ثورة الرياح من جديد:


فتح (مينغ هاو) عينيه ليرى (السمين) أمامه و بكل حماسة ينطلق بسرعة نحوه ...كان معه شاب شاحب و هزيل و بعد فترة قصيرة ازداد اصفرار وجهه بطريقة مخيفة جدا, ليسقط أمام (السمين) بكل

قوة على الأرض


(مينغ هاو) تعرف عليه , فقد كان واحدا من أعضاء المجموعة الذين تم جلبهم إلى طائفةالاعتماد ذلك اليوم جنبا إلى جنب مع (وانغ يوكاي) إلى بلاط الخدم على الجبل الأخر


في الماضي ,كان يمتاز الشاب بالخشونة و حدة طباعه , و لكن الآن تظهر عليه ملامح الكآبة . فمن الواضح انه مر بظروف صعبة أثقلت كاهله و مع ذلك لازالت تلك الصلابة تتجلى من عينيه تروي لنا بعضا من تجاربه التي لا تنسى خارج طائفة الاعتماد


علاوة على ذلك , فقد تجرأ على دخول المنطقة العامة و هو لا يزال في المستوى الأول فقط من (تشي

التركيز)


"مرحبا , أخي مينغ" قالها الشاب بقليل من الحماسة إلا أنها اختفت بسرعة , فرد عليه (مينغ هاو) بتحية محترمة جدا و هو شابك يداه مع بعضهما البعض

"هل التحقت بالطائفة ؟ " يسأله (مينغ هاو) بعد تفكير طويل و تردد

"نعم ...لقد مضى حوالي شهر منذ التحاقي" يجيبه و هو خافض رأسه


"ماذا عن (وانغ يوكاي) ؟؟" يسأله (مينغ) مرة أخرى


بكلمات متثاقلة و نظرة حزينة يجيبه:


" لقد توفي "

"ماذا !!! (وانغ يوكاي ) مات ؟ " يصرخ (السمين) و هو مصدوم من الخبر , حافظ (مينغ هاو) على صمته في تلك اللحظة

" كنا نحن مسئولين عن تجفيف المياه في بلاط الخدم..اعتقد الأخ (يوكاي) أني صغير جدا على تولي الأمر.. لذلك قام بمساعدتي كثيرا, و في إحدى الأيام في طريقنا إلى الجبل حلت بنا عاصفة قوية جدا تسببت في رميه بعيدا جدا ..بحثت عن جسده لمدة شهرين إلا أنني لم أجد سوى بعض العظام المكسورة...لا بد انه أكل من طرف الحيوانات الضارية"


ظهرت ملامح الحزن على وجه (السمين) و (مينغ هاو) قرر الخلو بنفسه ليستنشق بعض الهواء ..فقد استطاع أربعتهم الوصول إلى هدفهم و لكن في اقل من عام واحد ..كان أحدهم قد مات بالفعل... تأسف (منغ هاو) إلى ما حل بصديقه ...و ازداد حاله سوءا بعد تذكره أن للعم النجار سوى ابن واحد فقط


"أيها النمر الصغير .. ستبقى معنا ..ستبقى حول (مينغ هاو) ...لا أحد سيتجرأ على مضايقتك ...وضع (السمين) يديه فوق كتفي الشاب بكل عاطفته"


-"لا... لا بأس ...أنا بخير هكذا .." يرد عليه الشاب بكل تردد ...بينما كان يبدو على (مينغ هاو) انه يفكر في شيء ما ..و في النهاية هز رأسه رافضا عرض (السمين) ..ثم القي التحية عليهم بأيدي مشبكه ببعضهما البعض...ليقطع طريقه بعيدا عن الهضبة "


"ما مشكلته؟؟ " سأل (السمين) و هو لا يزال مصدوما من رفض الشاب لعرضه


"لكل شخص أسراره " يجيبه (مينغ هاو) بهدوء ..."ربما مر بحظ عكر لا يريد التحدث عنه ..ما عدا ذلك لماذا يرغب بالمجيء الى المستوى الأول في (تشي التركيز) يبدوا على (مينغ هاو) الحيرة و هو يراقب الشاب يختفي بعيدا عن ناظريه.


