بسم الله الرحمن الرحيم

................................................................

...............................................................

إذا سألت أي شخص داخل القصر الإمبراطوري بأن يصف إيدين سماديل في بضع جمل ، فبماذا سيجيب ؟

" شخص رائع و مثالي . رغم برودته ، يعامل الجميع بعدل و مساواة . أعتبر صراحة شخصيته مثالية ." تمتمت رئيسة الخدم الإمبراطوري بإعجاب ،

" شخص قوي و وفي جدا . أستاذ جيد و خصم تدريب جدير بالإعجاب . كما أنه يملك العديد من المعجبين داخل أكاديمية الفرسان .... و أكثر ما أحبه فيه هو تواضعه الشديد ." أجاب أحد فرسان الإمبراطور المخضرمين ،

" إنه مثلي الأعلى ، فارس قوي و مذهل وصل إلى مستويات مذهلة في المبارزة ... " أجاب أحد تلاميذ أكاديمية الفرسان الامبراطورية بفخر و الإعجاب الشديد ظاهر على وجهه .

حتى أن الإمبراطور السابق ، هارولد هانوفر إعتبر إيدن سماديل كأخ له بحيث عهد له تعليم و مساعدة إبنه الوحيد سامويل في المستقبل .

حاليا ، يتم إعتبار إيدن بالنسبة لكل من النبلاء والعامة كرمز من رموز الإمبراطورية التي لا يمكن الإستغناء عنها .

كما يعتبر فارس وفيا لسيده و نجما مشهورا بالنسبة للفرسان المبتدئين .

لكنه ، في الواقع ، عكس توقعات الجميع ،هو مجرد أفعى تتربص بهدفها بهدوء ،

رجل عجوز ماكر و شرير ،

يمكن وصفه بأسد صبور ينتظر اللحظة المناسبة لتكشير أنيابه و الكشف عن خططه للعالم .

......

.

مستمتعا بسلوك الدوق الحذر ، ضحك إيدن بصوت عال وقال :

" هاهاها لا تقلق ، لاتقلق ، إسترخ قليلا ، لن أفعل لك شيئا . كما ترى أنا لا أعض ."

" أيها اللعين ، لماذا أنت هنا ؟ "

سأل الدوق ببرود دون أن يتخلى عن حذره .

لولا حقيقة أن الدوق متأكد من إستحالة هزيمته للشخص أمامه ، لهاجمه بالفعل و أراه عواقب الإستهانة به .

فقط شخص أقوى من مستواه ، يمكن أن يظهر فجأة من فراغ دون أن يلاحظ .

" ألم تشتق لي ؟ "

إستمر إيدن في إغاظة الدوق بهدوء ،

تحرك هذا الأخير بحركات خالية من الهموم نحو مكتب الدوق بني اللون ثم جلس عليه بهدوء ،

- قشعريرة .

إنتشرت القشعريرة في جسد الدوق عند تذكره لبعض الذكريات الغير السارة في الماضي البعيد .

" أيها اللعين العجوز ، ما الهدف من مجيئك ؟ "

ضاحكا بهدوء على سؤال الدوق ، إبتسم إيدن في وجه الدوق ثم تمتم بملامح حزينة :

" لقد كبرت حقا . أتذكر عندما كنت شابا ساذجا ... هاه ، أخشى أن الوقت يمر بسرعة ."

بينما كان يحدق إيدن بجيريمي ماكنزي بهدوء ، أطلق تنهدية حزينة و ظهر حنين على وجهه .

" أنت تعلم أنني كنت في يوم من الأيام شابا و طموحا مثلك ...في وقت سابق ، بعد تخرجي ، كنت أعيش بشكل جيد في مكان رائع من أجمل الأماكن بالنسبة لي ... هاه لكن ، بسبب مهمة غبية ، أصبحت متعلقا بشكل لاإرادي بهذه الإمبراطورية اللعينة ."

توقف إيدن لبعض ثوان ثم أضاف بمرارة :

"هاه ، كما أنني أعمل كجليسة أطفال لإمبراطور متخلف و غبي . في بعض الأحيان ، أحسده لأنه ولد بملعقة ذهبية في فمه ..."

عندما رأى الدوق إيدن يتذكر ماضيه ، جلس بهدوء لأنه يعلم أنه لا أحد يمكن أن يوقف العجوز الثرثار عن التكلم .

نظر إيدن إلى سقف الغرفة بينما يتذكر ماضيه ، أطلق إبتسامة حزينة ومأساوية .

" هاه ، أتمنى العودة إلى نقطة البداية لأختار مسارا أخر . "

أخذ نفسا عميقا مهدئا نفسه قبل مواصلة حديثه .

"هاه ، أتمنى ألا تتخد مساري يا جيريمي . بصفتي معلمك أكره رؤية تلميذي يسلك الطريق الخاطئ ."

حرك رأسه ليحدق بعينيه المجعدتين الخضراوتين المضطربتين بعيون جيريمي الحمراء .

" أسف . لكنني ، سبق لي أن إتخدت قراري يا ..."

" ألن تناديني بمعلم ؟ "

بعد توقف الدوق عن الكلام ، تمتم إيدن هذه الكلمات بملامح حزينة .

إختار الدوق أن يبقى صامتا و هو يحدق في إيدن ببرود ،

لا أحد يعلم مالذي يفكر به في هذه اللحظة .

" هاه ، حسنا ، أرى أنني إنجرفت في حديثي كثيرا ."

" لا أنا أفهم ."

هز الدوق رأسه و قام من مكانه ،

حدق الثنائي في بعضهما البعض لبضع ثوان ، إرتفعت خلالها زوايا وجه إيدن لتتكون إبتسامة دافئة .

وقف إيدن من مكانه هو الأخر و سار نحو الدوق بهدوء .

