الفصل 187: زهرة روح التنين، مأساة التنين الأسود

"هــو!"

عندما رأى يي شياو أنه حصل مجدداً على المهارة التي يريدها، تنفس الصعداء، وعيناه تومضان بلمحة من الفرح.

وحين أنهى قراءة وصف مهارة غضب التنين الأسود، لم يستطع منع ابتسامة الرضا من الظهور على وجهه.

من القوة التي أظهرها التنين الأسود سابقاً عند إطلاق هيبته، عرف يي شياو أن هذه المهارة قوية. ومع ذلك، بعد رؤية الشرح المفصل، ظل يشعر بحماسة واضحة.

فالمهارة تسبب كل ثانية ضرراً خاصاً بنسبة 200% من جميع السمات لكل هدف داخل نطاق مئة متر. هذا التأثير بحد ذاته ليس ضعيفاً، لكنه أيضاً لا يُعد من بين الأقوى.

والحقيقة أن التنين الأسود تمكن من إطلاق ضرر مرعب بمهارته لأن سماته كانت خارقة للطبيعة. ولو وضعت هذه المهارة بين يدي شخص آخر، لكان تأثيرها أقل بكثير.

لذلك لم يكن غريباً أن تكون هيبة التنين معروفة في عالم الخلود كله، فهذا مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتفوق سمات التنانين مقارنة بباقي الأجناس.

لكن يي شياو حالة استثنائية.

فبعد مقتل رأس التنين الأسود، ضعفت اللعنة عليه حتى لم يبقَ منها سوى 10% فقط.

وبحساب خصائصه عند المستوى 49، فإن مجموع نقاط سماته الكاملة يصل إلى 83,258 نقطة. رقم مذهل بكل المقاييس.

فحتى أقوى المحاربين عند المستوى 300 لا يتجاوز مجموع سماتهم 16,000 نقطة بدون اي معدات.

بعبارة أخرى، يي شياو عند المستوى 49 فقط، يعادل أكثر من خمسة أضعاف مقاتل من المستوى 300.

بالطبع، لا يمكن مقارنة الأمر ببساطة، فالمستوى 300 يعني معدات وقدرات تراكمية كبيرة. لكن رغم ذلك، يظل فرق السمات وحده مرعباً.

وبهذا العدد الضخم من النقاط، يمكن لمهاره غضب التنين الأسود عند يي شياو أن يطلق قوة تصل إلى 160,000 ضرر خاص في الثانية الواحدة.

وما يجعل الأمر أخطر أن هذا ضرر مستمر، ما دام لديه مانا كافية، فإن كل ثانية تعني 160,000 ضرر إضافي.

لكن غير المناسب في الأمر أن المهارة تستهلك 2000 نقطة مانا في الثانية، في حين يملك يي شياو مخزون مانا يبلغ 240,000 نقطة فقط.

ما يعني أنه إن استهلك كل ماناه دفعة واحدة، فإن مجموع الضرر الذي يسببه سيصل إلى 19,200,000 نقطة. والأهم من ذلك أن هذا الضرر نطاقي.

بهذه القوة، في أي منطقة اساسيه، لن يكون هناك مخلوق قادر على الصمود أمامه.

بل وحتى في المناطق المتقدمة لاحقاً، ومع استمرار نمو سمات يي شياو، فإن غضب التنين الأسود سيبقى ورقة رابحة مدمرة.

أغلق يي شياو واجهة المهارات راضياً.

نادى على "شياو جين"، ثم بدأ يتجه نحو الأعماق.

في هذه المرحلة، لم يعد لخبرة ميلارد أي قيمة، فحتى في أفضل رحلات استكشافه السابقة لم يتجاوز المنطقة الثانية.

أما الجرعات التي منحها لمقاومة اللعنة، فلم يكن حتى ميلارد يعرف إن كانت ستبقى فعّالة في المنطقة الثالثة.

لكن يي شياو وقد وصل إلى هنا، لم يكن ليتراجع بسهولة.

أعاد "شياو جين" إلى فضاء القمر الأحمر، ثم واصل السير حتى بلغ نهاية المنطقة الثانية، حيث واجه بوابة حديدية مشابهة للتي عبرها سابقاً.

هذه المرة، وبسهولة معتادة، فتح يي شياو البوابة دون أي حادث.

لكن ما فاجأه هو أنه عند دخوله، لم تستمر اللعنة في تقليص سماته، بل بقيت عند 90%.

ارتاح كثيراً، فبالنسبة له، السمات هي ضمانه الأول في مواجهة أي خطر.

وما إن دخل المنطقة الثالثة، حتى أدرك اختلافها التام عن سابقتيها.