حتى لو كان للنمر الصغير بعض من الأسرار...لكان بإمكاننا التعرف على ماهيتها إذا أردنا ذلك ,كأنه يحاول التهرب منا ".... كان السمين يفكر بشدة .فقد كان صادقا و شديد الصراحة و لم يكن بغاية السرية

من قبل, و الطريقة التي تعامل معهم بها أثارت سخطه.


في المناطق السفلى من الأراضي الجنوبية للإمبراطورية ..مضى فصل الشتاء بسرعة ....ليصل دفئ الربيع و تتفتح براعم الزهور كان ذلك في مطلع شهر نيسان (شهر ابريل) لقد مر عام على التحاق (مينغ هاو) في الطائفة المعتمدة


بمساعدة السمين, استطاع تكديس مخزون لا بأس منه من الأحجار الروحية الموجودة في المنطقة العامة المنخفضة المستوىبالإضافة إلى جمعه للحبوب الطبية و الأدوات السحرية و كثيرا ما كان يذهب إلى الجبال باحثا عن الوحوش الشيطانية و لكنه دائما كان يعود فارغ الوفاض حتى انه اقترب كثيرا من الجبل الأسود غير آبه بالمخاطر التي قد تحل به...و لكن الزئير الذي كان يعلو شيئا فشيئا كلما اقترب خطوة نحو الجبل أصابت بطلنا بالرهبة و لم يتجرأ على التقدم أكثر..


كان يملك واحدة من قلب الشيطان ذو المستوى الثالث التي تستطيع مضاعفة الوقت مع المرآة النحاسية. في النهاية وصلت قاعدته التدريبية إلى منتصف المستوى الرابع..و عندها توقف تقدمه تقريبا بشكل كلي ,بغض النظر عن الكمية الهائلة التي يتناولها من الحبوب الطبية ,الشيء الوحيد التي استفادة منها هو تنقية روحه أكثر فأكثركان سيصل إلى المستوى الرابع إلا انه لم يتمكن ....فعليه تغيير تقنيته لينجح في الترقية للمستوى الرابع


و مع مساعدة (منغ هاو) لصديقة (السمين) استطاع الوصول إلى المستوى الثاني مما ترك له شعور بالرضي


في نيسان ..اغلب تلاميذ الطائفة الخارجية نجحوا في الترقي إلى المستوى الخامس على الأقل كذلك الأخت الكبرى (شو) و الأخ الأكبر (تشن) أين نقلوهم إلى خارج الطائفة حيث عاد كل منهما مع ثلاثة أو اثنين من الشباب الموهوبين ليعملوا كخادمين مرة كل عام ...كانت تلك هي قوانين الطائفة لضمان وجودها و استمرارها.


اندفعت رياح الربيع من جميع أقطار البلاد ..طاردة خلفها البرد القارص ....عاد الدفء من جديد قريبا سيأتي الخريف و في بداية شهر أكتوبر..خلال تلك الفترة حدث أمران هامان في الطائفة المعتمدة .. الأولى كانت ذات صلة بأحد كبار الطائفة. بخلاف زعيم الطائفة. الذي تناقل الجميع خبر وصوله إلى (المرحلة التكوينية الأساسية) حيث لم يصل إلى تلك المرحلة سوى شخصان قبله وهما مؤسسا الطائفة...احده توفي أثناء تأمله و هو في عمر يناهز 150 عاما عندها تساءل (مينغ هاو) عن هوية الميت و تأكد انه لم يكن المعلم الكبير (اويانغ)عندما يصل المتدربين إلى المرحلة التكوينية الأساسية فإن عمرهم يمدد إلى غاية 150 عاما...تبدوا كأنها حياة طويلة جدا ..إلا أنها في الواقع حياة شاقة جدا.و إذا لم يستطع الوصول إلى مرحلة قلب التكوين فسيكمل سنواته المتبقية في التأمل بينما دماءه تتبدد شيئا فشيئا إلى أن يلقى حتفه أما من نجح في الارتقاء إلى مرحلة (قلب التكوين) فستتضاعف فترة حياته إلى 300 عام


نتيجة لوفاة احد المعلمين الكبار وضعت الطائفة المعتمدة في وضع حرج..في الحقيقة كانت بالفعل ضعيفة جدا في مقاطعة( تشاو) و الآن هي في خطر اكبر قد يهدد أمنها و قد لوحظ في الآونة الأخيرة تقدم المزارعون في الطوائف المجاورة من الحدود


