.
.
عاصمة الأورك سمفونيا ….
هي عبارة عن مجموعة من أربع مدن صغيرة تحيط بقلعة زعيم الأورك التي تطفوا في المنتصف.
كل مدينة صغيرة تتميز بأسوار عالية وبوابات محمية بشكل جيد.
تتصل هذه المدن ببعضها عبر شبكة من الطرق المرصوفة، وفي قلبها ترتفع قلعة زعيم الأورك، التي تمثل المركز الإداري والعسكري للمدينة بأكملها.
تحظى هذه القلعة بحراسة مشددة وتعتبر معقل القوة والسلطة.
وصل الثلاثي بسلاسة إلى المدينة الشمالية و تمكنوا من دخولها رغم الحراسة الشديدة …
و ذلك بفضل هوية سيلا كأصغر إبنة لعائلة ريغان أحد أقوى العائلات في العاصمة.
فلماذا في نظركم طلب فيجي من سيلا تأمين طريق للعاصمة ؟!
لأنها بالطبع تملك الخلفية اللازمة لتحقيق الأمر …
و بعد دقائق من دخولهم، وصلوا إلى معبد الأورك.
وقف الثلاثي حاليا أمام بوابة عملاقة ..
لم يستطع سامويل إخفاء تحمسه عند إلقائه نظرة على ما كان أمامه ..
خلف البوابة يقبع هدفه …
و أخيرا ، بعد طول انتظار ، سيحقق مهمته و سيعود إلى أزورا …
رغم أنه سيشعر بالسوء قليلا لأنه سيترك هذا العالم … إلا أن هذا لا يهم حقا …
لأنه أراد في صميمه العودة حقا …
رأى أسوارا عالية ، إنبثق منها حاجز شفاف شكل قبة عملاقة ..
قبة قامت بحماية هذا المكان المقدس ...
و بينما كان الثلاثي على وشك التحرك ، كان هناك صوت صرير قوي للغاية .
صرير —-!
بدأت بوابة المعبد تفتح ببطء أمامهم…
الأبواب الثقيلة تتحرك، محدثة ضجيجًا مدويًا.
كان الصوت يصم الآذان، يتردد في الهواء كأنين عملاق قديم يستيقظ من سباته….
كلما انفتحت البوابة أكثر، بدأ يظهر خلفها مشهد مذهل….
كانت الأعمدة الحجرية العملاقة تزين المدخل، منقوشة بنقوش قديمة….
و وقف أمام المدخل أورك عجوز يرتدي ثوبا طويلا مصنوعا من جلد الوحوش و قلادة ذهبية حول عنقه .
كما أنه يحمل عصا منحوتة بشكل غريب .
وقف فيجي و سيلا بهدوء ، محدقين في الأورك العجوز …
بينما تراجع سامويل قليلا للخلف و هو يحاول تحليل الوضع …
" أيها الكاهن …"
أخفض ثنائي الأورك رؤوسهم ناحية الوافد الجديد … الذي اتضح أنه هدف سامويل …كاهن الأورك .
" أوه ، يال المفاجأة . سيلا …"
بابتسامة دافئة ، حيا كاهن الأورك سيلا و أدار عيونه بعد ذلك ناحية فيجي الذي مازال مدرعا تماما…
لكن ، هل سيستطيع الدرع أن يخفي هوية فيجي أمام كاهن الأورك ؟!
بالطبع ، لا …
" و الرئيس فيجي …"
" آه … مر وقت طويل أيها العم ماكس … كيف حالك ؟!"
" هاهاهاها … لا زالت عظامي العجوزة على ما يرام .."
' ماذا يحدث ؟!'
حدق سامويل في المشهد بحيرة ، ظن أن فيجي سيتخذ إجراء مضادا إذا تم الكشف عن هويته …
خصوصا و هم داخل العاصمة مقر أعدائه …
لكنه ، يحاور كاهن الأورك كأنه قريب عزيز عليه …
و كأنما قرأ أفكار سامويل ، أدار فيجي رأسه في إتجاه سامويل الحائر .
" لا تخف … كاهن الأورك هو بمثابة أب ثاني لي … لن يؤذينا بتاتا .."
" لماذا لم تقل ذلك من قبل ؟!"