ثم ربت على كتف جيريمي قائلا :

" لو كانت سارة على قيد الحياة لكانت فخورة بك ."

لاحظ إيدن إضطرابا طفيفا في ملامح الدوق بعد ذكر إسم والدته ،

مباشرة بعد ذلك ، أردف :

" لنمشي قليلا في الحديقة السرية ."

" حسنا "

أجاب الدوق ببرود ،

حالما غادرا الغرفة ، مرا بعدد من الغرف ليصلا إلى حديقة جميلة بشكل غير مفهوم .

مرة أخرى ، فتن إيدن بهذا المشهد الجميل ،

غطت النباتات الخضراء بشكل حيوي جميع أرجاء الحديقة و في منتصفها بركة شفافة كبيرة تسبح فيها أسماك ملونة مختلفة .

قرب البركة شجرة جميلة عملاقة ذات أوراق وردية أنيقة .

في بعض الأحيان ، تسمع حفيف الأشجار و صوت الطيور المزقزقة .

كانت الحديقة محاطة بدرع مانا قوي شفاف ليحميها و يمنع الأشخاص الغير المخولين من الدخول أو التسلل إليها .

" هاها ، مازلت تعتني بهذه الحديقة الجميلة . أول لقاء غير رسمي بيننا ، كان في هذا المكان بالذات . عندما كنت طفلا يريد فقط أن يصبح أقوى من أجل ..-"

إبتسم إيدن بمرارة و هو غارق في ذكرياته ،

" لماذا مازلت تعمل لدى عائلة هانوفر ؟ "

قطع جيريمي الصمت و هو ينتظر بإهتمام إجابة معلمه ،

" كما أخبرتك سابقا ، لا يمكنني إخبارك حتى لو أردت لأنني وقعت تعهد مانا يقتضي أحد شروطه بإلتزام الصمت حول العملية ."

أجاب إيدن بلا مبالاة و هو يحدق في المنظر الخلاب أمامه ثم أضاف :

" هاه ، أعلم أنك تكرهني لكوني تركتك . لكن ، ليس بيدي حيلة .."

- زفير .

زفر سماديل مطولا مردفا :

" حسنا ، لننتقل لصلب الموضوع . "

أصبحت ملامح إيدن جادة و باردة مما جعل الدوق يقف بهدوء و يحدق بمعلمه بإهتمام ،

" كما سمعت سابقا من تقارير تابعك الذي قتلته . تحرك ماغنوس بيرس ذلك العجوز المثير للمتاعب ضد أحد أتباعك الصغار ألكسندر بالإضافة أنه تم مهاجمة نقابة الظل التي تمتلك بعض نقاط ضعفك . ما رأيك في الأمر ؟"

" حاليا ، حسب تحركات ماغنوس الغريبة ، أظن أنه يحاول توحيد برج السحر من أجل التحرك ضدي . و من هنا يمكن إستنتاج أنه هاجم نقابة الظل بسرعة بدافع الحصول على أسراري القذرة وعدم منحنا فرصة للرد ."

أجاب الدوق ببرود و بسرعة ،

إبتسم إيدن بدفء في وجه تلميذه متذكرا السنوات التي علم فيها جيريمي بعض حيله .

" نعم و لا ، أنت محق أن برج السحر هاجمك بدافع الحصول على أسرارك من نقابة السحر . لكنني ، أعلم شخصية ماغنوس جيدا بعد عقود من معرفته ، إنه لن يتحرك تحت أي ظروف حتى يملك ثقة بفوزه أو يطرأ شيء مفاجئ جعله يشارك ."

حلل إيدن الوضعية بوجه جاد للغاية مردفا :

" في الحالة الراهنة ، أثق أن ماغنوس لا يستطيع الفوز بقوة برجه ...-"

" إذن هي الحالة الثانية ، طرأ شيء جعل ماغنوس بيرس يشارك ."

قاطع الدوق كلام إيدن بسرعة ،

" أجل ."

أومأ إيدن برأسه كدليل على موافقة رأي تلميذه ،

" إذا ما الذي جعل ماغنوس بيرس المعروف بحذره و كرهه للنبلاء الجشعين بالتحرك ؟ "

سأل جيريمي معلمه منتظرا الإجابة بصبر ،

لكون ماغنوس بيرس ساحر عجوز معروف بولعه بأبحاثه و كرهه للدوق بسبب جشعه للسلطة و بعض الحوادث الأخرى .

لكنه ، ثعلب صبور ،

كمعلمه إيدن سماديل ،

لذلك تساءل الدوق عن سبب تحرك ماغنوس الإنتحاري ضده ؟

فرغم إمتلاكه لبرج السحر خلفه ، فجيريمي بذاته يتحكم بنبلاء ثلاث جهات داخل الإمبراطورية .

كما يملك العديد من العلاقات مع مختلف النقابات و البلدان المجاورة .

" الإمبراطور ."

قاطع إيدن أفكار جيريمي و تمتم بهذه الكلمة ببرود ،

" ما علاقة الإمبراطور بالأمر ؟ "

ما مدى سخافة الأمر بالنسبة لجيريمي ؟

الإمبراطور السمين الغبي له علاقة بالأمر ،

إمبراطور لم يستطع حتى إدارة بلاده بشكل جيد ،

سامويل هانوفر ، شخص جشع يكرهه الدوق أمثاله حتى النخاع .

" إنه العقل المدبر ."

أضاف إيدن هذه الكلمات كقذيفة فجرت أفكار الدوق السابقة .

" أجل ، إنه العقل المدبر ."

أكد إيدن على كلامه السابق بهدوء .

.

.

.

2022/05/07 · 912 مشاهدة · 1338 كلمة
....وحيد
نادي الروايات - 2024