الفصل 172: الآن، هل يمكننا أن نتحدث بهدوء؟
بوكس، بعد أن استعاد وعيه إثر الصدمة الكبيرة، أطلق هجوماً عنيفاً جديداً على يي شياو.
مستوى بوكس بدا أنه ليس مرتفعاً جداً، فقبل لحظات لم يستطع قتـل تشو وو بلكمة واحدة رغم أن سماته قد خُفّضت إلى 20%.
في الوقت نفسه، أسلوب هجوم هذه الدمية كان قتالاً قريب المدى.
بعد أن اعتاد يي شياو على وتيرة هجومه، صار يتعامل معه بسهولة، بل ويتمكن أحياناً وهو يتفادى المهارات من توجيه ضربات عادية تسبب بعض الضرر لبوكس.
رغم أن هذه الضربات ضعيفة، إلا أنها سببت لبوكس إزعاجاً كبيراً.
أما تسو وان خلفه فقد استعادت هدوءها وبدأت تسانده في الهجوم.
لكن سماتها خُفّضت أيضاً إلى 20% فقط، والضرر الذي تلحقه ضعيف للغاية، إلا أن هذا بالضبط ما كان يريده يي شياو.
بعد عشر دقائق.
بوكس المختبئ داخل الدمية بدا وجهه قبيحاً للغاية.
لم يتوقع أبداً أن يُحاصَر على هذا النحو.
من يكون هذا الإنسان أمامه؟ فقد أظهر قوة هائلة حين قاتل دودة اللعنة سابقاً.
البشر، على عكس شعب ميا، مقيّدين بقوانين غابة اللعنة، ومع أن جميع خصائصهم خُفّضت إلى 20%، إلا أنهم قادرون على إحداث ضرر حتى هو نفسه ارتعد منه. فماذا لو لم تكن هناك قيود؟
لم يجرؤ بوكس أن يكمل التفكير. فقد اكتشف أن هذا الإنسان حتى بعد القيود ما زال ضرره مبالغاً فيه، ودفاعه وصحته قويان على نحو غير منطقي.
خلال عشر دقائق، أصاب بوكس خصمه ثلاثين إلى أربعين مرة على الأقل، ومع ذلك بدا يي شياو كأنه لم يتأثر أبداً.
كلما استمر القتال ازداد خوف بوكس. حاول مراراً استهداف تشو وان المزعجة، لكن يي شياو لم يترك له أي فرصة.
فكلما حاول الإفلات مستخدماً سرعته، كان يي شياو يندفع بجسده بقوة لعرقلته ولو كلّفه ذلك إصابة.
وهذا بالضبط كان السبيل الوحيد لبوكس لإصابة يي شياو.
مرت خمس دقائق أخرى، وبدأت نية الانسحاب تتشكل في قلبه.
يي شياو كان صعباً للغاية ولا يمكن قتله.
أما هو، فمع استمرار ضربات يي شياو و تشو وان، بدأت دروع الدمية تقترب من الانهيار.
دفاعات الدمية قوية، لكنها في النهاية جماد بلا قدرة على التعافي مثل المحترفين.
وإذا استُنزفت قيمة الدروع، ستصبح هشة للغاية وغير قادرة على تحمل ضربات يي شياو.
وقد بذل في صنعها جهداً عظيماً، بل واعتمد في جزء من طاقتها على حياة عدد من المحترفين البشر.
إن تضررت، فلن يجد وقتاً حتى للبكاء.
وفوق ذلك، القتال المستمر استنزف طاقة الدمية وقواه الروحية.
حركاتها الآن صارت أبطأ بكثير مما كانت في البداية.
مواصلة القتال لم تعد ذات معنى.
بهذا التفكير، بدأ بوكس يراقب محيطه بصمت.
دودة اللعنة ما زالت محتجزة في ذلك الحاجز المجهول، ولا يعرف متى سينهار.
لم يكن ليغامر بالاعتماد عليها لمساعدته.
بل وحتى لو خرجت من الحاجز، فهي على الأرجح ليست نداً لخصمه.
عندها سيضطرون لاستهلاك ماء مقدس ثمين، وذلك غير مجدٍ.
بعد حساب سريع، اتخذ بوكس قراره.
