كان اليوم يوماً آخر من العيش بأرتباك والثمالة.
استلقت تسوي هونغمي على أريكتها، وأصابعها تمسك بسيجارة، سألت الشاب الذي كان يجلس بجانبها "لماذا قصصت شعرك؟"
لم يرفع الشاب رأسه حتى وهو يواصل لعب 'شرف الملوك'. "هل يبدو جيداً؟، هذا الأسلوب رائج مؤخراً."
"هذا كذب، فهو يبدو مثل غطاء المرحاض." أخرجت تسوي هونغمي بعض الأوراق النقدية وألقتها عليه "اذهب وأصلحه بسرعة!"
"حسناً، حسناً، حسناً." وضع الشاب الأوراق النقدية في جيبه بيد واحدة بينما كان ينقر على هاتفه بشكل متكرر باليد الأخرى، تذمر، وهو يشعر بعدم الرضا "أنتِ ترغبين بتسريحة شعر قديمة الطراز، ضحك أصدقائي علي قائلين إنني أبدو مثل شخص من السبعينيات، لا أعرف حتى ما الذي يعجبكِ فيها."
نظرت إليه تسوي هونغمي، ونفثت ببطء سحابة من الدخان.
سطحي، جشع، جاهل وغير كفء.
إذا حاولت أن تشير إلى شيء جيد فيه، فربما يكون ذلك أن وجهه الجانبي عندما ينظر للأسفل يشبه نينغ تشينغ بشكل كبير.
مع كون حبيبها الحقيقي بعيد المنال، يمكنها على الأقل الاحتفاظ بشخص يشبهه حولها، لقد أصبحت عجوزاً، وبدأت ذاكرتها تتدهور بالفعل، إذا لم تفعل ذلك، إذا لم تنظر إليه، كانت تخشى أن تنسى في النهاية كيف كان يبدو نينغ تشينغ.
لكنه ليس هو على أي حال.
تنهدت تسوي هونغمي في قلبها مرة أخرى، بينما كانت على وشك وضع السيجارة بين أصابعها في فمها، رن فجأة صوت شخص يطرق بابها.
"من هناك؟" سألت تسوي هونغمي، لكن الشيء الوحيد الذي أجابها كان طرق أكثر محموماً.
تبادلت تسوي هونغمي والشاب نظرة، ثم قالت "اذهب وألق نظرة."
"لا، لن أذهب." رفضها الشاب على الفور، واصل الإمساك بالهاتف، وانطلقت المؤثرات الصوتية لمعركة شرسة من الهاتف "لقد بدأت مباراتي التالية."
يا له من شخص عديم الفائدة، شتمته تسوي هونغمي في قلبها، وذهبت لفتح الباب بنفسها.
ما إن فُتح الباب قليلاً حتى انزلق الطرف الآخر مثل ثعبان البحر، ثم أغلق الباب خلفه على الفور ومسح الدم والعرق على وجهه، وهو يلهث قليلاً وقال لها "السيدة تسوي، لم نلتق منذ فترة طويلة."
"أنت، أنت..." بالنظر إلى حالته، ندمت تسوي هونغمي على فتح الباب، فحصته للحظة قبل أن تسأل بحذر "من أنت؟"
ذُهل وين يو للحظة، ثم قال بضحكة مريرة "لقد نسيت، نحن الاثنان لا نعرف بعضنا بعد."
"..." لمعت عينا تسوي هونغمي أكثر، ماذا كان يقصد بـ'لا نعرف بعضنا بعد؟' هذا الرجل بدا وكأنه يتظاهر، لكنه كان في الواقع مجنوناً.
كانت أصوات الطرق لا تزال ترن بشكل متكرر، لم يبدُ الأمر كما لو أن شخصاً واحداً يطرق، بل بدا كما لو أن بعض الأشخاص كانوا يلكمون ويركلون الباب.
نظر وين يو إلى الخلف، ثم قال لتسوي هونغمي "ليس هناك الكثير من الوقت، هل يمكنني أن أستعير شيئاً منكِ؟"
"ليس لدي مال!" قالت تسوي هونغمي بشكل تلقائي.
