.
.
و هكذا مرت بسرعة أربع ساعات على إنسحاب الترولز من ساحة المعركة .
في غضون هذا الوقت ، بدأت السماء تظلم تدريجياً فوق مدينة براغن ،
حيث تجمعت السحب بشكل متراص مشكلة جوا حزينا و رماديا.
اجتمع جيش الترولز الضخم و الذي تم إعادة تنظيمه على أطراف مدينة براغن ، وهم ينظرون بعيون غاضبة نحو السور الخشبي الذي حمى الأورك من بطشهم في وقت سابق .
بحيث ، يمكن للمرء أن يرى مئات الفجوات داخل السور الخشبي بسبب مدافع الترولز المدمرة كاشفة على مباني مدينة براغن .
كما حطمت المدافع أيضا عشرات المباني داخل براغن .
عيب هذه التكنولوجيا الأساسي هو تصويبها العشوائي و قصر مدى وصول القذائف .
في طليعة الجيش ، وقف قائد الترول الأعلى، جاك و هو ينظر بهدوء إلى البوابات الرئيسية للمدينة .
شعر هذا الأخير داخليا بالذل الشديد لعدم إستطاعته السيطرة على براغن في المحاولة الأولى .
وقربه ترول أخر يتمتع بشعر أسود طويل و عيون حمراء . هذا الأخير هو سام أخ جاك الأكبر الغير الشقيق و أمير من أمراء الترولز .
لقد جاء كدعم لأخيه الصغير بعد فشل جاك في السيطرة على المدينة في الوقت المحدد .
" جاك الصغير ، كيف لم تستطع إسقاط تلك البوابات الخشبية بالأدوات التي أغدقها عليك والدنا ؟!… لقد منحك والدي العديد من الفرص . لكن … لا .. لا … لا … أنت حقا لا تستغل هذه الفرص ."
كان سام أول من تحدث .
أهان أخاه الصغير بدون تردد .
كان صوته يحمل نبرة تهكمية مع نغمات من السخرية و ظلال قوية من التوبيخ .
بحيث بدا كأنه يستمتع بالأمر كثيرا .
" كفى من تراهاتك . لقد أخبرتك مرارا و تكرارا أن متغيرا قويا ظهر داخل ساحة المعركة . لذلك قررت الانسحاب التكتيكي حتى أقوم بتقييم الوضع أكثر ."
زأر جاك بغضب بسبب إستفزاز أخيه الغير الشقيق المستمر .
" و ماذا عن المدافع ؟! هل ستقوم بتحميل مسؤولية دمارها في المتغيرات أيضا ؟ "
" بخصوص ذلك !!"
" أخي …"
قاطع سام كلام جاك بازدراء شديد في صوته بحيث أكمل حديثه قائلا .
" أخي الصغير الغير ناضج ، منذ طفولتك و أنت معروف بكسلك و تهربك من المسؤولية . كلما واجهت وضعا صعبا أو ضغطا قويا هربت بأقصى ما عندك دون المحاولة حتى ."
" أيها اللعين ، أصمت ماذا تعرف عني ؟!…هوو … هوو … أصمت."
صرخ جاك بجنون ناشرا هالته القوية في كل مكان مما جعل العديد من الترولز من حولهم ينظرون نحو الثنائي بوجوه متعرقة .
لكن ، سام لم يرمش حتى في وجه قوة أخيه .
بحيث ، أضاف بسخرية .
" لقد خيبت أملي حقا … فأنت لم تتغير قط ، تحب التباهي بقوتك و التلاعب بحياة الضعفاء . تهرب في وجه القوي كالجبان و تسميه انسحابا تكتيكيا. لو كنت في مكانك لحاولت بكل جوارحي الفوز بالقتال حتى لو عنى الأمر تعرضي لإصابة خطيرة … لأن الفوز بهته الحرب يعني نجاتنا ، أتفهم ؟"
مباشرة بعد ذلك ، ربت سام على كتف جاك بهدوء متمتما .
" الفوز بهذه الحرب ضروري يا أخي الصغير ."
" …"
ظل جاك صامتا .
كما يمكن للمرء أن يرى تذبذب حدقات عينيه و صرّه الشديد لأسنانه لدرجة سيلان الدم بدون توقف .
" حسنا ، لقد تماديت قليلا . مازال عليك التعامل مع الإخوة الأخرين و مع والدي الغاضب ."
ليتجاهل بعد ذلك سام تصرفات أخيه و يحرك نظره للخلف نحو أقرب جندي منه .