قمع سامويل غضبه ، شعر أنه تم إبقاؤه في الظلام من طرف غبي كفيجي …
" لم تسألني قط …"
" سحقا … حسنا ، مرحبا يا كاهن الأورك أنا …-"
" مرحبا أيها البشري المنتظر …-"
مباشرة بعد قوله هذه الكلمات ، تراجع سامويل قليلا و كأن قنبلة قد انفجرت في عقله …
لكنه ، في الأخير، عدل وضعيته، حافظ على برودة أعصابه و لم يسمح لملامحه أن تتغير …
" بشري ؟!"
نظر الكاهن إلى سامويل بنظرة غامضة ، و ابتسم بهدوء .
" نعم ، بشري . لكن لتحافظ على أعصابك … أنت حقا شيء أخر ."
" بشري … ما هذا ؟! هل هذا اسم نوع من الطعام ..؟"
سأل هذه المرة فيجي الذي شعر بالحيرة .
" هاهاها طعام … أيها الصغير فيجي … هاهاها …"
ضحك الكاهن بصوت عميق .
" لا يا عزيزي . البشري هو ما هو عليه الزميل أمامنا … مخلوق من عالم أخر ."
هذه المرة ، شعر سامويل بالضغط الشديد .
أراد في البداية الهروب من هذا المكان …
لكن ، كلما تكلم كاهن الأورك ، تأكد أن هذا الأخير لا يبدو كأنه يحمل نوايا خبيثة .
لو أراد قتله ، لقبض عليه منذ البداية …
لكن ، ظل سؤال واحد عالقا في ذهنه …
" كيف …؟!"
" كيف رأيت من خلال تنكرك هاهاها ؟! "
"…"
ظل سامويل صامتا و هو ينتظر إجابة الكاهن .
"… في الحقيقة ، لم أرى من خلال تنكرك … حسنا ، لنغير المكان ، هناك العديد من المزعجين الذين يقتربون … اتبعوني "
" سامويل … ماذا يعني هذا ؟!"
هذه المرة ، تكلمت سيلا التي ظلت صامتة طوال الوقت .
" هذا …"
" أيها الصغيرة سيلا … لا تزعجي الزميل … ستعرفين قريبا ، لما التعجل …"
" تسك ، حسنا .."
دخل الثلاثي إلى المعبد …
ليتم إغلاق الباب خلفهم ببطء .
.
.
***********
*****
.
.
دخل الثلاثي إلى المعبد، حيث قادهم كاهن الأورك عبر الممرات…
ليصلوا إلى حديقة داخلية مزينة بالأشجار والزهور البرية، وبركة صغيرة .
كما تتوسطها نافورة متواضعة.
"هنا !!"
جلسوا حول طاولة خشبية بسيطة …
"مرحبًا بكم في حديقتي الخاصة,"
قال الكاهن بابتسامة دافئة.
"هل تودون تناول الشاي؟"
نظر سامويل إلى سيلا وفيجي للحظة قبل أن يقول، "أنا بخير."
شعر بالضغط الشديد و هو يخيط في باله مجموعة من الخطط البديلة إذا ساء الوضع …
أومأ الكاهن برأسه، ثم وجه نظره إلى سيلا وفيجي. "وأنتما؟"
"الشاي سيكون رائعًا، شكرًا."
"نعم، سأشرب الشاي أيضًا."
ابتسم الكاهن وأشار إلى أحد الأورك الشباب الذين كانوا يقفون في الزاوية.
"رجاءً، قدم لضيوفنا ما طلبوه."
انحنى الأورك الشاب وذهب لتحضير المشروبات.
كلانغ —-!
نزع فيجي الخوذة عن رأسه مما جعله يشعر بالانتعاش…
" إذن ، ما تعني ببشري منتظر ..؟"
قرر سامويل التوقف عن اللعب دور الغبي لأن الطرف الأخر يبدو أنه متيقن من أنه بشري …
لكنه ، شعر بالأسف لأنه سيكشف نفسه بهذه الطريقة …
فقد فضل لو ظلت هويته مخفية لأن ذلك أفضل للجميع …
لسوء الحظ ، الحياة لا تسير كما يريد الشخص …
" هوهو … غير صبور أيضا. لكن ، أليس من الوقاحة أن تظل بهذا الشكل عندما تتحدث معي ..؟ …أنا أيضا فضولي لرؤية شكل البشر الأسطوري …"
" لماذا أنت متأكد من أنني بشري …؟!"
لم يتأثر سامويل بكلام الطرف الأخر .
