11 - مع كثرة المشاكل تكثر المسؤوليات .. ؟!


الوقت يمر ببطئ منذ ان أتى كلاكما للحديقة ..

أنت و الصغير لا تقضيان وقتا ممتعا ابدا فكلاكما منزعج من فكرة قضاء الوقت مع الاخر ..

او علي الاقل الصغير كان منزعج من قضاء الوقت معك عوضا عن والدته ..

بينما أكتفيت أنت بمحاولة تسلية وقتك بأثارة غضبه و أزعاجه طوال الوقت ..

سرعان ما تشعر بالملل .. فالجلوس بالحديقة و أزعاج الصغير لم يعد ممتعا ..

يبدوا ان البقاء لوقت أطول لن يغير من علاقتك بالصغير شئ كما كنت ترجوا سابقا ..

تجمع أغراضك و تحاول أن تحمل الحقيبة و بيدك الاخري كنت تحمل الصغير

و لكن سرعان ما تغير رأيك بسرعة ..

فلقد لفت شخص أنتباهك بالفعل .. و كذلك لفت أنتباه الصغير ..

من بعيد .. كانت امرأة جميلة تسير وبأحدي يديها كانت تمسك يد طفلة صغيرة

بدت طفلتها تلك بالخامسة من عمرها و ربما أقل بقليل من الخامسة ..

كانت تسير رفقة صغيرتها بالحديقة و كلاكما ينظر لهما ..

" لا بأس أن بقينا لوقت أطول .. أليس كذلك .. ؟! "

ولاول مرة يبدوا ان الصغير كان يوافقك الرأي ..

تسير تلك المرأة ببطئ مع صغيرتها وسط الحديقة ..

بينما الصغيرة كانت تريد عكس ذلك ..

كانت الصغيرة ترغب بشدة بترك يد والدتها و الجري و اللعب بأرجاء الحديقة ..

بدت مستمتعة جدا برؤيتها لعالمها الصغير ذاك ..

سرعان ما تتوقف تلك المرأة لتجلس و تستريح علي احد المقاعد التي كانت بالجهة المقابلة لك ..

بينما صغيرتها تركت يد والدتها و بدأت بالجري و اللعب حولها ..

رغم كونها قد تركت يد صغيرتها الا أنها لم تستطع ان تبعد بنظرها عنها ..

" لا تبتعدي كثيرا عن هنا .. و أنتبهي كي لا تتعثري "

تومئ الصغيرة برأسها لها و تبداء باللعب هنا و هناك حول والدتها ..

و لم يمر وقت طويل علي مجيئهما و اذا بها تبداء بالاقتراب منك ببطي ..

تقترب الصغيرة منك ببطئ .. كانت تقترب بعيون يملؤها الفضول ..

ما أثار فضولها و جعلها تقترب كان الصغير الذي كان برفقتك حينها ..

تقترب منك بببطئ و بأبتسامة كانت صادقة بدأت الحديث إليك ..

" كم عمره .. ؟! "

تشير لها بالجلوس بجانبك لتلقي نظرة علي الصغير ..

بالفعل كانت قد جلست بجانبك و كانت تنظر له بينما كان بيدك ..

" عمره الان .. لنرى ..

تقريبا .. لقد أتم عامه الاول بالفعل .. "

تبدوا سعيدة جدا برؤيته وهو يتحرك بين يديك ..

وتبدوا الصغيرة سعيدة جدا برؤية الصغير و هو يرفع يده ليشير إليها بحمله ..

"ذلك الوغد ..

أظن أنه يفضل قضاء الوقت مع النساء عوضا عن ان يحمله رجل ما "

تتحدث الصغيرة إليك مجددا قائلة ..

" هل يمكنني حمله .. ؟! "

" اه يمكنكِ حمله "

تمد يدها ببطئ و برفق شديد لتحمله عنك ..

و تبداء بحمله من يديك ببطئ و ترفعه كذلك ببطئ

" أنه أثقل مما توقعت "

يبدوا الصغير منزعجا من حديثها ذاك و لكن ..

ثمة خطب ما ..

فنظرات الصغير بالنسبة إليك لا توحي بالخير ..

أنه يخطط للقيام بأمر ما و لكنك الي الان لا تعلم ما يخطط له ..

