الفصل 209: حلم بوتشي

زززلااا!

من داخل الفرن الصامت، اندفعت فجأة شعلة نارية شرسة.

يي شياو استعاد وعيه ونظر باتجاهها.

فاكتشف حينها أن بوتشي قد ألقى قشرة التنين الأسود داخل الفرن.

ومع التفاف النار حول القشرة، استطاع يي شياو أن يرى بعينيه بوضوح طاقة بنفسجية مظلمة شديدة العنف ترتفع بسرعة، وفي لحظة تجمعت على هيئة تنين أسود وهمي.

التنين الأسود فتح فمه مطلقًا زئيرًا صامتًا، محاولًا الانفلات والهروب من الفرن.

وبعدها رأى يي شياو بوتشي يطرق بمطرقته على فوهة الفرن تسع طرقات متتالية، لا قوية جدًا ولا ضعيفة.

وفي لحظة، انبعثت موجة اهتزازية بددت ظل التنين الأسود، ليتحول إلى طاقة كثيفة تحوم حول الجنين الأسود المغلف بالنار.

في تلك اللحظة، جذب بوتشي منفاخ الفرن بيديه بجنون، وارتفعت ألسنة اللهب بشكل مرعب، حتى أن بضع شرارات تطايرت من فوهة الفرن للخارج.

يي شياو لم يتمالك نفسه فتراجع خطوة إلى الوراء.

وعيناه فيهما دهشة.

فحسب المنطق، وبقوته الحالية، يستحيل أن تصيبه النار بأذى.

لكن في اللحظة التي اندلع فيها اللهب، شعر بضغط خانق.

قال بوتشي:

"أيها الصغير، هذه نار قلب الجحيم، لا يهم كم قوتك عظيمة، إياك أن تقترب منها أو تلمسك."

يي شياو لم يسأله عن سبب عدم تأثره هو بنار قلب الجحيم، ففي هذه اللحظة كان يشغله أكثر هوية ملك الظل كإنسان.

"منظمة سجن الظل مؤلفة من قوم الميا، ورئيسها إنسان؟ كيف يمكن للميا أن يخضعوا له؟"

أجاب بوتشي وهو لا يتوقف عن دفع المنفاخ:

"العلم بأن ملك الظل إنسان، محصور فقط في الحراس الأربعة الكبار، أما البقية فلا يعلمون."

سأل يي شياو بفضول:

"وكيف عرفت أنت؟ هل كنت أحد الحراس الأربعة؟"

ضحك بوتشي باستهزاء:

"ذلك المنصب؟ من يريده فليأخذه، أنا لا أهتم."

"ملك الظل أخبرني بذلك فقط لأنه أراد استغلال كونه إنسانًا ليجذبني لصنع المعدات لصالح سجن الظل."

"لقد أخبرتك سابقًا أنني كنت أساعد المهن البشرية في مدينة لي يويه بصناعة المعدات، على أمل أن يتمكن أحدكم من الحصول على البلورات الأسطورية."

"لكن بعد اندلاع حرب الإبادة، هربت مع غالبية قوم الميا إلى هنا، ولم تتح لي فرصة العودة إلى مدينة لي يويه."

"وحين علم ملك الظل بذلك بطريقة ما، جاءني وعرض عليّ وعدًا: إن ساعدت سجن الظل بصناعة المعدات، فسيجلب لي البلورات الأسطورية."

ومع رواية بوتشي، فهم يي شياو أخيرًا طبيعة العلاقة بينه وبين سجن الظل.

ومن بعدها، لم يكن الأمر سوى أن بوتشي عمل عشر سنوات كاملة بالمجان، لكن البلورات الموعودة لم تظهر أبدًا.

ليس أن ملك الظل كان يخدعه عمدًا، بل لأن صعوبة تجارب اللانهاية كانت هائلة جدًا.

وهذا ما يعرفه يي شياو أفضل من أي أحد.

وحين فقد بوتشي الأمل، قرر ألا يضيع وقته أكثر، فانسحب من سجن الظل وعاد إلى مدينة شينغ هي .

لكن حسب كلام بوتشي، من أراد الانسحاب من سجن الظل، فمصيره الوحيد هو الموت.

الغريب أن ملك الظل لم يعترض على انسحاب بوتشي، بل وافق بسهولة شديدة.

لذلك، في البداية، كان انطباع بوتشي عن ملك الظل جيدًا.

لكن كما يبدو الآن، فالأمر لم يكن بهذه البساطة.

ملك الظل لم ينوِ تركه بسلام، بل أرسل اوز الساحرة، إحدى الحراس الاثني عشر، لتراقبه باستمرار.

ولهذا السبب، ما إن وجد يي شياو بوتشي، حتى أتى سجن الظل ليطارده.

أما إرسال مونت وأتباعه مع تجسده، فكان الغرض منه السيطرة على بوتشي وإجباره على صناعة السلاح الفائق.

وبما أن اوز علمت من خلال سحر الإغواء أن يي شياو إنسان، فقد استخدمت تقنيتها الوهمية لتتحول إلى هيئة بوتشي، وتنتظر عند الباب عودة يي شياو ومعه قشرة التنين الأسود.

