كان الجميع في الأكاديمية يتحدث عن السماء.
الشق الذي انفتح بين الغيوم لم يكن كسحاب عابر أو ظاهرة سحرية، بل كندبة في السماء نفسها، تنبض بوميض أرجواني، وتصدر منها همسات لا يفهمها إلا من اقترب من الجنون.
مازن لم يخبر أحدًا بما رآه في حلمه، ولا عن تلك الكلمات التي ما زالت ترن في رأسه منذ اللقاء الأخير مع نوار:
"وارث العرش."
لماذا يشعر أن تلك الكلمات لا تشير إلى خصم… بل إلى نفسه؟
في قاعة الدراسة، كانت إليانا تتحدث مع زملائها عن الوضع الأمني للمملكة، وعينها تراقب مازن من بعيد. منذ حادثة الاختراق السحري، تغيّر شيء في نظرته. صار أكثر صمتًا… لكن ليس صمت الانعزال، بل كمن يسمع شيئًا لا يسمعه الآخرون.
دخل البروفيسور آلدن فجأة، وهو يلهث وقد بدا عليه التوتر:
– "تم اكتشاف حجر تعزيز سحري قديم في أعماق الطابق الرابع من المكتبة المحرّمة… ولكنه أُزيل بالفعل."
سكت، ثم أضاف بنبرة مترددة:
– "والأمر الغريب… أن آثار الطاقة المحيطة به تطابق نوعًا واحدًا فقط من السحر: سحر الظلام."
جميع الأنظار اتجهت نحو مازن.
هو لم يُظهر شيئًا، لكن عينه ارتجفت للحظة.
في حجرته، أخرج الجهاز الصغير الذي وجده عند الختم. بدا كأن قطعة تقنية سحرية لم تُصمم لهذا العصر.
كانت تومض عندما يُمسك بها، وكأنها تستجيب لنوع خاص من الطاقة… طاقته.
جرّب أن يدمجها بتعويذته التي تعلمها سابقًا: جدار الإنكار… لكن النتيجة كانت مختلفة تمامًا.
ضوء أسود شفاف تكوّن، وحوّل التعاويذ المحيطة به إلى رماد.
ظهر نوار فجأة، كالعادة، دون صوت.
– "أنت تتغير بسرعة."
– "إنها ليست مجرد تعاويذ، أليس كذلك؟"
– "بل مفاتيح."
– "لك؟ أو للملك؟"
– "من قال إنكما مختلفان؟"
مازن لم يجب.
في اليوم التالي، تلقى استدعاء آخر.
لكن هذه المرة، لم يكن من الإدارة… بل من شخص يدّعي أنه "سفير المملكة الشرقية".
لقاء في منتصف الليل، في الممر الحجري المهجور خلف برج الكيمياء.
وعندما ذهب، لم يجد رجلاً ينتظره.
بل فتاة صغيرة، ذات شعر أبيض ووشم غامض على جبينها، قالت بهدوء:
– "أنت لست من هنا… وأنا أيضًا."
اقتربت، وهمست:
– "سقط الجدار الأول… وما سيتبع، سيغيّر كل شيء."