" أنت ، ما الوضع الآن ؟!"
" آه … أيها القائد … في الحقيقة ، لم نر تحركات للهمجيين طيلة الساعتين الماضيتين . لقد تم إخلاء الأسوار بالفعل … لذا رجح رئيس الاستراتيجيين أنهم يستعدون لهجمة جديدة داخل المدينة ."
" هكذا إذن ، ألم يقل رئيس الاستراتيجيين أي شيء أخر ؟!"
" لا أيها القائد ."
" هذا غريب جدا ."
حرك سام رأسه ناحية أخيه مضيفا بقلق .
" جاك ، هل ما قاله صحيح ؟!"
" أجل ، يا أخي . رئيس الاستراتيجيين هو أحد أعوان والدنا الذي منحه لي عند فوزي في معركة روما في الماضي . كلامه مثل وزن كلامي وسط المعسكر "
تخلى جاك عن مشاعر الغضب للوقت الحالي و أجاب عن سؤال أخيه الأكبر بصفته قائد الجيش الأعلى .
" إذن ، أنت تقول لي بأنك اتبعت بشكل أعمى كلام شخص أخر دون التأكد من الأمر ."
"و ماذا لو قمت بذلك . ما المشكلة! هل تحاول إفتعال قتال ضدي ؟"
صفع سام جبهته بلطف .
بحيث تنهد بقوة و هو يحدق بإزدراء في أخيه الغير الشقيق .
" أنت تخيب أملي يوما تلو يوم … يالك من أخ ساذج ."
" ماذا قلت بجدية -.."
" أنت !!"
أشار سام بإصبعه ناحية أحد الترولز المشاة .
" نادي على قائد الاستراتيجيين …"
" آه … أنا … حاضر ، أيها القائد …"
أجاب الجندي بتلعثم و خوف شديد.
" ماذا تفعل يا سام ؟"
أمسك جاك يد أخيه بعنف شديد مستعدا للقتال في أي لحظة .
فالقتال بين العلني أمراء الترولز ليس بالأمر الجديد بالنسبة للترولز .
" أنا أنقذ ما تبقى من وجهك أيها الغبي ."
" ماذا تعني بذلك ؟!" سأل جاك بجدية تامة .
" ستفهم بعد قليل ."
و لسوء الحظ بعد بضعة دقائق ، تحققت مخاوف سام .
فقد عاد الترول الذي كلفه سام بإستدعاء رئيس الإستراتيجيين خالي الوفاض .
أخفض هذا الأخير رأسه متمتما بإرتجاف .
" تقرير للقادة …لم نجد قائد الإستراتيجيين في خيمته ، وسعنا نطاق بحثنا لكننا لم نجده ."
أومأ سام برأسه ثم أشار للترول بأن يعود إلى موقعه .
في نفس الوقت ، تجهمت ملامح جاك بشكل لايصدق و لكم الأرض بقوة كبيرة مما جعلها تتشقق .
" هل فهمت أخيرا أيها الغبي ؟"
" لقد تم التلاعب بي … خاننا رئيس الاستراتيجيين و انسحب الهمجييون من المدينة ."
" أجل، هذا الإحتمال الأكثر منطقية . ألم تقل بأن الهمجيين إنسحبوا قبل ساعتين ؟"
" سحقااااااا . لماذا لم ألاحظ الأمر ؟ لماذا ؟" صرخ جاك بجنون في الهواء محاولا إفراغ إحباطه و غضبه .
هو كترول فخور تم خداعه من طرف الهمجيين الذين لا يعرفون سوى القتال .
كما أنه أدرك الفرق الشاسع في الذكاء و سعة الحيلة بينه و بين أخيه الأكبر .
فقد تمكن سام في بضعة دقائق من استنتاج حيلة العدو . بينما ظل يلعب في الأنحاء كالغبي .
" لهذا أخبرت والدي مرارا و تكرارا بأنك لست مؤهلا لقيادة أحد كتائب الجيش ."
" أصمت ."
بووووم —-!
لكم جاك في إتجاه رقبة سام .
لكن ، هذا الأخير توقع هجوم أخيه المتسلل و تمكن من تفادي الأمر بسهولة تامة .
" لست في مزاج لمزاحك ." أضاف جاك ببرود تام .