كأنهم يبحثون عن شيء ما ...و بالتالي فان الطائفة المعتمدة قررت إقامة دورات دفاعية حول الجبل ...كل من هو داخل المنطقة فهو محمي من طرف الطائفة ....بدأت الغيوم السوداء تقترب و الظلام الداكن يزحف نحو الطائفة و ازداد الضغط على الطائفة


اغلب تلاميذ الطائفة الخارجية كان لديه تخمينات مختلفة و كان بعضهم أكثر استنارة من غيرهم و تناقلوا المعلومات و الأخبار بسرعة البرق ...و سرعان ما انتشرت إشاعة بان نشاط الزراعة في مقاطعة (تشاو) هائج بسبب رئيس الطائفة الذي كان مفقودا منذ 400 عام


و لكن لا احد من تلاميذ الطائفة كان يعرف تفاصيل الواقعة


خلال تلك الفترة...بقيتقاعدته التدريبية لبطلنا (منغ هاو) عالقة في المستوى الرابع و لم يكن كأنه يقول بأي نشاط ليدرك أخيرا انه على مقربة من الوصول للمستوى الخامس


ضم رجليه و جلس داخل كهف الخلود و هو مقطبا حاجبيه من الغضب و اليأس على حاله " لقد أخبرتني الأخت الكبرى (شو) أن علي أن اكسر عنق الزجاجة لانتقل إلى المستوى الخامس ....و لكن لماذا قدمت الزجاجة لي في وقت مبكر جدا ...هل انأ حقا استهلك الكثير من قلوب الشيطان ؟؟ ...إذا كان هذا هو الحال فعلي أن أجد حبوب طبية من نوع خاص قادرة على كسر عنق الزجاجة أو ربما احتاج إلى قلوب الشيطان من النوع الرفيع"كان يملك الكثير من الأحجار الروحية إلا انه كان يفتقر من الحبوب الطبية المناسبة.. و قال انه متأكد من ضرورة إيجاد الحبوب المناسبة ليتمكن من اختراق المستوى الخامس من (تشي التركيز)


كان الوضع مقلقا في الطائفة ...سافر العديد من التلاميذ ذهابا و إيابا و قلوبهم تنبض بقوة خوفا إلا و كما حاولوا قصارى جهدهم إخفاء مشاعرهم.. شعر (مينغ هاو) بالعصبية أيضا و بالطبع فقد كان يتعامل مع الوضع بشكل متوتر


الشخص الوحيد الذي كان سعيدا هو (السمين) و كان أكثر حماسة حول العمل في الهضبة من (مينغ هاو) ..حتى أن (مينغ هاو( كان يرفض الذهاب أحيانا00 و بعد ثلاثة أيام ...دق الجرس معلنا أن يوم توزيع الحبوب الطبية قد حان..و عندما وصل (مينغ هاو) و السمين إلى الساحة خطفهم مشهد شاب يبلغ 18 من العمر واقف وفق المنصة يقف وراءه كل من الأخت (شو) و الأخ (تشن)


بعد رؤية ذلك المشهد ..خفق قلب (مينغ هاو) بسرعة و اشتعلت عينيه نارا


قبل حوالي العم و النصف .. العم المعلم (شانغوان) كان قد ظهر ثلاث مرات فقط و في كل يوم توزيع الحبوب الطبية كان لديه حبوب فريدة من نوعها ...و قد يكون لديه ما يبحث عنه تكفيه لعام كامل و ذلك ليتقدم إلى المستويات الأخرى ... وذلك فقط إذا كانت هناك حبوب عالية المستوى أصلا .... و كان للتلاميذ الطائفة الخارجية أفكار مماثلة أخرى و سرعان ما صدم (مينغ هاو) بعد سماعه:


"من فضلك... لا تعطيه لي "


فقد كان ذلك خصوصي جدا فبعد ما فعله (مينغ هاو) بحبوبه الطبية في ذلك الوقت ...فرضت الطائفة قوانين جديدة تحظر و تمنع توزيع الحبوب الطبية لأعضاء الطائفة الداخلية


-"إنها حبوب روحية جافة"