فالمساحة هنا صغيرة نسبياً، لكن الغريب أن الجدران والأرضية امتلأت كلها بنباتات غريبة لم يعرفها من قبل.

وبنظرة سريعة، لاحظ أن النباتات كلما اقتربت من العمق ازدادت إشراقاً وزهواً.

لكن بدلاً من الاطمئنان، شعر يي شياو بخفقان غامض في صدره، إحساس ينذر بالخطر.

قطّب حاجبيه.

وفجأة، جاء صوت "شياو جين":

"إنها زهرة روح التنين!"

لكن هذه المرة بدا صوته مشوباً بالذعر والدهشة، على غير عادته، مما جعل يي شياو يسأله بسرعة:

"وما زهرة روح التنين؟"

أجاب "شياو جين" بجدية ثقيلة:

"إنها نبات مروع بالنسبة للتنانين. أي تنين يبقى على مقربة منها، تمتص تدريجياً كل ما فيه، من طاقته وحياته إلى روحه، ثم لحمه وعظامه. حتى عظام التنين التي تُعد أقسى ما في جسده، قادرة على تآكلها والتغذي عليها حتى تذوب كلياً."

شعر يي شياو بالصدمة، فتراجع خطوات عدة بسرعة وهو يحدق بتلك النباتات الكثيفة.

إن كان نبات يبدو عادياً قادراً على قتل تنين، فماذا سيفعل به كبشر؟

لكنه لم يبتعد طويلاً، إذ شرح "شياو جين" بسرعة:

"لا تقلق، يا رجل طيب، زهرة روح التنين لا تؤثر إلا على التنانين. بالنسبة لبقية الأجناس فهي بلا خطر."

توقف يي شياو في مكانه، ثم عقد حاجبيه من جديد:

"لكن لماذا يوجد كل هذا العدد هنا؟ أليس التنين الأسود قد مات بالفعل؟"

هذه المرة اختفى الخوف من صوت "شياو جين"، وحل محله غضب عميق:

"جسد التنين بعد موته يظل مليئاً بقوة هائلة. أن يزرع أحدهم كل هذه الزهور هنا يعني أن هناك يداً خفية تستغلها لامتصاص الطاقة المتبقية من موت التنين الأسود، لتحقيق غاية مجهولة."

تابع بحدة:

"كنت أظن أن تلك الوحوش الغريبة في الخارج وُجدت بسبب دمج التنين الأسود لقوة عشيرة شي لينغ. لكن الآن أرى أن السبب الحقيقي هو هذه الزهور نفسها، فهي التي ولّدت تلك المخلوقات المشوهة."

فهم يي شياو غضب "شياو جين".

أن يرى أحد أبناء جنسه وقد أُهين حتى بعد موته، أمر يفجر الغضب في أي كائن واعٍ.

شعر يي شياو بالامتنان لأنه احتفظ بـ "شياو جين" داخل فضاء القمر الأحمر قبل دخوله، وإلا لكان وقع تحت تأثير هذه النباتات.

حتى إن لم تهدد حياته مباشرة، إلا أن خوفه منها وحده كان سيضعفه كثيراً.

أما هو، فقد بدأ عقله يعمل بحذر.

إن كان هناك فعلاً من يستخدم زهرة روح التنين لإنتاج هذه الوحوش، فمن يكون؟

البشر؟ أم المايا؟

ما رآه حتى الآن كان ضخماً ومُتقناً، يدل على قوة خصم لا يُستهان بها.

صحيح أن يي شياو يثق بنفسه، لكنه ليس مغروراً لدرجة التهور.

أراد الحصول على قشور التنين الأسود، لكن لو اتضح أن الخطر يتجاوز قدرته، فلن يغامر.

وبينما كان يحسب خياراته بسرعة، دوى صوت غريب من بين كتل الزهور:

"جــي جــي... يا لها من طاقة لذيذة... وصلت في الوقت المناسب..."

من بين آلاف زهور روح التنين العادية، ارتفعت واحدة مختلفة الشكل ببطء. أدرك يي شياو أن الصوت انبعث منها.

وبينما كان يحدق فيها، بدأت بتلاتها المغلقة تنفرج ببطء، لتكشف عن ظل أسود داكن يتجسد أمامه.

تجهز يي شياو بحذر.

لكن عندما اتضح مظهر الكائن، صُدم بشدة.

فالظل كان مغطى بقشور سوداء لامعة، ومن ظهره خرج ذيل أسود شبيه بذيل "شياو جين".

لكن رأسه كان إنسانياً تماماً.

فتح يي شياو عينيه بدهشة، فلم يرَ مخلوقاً كهذا من قبل.

