9 - نصائح و مسؤوليات .. ؟!

قد تختلف احيانا العلاقات بين الاباء و الابناء
وتختلف مع اختلافها طريقة تريبة الاباء ايضا للابناء


لكن علاقتك بوالدك كانت مختلفة قليلا عن المعتاد ..


فرغم كونك وقحا مع والدك احينا ..
و رغم كونه يناديك بالمغفل او الغبي بمعظم الوقت ..


الا ان علاقتك بوالدك حقا كانت مختلفة عن علاقة أب بأبنه
فلقد كانت الثقة اساسا لعلاقتك به ..


او يمكن القول ببساطة ان علاقتك بوالدك كعلاقة اعز صديق بصديقه ..


بعد ان اصطفت الممرضات ليلقين التحية ..
يبتسم والدك بشدة بينما الصغير مستمتع بما يجري ..


" بحق الجحيم كم مرة قد أنزلقت فيها يدك الي الان .. ؟! "


بطريقة ما تتمكن من مغادرة المشفى ببعض الكدمات علي وجهك ..
و بطريقة ما تصل الي السيارة و تصل لزوجتك التي كانت تنتظرك هناك ..


" عزيزي .. ما الذي حدث لوجهك .. ؟! "


الصغير سعيد جدا بما رآه .. و كذلك والدك ..

" ألتقيت ببعض أصدقاء والدي ...

و أراد كل منهم أن يلقي عليه التحية .. "


الصغير يضحك بشدة ..
يبدوا انه كان سعيدا برؤيتك تضرب ..


يتابع والدك الحديث بينما كان مبتسما بشدة ..

" حان وقت العودة للمنزل اذا .. "


" أه معك حق .. سنعود للمنزل .. سنعود و بسرعة .. "

تبتسم ابتسامة خبيثة .. و والدك ينظر لك و كذلك الصغير ..

" تتركاني للممرضات اذا .. لن يمر الامر دون أنتقام .. "

" عزيزتي .. أعلم أنني قلت أنه غير مسموح لكِ بقيدة السيارة بعد اليوم ..
و لكن أظن أنني أريد أن امنحكِ فرصة أخيرة للقيادة اليوم ..
يمكنكِ قيادة السيارة للعودة الي منزل والدي اليوم فقط .. "

يلتفت والدك و يحاول الابتعاد عن السيارة ببطئ بينما كان يحمل الصغير ..
بينما انت تقترب منه بسرعة بعد ان لاحظت انه يحاول الهروب ..


" أبي .. ؟!
لن ترحل وحيدا فأنت مريض .. "


وجه والدك يتصبب عرقا و كذلك الصغير يبدوا قلقا ..

" أ.. أ.. أظن أنني سأركب الحافلة ..
أريد ان اتنزه قليلا مع الصغير .. فأنا لم آره منذ وقت طويل .. "


يشعر الصغير ببعض الاطمأنان .. ولكنك تتابع الابتسام ..

" لا .. لن يحدث ذلك ..
أتينا كعائلة .. و سنعود للمنزل كعائلة .. "


والدك يبدوا اكثر قلق مما كان عليه سابقا ..
يقترب إليك ببطئ ..


" لا أريد الموت بعد .. لا زال هناك أشياء أريد القيام بها ..
أنا عجوز علي الموت بحادث سير .. "


زوجتك هادئة علي غير المعتاد و لكنها تبتسم بينما كانت تنظر لكم ..
و من الواضح جدا انها تبدوا غاضبة ..

فعلي الرغم من تلك الابتسامة التي كانت علي وجهها ..
الا انك تشعر بالهالة التي كانت تحيط بها ..


" هاكي .. !
هل هذا هاكي .. ؟! "

تبداء الحديث إليكم بينما كانت تتابع الابتسام ..
" لم أشعر أنكم تهينوني بحديثكم بعد ان قال انه يمكنني القيادة .. ؟! "


والدك قلق عل جرح مشاعر زوجتك و يحاول الخروج بلطف من ذلك الموقف ..

" لا .. لا نقصد الاسائة إليكِ .. "


" أذا ... ؟! "


" فـ.. فـ.. في الواقع ..
كنت سأركب السيارة علي اي حال .. "


يركب والدك السيارة ببطئ ..
و يجلس بالمقعد الخلفي ..


