشك توجيه ضربته القاضية ، شعر هذا الأخير برؤيته تتلاشى فجأة .

كان ذلك للحظة واحدة فقط ، و لكن لسبب ما ، شعر و كأن دهر قد مر .

لم يستطع قائد الترولز أرجحة مطرقته .

توقف الوقت بالنسبة له للحظة .

و عندها إستعاد وعيه و نظر إلى جسده ، وجد خطا دمويا فصل جسده بالتساوي خلقته شفرة برتقالية ملتهبة .

شفرة برتقالية بها إشعاع ذهبي .

و على الطرف الأخر من السيف كان سامويل الذي أخد شعره يتمايل في الهواء مثل النار المشتعلة بعد سقوط قناعه عن وجهه .

" فقط …متى "

إنفصل جسد قائد الترولز بشكل مقرف و إنتشرت الدماء ملطخة على جل جسد سامويل .

بإستخدام [ مهارة المبارزة الإمبراطورية : الفصل الأول : سيف الزمن ] و سحر النار ، تمكن سامويل من خلق حركة هجوم قوية للغاية إستنفذت كل المانا خاصته .

إنفجرت العديد من الأوعية الدموية في جسد سامويل بسبب الضغط الشديد الذي سببته هذه الهجمة عليه .

كما أطلق سامويل صرخة مروعة .

بمجرد أن هدأ ، تحدث بصوت مختلف عن المعتاد قائلا .

" كان قتالا جيدا "

فيووو

أخرج سامويل مجموعة من جرع الشفاء منخفضة المستوى من خاتمه و شرع في شربها مثبتا إصابته .

إنتشرت إبتسامة فخورة و متعجرفة على وجهه .

لقد فاز لأول مرة في قتال حياة أو موت .

.

.

السلام عليكم

أنا أنشر مواعيد الفصول و معلومات جانبية حول القصة في سيرفر الديسكورك في خانة الدعم . لا تنسو تفقد الأمر لمن يحب مواصلة تفقد المعلومات حول الرواية و شكرا .

2024/06/19 · 135 مشاهدة · 1814 كلمة
....وحيد
نادي الروايات - 2024