" سأعفوا عن وقاحتك . لكنني لن أتقبل أي سلوك أخر يهينني ، أتسمع يا أخي …"
" تسك "
تجاهل جاك كلام أخيه و حرك رأسه محدقا ناحية مدينة براغن التي من المرجح أنها فارغة في الوقت الحالي .
كل ما يجول في باله هو …
لماذا خانه شخص موثوق كرئيس الإستراتيجيين في هذه اللحظة بالذات ؟!
" سحقااااا "
حاليا ، كل ما عليه هو تأكيد الأمر و السيطرة على المدينة .
ثم العودة إلى العاصمة لتحمل العقاب إذا كانت فرضية أخيه صحيحة .
تمنى جزء منه أن تكون الفرضية خاطئة .
" أيها المحاربون ، توجهوا نحو المدينة و دمروا كل ما في طريقكم . هذه المرة سننجح بكل تأكيد ."
" علم !!"
رن صوت الترولز الموحد كالرعد معلنا عن بدء الهجوم الثاني على مدينة براغن .
خلف جاك ، ابتسم سام بمكر . لقد قرأ بالفعل نوايا أخيه المسكين بسهولة كالكتاب المفتوح .
" هووو … هووو … هووو … هذه المرة لن يفلت من العقاب كالسابق ."
سارت قوافل الترولز نحو البوابات،
يمكن للمنظر أن يجعل أي شخص يشعر بالقشعريرة في دماغه .
وصلوا أخيراً إلى البوابات، لكنهم وجدوا الحالة غريبة مما عزز فرضية سام .
لم تكن هناك حراسة تمر بالقرب من الجدران، ولم يكن هناك أي نشاط يمكن أن يدل على وجود أي حياة داخل المدينة.
" سحقا . الأمر تحقق حقا " صرخ جاك بغضب .
" أسقطوا البوابة و سيطروا على المدينة ."
متجاهلا أخيه الغبي ، تقلد سام منصب القائد و طلب إسقاط البوابة الخشبية .
" حاضر "
" علم "
" هجوم !"
" حتى لو كانت هناك خدعة ، سنتصدى لها ."
رن صوت الترولز المتحمسين في كل مكان .
أخيرا ، سيسيطر جنسهم على مدينة جديدة مما سعزز هيمنتهم .
كراك —-!
بوووم —-!
سقطت البوابة بعد بضعة محاولات ،
و دخل الترولز بحذر الشوارع الفارغة، وكانت الصمت يلفهم بشكل مريب.
يمكن للمرء أن يرى الآلاف من الترولز يتحركون عبر الشوارع .
" المدينة فارغة ."
" لقد هربوا …"
" كيف … إنسحبوا …"
" أولئك الجبناء …"
" هناك "
و لكن ، فجأة ، ظهرت هيئة أورك أخضر ذو رجلين مقطوعتين و مضمضتين .
جلس هذا الأخير على الأرض بهدوء ،
و هو يحدق في جحافل الترولز ببرود .
لوح بيده اليمنى للترول القادمين في إتجاهه ثم إبتسم بشدة متمتما بسخرية .
" مرحبا أيها الصراصير و … وداعا ."
ليضغط بعد ذلك الأورك قبضته .
-بوووووم —-!
بووووووووم ——!
تلى الأمر ، إنفجار ألسنة اللهب من جميع أنحاء المدينة مغطية جميع أنحاء المدينة بما فيهم الترولز و أصوات الانفجارات المدمرة التي هزت الأرض.
" لاااااا "
" كيوك …."
" إنسحبوا !!"
" أهربوا بحياتكم !!!"
إنفجرت الأبنية مكونة سحاب من الغبار والحطام، وانهارت جدران المدينة حول الترولز.
كانت مدينة براغن قد تم تفخيخها بالكامل، استعداداً لهجوم مثل هذا.
إنهارت البنايات بلا توقف، شعر سام و جاك باليأس يغمرهما .
"لن يكون هناك انتصار هذه المرة..."
همس جاك بحنق، بينما يحاول هو والبقية الهروب من الهلاك الذي جلبوه إلى أرواحهم.
.
.
السلام عليكم
أنا أنشر مواعيد الفصول و معلومات جانبية حول القصة في سيرفر الديسكورك في خانة الدعم . لا تنسو تفقد الأمر لمن يحب مواصلة تفقد المعلومات حول الرواية و شكرا .
و لجميع القارئين ، أرجوا منكم أن تقييموا طريقة سردي للاحداث … و إخباري في التعليقات
اذا احببت الرواية لا تنسى تفقد الديسكود في خانة الدعم.