10 - ضيف بالحديقة و المزيد من المسؤوليات .. ؟!


يحاول والدك الحديث إليك ويبدوا عليه الاستياء ..

" لم أرد أثارة قلقك .. و لم أرد أثارة قلق أي من أخوتك ..

و لكن دون أن أنتبه .. و بينما كنت أتحدث إليك ..

أخبرتك أن تحضر معك أبنك و زوجتك ..

الحقيقة هي أنني أردت رؤيتك .. أردت رؤية أخوتك ..

أردت الحديث إليك .. أردت قضاء بعض الوقت معك .. وكذلك مع أخوتك ..


منذ ان تزوج أخوتك و منذ أن تزوجت أنت أيضا بات من الصعب جدا

ان يأتي أحدكم لزياراتي .. خاصة بعد ان حصل كل منكم علي اول اطفاله .. "


من طريقة حديثه .. و الاستياء الذي كان يشعر به ..

تدرك جيدا كمية الشعور بالوحدة التي كانت تراود والدك حينها ..

و لكن ما جعلك منزعجا هو محاولة دفاعه عنك و عن أخوتك ..

فتحاول الرد قائلا ..

" ذلك ليس بسبب مقنع لتدافع عنهم .. كان عليك أن تخبرني من البداية ..

كان عليك أن تخبرهم من البداية .. "

يتابع الحديث إليك بأستياء و بهدوء نوعا ما ..
" لم ارد ذلك .. لم ارد فعل ذلك ..

أتفهم جيدا ما مررت أنت به .. و ما يمرون هم ايضا به

كل ما في الامر انني مررت بشئ مشابه من قبل ..

فحتي أنا كنت هكذا ..
أنشغلت بالعمل و المنزل و كذلك بالبقاء بجانب كل منكم و أنتم صغار ..

و أظن انك تدرك ذلك جيدا .. وكذلك أخوتك ..


سيبدوا الامر كلقطات من فيلم ..

و سيمر ذلك الفيلم بشكل تدريجي لنهايته بالنسبة لك ببطئ ..

سترى صغارك يولدون .. ستراهم و هم ينمون ...

و ستراهم كذلك و هم يلعبون و يضحكون ..


ستراهم و هم يدخلون المدرسة اول مرة

و ستراهم و هم يتخرجون ..

ستسعد برؤيتهم يدخلون الجامعة .. و ستسعد ايضا برؤيتهم يتخرجون ..
و يحصل كل منهم علي عمل لائق ..

و ستشعر ان حياتك كانت ذات قيمة عندما ترى كل منهم قد تزوج ..
او قد أختار كل منهم شريك حياته اخيرا ..

و ستكون سعادتك أكبر مما كانت عليه ..

ان بقيت حيا لترى أحفادك و هم يملئون المكان حولك ..

و كل ما رآيته انا .. ستراه عيناك ..

و ربما قد ترى ما لم أستطع ان آراه انا .. أنها طبيعة الحياة ..

و لكن .. أن كان هناك أختلاف طفيف بيننا ..
فسيكون ذلك الاختلاف ان الحياة ما تزال امامك طويلة ..


لديك الوقت لتمر بما مررت به انا ..

أما بالنسبة لي .. فلن يكون قد تبقى لي كثير من الوقت حينها "

تبدوا متضايقا بشدة من طريقة حديث والدك ..

تحاول الحديث و لكن بكاء الصغير يوقفك عن ذلك ..

يبتسم والدك بينما كان يمسك الصغير و يعود ليعطي كامل أنتباهه اليه ..

يمسكه بكلاتا يداه و يرفعه عاليا ..

و سرعان ما يختفي صوت صراخه و يبداء بالضحك بينما كان بين يدي والدك ..

يعود والدك لينزله ببطئ .. ينزله ببطئ و يحمله بين يداه بينما أبتسامته ما تزال مرسومة علي وجهه ..

" لنغير الموضوع الان .. "

زوجتك بالمطبخ ما تزال تحضر طعام الافطار بينما والدك يكمل حديثه إليك ..

" كيف هي حياتك .. و هل يسير عملك علي ما يرام .. ؟! "

تاحاول ان تتناسى حديث والدك قبل قليل و تحاول الرد بهدوء قائلا ..

" حتي الان كل شئ علي ما يرام .. "

يعود والدك لطرح سؤال أخر عليك قائلا ..

" و كيف حال زوجتك الثانية .. ؟! "

تبدوا مندهشا بسبب سؤال والدك ..

كيف علم بالامر .. ؟!

" ماذا أتظن أنني لم أدرك ذلك .. ؟! "

يتابع والدك الحديث بينما كان يبتسم و ينظر إليك ..

" ربما كنت مخطئ حينها او ربما كنت أحاول أن أكذب ما كانت تراه عيناي حينها ..

و لكنني أدركت أن الامر فقط مسئلة وقت حتي تتزوجها ...

و يبدوا أنني صبت ... "

" منذ متي و أنت كنت تعلم بشأنها .. ؟! "

" ذهبت لشركتك قبل ثمانية أشهر فقط و ربما أقل ..