والدة تلك الصغيرة كانت تنظر لكم من البداية بصمت ..

تركت مقعدها أخيرا و بدأت تتقدم إليكم ببطئ بعد أن رآت صغيرتها تحمل الطفل بيدها ..

تتقدم إليك و تستمر بالتقدم الي أن تقف بجانب صغيرتها

و تحاول الحديث إليك ..

" أعتذر بشدة علي الازعاج "

كانت تقصد صغيرتها و طريقة حديثها إليك و رغبتها بحمل الصغير

" أه .. لا داعي للاعتذار ..

أنها ما تزال صغيرة وتحاول أن تستكشف عالمها

هذه هي طبيعة الاطفال "

" شكرا جزيلا لك ..

هل يمكنني الجلوس بجانبك .. ؟! "

" أه تفضلي "

يبدوا ان احضارك للصغير لم تكن فكرة سيئة

لكن سرعان ما تمسح تلك الفكرة من رأسك بسرعة ..

بعد أن جلست تلك السيدة الجميلة بجانبك ..

يبداء الصغير بالبكاء بينما كانت الطفلة تحمله ..

تعود لتحاول ان تحمله انت عنها و لكن رغم ذلك لم يتوقف عن البكاء ..

تحاول ان تسكته بشتي الطرق .. و لكن رغم ذلك أنه لا يتوقف عن البكاء ..

" .. أيها الوغد .. "

يبدوا أنك أدركت أخيرا سبب عدم توقفه عن البكاء ..

سرعان ما تبداء تلك السيدة التي جلست بجانبك برفع يدها و تحاول ان تمسك بالصغير عنك ..

بينما هو كان يمد يده ببطئ إليها لكي تحمله هي عنك ..

ولقد حملته بالفعل عنك ..

تهانينا .. فلقد أصبحت شخصية جانبية !

تنظر بصمت للصغير بينما كانت تحمله و تضمه لصدرها برفق ..

و سرعان ما أختفي صوت بكائه و صراخه و بداء بالضحك بينما كان معها ..

" أستهنت بذلك الوغد ..

ذلك الوغد الصغير .. كان يخطط لذلك من البداية "

كانت تجلس بجانبك بينما كانت تحمله و تداعبه بيدها ..

بينما كان يبدوا سعيدا ببقائه معها عوضا عن قضاء الوقت معك ..

يداعب ذلك الوغد الصغير صدر تلك المرأة بينما كنت أنت ( متفرجا )

" أوي .. أوي .. أوي ..

أن لم تتوقف أقسم انني سأخبر والدتك بما تفعله .. "

بينما كان ما يزال بين يديها .. و بينما كانت تحمله

تبداء تلك السيدة بمحاولة الحديث إليك

" أنها اول مرة آراكما بها هنا .. هل أنتقلتم الي هنا حديثا .. ؟! "

" لا .. لا لم ننتقل الي هنا .. في الواقع

أتيت لزيارة والدي بالبارحة و أنتهي بنا المطاف بالمبيت عنده لليوم "

" أه .. أعتذر علي تطفلي .. "

" لا لا بأس بذلك .. أردت فقط الخروج مع صغيري اليوم ..

فمؤخرا لم أستطع قضاء وقت كاف معه بسبب العمل .. "

كانت تنظر لك بصمت .. بدت لك نوعا ما حزينة عندما تحدثت إليها ..

و كذلك بدت حزينة جدا عندما حاولت الحديث إليك

" ان بقي الوضع كما هو .. لا ..

لا أظن أنني سيكون بأمكاني البقاء بجانب صغيرتي لوقت طويل ! "

تشعر بالفضول ودون قصد تطرح سؤالك عليها قائلا ..

" ما الذي تقصدينه ؟! "

" .. أه .. لا لا تهتم .. كنت شاردة الذهن فقط .. "

" يمكنكِ أخباري ..

أن كنتِ تمرين بمشكلة ما ربما .. ربما يمكنني مساعدتكِ علي حلها .. "

تلتزم تلك السيدة الصمت لبعض الوقت ..

و تبداء بأخذ نفس عميق قبل أن تبداء بالتحدث من جديد ..