"أرجوك أعيريني قناع المالك." مد وين يو يده وضغط على كتفها.
تراجعت تسوي هونغمي خطوتين بعد أن دفعها، لوت كتفها لتحرره من يديه فجأة وركضت بسرعة إلى الباب، فتحت شقاً في الباب قبل أن تغلقه بسرعة مرة أخرى، توقف الطرق من الخارج للحظة قبل أن يرن مرة أخرى.
اتكأت تسوي هونغمي على الباب، وتحول وجهها إلى اللون الشاحب قليلاً، تبدو شاردة الذهن قليلاً "لا يوجد... أحد بالخارج."
لم يكن هناك أحد، لكن الطرق استمر.
"الأشخاص المقنعون،" قال وين يو "إنهم هنا للقبض علي."
الأشخاص المقنعون، ذُهلت تسوي هونغمي، لم تسمع تلك العبارة منذ فترة طويلة جداً، متى كانت آخر مرة؟
... كان ذلك في احتفال عبادة الأسلاف في قرية عائلة نينغ.
اسود وجه تسوي هونغمي "لماذا يحاولون القبض عليك؟"
"لأنهم لا يريدونني أن أنقذ نينغ نينغ." قال وين يو بجدية "بسبب الأشخاص المقنعين، بسبب مسرح سينما الفيلم الحي، لقد فقدتِ بالفعل زوجاً وابنة، هل تريدين أن تفقدي آخر أحبائكِ أيضاً؟"
"نينغ تشينغ هو حبيبي الوحيد!" قالت تسوي هونغمي ببرود، أدارت رأسها فجأة لتنظر إلى الشاب الذي كان يجري مكالمة بشكل خفي، وصرخت "لا تتصل بالشرطة! اذهب والعب لعبتك!"
خاف الشاب لدرجة أن كتفه انكمش، أغلق الهاتف وعاد إلى غرفته ليلعب شرف الملوك.
"... نينغ يورين ونينغ نينغ كلاهما حصالتي للنقود، وليسا من أحبائي." أخرجت تسوي هونغمي صندوقاً خشبياً من خزانتها، دسته في يدي وين يو وقالت بتصلب "لذا استمر إذا كنت تريد إنقاذها، فأنا لن أنقذها."
فُتح الصندوق، أنياب من جميع الجوانب، شرس ومخيف — قناع المالك الذي كان مختوماً في الغبار لفترة طويلة.
"هل تعرف كيف تستخدمه؟"
"نعم." قال وين يو وهو يمد يده إلى الصندوق ليأخذ القناع، أخذ نفساً عميقاً ونفخ الغبار عن قناع المالك.
مسرح سينما الفيلم الحي، كان اسمه الأصلي دار الأوبرا الحي.
يمكن أن ينمو أو ينكمش، عندما كان صغيراً، كان يوضع في صندوق خشبي، وكان المالكون السابقون يحملونه معهم.
كان ذلك حتى وفاة مالك معين تم تقسيم الصندوق الخشبي إلى أربعة أجزاء، حصلت قرية عائلة نينغ على واحدة من القطع، وصنعوا منها قناع مالك متقن، على الرغم من فقدان الكثير من وظائفه، إلا أنه كان لديه على الأقل الوظيفة الأساسية — الاستحضار، كان قادراً على استدعاء مسرح سينما الفيلم الحي من أي مكان كان فيه.
"طريقة تشغيله بسيطة جداً، امنحه ما يكفي من الغضب." بينما أنهى وين يو كلامه، وضع القناع ببطء على وجهه.
لم يكن يعرف متى بدأ الأمر، كان الناس من حوله يسمونه 'الأب' على سبيل المزاح، اعتقدوا أن المكان الذي كان الأنسب له ليس العيادة، بل الكنيسة.