و تقولها في نفسك اخيرا بعد ان جلاسا بهدوء ..

" هذا ما تستحقانه .. "

تبتسم لهما بينما كانا ينظران إليك ..

" الان و بعد ان ركبا اظن انني سأركب الحافلة .. "


تمسكك من كتفك و تقول لك ..
" إلي أين .. ؟! "


" كنت ذاهب لشراء بعض الطعام قبل الانطلاق .. "


" أركب .. "

قالتها لك بينما كانت تبتسم ..
و الشعور الوحيد الذي كان يراودك حينها هو الخوف ..

" حسنا "


تجلس بجانب مقعد السأق مجددا ..
بينما زوجتك هي من ستقود مجددا


" في العادة كنت أتمني ان يؤجل الكاتب تلك الكلمات ..
ولكن الان .. أتمني و بشدة ان يضع الكاتب كلمة يتبع "


بطريقة ما تصل لمنزل والدك و انت قطعة واحدة ..
تنزل من السيارة و قدماك لم تعد تستطيعان حملك ..

تسقط ارضا بعد ان نزلت من السيارة ..

" أنها اليابسة "


بينما والدك ينزل من السيارة ببطئ ..
و ملامح الخوف علي وجهه ..


" أعيدوني الي المشفي من جديد ..
لا أظن انني بخير .. "

تقولها في نفسك بينما كنت تنظر إليه ..
" لو لم تنزلق يدك و لو لم يضحك ذلك اللعين الصغير ..
لما اضطررت لفعل ذلك لكما .. هذا ما تستحقانه .. "


بعد ان نزل الجميع من السيارة ..
تغلق زوجتك باب السيارة ناحية مقعد السائق ..

و تعود الي المقاعد الخلفية لتخرج حقيبة صغيرها ..
و تعود لوالدك لتحمل عنه الصغير ..

و يدخل كل منكم منزل والدك ..

منزلك القديم ..


عندما دخلت المنزل ..
ربما كنت الوحيد الذي لاحظ الامر ..


بالنسبة لك كانت بضعة ايام مرت ..
ايضا بالنسبة لك كانت بضعة ايام لم تقم فيها بزيارة منزل والديك ..
ولكن ما مر حقا كانت بضعة اعوام ..

بدا المنزل مختلافا قليلا عن ما كان عليه من قبل ..
ولكن ثمة شعور بداخلك راودك عندما دخلت منزل والدك ..

المنزل هادئ بشدة .. تتابع التقدم و شعر اخر يراودك ..
كان ذلك الشعور هو الشعور بالوحدة .. تدخل المنزل اخيرا كما لو كنت غريبا ..


ورغم الشعور بالوحشة و الهدوء الذي كان يملئ المكان ..
الا أنه يمكنك القول بكل ثقة .. أن والدك كان حقا سعيدا بمجيئك إليه ..
و يمكنك القول ايضا انه سعيد بزياراتك هذه و بوجود حفيده معه بالبيت ..


تترك زوجتك الحقيبة جانبا و تترك الصغير بيد جده
وتغادر لتحضير طعام الافطار ..


فمنذ الصباح لم يتناول اي منكم الطعام عندما غادرت الي المشفى ..
يستغرق الامر وقتا بينما والدك يجلس و يداعب الصغير بيديه و يبتسم ..


تطرح ذلك السؤال الذي تبادر الي ذهنك سابقا ..


" متي كانت أخر مرة قام فيها احدهم بزيارتك .. ؟! "


كان يبتسم بينما كان يداعب حفيده الصغير بكلاتا يديه ..
كان يبتسم و لكن اختفت ابتسامته تلك عندما طرحت سؤالك ذاك ..


" هذه أول مرة يقوم فيها أحدكم بزيارتي منذ ثمانية أشهر "


ثمانية أشهر حقا تبدوا مدة طويلة و لكن .. لم تكن تلك اجابة ترضيك ..
في الواقع بات لديك الان الكثير من الاسئلة ..