" أوه … أنت فضولي بشأن هذا …لابأس ، يمكنني إخبارك … السبب بسيط و هو …"
أشار الكاهن ماكس إلى عصاه المنحوتة التي تتوهج بلا توقف.
"هذه العصا كما ترى … ليست مجرد عصا عادية... يمكن أن تقول بأنها بوصلة … عندما إقتربت في حدود كيلومتر واحد ، بدأت في التوهج بشكل خاص… ثم اتبعت إشارة العصا لأجدك"
نظر سامويل إلى العصا بانبهار.
"تلمع عندما إقتربت… ماذا يعني بذلك؟"
لم يفهم سامويل المنطق وراء هذه العصا …
فهل سيصدق أن عصا لامعة حددت هويته و موقعه ؟!
لم يفهم حقا ما يحدث …
أومأ الكاهن بابتسامة دافئة ، متفهما مخاوف و أسئلة سامويل …
"عقلك سيكون الآن مليئا بالأسئلة … لكنني سأخبرك بما أعرفه … لأنني لا أحيط علما بكل شيء …"
في هذه اللحظة، جاء خادم الأورك بالمشروبات، ووضع الشاي أمام فيجي وسيلا والماء أمام سامويل.
"تفضلوا، أتمنى أن تستمتعوا."
"شكرا لك."
قال فيجي وسيلا بصوت واحد.
فلقد ظل الثنائي صامتين منذ البداية، لأنهم يعرفون أن المحادثة ليست عادية …
كما أنهم شعروا بأنه ليس من حقهم التدخل في هذه المحادثة …
" شكرا لك ، أيها الصغير جوناثان … يمكنك العودة …"
" من دواعي سروري .."
غادر الأورك الخادم المكان و تابع الكاهن حديثه.
"أين كنا …؟ هناك نبوءة قديمة من حاكمنا بورغ توارثها الكهنة من جيل إلى جيل … تتحدث عن بشري عظيم سيأتي لاستعادة القلادة المقدسة، وسيكون منقذا للأورك في المستقبل."
كان سامويل مذهولاً.
"نبوءة؟ قلادة مقدسة؟"
أومأ الكاهن بهدوء.
"نعم، إنها قلادة مذهلة للغاية ... حاكمنا بورغ تنبأ بمجيء بشري خاص لاستعادتها و منحنا عصا التوبة هذه لكي تساعدنا على تحديد مكانه و مساعدته قدر الإمكان …"
" هاه …؟!"
شعر سامويل بالصدمة ، متسائلا داخليا …
هل هو حقا في روايته ؟!
الأحداث تتحرك بسرعة البرق ، جاعلة إياه حائرا أكثر فأكثر …
توقع ماكس حيرة سامويل . لذلك منحه بضعة ثوان لاستجماع نفسه …
" لكن ، لماذا لم أسمع بمثل هذه النبوءة كرئيس أورك سابق ؟!"
هذه المرة ، قاطع فيجي الهدوء التي خيم على هذا المكان …
لأنه شعر بأنه لا بد من أن يستفسر عن السبب …
ابتسم ماكس بهدوء ، ردا على سؤال فيجي ثم أضاف …
" بسبب الطمع أيها الصغير فيجي … "
" الطمع !"
أخذ ماكس رشفة من الشاي ، و أخذ نفسا عميقا قبل أن يجيب …
" نعم … الطمع ! لا يعرف أحد ما كيفية قراءة القلوب ، أتفهم ؟! … مثلا إذا قمت بمشاركة سر الكهنة مع أحد رؤساء الأورك … و نمت بذرة الطمع في قلبه … فهذا قد يشكل قد خطرا على خطط حاكمنا ."
" هكذا إذن …"
أومأ فيجي برأسه .
كانت كلمات ماكس منطقية للغاية …
لقد عانى بسبب الطمع بالفعل .
" إذن ، انطلاقا من نبوءة و عصى لامعة … استنتجت أنني بشري ."
" أجل "
أومأ كاهن الأورك برأسه … لأن ما قاله سامويل هو المنطق الذي استخدمه .
"هكذا إذن…"
قال سامويل، ثم دون أي تفكير، سأل…
"أين هي إذن القلادة؟"
ابتسم الكاهن ، نظر بعمق في وجه سامويل وقال بهدوء …
"قبل أن أخبرك، أيها الزميل سامويل… هل تسمح لي برؤية شكلك الحقيقي؟"
.
.