كان سيتجاهل العدو أمامه، ولن يذهب ويقبل الحبيبة أمامه أيضاً، كانت له علاقة غامضة مع امرأة، لكن في النهاية، اختار الطرف الآخر التراجع، وقالت "آسفة، لا يمكنني أن أكون معك، أمت تجعلني أشعر... أنني مع تمثال ملاك في كنيسة."
مقدس، بارد، يعامل الجميع بالتساوي.
... كانت مخطئة، لم يكن ملاكاً، بل كان مجرد إنسان فانٍ، إذا أحبّ شخصاً بعمق، فسيظل يمشي ويقبّل الشخص، إذا كره شخصاً بعمق، فسيظل يندفع بغضب وقبضات.
"يمكنك أن تؤذيني، لكنك لا تستطيع أن تؤذيها..." المشاعر التي تراكمت في قلبه انفجرت مثل البركان، محطمة كل التحفظات والسيطرة التي كانت لديه، أطلق وين يو صرخة طويلة "أخي الكبير!!!"
ما استجاب لهذه الصرخة كانت رياح عنيفة، بصوت هسهسة، فتحت جميع النوافذ، واندفع ضباب أبيض لا ينضب.
نظر وين يو الذي كان يرتدي قناعاً، كل ما رآه كان ضباباً كثيفاً يتصاعد خارج النافذة، وعدد لا يحصى من السيارات توقفت بشكل متعرج على الطريق، وعدد لا يحصى من المشاة صرخوا وهم يركضون، وعدد لا يحصى من النوافذ فُتحت وأطلت منها الرؤوس.
"ماذا حدث؟، لماذا هناك فجأة الكثير من الضباب؟"
"انظر، ما هذا؟"
"ماما، القناع الذي يرتديه العم لطيف جداً."
كان أكبر فرق بين استخدام القناع واستخدام تذكرة السينما هو أنه — لفترة قصيرة من الزمن، سيتم محو الحدود بين عالم الفانين ومسرح السينما.
الليلة، يمكن للناس العاديين أيضاً رؤية مسرح سينما الفيلم الحي، ويمكنهم أيضاً رؤية الأشكال في الضباب الكثيف.
بعد صدمة طفيفة، خرجت إحدى تلك الأشكال من الضباب —السيد أرنب.
مشى إلى أم وابنتها ثم انحنى وابتسم للفتاة الصغيرة "هل تعتقدين أن القناع الذي يرتديه العم لطيف؟"
احتضنت الفتاة الصغيرة ساق أمها، وأومأت له بخجل.
"هل تريدين واحداً؟"
أومأت الفتاة الصغيرة مرة أخرى.
"إذاً تعالي." أمسك قناع الأرنب فجأة بيد الفتاة الصغيرة، ضحك بصوت عالٍ وهو يركض نحو المسرح "يضمن العم أنكِ بعد دخولكِ، ستحصلين بسرعة كبيرة على قناع ألطف حتى!"
"انتظر!، إلى أين تأخذ ابنتي؟" طاردتهم أم الفتاة الصغيرة بشكل محموم، اندفع الثلاثة إلى الضباب في خط مستقيم، وسط الضباب الغامض، رن صوت فتح الأبواب.
"مرحباً!!" قفز قناع كلب أمام زوجين، ورأى أنهما كانا يحملان تذاكر سينما "هل أنتما ذاهبان إلى السينما؟، لقد شاهدت بالفعل <<حبيبي الوسيم جداً>>؟ إنه ليس جيداً على الإطلاق، لماذا لا تأتيان إلى مكاننا؟، أضمن..."
بدأ يضحك، وبدت ضحكته أكثر اشتباهاً وسط الضباب "ما نعرضه الآن هو بالتأكيد شيء لم تشاهداه من قبل، تعالا، تعالا..."
سواء بالقوة أو بالإغراء، أحضر الأشخاص المقنعون الناس إلى مسرح السينما واحداً تلو الآخر.
"لا يمكنكما الدخول!" صرخت نينغ نينغ على الزوجين، لكن شي تشونغ تانغ غطى فمها.
"شششش." احتضنها بين ذراعيه وأسكتها بهدوء.