ففي عالم الخلود، الكائنات الوحيدة التي تحمل وجهاً شبيهاً بالبشر هم المايا الذين يُعاملون كـ NPC. أما الوحوش، حتى البشرية الشكل منها، فملامحها تميل إلى الوحشية.

لكن هذا الكائن كان العكس تماماً. رأس إنسان وجسد تنين صغير.

شبه كامل بـ "شياو جين" عندما كان مجرد تنين صغير... باستثناء أن "شياو جين" كان ذهبياً، أما هذا الكائن فأسود حالك.

عندها، وبربط كل ما رآه في أطلال شي لينغ، توصّل يي شياو إلى استنتاج مرعب...

هذا الجسد، يجب أن يكون للتنين الأسود.

لكن الغريب، لا أحد يعرف لماذا تحول جسد التنين الأسود إلى هذه الهيئة، بل وحتى امتلك رأساً مشابهاً للبشر.

هل يعقل أنه بعد موت التنين الأسود، تطور بهذه الطريقة؟

في هذه اللحظة، كان ذلك "الإنسان-التنين" الذي خرج للتو من بين زهور روح التنين، قد بدأ يهبط ببطء.

كانت نظرته تحمل شيئاً من الإعجاب، وهو يراقب يي شياو بلا توقف.

قال بنبرة غريبة:

"أنت حقاً مذهل، استطعت مقاومة لعنتنا، بل وتخلصت من ذلك الرأس المزعج للتنين، لقد فاجأتني كثيراً."

لعنة عشيرتنا؟

رفع يي شياو حاجبيه بدهشة، ثم نظر إلى هذا الكائن الأسود بعدم تصديق:

"أأنت من العشيرة القديمة، عشيرة شي لينغ؟"

ضحك الإنسان-التنين، ولم ينكر:

"طبعاً، أم تظن أنني مجرد ذلك التنين الغبي والعنيد؟"

أجابته جعلت يي شياو مذهولاً للغاية.

كان يعتقد فعلاً أن وراء كل هذا شخصاً ما يسيطر على زهور روح التنين، ليمتص جسد التنين الأسود الميت، ثم يستعمل وسيلة ما لإحيائه.

حتى هذا الجسد الغريب، برأس بشري وجسد تنين، حسب أنه قد خضع لتجارب وتعديل.

لكن المفاجأة أنه ليس كذلك.

إن هو إلا فرد من العشيرة القديمة الأسطورية، عشيرة شي لينغ.

لكن… ألم تُبَد تلك العشيرة منذ زمن بعيد؟

حاول يي شياو أن يستطلع معلومات عن هذا الكائن عبر النظام.

لكن النتيجة… لا شيء.

وهذا بحد ذاته دليل إضافي على صدق كلامه.

فحتى "شياو جين"، التنين الذهبي الصغير، كان يمكن للنظام أن يُظهر بياناته.

أما هذا، فبلا بيانات.

حينها، تحدث ذلك الكائن الغريب مجدداً:

"أرى دهشتك. أتحب أن تعرف ما الذي جرى هنا؟"

"تعال إليّ، وسأخبرك ليس فقط بما جرى هنا، بل وبحقائق هذا العالم بأسره."

"ألا تتحرك في داخلك الرغبة؟"

كلمات هذا "الإنسان-التنين" كانت تحمل سحراً غريباً.

حتى مع قوة مقاومة يي شياو العقلية الفريدة، ومع استعداده المسبق، وجد نفسه لوهلة في غفلة وشرود.

لكن فجأة، اندفعت من ختم القمر الأحمر بين حاجبيه طاقة حارقة، أيقظته في لحظة.

وبالتزامن، جاءه صوت "شياو جين" من فضاء القمر الأحمر:

"احذر، يا رجل طيب! صوته يحمل قوة إغواء خاصة، لا تنخدع به."

تجمد يي شياو في مكانه، وقد تملكه الفزع.

لو لم يكن ختم القمر الأحمر، لكاد يسقط في فخ الخصم.

هذا الكائن مريب للغاية.

لكن بينما كان هو مذهولاً، تغير وجه الإنسان-التنين فجأة من الهدوء إلى الغضب والتشوه.

صرخ بصوت غاضب:

"الـقـمــر الأحمــر!!"

كانت الصرخة تحمل غضباً مكتوماً لم يستطع كبته.

ثم نظر إلى يي شياو بعينين مليئتين بالحدة والشر:

"لم أتوقع أن تحمل ختم القمر الأحمر… لهذا استطعت اجتياز المنطقتين السابقتين."

