.

.

" استيقظ ستتأخر عن عملك أيها الشقي . هل يجب أن نعيد نفس السيناريو كل صباح ؟ استيقظ ، يا إلهي لا أصدق أنك مازالت هكذا رغم أنك تقترب من إكمال 27 عام …"

" خمس دقائق فقط …"

" يا إلهي ، لماذا ولدت مثل هذا الابن الكسول ؟ … انهض يا رامون . ألم تقل أن اليوم هو يوم مهم …؟!"

أثناء صراخها ، أزالت والدة كيم رامون الغطاء عن إبنها مما أيقظه تماما من سباته …

تثاؤب رامون ببطئ ، نهض من فراشه . لم يهتم بصراخ والدته لأنه إعتاد على سماع نفس الحوار كل صباح …

هو فتح لتوه عينيه و والدته تمطره بالفعل بسيل من الكلمات …

" صباح الخير …"

ابتسم رامون بلطف و حيا والدته التي ظلت تتحدث بلا توقف حول كسله و تأخره عن عمله …

و بعد بضع ثوان ، استسلمت والدته أخيرا و غادرت غرفته لتتركه يعد نفسه من أجل التوجه لعمله …

فبعد سنوات طويلة من الدراسة في كلية راشفورد أحد أرقى الكليات بدولته ، أنهى رامون دراسته، حقق حلمه و تخرج كمحامي .

بعد ذلك مباشرة ، حصل على وظيفة في مكتب محاماة معروف و بدأ يبني حياته …

و اليوم لديه لقاء مهم مع أحد عملائه ، لذا وجب عليه عدم التأخر …

بعد استحمامه و إنهائه لروتينه الصباحي ، ارتدى بذلة مخططة و وضع على يده ساعته الفضية …

حدق في المرآة لبعض الوقت من أجل التأكد من أن كل شيء على ما يرام ثم توجه إلى المطبخ من أجل تناول الإفطار مع أسرته …

" ها قد أتى …"

" لقد أيقظته بصعوبة تامة . إنه يحب حقا النوم مثل الكوالا … إنه يشبهك حقا يا عزيزي …"

" هاهاها … كوالا … كياااك.."

حدق رامون في أسرته بدفء …

على الطاولة البلاستيكية أمامه ، جلس والده رفقة والدته و أخته الصغرى …

ابتسم رامون في وجه مضايقاتهم ، لقد إعتاد لسنوات على هذا الوضع .

كما أنه لم يكره هذا الجو المرح بتاتا ، بل أحبه تماما …

و لم يمض وقت طويل قبل أن يغادر رامون المنزل بإستعمال سيارته …

توجه لمكتب المحاماة الذي يعمل به و هو يستمع بهدوء لأنغام أحد إذاعات الراديو .

نقر—-!

نقر—-!

نقر رامون بهدوء على مقود سيارته و هو يتحرك تزامنا مع أغنيته المفضلة المعروضة حاليا في الراديو …

🎵 لا تبكي يا صغيري 🎵

🎵 أنظر نحو السماء 🎵

" يا رجل … أحب حياتي …"

تمتم رامون بفرح …

فهو يمتلك والدين طيبين ، أختا لطيفة و محبوبة ، عملا يحسد عليه . كما أنه يواعد فتاة جميلة …

ما الذي ينقصه ؟!

لاشيء …

ما الذي يحتاجه ؟!

لا شيء …

تمنى فقط أن تبقى حياته هكذا للأبد .

تششش—-!

تششش—-!

فجأة ، اختفى لحن أغنيته المفضلة و حل محله صوت الخشخشة من راديو السيارة .

" ما الذي يحدث ؟!"

تفاجئ رامون من الوضع ، حرك يده اليسرى من مقود السيارة ثم شرع في تعديل التردد .

لكن ، لم تحل هذه الخطوة أي شيء . بل زادت الأمر سوءا …

يمكن للمرء أن يرى أن صوت الخشخشة يصبح أكثر حدة مع مرور الوقت .

" هذا مزعج …"

دق —-!

دق—-!