أردت زيارتك بمكان عملك و كانت تلك السكرتيرة التي كان مكتبها بجانب غرفتك ..

كانت جميلة حقا و لها صدر كبير .. "

" أنت تتحدث عن زوجة أبنك .. "

" أعلم .. و لكن المشكلة لم تكن هنا .. "

" هناك تكملة .. ؟! "

" أه كادت أن تنزلق يدي حينها و لكن لحسن الحظ لم يحدث ذلك ..

بدا انها كانت غاضبة و كان واضحا انها أرادت أن تقتلني حينها ..

ولكنها هدأت بعد أن علمت أنني والدك .. "

" ليتها كانت قتلتك من البداية .. "

تشعر ببعض الندم لكونك كنت قلقا علي والدك قبل قليل ..

بينما يحاول والدك الحديث من جديد ..

" علي أي حال .. لنغير الموضوع ..

هل تعلم زوجتك بشأن زواجك من الثانية .. ؟! "

" حتي الان .. لا أظن أنها تعلم .. "

يأخذ والدك نفسا عميقا و يبداء بالحديث ..

" قد يكون ذلك متأخرا ولكن ..

عليك أن تحاول أيجاد حل لما أوقعت نفسك به ..

زوجتك طيبة .. هادئة و متفهمة .. و فوق ذلك أنها تحبك بشدة ..

صفاتها تلك تجعل من الصعب التنبوء برد فعلها ..

حتي أنا لا يمكنني أن أتخيل ما قد تقوم به أن علمت أنك حصلت علي زوجة ثانية .. "

" لا أعلم الي الان كيف أنتهي بي الحال هكذا .. ولاكون صادقا معك لا يعجبني الحال ايضا هكذا ..

أشعر بالاستياء من نفسي بشدة و انا أعلم أنني أخفي عنها أمرا كهذا .. "

" أذا لم لا تحاول أن تكون صريحا معها .. ؟! "

" لا أظن ان الامر قد يسير بتلك السهولة ..

و لا أريد أن ينتهي بي المطاف بجعلها حزينة .. "

" ولا يبدوا انك مستعد للتخلي كذلك عن الثانية "

" لا يمكنني أن أفضل أحداهما عن الاخرى ..

ولا يمكنني أن أتخيل أن أضحي بأحداهما فقط لأسعاد الاخرى .. "

ينظر لك بصمت بينما كان يدرك انك كنت جاد بحديثك إليه ..

ينظر لك بصمت لبعض الوقت و بعدها يبداء الحديث ..

" همم ..

أظن أنني فهمت ما يجري .. "

" ما الذي تقصده .. ؟! "

" لا تهتم .. و أترك تلك المشكلة لوقتها ..

أثق أن كل شئ سيكون علي ما يرام أن كان ذلك ما تراه ..

لنغير الموضوع بسرعة .. زوجتك قادمة .. "

تحاول أن تخفي تعابير وجهك و تحاول النظر بعيدا ..

بينما والدك يحاول ان يغير نظره نحو حفيده مجددا ..

كلاكما يشبه الاخر بحق ..

فكلاكما سئ بالكذب و بأخفاء الاسرار ..

بعد أن أنتهت زوجتك من تحضير طعام الافطار و بعد أن تناول الجميع الطعام ..

تبداء زوجتك بجمع الاغراض و تحمل صغيرها و حقيبتها أستعدادا للمغادرة ..

بينما والدك يبدوا عليه الاستياء ..

تعلم جيدا تلك النظرة التي كان والدك يبديها علي وجهه عندما يكون مستاء ..

منذ ان كنت صغيرا و الي الان .. تعلم جيدا تلك النظرة أكثر من غيرك ..

وتدرك بسرعة سببها ..

تأخذ نفسا عميقا و تتحدث إليه ..

" لن تكون هناك مشكلة أن مكثنا معك لليوم .. أليس كذلك .. ؟! "

يبتسم والدك بشدة كما لو أنه كان ينتظر سماع ذلك ..

" أه يمكنكم البقاء قدر ما تريدون "

تضع زوجتك الحقيبة ارضا من جديد و يمسك والدك حفيده الصغير ..

بينما زوجتك كانت تحاول أخراج ملابس احضرتها معها تحسبا لمثل هذه الظروف ..

" بحق الجحيم .. ماذا يوجد داخل تلك الحقيبة .. ؟! "

بعد ان أنتهي بك المطاف بالمبيت بمنزل والدك ..

لم يترك والدك الصغير من يده الا عندما كان يحين وقت تناوله للطعام

و كان يعود ليحمله من جديد .. ولكن عندما كنت تحاول ان تحمله أنت ..

..

..

حسنا .. الصغير يكرهك من البداية علي أي حال ..

وبينما كنت جالسا بالغرفة مع والدك تبداء الحديث إليه عن مشكلة ما ..

" بالمناسبة . أبي .. أريد منك نصيحة .. "

" ما الذي يمكنني أن أقدمه لك .. ؟! "

" في الاونة الاخيرة .. اصبح من الصعب علي قضاء الوقت مع زوجتي ..

