كان الضباب يتسلل ببطء إلى نوافذ المكتبة، حيث جلس مازن بين الكتب القديمة، يراجع الكلمات التي لم تعد مجرد حبر على ورق.

منذ تلك الليلة، التي جلس فيها مع إليانا وسيرا وكلير… بدأ كل شيء يتغير.

لم يكن هو الوحيد الذي تغيّر، بل بدا كأن العالم نفسه بدأ يلاحظ وجوده حقًا.

الجمل بين السطور تتغير.

الوجوه تتصرف كما لو كانت "تتذكر" شيئًا غير مرئي.

والأغرب… أن نوار لم يعد يكتفي بالمراقبة.

ظهر كالعادة، بلا صوت، يحمل كتابًا لا عنوان له.

"أتشعر بذلك؟" قال بصوت خافت.

مازن لم يجب فورًا.

"أعني… شعور أنك تمشي فوق سيناريو يتكسر تحت قدميك."

مازن أغلق كتابه، وحدّق فيه.

"هل حدث معك شيء؟"

نوار جلس أمامه بهدوء، ثم قال:

"البارحة… دخلت إلى أحد الأحلام المكررة. لكن هذه المرة، تغيّر شيء."

"كيف يعني؟"

"دائمًا ينتهي الحلم بأن تسقط الشمس في البحر، وتُغلق الأبواب.

لكن البارحة… ظهرت نافذة، وسمعتُ صوتًا.

قال لي: "أنت لم تعد مراقبًا. أنت لاعب ثانٍ.""

تجمّد مازن.

"لاعب ثانٍ؟"

"هل يعني هذا… أنك مثلي؟"

نوار أومأ ببطء.

"ربما لم نعد وحدنا، مازن. وربما ما نفعله هنا… ليس مجرد بقاء على قيد الحياة."

قبل أن يرد، ارتجّت المكتبة فجأة.

كل الكتب على الرفوف اهتزّت، والنوافذ ارتطمت من تلقاء نفسها.

ثم… وميض أزرق شقّ الأرض بينهما للحظة، قبل أن يتلاشى.

"هل رأيت؟" قال نوار وهو ينهض.

"هذا ليس سحرًا عادياً. هذه شيفرة تتفكك."

مازن نهض هو الآخر.

"علينا أن نعرف مصدر هذا التشويش."

نوار نظر باتجاه الممر المظلم المؤدي للطابق السفلي من المكتبة، حيث قاعة قديمة لا يدخلها أحد.

"هناك… المدرج المهجور.

كان لليو ذكريات سيئة فيه. وربما… شيء أكثر من ذلك."

مازن شدّ معطفه، وأومأ.

"إذن لنبدأ من هناك."

قبل أن يذهبا، همس نوار بشيء أخير:

"إذا كنا لاعبين… فمن هو الذي يكتب القواعد؟"

2025/04/17 · 38 مشاهدة · 279 كلمة
rayen👑
نادي الروايات - 2025