ليلجأ رامون في الأخير إلى الحل المتفق عليه من طرف الجميع ، عندما تتعطل الأشياء …

ضرب بحافة يده الراديو مرارا و تكرارا على أمل أن يتوقف صوت الخشخشة بينما يحاول التركيز أيضا أثناء السياقة …

" و أخيرا …"

بعض بضعة ضربات ، توقف لحسن الحظ صوت الخشخشة المزعج جدا …

بدا كأن الراديو تعطل بفعل ضربات يد رامون المتتالية …

لكنه ، لم يتوقع بتاتا ما حدث تاليا …

[كيم رامون …]

نادى صوت من داخل الراديو باسمه…

" هذا …!"

توقف رامون عن التنفس لبرهة و بحركة غريزية ركن سيارته على عجل على حافة الطريق …

" هل نطق الراديو لتوه بإسمي أم أنا أحلم …؟"

لم يفهم رامون ما الذي يحدث أمامه ؟!

[كيم رامون … أرى أن هذا هو العالم المثالي بالنسبة لك …]

" هل هذا مقلب من والدي ؟!"

شعر رامون بالحيرة ، استدار تلقائيا و هو يتفقد أركان السيارة بدون توقف …

إعتاد في السابق أن يقوم بالمقالب مع أو ضد والده …

لذا أول فكرة طرحت على باله هو أن والده يقوم بمزحة غبية عليه في هذا الوقت …

[لسوء الحظ … مازال عليك إنهاء العديد من الأشياء لذا سننهي الأمر حالا …]

" ما الذي يحدث بحق الجحيم …؟!"

و في تلك اللحظة ، تكسر العالم كالزجاج و تم استبدال رؤية رامون بضوء قوي يعمي الأبصار جعله يرتجف بلا توقف …

[ لا تخسر مرة أخرى … لأنك لن تملك فرصة أخرى]

.

.

**************

*****

" هووووف!"

انفجرت النفس الثقيلة للخارج …

" لهاث لهاث لهاث "

نبض صدره كما لو كان يركض ليوم كامل …

" هل أنا مت ؟… أرغ"

حدق سامويل في السقف الخشبي المتمثل أمامه و هو يشعر بالغرابة …

حواسه بدت بليدة تماما لأنه استيقظ لتوه من النوم ، و رأسه تؤلمه كما لو كانت سينشق إلى نصفين …

كسر—-!

في تلك اللحظة ، سمع صوت كسر الزجاج بجانبه …

جعله الصوت المفاجئ ينهض من مكانه متجاهلا ألم رأسه الشديد و يدير بعد ذلك رأسه ناحية مصدر الصوت …

" لقد استيقظت حقا … يا إلهي ، يا إلهي… انتظر ، سأنادي على الطبيب حالا…"

نظر سامويل إلى صاحب الصوت بعينين غائمتين بينما يدلك جبهته ببطء.

لم يستطع الرؤية جيدا لسوء الحظ . لكن عرف أن من حدثه حاليا هو شابك تملك شعرا أصفرا …

لسوء الحظ ، لم يستطع رؤية التفاصيل الأخرى بسبب تقلص مجال رؤيته و مغادرة الطرف الأخر بسرعة البرق من الغرفة …

عبس سامويل .

" مالذي يحدث ؟ ألم أمت حقا ؟!… أرغ …"

حاول سامويل استيعاب موقفه ببطء ، لم يفهم ما الذي يحدث حقا .

أخر شيء يتذكره هو انغماس وعيه في الظلام بعد خسارته على يد بطل الرواية تايلور موون …

لمس سامويل عنقه ببطء و هو يتذكر اليد البيضاء التي أمسكت بعنقه بقوة و أرجحته على حافة الجرف …

تذكر الألم الشديد الذي شعر به عندما غرس تايلور سيفه في معدته ، رئته و قلبه …

مجرد تذكر الأمر جعله يرتجف بلا توقف ممسكا جانبيه …

تذكر إحساس اليأس الذي شعر به في تلك اللحظة …

صر سامويل أسنانه و حفر أظافره عميقا داخل جلد يده …

أحس برأسه يغلي مما جعله يصرخ بأعلى صوت يستطيع إخراجه …

" لن أسامحه … لن أسامحه … لن أسامحه …"

" لن أسامحهم جميعا … سأدمرهم …"

في هذه اللحظة ، شعر سامويل أن وعيه عاد إليه و أصبح أوضح .

تماما كما لو رفع الستار من أمام رأسه …

و حواسه البليدة عادت إلى حدتها مجددا .