ارتجف قلب يي شياو:

"أأنت تعرف القمر الأحمر؟"

ضحك الإنسان-التنين فجأة بهستيرية:

"لقد قلتُ لك، أنا أعرف أسرار هذا العالم! فما قيمة روح أداة لم تكتمل بعد؟"

تجمدت ملامح يي شياو.

لقد عرف من "شياو جين" سابقاً بعض المعلومات عن القمر الأحمر.

لكن أن يسمع هذا الكائن يؤكدها بنفسه… أثار فضوله بشدة.

مع ذلك، بدا واضحاً أن بعد معرفته بحمل يي شياو لختم القمر الأحمر، لم يعد راغباً في الحديث أكثر.

فقد أنهى سخريته، لينفجر جسده فجأة بهالة مرعبة مظلمة.

صرخ متوحشاً:

"أنت المختار من القمر الأحمر، هذا أفضل! طالما امتصصت قوة القمر الأحمر من جسدك، سأُكمل تحولي، وسأعيد مجد عشيرتنا بيدي!"

وما إن أنهى، حتى فتح فمه، وانطلقت من داخله طاقة سوداء كثيفة.

لكن يي شياو كان مستعداً مسبقاً.

تحت تعزيز سرعته، بدأ يطلق عشرات المهارات، بينما يتفادى هجمات خصمه.

أما الإنسان-التنين، فبعد أن قذف الطاقة السوداء، انقض مباشرة نحو يي شياو، متجاهلاً كلياً نيران الكرات السحرية المنهمرة من السماء.

لم يلتفت إليها، بل تركها تضرب جسده المغطى بالقشور السوداء.

وفي اللحظة التالية…

اختفت الكرات النارية بلا أثر، دون أي انفجار.

ذهل يي شياو، لكن سرعان ما جاءه صوت "شياو جين":

"انتبه! للتنين الأسود دفاع مدهش، كما أنه يتحصن ضد أكثر من 90% من الأضرار العنصرية. مهاراتك لن تجدي نفعاً عليه."

تقلصت حدقتا يي شياو.

لكنه لم يتوقف.

كان التوقيت مناسباً، فقد انتهى تبريد مهارة المراوغه المطلقه.

وعندما وصل الإنسان-التنين إلى أمامه، فعّلها يي شياو، فتفادى هجومه القريب.

ثم أعقبه بوابل جديد من الكرات النارية.

الإنسان-التنين، رغم اندهاشه من قدرة يي شياو على المراوغة، ابتسم بازدراء وقال:

"لا جدوى! لقد عرفت مسبقاً قدراتك، أمام جسدي هذا، لا تستطيع أن تفعل شيئاً."

لكن يي شياو لم يرد عليه.

استمر بإطلاق الكرات حتى بلغ عددها الآلاف.

وعند اللحظة المناسبة، لوّح بعصاه السحرية وأطلق هجمة قوية مدمرة.

ضربت القوة الجبارة جسد الإنسان-التنين مباشرة.

"بـوووم!!"

اهتزت الأنقاض كلها، وانفجر الهواء من حولهما.

حتى يي شياو نفسه طار بعيداً أكثر من عشرة أمتار قبل أن يستعيد توازنه.

لكن، حين نظر إلى خصمه، رأى أنه بالكاد اهتز قليلاً، ثم اندفع مجدداً نحوه، كأن شيئاً لم يحدث.

ابتسم باستهزاء:

"أرأيت الآن؟ كل ما لديك بلا قيمة أمامي. استسلم، وسأجعلك تنضم إلى مجد عشيرتنا، العشيرة الإلهية شي لينغ."

ازدادت غمامة القلق في قلب يي شياو.

لم يتوقع أن دفاع هذا الكائن قوي إلى هذا الحد، حتى أقوى هجماته لم تُجْدِ.

لكنه لم يستسلم.

اعتمد على التفادي المطلق، وأبعد المسافة بينهما بسرعة.

ثم فتح فمه فجأة…

وانطلقت منه القوة التي تعلمها للتو: غضب التنين الأسود.

في لحظة، دوى في أرجاء الأطلال زئير تنين جبار، محملاً بهيبة ساحقة.

الإنسان-التنين، وقد فوجئ تماماً، ارتج جسده كله، ووقع تحت أثر الهيبة القوية، حتى أغشي عليه لثوانٍ.

وبينما كان فاقد السيطرة، أخذت قشوره السوداء تشع بضوء بنفسجي ساطع.

حين رأى يي شياو هذا، لمعت عيناه فرحاً:

لقد نجح الأمر!!

2025/09/08 · 198 مشاهدة · 1916 كلمة
Medo s
نادي الروايات - 2025