السماء لم تعد كما كانت.
في اليوم التالي للحادثة، بقي شقٌّ صغير في الأفق، كأن أحدهم قد مزّق السماء بإزميل مظلم ثم تراجع في اللحظة الأخيرة. لم يكن مرئيًا للكل… لكنه كان ينبض في أعين مازن، كجرح لا يلتئم في عقل من يدرك الحقيقة.
وقف مازن على شرفة الطابق العلوي للسكن، يحدق في ذلك التمزق، وسحر الظلام في داخله يرتجف بلا سبب.
"هل هذا... استدعاء؟" تمتم، دون أن يدري إن كان يخاطب نفسه أم شيئًا خلف ذلك الشق.
في اليوم ذاته، انتشر خبر غريب في أروقة الأكاديمية:
ثلاثة طلاب اختفوا بعد ذهابهم إلى الغابة المحظورة في مهمة تدريبية.
وُجدت آثار أقدامهم… ثم توقفت فجأة. لا دماء. لا صراخ. فقط، أثر واحد عميق في الأرض، كأن شيئًا انبعث منها لا إليها.
مازن سمع القصة من سيرا، التي بدت قلقة أكثر من المعتاد.
– "ثلاثة طلاب متفوقين... لم يكونوا متهورين. هذا لا يُصدق."
– "بل يُشبه ما كان يحدث في اللعبة..." قال مازن، بصوتٍ خافت.
سيرا نظرت إليه، ثم صمتت. كان بينهما ذلك التوتر الغامض الذي لا اسم له.
عند منتصف الليل، ارتدى مازن عباءته السوداء وخرج نحو الساحة الخلفية، حيث شعر بشيء يناديه.
وهناك… وجد نوار.
كان ينتظره بهدوء، جالسًا فوق تمثال مكسور.
– "لقد بدأ الأمر."
– "تقصد الغزو؟"
نوار أومأ. كانت عيناه الخضراوان تتوهجان بضوء غير بشري.
– "الشقّ في السماء… إنه أول بوابة."
– "ولِم أنا الوحيد الذي أراها؟"
نوار لم يُجب فورًا. ثم قال:
– "لأنك تحمل الظلام، والظلام يراك."
بجانب نوار، وُضع حجر غريب الشكل، ينبض بطاقة مشابهة لمازن.
– "هذا ما تبقى من أول شيطان دخل عالمنا. لم يكن قويًا… مجرد جسّ للنبض. لكنه قتل اثنين من فرسان الحرس قبل أن يتبخر."
– "ولماذا جئتني به؟"
– "لأنك الوحيد القادر على فهمه."
مازن لم يُجب، بل مدّ يده للمس الحجر.
وفور أن لمسه… انفتحت رؤياه.
أرض رمادية، سماء مقلوبة، كائنات تمشي على أرواح لا أجساد. عالم مليء بالظلال والضجيج الصامت.
عالم الشياطين.
سحب يده، لاهثًا، وهو يتمتم:
– "إنهم ليسوا من اللعبة… إنهم من خارجها."
نوار نظر إليه، وقال:
– "لهذا السبب جئتَ إلى هنا. ليس لتغيير النهايات فقط… بل لمنع نهاية العالم نفسه."
في صباح اليوم التالي، اهتزت الأكاديمية على خبر جديد:
بوابة التدريب الغربية… انفتحت من الداخل، وسُمع صوت صراخ لا بشري يتردد في أرجاء الغابة.
وكان أول من استُدعي… هو ليوناردو.
أو كما عرف نفسه الآن:
مازن، سيد الظلال.