وفي لحظة تظاهر فيها أنه سيهاجم تشو وان ودفع يي شياو ليتقدم للحماية، توقف فجأة وسط حركته السريعة وقام بحركة غريبة مخالفة لقوانين القصور الذاتي، ليندفع بسرعة إلى الخلف.
لقد هرب!
تشو وان رأت انسحابه فارتخت قواها وشعرت ببعض الارتياح.
لقد عاشت ضغطاً رهيباً قبل قليل، حتى مع قيام يي شياو بكل العبء، فاللحظات التي كادت تتعرض فيها للاشتباك المباشر معه كادت تخنقها.
أما تشو لينغ وتشو وو فقد أطلقا صيحات فرح منخفضة.
القوة المرعبة التي أظهرها بوكس أخافتهم حتى الارتباك، والآن بعد أن رحل، كيف لا يفرحان؟
لكن رد فعل يي شياو كان مختلفاً.
رآه يهرب، وأيقن أنه وصل إلى نهايته، فكيف يتركه يفر بعد هذا العناء؟
نظر سريعاً إلى دودة اللعنة، ورأى أن أمام اكتمال مصفوفة الحظر بضع دقائق أخرى.
فأطلق مهارة "بوابه الوهم" وطارد بوكس.
سرعان ما اختفيا عن أنظار تشو وان ورفيقيها.
تشو لينغ لم يتمالك نفسه وقال:
"الأخ الخبير قوي بشكل مبالغ فيه، ليس فقط أنه يهزم الزعماء واحداً تلو الآخر، بل يلاحق حتى NPC بلا هوادة. ذاك المخلوق كاد يقتل تشو وو بلكمة واحدة!"
تشو وو بجانبه أظهر وجهاً مكتئباً.
ومع ذلك، كان مندهشاً من قوة يي شياو.
حين واجه دودة اللعنة سابقاً، أدهشته قوته. لكن لأنه لم يختبرها بنفسه لم يشعر بها بعمق.
أما الآن فالأمر مختلف، فبوكس كاد يقتله بلكمة واحدة رغم كونه درعاً بشرياً خالصاً.
بالمقارنة، أدرك تماماً مدى قوة يي شياو.
---
من جهة أخرى، بعد أن استخدم يي شياو "بوابه الوهم "، لحق مجدداً ببوكس.
لكنه رأى الأخير يخرج حجراً من جسده. دقّق النظر، إنه حجر "شينغ لو" الناقل.
هذا الاكتشاف جعله يتوقف عن التردد.
إن هرب به إلى الكهوف، فلن يتمكن من ملاحقته بسهولة.
وقد حصل ذلك مسبقاً، فلا يمكن السماح بتكراره.
بلا تردد، خرج يي شياو من البعد الوهمي وهاجم بعصاه فوراً.
تحت تأثير زيادة 50% من الضرر ( دا تاثير بوابه الوهم لو ناسين) ، ضرب الدمية فأصابها بتوقف قصير.
استغل الفرصة، وأمسك بالدمية بيد واحدة وهو يواصل الضرب بعصاه دون توقف.
بوكس أصيب بالذعر وحاول دفعه بعيداً، لكن يي شياو كان شرساً هذه المرة، يقايض الدم بالدم دون نية للتراجع.
بوكس غاظه الأمر حتى كاد يتقيأ دماً.
ولأنهما متلاصقان، لو استخدم الحجر الناقل الآن فسينتقل يي شياو معه إلى الكهف، فلن يستطيع الفرار.
وفجأة، دوى صوت تحطم واضح.
تغير وجه بوكس.
قبل أن يتصرف، امتلأ سطح الدمية القوي بشقوق متشعبة كخيوط العنكبوت.
رآها يي شياو فوجه ضربة جديدة بعصاه.
"بانغ!"
تحطمت الدمية الحمراء في الحال.
تدفقت الطاقة التي كانت محتجزة بداخلها وانتشرت.
وصاح بوكس صرخة ألم مروعة، وسقط من داخل الدمية أرضاً.
بدا وجهه شاحباً، والدماء تنزف من عينيه وأذنيه وأنفه وفمه.
انفجار الدمية والصدى النفسي أفقداه قوته بالكامل.
تنفس يي شياو الصعداء.
اقترب منه سريعاً، وأحكم السيطرة عليه، ثم ابتسم بخفة وقال:
"الآن، هل يمكننا أن نتحدث بهدوء؟"