عندما حدث هذا ، تمكن من رؤية ما حوله بوضوح تام …

و بعد صراخه لبعض الوقت و إفراغ إحباطه، قام من مكانه ، اختفى الغضب بالكامل و حل مكانه ملامح باردة …

حدق ببطء في محيطه و أدرك أنه كان نائما على سرير خشبي بسيط …

الغرفة كانت خشبية ، صغيرة و متهالكة . تملك سريرا ، مكتبا و خزانة خشبية …

تحرك سامويل نحو أقرب مرآة و التي كانت مرآة صغيرة و نصف مكسورة موجودة فوق سطح المكتب الخشبي…

نزع القميص الكتاني الذي يرتديه و نظر إلى انعكاس صورته في المرآة …

جسده العضلي ، كان به العديد من الجروح و الندبات المختلفة التي تراوحت أحجامها و أشكالها…

حدق على وجه الخصوص في الجرحين الجديدين الضخمين الموجودين في كل منطقة بطنه و صدره …

" سأجعله يندم على قراره …"

تمتم سامويل بحقد شديد ، حدق مطولا بجسده ثم ارتدى بعد ذلك القميص بهدوء …

عرف أن الغضب بشكل مستمر لن ينفعه بأي شيء …

الآن ، كل ما عليه فعله هو رد الصاع صاعين و عرف سامويل تماما كيف سيفعل ذلك …

" و أنا مدين لك مرة أخرى يا معلمتي…"

اختفى الغضب داخله و حل محله حزن عميق .

كما أزهرت إبتسامة مريرة على وجهه لأنه يعرف أنه نجى بفضل معلمته …

فقوة معلمته المخزنة في قلبه هي من حافظت على حياته و ساعدته على شفائه …

" هذا ما عنيته إذن … لقد تنبأت بالفعل بمصيري …"

فهم سامويل أخيرا الكلام المبهم الذي أخبرته ميرا به قبل اختفائها …

< ألم تشعر بذلك …؟>

<ما هذا ..؟>

<إنه ضمانة …>

<ضمانة ؟!>

<أجل … ستفهم ذلك قريبا … قريبا جدا …>

" إذن ، هو ضمانة من أجل نجاتي ضد تايلور …"

فرغم أن سامويل كره أن معلمته ميرا لم تخبره مباشرة بمطاردة تايلور له إلا أنه ما زال ممتنا لأنه بدونها لكان الآن في أرض الأموات …

" سأريهم معنى الجحيم الحقيقي …"

فقد كان في السابق شعار حياة سامويل بسيطا جدا .

العيش طويلا بكسل دون أي ألم .

أي العيش حياة سلمية …

لذا قرر تنمية الغريفين بعد القضاء على الخونة من أجل تسهيل حياته الكسولة …

و رغم أن النظام أثر على خططه بشكل كبير ، فهو لم يهتم بالأمر ما دام سيعيش في الغريفين سليما معافى …

لكن ، ظهرت عقبة خلف عقبة مما جعل حاله يؤول إلى هذا الوضع المزري …

لم يتخلى سامويل عن حلمه بتاتا رغم كل هته الظروف …

لكنه ، أضاف في عقله أولوية جديدة …

الانتقام من كل من أذاه هو و إمبراطوريته …

إن حاول شخص ما منع سعيه هذا .. بغض النظر عن هويته … فسيكون مقتله على يديه .

كانت نار الانتقام في قلبه كبيرة للغاية …

سيمشي في هذا الطريق حتى لو عنى ذلك جعل العالم عدو له …

' الانتقام لم يكن نيتي بتاتا ، لكنهم ، قاموا نخز خلية نحل شريرة …'

لم يستطع إلا أن يضحك عند تفكيره بهذا ، و حرك المانا في عروق المانا خاصته …

لحسن الحظ ، لم يصب مخزن المانا خاصته بأية أضرار جسيمة …

سيحتاج فقط لشهرين على أقصى حد … ليعود جسده لقمة حالته …

" إذا كنت تكذبين … فستندمين تماما على تضييع وقتي الثمين …"

" أنا لا أكذب … لقد استيقظ حقا عكس توقعاتك… أنتظر سترى ذلك حالا .."

" سنرى …!"