" في الواقع أنفصلت عن زوجي منذ بضعة أعوام ..

تقريبا منذ أن كانت طفلتي بالثالثة ..

كان يسيئ معاملتي بشدة و لم يكتفي بذلك ...

فلقد كان يصرخ علي أبنتنا أيضا و كان يضربها عندما يكون غاضبا أحينا ..

لم يكن لدي أي أختيارات حينها ..

كان الانفصال هو الحل الافضل لي و كذلك لصغيرتي ..

لم أرد لها أن تشاهد كلا والديهيا يتشاجران طوال الوقت و بأستمرار

..

منذ أن أنفصلت عنه بات الاعتناء بها و بالمنزل أمرا صعبا ..

فالعمل وحده يستغرق مني كامل وقت النهار .. و أحينا أقضي أوقات كثيرة بالعمل و أعود متأخرة

ولكي أستطيع الذهاب للعمل كان يتوجب علي تركها

أما برعاية أحد الجيران أو تركها وحيدة بالمنزل ..

لذلك لم تكن لدي أي اختيارات أخرى .. تركت عملي السابق قبل بضعة أيام

والي الان لا زلت أحاول أيجاد عمل جديد ولكن الامر صعب "

كانت تتحدث بضيق شديد .. تتحدث بغيظ شديد ..

تتحدث كما لو انها كانت تخرج كل ما كان بداخلها دفعة واحدة ..

كنت تنظر حولك جيدا ..

مرارا و تكرارا قبل ان تطرح سؤالك حينها ..

" مهلا أين هي .. ؟! "

أنشغل كلاكما بالحديث و يبدوا ان كلاكما قد غفل عن أن الصغيرة أبتعدت عنكما

و دون أن ينتبه أي منكما لذلك ..

سرعان ما تنتبه لخطأها و تقف بهلع من علي المقعد و تنظر بسرعة حولها ..

بينما الطفل كان ما يزال بيدها ..

سرعان ما تتدارك تلك المراة خطأها وتجد صغيرتها ..

تقف لتنظر لصغيرتها و لقد بدا أن صغيرتها كانت تبتعد ..

تكاد الصغيرة أن تغادر الحديقة وحدها و تقترب من الشارع الرأيسي ..

تقف تلك السيدة بسرعة و تتوجه الي صغيرتها قبل أن تبتعد أكثر

تحاول اللحاق بها .. فأنت تعلم أنها لا تزال غاضبة ..

و أن بقيت غاضبة قد تخرج غضبها دون أن تنتبه علي صغيرتها دون قصد

تلحق بها أخيرا و يبدوا انك كنت علي حق حينها ..

تكاد تلك السيدة أن تضرب صغيرتها و لكنك تمسك يدها بينما كانت ترفعها ..

تمسك يدها بينما كانت تنظر لك ببطئ و عيناها تدمعان ..

تشير لها برأسك يمينا و يسارا الا تفعل

تدرك جيدا أنها كانت قلقة بشدة علي صغيرتها ...

لكن ذلك لم يكن مبررا لتضرب صغيرتها

تعود لحمل صغيرك عنها بينما بدأت هي بالبكاء

بدأت بالبكاء بينما كانت تحاول ضم صغيرتها نحوها بقوة ..

" شعرت بالخوف .. أن يكون قد أصابها مكروه ..

أو أن اكون غير قادرة علي رؤيتها مجددا .. "

" تحبينها .. ؟! "

" أه .. بشدة .. أنها كل ما لدي "

" لذلك أردتِ ضربها سابقا .. ؟! "

" لم أقصد .. كنت غاضبة ..

متضايقة و حزينة .. أخبرتها ألا تبتعد .. ولكنها لم تستمع .. "

تخرج منديلا كان بجيبك و تحاول أن تعطيها أياه ..

" لنعد للجلوس هناك الي ان تهداءِ قليلا .. "

سرعان ما تعودون للجلوس علي المقعد الذي كنتم به سابقا ..

و سرعان ما تتوقف تلك السيدة عن البكاء ..

تبداء أنت الحديث إليها ..

" كنتِ قلقة جدا علي صغيرتكِ و لم تنتبهي أنكِ علي وشك ضربها ..

لكن بالنسبة لها هي لا تدرك أبدا أنها قد أخطأت ..