-" انها حبوب روحية جافة! كانت هناك واحدة فقط وزعت العام الماضي...و الأن واحدة أخرى ..واحدة فقط في السنة !!! هذا يدل على مدى قيمتها "


-" إذا تمكنت فقط من الحصول سيكون بإمكاني اختراق المستوى الخامس بسهولة"


انطلقت تهاليل بصوت عالي بعد ان رفع الرجل الحبة الأرجوانية الروحية عاليا في السماء


عندما رآها (مينغ هاو) ..لمعت عيناه بسرعة ..لم يسبق له أن أحب الحبوب الطبية من قبل ..في عينيه لم تكن مجرد حبوب طبية بل كانت الأمل الوحيد له في الوصول إلى المستوى الخامس من (تشي التركيز)


لقد مر عليه وقت طويل و هو في الطائفة.. لذلك فهو يعرف جيدا التلاميذ أمثال الأخت الكبرى (شو) و الأخ الأكبر (تشن) كلاهما وصلا للمستوى السابع من (تشي التركيز) و انتشرت شائعة بأنهما سينتقلان للمستوى التالي في القريب العاجل


خلفهم كان يوجد (وان تانغفاي) الذي لازال عالقا في المستوى السادس من (تشي التركيز) فبالنسبة له الحبة الروحية الجافة سيكون قليل الفائدة له ..إلى جانبه كان يوجد تلميذ واحد من المستوى السادس و هو رقم (2) التلميذ (هان تسونغ)


لقد قابله (مينغ هاو) مرتين من قبل ..كان متعجرفا و عنيف جدا في تعامله مع الغير و بما انه هنا فأكيد يريد الحصول على الحبة الروحية الجافة لإظهار انه يملك أفضل أنواع الحبوب فقط لا غير


أما بالنسبة للتلاميذ من المستوى الخامس و قد كان أربعتهم من الطائفة الخارجية يمكن اعتبارهم سادة التخيل و نادرا ما يراهم الناس..فهم منعزلون و يمضون اغلب الوقت في التأمل و السفر حول الجبال


لم يكن هناك الكثير من تلاميذ المستوى الرابع ..من بينهم (مينغ هاو) ..كان هناك (7) تلاميذ في المجموعةأما بالنسبة لأولئك الذين لم يصلوا بعد إلى المستوى الرابع..فإنها قد تكون كذلك الحبة الروحية الجافة مهمة بالنسبة لهم كثيرا.


-"جميل جدا.....فليهدأ الجميع " صدى صوت (شانجو شيوى).

رغم خشونة الخطاب و قمعيته مقارنة بالعام الماضي إلا أن (مينغ هاو) ازداد لمعان عيناه و تحمس من صميم قلبه.

-"في العامين الماضيين التي ترأست فيها يوم توزيع الحبوب...عادة ما أفضل اختيار تلميذ جديد و السبب هو انه إذا استطعنا الاستمرار في الحصول على تلاميذ جدد كلما ازدهرت طائفتنا أكثر فأكثر" ابتسم و عيناه اجتاحت الحشد ..عندما بدا كأنه قد اتخذ قراره ..لتسقط عيناه على (السمين) الذي كان واقفا جنبا بجنب مع (مينغ هاو) الذي اظهر ملامح غريبة عل وجهه ليظهر كأنه غير مبالي مبرزا أسنانه لدرجة انك لا تدرك إذا كان يضحك أم يبكي سوى من يعرفه من قبل

(شانغوان شيوى) يحدق في دهشة ثم ضحك ليقول:

- " لا عليك ..أنا سأعطيك الحبة الروحية الأرجوانية لك أيها السمين و لوح يده "


مع نظرة من الصدمة كأنه لا يعرف ماذا حدث للتو ثم تغيرت تعبيرات وجهه ليبدوا كأنه يحبس صرخة حارقة داخله...بدا جسده بالرعاش و كما احمر وجهه ..كأنه على وشك البكاء


"هذا ....أنا....كلمات غير مفهومة ....لماذا حصلت عليها ؟"


.........................................


الفصل 19 من "لا بد ان اختم السماء"
هذه اول تجربة لي في الترجمة اتمنى ان تعجبكم


2017/05/23 · 2,753 مشاهدة · 1871 كلمة
akram_bensalem
نادي الروايات - 2024