بفضل حواس سامويل ، إستطاع استشعار ثنائي من البشر العاديين يتوجهان إلى الغرفة التي يقبع بها …

كما إستطاع أيضا استراق السمع لمحادثتهما..

صرير —-!

فتح باب الغرفة ، و دخلت شابة تبدو في العشرينيات من عمرها ، تمتلك شعرا أصفرا مبعثرا و عيون بنية طاهرة . كان وجهها جميلا للغاية كالدمية…

كما ترتدي ملابس بنية بالية … متبوعة برجل عجوز ذو شعر و لحية بيضاء . يضع نظارة سوداء على وجهه … و يرتدي ملابس جلدية ..

مباشرة بعد دخولهم ، التقت نظرات الثنائي مع نظرة سامويل المتكئ على المكتب الخشبي …

" هذا …! أيها الأخ ، استلقي على السرير بسرعة … ماذا تفعل ..؟"

تقدمت الشابة الشقراء ناحية سامويل بسرعة ، أمسكت بيده و بدأت في توجيهه ناحية السرير الذي كان يرقد به …

لم يقاومها سامويل و تركها تقودها بهدوء …

" هوهو … لقد كنت على حق … استيقظ حقا من الغيبوبة … غريب للغاية .."

فرك العجوز لحيته في المقابل .

" لتستيقظ بعد شهر واحد … أنت لست شخصا بتلك البساطة …"

اتبع سامويل تعليمات الفتاة الشقراء و جلس بطاعة على السرير …

" ما اسمك ؟!"

سأل سامويل بفضول .

من الواضح بأن الفتاة أمامه تساعده بدافع الطيبة ، لأنه لم يستشعر أية نوايا خفية من تصرفاتها …

كانت تتصرف كفتاة قلقة على صحة أخيها الأكبر …

" أنا سارة و أنت ؟! "

" سامويل …"

" سامويل ، هاه … إسم جميل . لكن ، احرص يا أخي على البقاء ساكنا في سريرك … فالتحرك الشديد قد يؤثر على صحتك خصوصا بالنسبة لحالتك…"

" ابتعدي …"

أمسك العجوز الشابة سارة من كتفها و دفعها للخلف ليفسح له المجال …

" ثم … سأفحص نبضك …"

مد العجوز يده و حاول إمساك معصم سامويل …

لكن ، هذا الأخير لم تعجبه تصرفات العجوز بتاتا ، توجهت عينيه ببرود و أمسك العجوز بسرعة البرق من عنقه …

" أنت …!"

إرتجف جسد العجوز بشدة من الخوف …

أحس بقوة غير مرئية تقيده …

" غادر بسرعة قبل أن أقتلك …"

لوح سامويل بالعجوز كالكرة ، و أرسله مرتطما بالخزانة الخشبية …

كراك —-!

وقف العجوز من مكانه بعد ذلك و هو يحس بالألم في جميع أنحاء جسده ، ثم غادر الغرفة كالفأر الجبان …

" الآن ، أين كنا ؟"

أعاد بعد ذلك سامويل إنتباهه لسارة بابتسامة هادئة…

.

.

السلام عليكم …

معكم مؤلفكم العزيز …

اليوم انطلق المجلد الثاني للرواية و أردت إيضاح نقطة سريعة …

لقد بدأت الرواية قبل أربع سنوات تقريبا و لم أكن حينها ناضجا في الكتابة

أردت تصوير سامويل قبل سنوات كبطل بارد ذو مشاعر قليلة لكنني في الأخير اخترت تطوير جانب شخصيته و عدلت الرواية عن السابق …

و لأوضح شيئا أخيرا سامويل في الواقع هو شخص ذو شخصية كسولة و غريبة الأطوار …

لكن ، بسبب الاغتيال الذي كان يهدده ، مهمة النظام التي عقوبتها الموت … اضطر الى قمع طبيعته الكسولة من أجل النجاة …

لكن ، ماذا لو اجتمعت رغبة الكسل مع الانتقام في نفس الشخص ؟!

ما هي أولى رغبة بالنسبة لسامويل ؟!

هذا ما سنكتشفه في هذا للمجلد بعنوان أكاديمية فالهالا …

2024/08/17 · 87 مشاهدة · 2111 كلمة
....وحيد
نادي الروايات - 2024