اليد التي كانت تضغط عليها تحركت ببطء بعيداً، سألت نينغ نينغ "... لماذا تفعل هذا؟"
"مقارنة بالقتل على يد الأشخاص المقنعين، أليس من الأفضل أن تصبحي واحدة منا؟" قال شي تشونغ تانغ بنبرة اعتذارية "مهما فكرت، لم أستطع التفكير إلا في مثل هذه الطريقة."
"..." حدقت نينغ نينغ فيه، حقاً؟
"حقاً، لقد بذلت قصارى جهدي." تنهد شي تشونغ تانغ مرة أخرى "لا يمكنني إيقاف الجميع، لا يمكنني مشاهدتهم يقتلونكِ، هذا أسوأ، هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكنكِ أن تعيشي بها، بالنسبة لهم، بعد أن تصبحي شخصاً مقنعاً، لن يكون لديكِ سبب للبحث عن بواب لحمايتكِ."
... ما كان يقوله بدا منطقياً، لكن...
"... إذاً ماذا يفعلون؟" نظرت نينغ نينغ إلى الأشخاص المقنعين الذين كانوا يجذبون الزبائن "ألا يريدون مني فقط أن أصبح شخصاً مقنعاً؟، لماذا يجرون الآخرين أيضاً؟"
"لأن... أليس الأمر موحشاً جداً؟"
"ماذا؟"
"عدم القدرة على أن تُرى، عدم القدرة على أن تُسمع، الأقارب يشيخون تدريجياً، وينساك محبوبك تدريجياً."
ضحك شي تشونغ تانغ بقليل من الوحشة "تماماً مثل كيف عُرض فيلمي اثنتي عشرة مرة، وقعت في حبّكِ اثنتي عشرة مرة، فقدتكِ اثنتي عشرة مرة... نينغ نينغ، الأشخاص المقنعون جميعهم وحيدون جداً، لذا..."
نظر ببطء إلى محيطه، الأشخاص المقنعون من حوله الذين كانوا يبذلون قصارى جهدهم لاستمالة الزبائن، ضحكاتهم السعيدة وأصواتهم المرحة أخفت التعبيرات الحقيقية تحت أقنعتهم.
"... لن يقتلوا أي شخص بعد الآن." تمتم شي تشونغ تانغ "إذا كنا سنقتل، لماذا لا نحول الجميع إلى أشخاص مقنعين؟، بمجرد أن يأتي ذلك اليوم، لن يكون هناك ما يميز البشر والأشخاص المقنعين، ولن يكون الوقت حاجزاً بعد الآن..."
كلما استمعت نينغ نينغ أكثر، كلما برد قلبها، حدقت في شي تشونغ تانغ لنصف لحظة قبل أن تطلق فجأة ضحكة مريرة "شخص آخر ألقى نفس الخطاب أيضاً..."
نظر شي تشونغ تانغ إلى الخلف مبتسماً "من كان؟"
زمت نينغ نينغ شفتيها المرتجفتين، وقالت وهي تدمع فجأة "المستقبل... قائد الأشخاص المقنعين."
في المستقبل، كان هناك شخص مقنع وحيد.
لم يكن أحد يعرف ما مرت به، كل ما عرفوه هو أنه بعد انتهاء <<شبح المسرح>>، أصبحت قائدة الأشخاص المقنعين.
أو ربما يمكن القول إن الأشخاص المقنعين اعترفوا بفلسفتها 'نحن لسنا وحوشاً، نحن أيضاً بشر، البشر يشعرون بالوحدة، لذا نريد توسيع مجموعتنا، فكروا في طرق لتحويل الجميع إلى شخص مقنع، بمجرد أن يأتي ذلك اليوم، لن يكون هناك ما يميز البشر والأشخاص المقنعين، ولن يكون الوقت حاجزاً بعد الآن...'
خيضت معركة، وسقطت الأرض في خراب.
لم ترد نينغ نينغ ذلك النوع من المستقبل، لذلك لم تصبح قائدة الأشخاص المقنعين.
لكن، ولد القائد على أي حال.