يمكنك الوقل ان ذلك الصغير سبب ذلك "

" ما الذي تقصده .. ؟! "

تحاول الوقوف و تتجه الي المطبخ حيث كانت زوجتك تقوم بتحضير طعام للغداء ..

و تحاول الاقتراب إليها و وضع يدك علي كتفها

ما ان وضعت يدك عليها يبداء الصغير بالصراخ ..

و ما هي الا لحظات حتي رفعت يدك عنها و ينتهي الصراخ ..

تحاول وضع يدك عليها من جديد و يتكرر الامر ..

مرارا و تكرارا مع صوت الصراخ ..

ينظر والدك لك و للصغير بصمت بالبداية و سرعان ما ينفجر بالضحك

تعود للغرفة من جديد بينما والدك يبداء الحديث ..

" أنه كجهاز أنذار "

" هذه هي المشكلة .. لا يمكنني الاقتراب ..

ناهيك عن القيام "بهذا و ذاك" .. "

" هل جربت الاقتراب إليها عندما يكون نائما .. ؟ "

" كان يستيقظ و فور استيقاظه يبداء بالبكاء و الصراخ "

" هل جربت أعطائه منوما بعد تناول الطعام ..؟ "

" أ..أه .. و لم يفلح الامر "

" همم .. أظنني مررت بشئ مشابه عندما كنت رضيعا ..

كنت صعب المراس حينها و يصعب التعامل معك ..

كنت دائم البكاء و لم تكتفي بذلك فقط ..

بل كنت تصرخ بشكل مستمر بأوقات متأخرة من الليل كذلك .. "

" و ما الذي حدث بعدها ..؟ "

" كنت أخذك للتنزه لكي تهداء و تتوقف عن البكاء ..

وحالما كننا نخرج من المنزل كنت دائما ما تغط في النوم بعدها بلحظات ..

لم لا تحاول قضاء بعض الوقت معه .. تتنزه معه و تقضي وقت اطول برفقته ..

ربما كان ذلك هو السبب .. أعني عدم قضائك وقتا اطول معه .. "

" أتنزه معه .. ! رأيت ما حدث قبل قليل عندما حاولت أن أمسكه .. "

" لهذا عليك أخذه غدا صباحا قبل أن يستيقظ للتنزه رفقتك .. "

" ربما قد ينجح الامر .. "


سرعان ما يحل اليوم الثاني بسرعة ..

تستيقظ مبكرا قبل وقت صراخ الصغير ..

تستيقظ الساعة السادسة صباحا

و تجد زوجتك مستيقظة باكرا ..

" عزيزي .. هل هناك خطب ما .. ؟! "

" لا لا تقلقي .. ولكن أردت فقط الخروج و التنزه قليلا ..

هل يمكنك أن تغيري ملابس الصغير و ان تجهزي لي بعض الاغراض له ..

أنوي أخذه معي للتنزه ايضا .. "

تبتسم لك بينما تتحدث ..

" بالطبع "

سرعان ما تغادر المنزل و معك الصغير و الحقيبة التي أعطتك أياها زوجتك ..

و تتوجه الي الحديقة التي أخبرك عنها والدك البارحة ..

تتوجه إليها و يبدوا المكان هادئ نوعا ما ..

هذا طبيعي .. فالوقت ما يزال باكرا ..

يفتح الصغير عيناه ببطئ و ينظر لك و يراك و انت تحمله ..

يبدوا عليه الصدمة .. بينما أنت تبتسم له بخبث بينما كنت تحمله ..

" ماذا .. هل ظننت أن والدتك ستحملك اليوم .. "

يبدوا مستاء بشدة و يحاول الصراخ ..

" لن تأتي لتحملك هي ..فقط انا و انت اليوم .. "

سرعان ما يدرك الصغير ان والدته لن تأتي فعلا لاخذه

و سرعان ما يتوقف عن الصراخ و هو بين يديك ..

يبدوا مستاء و غاضبا بشدة بعد رؤيتك

و علي عكس ما كان يكون عليه مع زوجتك .. أنه لا يقضي وقتا ممتعا معك البتة ..

تشعر باليأس و تشعر أن ما تقوم به بلا فائدة و سرعان ما تقرر العودة لمنزلك اخيرا ..

ولكن شخص ما لفت أنتباهك و كذلك لفت أنتباه صغيرك بوقت باكر من الصباح ..

كانت امرأة جميلة ذات شعر اسود طويل و صدر كبير كانت تتجول بالحديقة ..

تسير بأرجاء الحديقة و معها طفلة صغيرة .. بدت و كأنها كانت تتنزه هي و طفلتها ..

كلاكما ينظر لتلك المرأة بصمت بينما كانت تسير ..

" لا بأس أن بقينا لوقت أطول قليلا "

يبدوا أن الصغير كان يوافقك الرأي حينها ..

.

.

من شابه أباه فما ظلم ..

.

.

يتبع

2019/01/16 · 464 مشاهدة · 1908 كلمة
4p7
نادي الروايات - 2024