" و أين أخوتي و لم لم يقم أحدهم بالمجئ ليطمئن عليك غيرنا .. ؟! "


عاد والدك ليركز أنتباهه الي الصغير و يداعبه بيديه ..
يبتسم بهدوء و لكنك تدرك انه كان يحاول ان يجبر نفسه علي ذلك ..
خاصة و الصغير كان بين يديه ..


" رؤيتك اليوم تقوم بالمجئ إلي .. و رؤية صغيري الغالي ..
رؤية كلاكما جعلتني سعيدا ..

بالبداية لم أرد ان أثارة قلق أخوتك و لم أرد ان أزعجك كثيرا ..
أردت فقط رؤيتك و الحديث إليك ..


و لكن دون أن أنتبه أخبرتك أن تحضر معك الطفل و أحضرت معك ايضا زوجتك ..
شعرت بالانزعاج الشديد من نفسي ..


و لكن الحقيقة أنني أردت حقا رؤيتك .. و أردت أن أتحدث فقط إليك ..


منذ ان تزوج أخوتك و منذ أن تزوجت أنت أيضا بات من الصعب جدا
ان يأتي أحدكم لزياراتي .. خاصة بعد ان حصل كل منكم علي اول اطفاله .. "


" ذلك ليس سببا كافيا .. كان عليك أن تتصل بهما ..
أو علي الا... "


" لم ارد ذلك .. لم ارد فعل ذلك ..

كل ما في الامر انني مررت بشئ مشابه ..

فحتي أنا كنت هكذا ..
أنشغلت بالعمل و المنزل و كذلك بالبقاء بجانب كل منكم و أنتم صغار ..


حتي أنت قد تمر بما مررت به أنا ..
سيبدوا الامر كلقطات من فيلم .. و سيمر ذلك الفيلم بشكل تدريجي لنهايته ببطئ ..

سترى صغارك يولدون .. ستراهم و هم ينمون ... و ستراهم كذلك و هم يلعبون و يضحكون ..
ستراهم و هم يدخلون المدرسة اول مرة و ستراهم و هم يتخرجون ..

ستسعد برؤيتهم يدخلون الجامعة و ستسعد ايضا برؤيتهم يتخرجون ..
و يحصل كل منهم علي عمل لائق ..

و ستشعر ان حياتك كانت ذات قيمة عندما ترى كل منهم قد تزوج ..
او قد أختار كل منهم شريك حياته اخيرا ..

و ستكون سعادتك أكبر مما كانت عليه ان بقيت حيا لترى أحفادك و هم يملئون المكان حولك "


تلتزم الصمت بينما يتابع والدك الحديث ..
يبدوا ان لديه حقا الكثير ..


" كل ما رآيته انا قد تراه عيناك .. وربما قد ترى ما لم أستطع ان آراه انا ..
أنها طبيعة الحياة ..

و لكن .. أن كان هناك أختلاف طفيف بيننا ..
فسيكون ذلك الاختلاف ان الحياة ما تزال امامك طويلة ..


لديك وقت لتمر بما مررت به انا ..

أما بالنسبة لي .. فلن يكون قد تبقى لي كثير من الوقت حينها "


" ... "


تحاول الحديث و لكن بكاء الصغير يوقفك ..
يعيد والدك النظر الي حفيده من جديد ..

يمسكه بكلاتا يداه و يرفعه عاليا ..
يرفعه عاليا و يبتسم بشدة كما لو ان شئ لم يكن ..


بلا شك انه سعيدا حقا بمجيئك و كان سعيدا كذلك برؤية صغيرك ..


سرعان ما يهدئ الطفل بينما كان بيدي والدك ..
يمسكه والدك و يعيد انزاله ببطئ ..

زوجتك ما تازل تقوم بتحضير طعام للفطور ..

بينما والدك ينظر لك و يحاول الحديث إليك ..


" بالمناسبة .. كنت أتسائل ..
كيف حال زوجتك الثانية .. ؟! "


" هاه .. ؟! "


.
.

يتبع

ياريت الفصل يكون نال اعجابكم ..

و ان كان ممكن ياريت لو حد عنده آراء يقول

:)

2019/01/06 · 427 مشاهدة · 1529 كلمة
4p7
نادي الروايات - 2024