لم يكن صوت الأبواق إعلانًا للصباح...
بل إعلانًا للحرب.
في الساعات الأولى من اليوم، تلبدت السماء فوق الأكاديمية بسحب سوداء ثقيلة.
الهواء مشحون، كأن السحر نفسه يحتبس أنفاسه، ينتظر الانفجار القادم.
من أعلى الأسوار، وقف مازن يتأمل الأفق.
رآهم.
جيش من الظلال يتقدم من الغابة المحرمة، صفوف متعرجة كالأفاعي، تتقدم دون صوت، لكنها تنبض بعنف مدفون.
كانت تلك أول مرة يرى فيها جيش الشياطين كاملًا… ليس وحوشًا طائشة، بل تنظيمًا.
جنود بجلود رمادية وعظام بارزة، يحملون أسلحة مظلمة تتوهج بقوة غير طبيعية.
في المركز، مخلوق طويل، وجهه مغطى بالقناع، وعيناه تشعان بلون أحمر جليدي.
همس نوار بجانبه:
– "هذا القائد الوسيط… [باهرغ]، أحد جنرالات الجحيم."
قالها وكأنه يبتلع الحروف من الخوف.
مازن لم يرد، بل رفع يده، فتوهج خاتم السحر الأسود في إصبعه.
انطلقت منه شرارة واحدة… كانت كافية.
تحت الأسوار، بدأت الخطة.
– "الوحدة الأولى، ارفعوا حواجز اللهب!"
– "الفرقة الثانية، استعدوا للتعاويذ الهجومية!"
– "السهام… على العلامة!"
كان مازن قد وضع الخطة الليلة الماضية مع نوار،
خطة لا تقوم على الصمود فقط… بل على الإرباك.
عندما وصلت مقدمة جيش الشياطين إلى منتصف التل، انطلقت تعويذة "الظلام المعكوس" — أحد أقوى تعاويذ مازن المكتشفة حديثًا.
سحب ظلال الأعداء أنفسهم فجأة من تحت أقدامهم،
تحولت ظلالهم إلى قيود تشدهم إلى الأرض.
في اللحظة التالية، أمطرتهم السماء بالسهام،
لكنها لم تكن سهامًا عادية…
بل مشبعة بسحر "النار السوداء"، الذي يحترق دون أن يُطفأ.
صرخات، صرخات، ثم صمت.
باهرغ، قائد الشياطين، رفع ذراعه،
وفجأة… تراجع الجنود.
توقفوا جميعًا.
قال نوار وقد تجمد وجهه:
"لا… ليس الآن…"
مازن استدار نحوه بسرعة:
"ما المشكلة؟"
"إنه يستدعي مخلوق الدمج… سيضحّي بجنوده لتحويلهم إلى وحش واحد."
ارتجت الأرض.
فعليًا.
تشققت التربة أمامهم، وخرج منها كيان ضخم… ارتفاعه عشرة أمتار، جلد أسود متحرك كالدخان، يملك أربعة أذرع، وعين واحدة تفتح ببطء في منتصف صدره.
ضرب المخلوق الأرض، فهوت الأبراج الجانبية.
صرخ أحد الطلاب:
– "لقد اخترق السور!"
لكن مازن لم يتحرك.
بالعكس… ابتسم.
– "الآن… جاء دوري."
رفع يده، وبدأ يتلو تعويذة لم يسمعها أحد من قبل.
"يا ظلّي الساكن، يا من تحمل روحي،
افتح البوابة التي لا يجرؤ غيري على لمسها…
واكشف للعالم عيني الثالثة!"
توهجت الأرض تحت قدميه.
انفتحت دائرة سحرية معقدة، شكلها أشبه بجناحين مظلمين.
ثم — في انفجار من الضوء الأسود — أطلق مازن تعويذته الأقوى حتى الآن:
"سجن الأرواح السبعة"
المخلوق العملاق تجمد.
ثم انكمش…
ثم بدأ يصرخ.
كان السحر الأسود لا يقتله، بل يحبسه في داخل نفسه، يجعله يواجه أرواح كل من امتصهم.
وفي غضون دقائق… سقط على ركبتيه.
ثم تهشّم كتمثال زجاجي.
صمت
ثم صرخة فرح من أحد الطلاب، فتبعتها أخرى.
صاح أحد الجنود:
"لقد هزمناه!"
لكن مازن لم يبتسم هذه المرة.
"لا لقد اختبرونا فقط."
في عمق الغابة، كان باهرغ يراقب.
ابتسم لأول مرة.
– "هذا الظل ليس كغيره."
– "أبلغوا سيد الظلال الحقيقي… وجدنا هدفنا."