أشرقت الشمس على الأكاديمية، لكن الضباب الكثيف الذي غطى الساحة الداخلية لم يكن طبيعيًا.

شيء ما في الهواء كان يبعث القشعريرة في النفوس، وكأن الواقع نفسه يتثاءب.

مازن تلقى استدعاء غريبًا إلى برج الإدارة — رسالة بلا توقيع، فقط كلمات مقتضبة:

نحن بحاجة إلى حديث آخر، السيد ليوناردو.

حين دخل إلى القاعة العلوية، وجد المدير يجلس خلف مكتبه كما فعل في اللقاء الأول، لكن هذه المرة كانت الإضاءة خافتة، والهواء أكثر برودة.

"توقعت قدومك." قال المدير بنبرة هادئة.

مازن لم يجلس مباشرة.

"هل كنت تراقبني؟"

المدير ابتسم. "لطالما كان فضولك... سمة خطيرة، السيد ليو."

"اسمي مازن." ردّ بسرعة.

"هل أنت واثق؟" سأل المدير، ونظر إليه طويلًا.

سادت لحظة صمت.

"وجدت شيئًا… في البرج الغربي." قال مازن أخيرًا. "رسالة، من شخص يُدعى سيريل كايزر."

وجه المدير لم يتغير، لكن صمته كان أكثر بلاغة من أي كلمة.

"كان لاعبًا… مثلي؟" تابع مازن.

المدير لم يرد على الفور، بل قام من كرسيه، وسار نحو الرفوف خلفه. أخرج كتابًا صغيرًا بلون رمادي قاتم، وضعه على الطاولة.

"هذا السجل لا يُفتح إلا في حالات استثنائية."

فتح الصفحة الأولى، فظهرت أسماء. مازن رأى اسمه… وأسماء أخرى مشطوبة.

"كل من جاء من 'الخارج'... سُجِّل هنا."

"كم عددهم؟" سأل مازن.

"عدد كافٍ… لنفهم أن العالم لا يعمل كما كنا نظن."

ثم أضاف: "لكن معظمهم... لم ينجُ."

مازن شعر بارتجافة تمر في عموده الفقري.

"هل قُتلوا؟"

"بعضهم. والبعض الآخر… استُوعب من قِبل النظام."

"وإيثان؟" سأل مازن.

ابتسم المدير ابتسامة شاحبة.

"إيثان ليس من الخارج. بل صُنع ليمنع القادمين من الخارج من تغيير المسار."

"وهو بدأ يشكّ فيّ." قال مازن.

"بطبيعة الحال. فأنت لم تَعُد ليو الذي يعرفه."

ثم أضاف المدير بهدوء:

"لكن انتبه… إذا أصبح إيثان مدركًا لطبيعة دوره بالكامل، فقد يصبح أكثر خطرًا من أي 'شرير' في القصة."

مازن جلس أخيرًا.

"لماذا تخبرني بكل هذا؟"

المدير أغلق الكتاب.

"لأنك وصلت إلى النقطة التي إمّا أن تفهم اللعبة… أو تُبتلع فيها."

"وما الخيار؟"

المدير نظر إليه طويلًا… ثم قال:

"ابحث عن سيريل. ما زالت بعض آثاره حيّة… في أعماق الأكاديمية."

حين خرج مازن من

البرج، كان عقله يعج بالأسئلة.

وأسوأها: هل يمكن لوحدة تصحيح مثل إيثان أن تُصاب بالجنون؟

2025/04/18 · 26 مشاهدة · 340 كلمة
rayen👑
نادي الروايات - 2025