هي لا تعلم حتي سبب بكائك سابقا ..

أن ضربتها سيبدوا الامر أنكِ تضربينها دون سبب .. "

" لكنني أخبرتها أن لا .. "

" أنها غريزة الاطفال ..

لا يمكنكِ حبسهم أو أبقائهم بمكان واحد طوال الوقت ..

و لا يمكنكِ منعهم عن أستكشاف عالمهم ..

ستحاول صغيرتك رؤية و أستكشاف كل ما هو جديد حولها

أو حتي قد تسمعينها و هي تسألكِ عن كل ما هو جديد ..

" كيف ؟ .. لم .. ؟ أو حتي لماذا ؟ "

تلك هي غريزة الاطفال و طريقتهم بأستكشاف عالمهم و طريقة سؤالهم عنه ..

لا يمكنكِ منعها عن أستكشاف عالمها .. و لكن يمكنكِ مساندتها علي أستكشافه "

تنظر لك بهدوء و يبدوا أن طريقة نظرتها لك قد تغيرت نوعا ما ..

كانت ما تزال تمسك بيد صغيرتها عندما بدأت بالوقوف حينها ..

تقف بهدوء و تنظر لك ..

" شكرا جزيلا لك .. علي كل شئ

و أعتذر بشدة علي ما سببته أيضا من أزعاج لك .. "

" لا .. لا عليكِ ..

هل ستغادرون الان .. ؟!


" أه لدي مقابلة عمل بعد نصف ساعة و علي أن أكون هناك قبل وقت المقابلة "

" ما هو نوع عملكِ السابق .. ؟! "

" كنت اعمل كموظفة حكومية ..

ولكن لم السؤال .. "

" ما رأيك بالعمل معي بالشركة .. ؟!

أظن أن لدينا عدد لا بأس به من المكاتب و الاماكن الشاغرة داخل الشركة ..

لذلك كنا ننوي توظيف عدد جديد من الموظفين بالشركة "

" و ماذا عن صغيرتي .. لا يمكنني تركها لوقت طويل بعيدا عنها "

" لا داعي للقلق .. أوقات العمل ليست طويلة لدينا ..

ثمانية ساعات عمل باليوم فقط .. بالاضافة لساعة واحدة وهي لوقت الغداء ..

أيضا سيكون هناك مركز لرعاية الاطفال بمقر الشركة ..

سيكون بأمكانك أحضار صغيرتكِ و الاطمئنان عليها أثناء العمل ..

وسيكون بأمكانكِ كذلك رؤيتها خلال وقت الغداء ..

أذا .. مارأيك .. ؟

هل ترغبين بالعمل معنا .. ؟! "

تبدوا هادئة نوعا ما بعد حديثك إليها ..

وسرعان ما ترد قائلة ..

" متي يمكنني أجراء مقابلة العمل .. ؟! "

" سأترك لكِ رقم هاتفي و عنوان الشركة ..

يمكنكِ المجيئ وقتما تريدين لاجراء مقابلة العمل ..

لكن أن شعرتِ ان المقابلة لا تسير علي ما يرام او ان هناك خطب ما ..

يمكنكِ ان تقولي للموظفين هناك أنكِ أتيتِ بناء علي توصية مني "

"حـ.. حسنا سأفكر بالامر .. شكرا لعرضك .. "

ترفع يدها لتنظر للوقت .. وتتغير تعابير وجهها ..

" سحقا .. ساتأخر .. "

تغادر تلك السيدة علي عجلة من أمرها ..

وبعد مغادرتها مباشرة .. يعود الصغير للبكاء مجددا بينما كنت تحمله

الا يمكن أن يولد الاطفال كالهواتف الذكية .. ؟

أعني أمكانية "كتم الاصوات" أو جعلهم بوضعية "الاهتزاز" .. ؟!

أعتقد ان الاجابة ستكون بالطبع لا

تبدوا محبطا بشدة نوعا ما .. تصدر صوت زفير مرتفع

بعد رحيل تلك السيدة ..

" أظن ان وقت العودة للمنزل قد حان "

.

.

يتبع

2019/01/21 · 391 مشاهدة · 1993 كلمة
4p7
نادي الروايات - 2024