وبفضل رواية بوتشي، أدرك يي شياو كل ما جرى خلف الكواليس.

فكر في نفسه: يبدو أن علاقتي مع سجن الظل ليست سطحية.

فريمي في غابة الضباب السام، وبوكس في غابة اللعنات، والآن بوتشي أمامي، كلهم من سجن الظل.

هذا الاكتشاف جعل يي شياو يبتسم بمرارة.

هل هو حسن حظه؟ أم أن نفوذ سجن الظل واسع جدًا؟

هز رأسه متنهدا.

"زززنج!"

فجأة، دوى صوت غريب من الفرن، واهتز بقوة بعد أن كان مستقرًا.

لكن بوتشي استجاب بسرعة، وبدأ يطرق بمطرقته عدة مرات متتابعة.

وفي اللحظة التالية، رأى يي شياو طاقة حمراء قوية تتدفق من جسد بوتشي، تغلف الفرن بكامله.

ثم صرخ بوتشي عاليًا، وضرب بمطرقته بقوة.

"بوووم!"

صوت مدوٍ كالرعد اهتز في المكان.

وعاد الفرن بعدها إلى هدوئه من جديد.

لكن اللهب بدا أكثر عنفًا من ذي قبل.

ومع اشتداد نار قلب الجحيم، ارتفعت حرارة المكان بسرعة مرعبة.

كتم يي شياو أنفاسه ولم يجرؤ على مقاطعته.

أما بوتشي، فبعد أن ظل يطرق ويعمل قليلًا، صار يتصبب عرقًا ووجهه شاحبًا، ومع ذلك واصل الكلام:

"أيها الصغير، أنا أعلم أنك إن حصلت على قشرة التنين الأسود، فلا بد أنك قادر على التعامل مع هؤلاء. لذا تعمدت إطالة عملية صهر هذا السلاح الفائق لأكسب وقتًا، لكن الآن حدثت مشكلة."

اتسعت عينا يي شياو قلقًا:

"ماذا؟ هل فشلت عملية الصهر؟"

حدق بوشي بعينيه:

"أنا بوتشي، الذي سيصبح أسطوريًا في فنون الحدادة! كيف يمكن أن أفشل؟!"

سأله يي شياو في حيرة:

"إذن ما الأمر؟"

هذه المرة كان صوت بوتشي أسرع من ذي قبل، ويوحي ببعض التوتر.

شعر يي شياو بانقباض داخلي وقلق لا يُفسر.

لكن بوشي فجأة ابتسم ضاحكًا:

"هاهاها! لا شيء… فقط بعض الأسف."

"هاه؟"

لم يلتفت بوتشي إلى علامات الاستفهام على وجه يي شياو، بل صار جديًا وحذره:

"أيها الصغير، حين ظهرت قبل قليل، كنت في لحظة حرجة من الصهر، لذا لم أستطع تحذيرك."

"لكن بعد أن حطمتَ تجسد النمر الأبيض(مونت) ، فإن سجن الظل سيعرف بالتأكيد. وبالنظر إلى أهمية السلاح الفائق لديهم، فأغلب الظن أنهم الآن في طريقهم إلى هنا."

سأل يي شياو بقلق:

"إذن تريد مني أن أساعدك على صدهم؟"

لكن بوشي هز رأسه:

"لا داعي لذلك، قبل أن يصلوا سأكون قد أنهيت الصهر."

وقبل أن يسأله يي شياو أكثر، أسرع بوتشي في كلامه أكثر، وكان في صوته هذه المرة بعض الإرهاق الواضح:

"أيها الصغير، اسمع جيدًا! مهما حدث بعد قليل، لا تتحرك، حتى لو حاولت نار قلب الجحيم أن تبتلعك، لا تخطُ خطوة واحدة، فهمت؟"

يي شياو ازداد حيرة من جدية كلامه.

لكن بوتشي لم يهتم إن كان فهم أم لا، بل تابع بقلق:

"وأيضًا، حين تحصل على السلاح، غادر فورًا من هنا. وإن استطعت، خذ مطرقَتي معك واذهب إلى القائد، فهو سيحميك."

يي شياو اندهش:

"يحميَني؟"

ثم رأى وجه بوتشي وقد بدأ يتلوى.

"ما الذي…"

لم يجبه بوتشي، بل صرخ فجأة، وفجأةً رأى يي شياو جسده العاري ينتفخ بسرعة.

جلده الأحمر المشتعل امتلأ بالعروق المنتفخة البارزة، وصار شكله مرعبًا للغاية.

"أيها الصغير! انظر جيدًا، هذه هي عملية الصياغة الأخيرة للحداد الأسطوري العظيم!"

بوتشي تقريبًا استجمع كل قوته، ورفع رأسه للسماء صارخًا.

وبعدها مباشرة، وتحت أنظار يي شياو المذهولة.

هوى بوتشي بمطرقته على الفرن.

في اللحظة التالية، انفجر الفرن بالكامل.

النار الجحيمية (قلب الجحيم) اندفعت بجنون وكأنها تعرضت لاستفزاز.

لكن، قبل أن تنتشر تلك النيران.

قفز جسد بوتشي بأكمله مباشرةً.

وقفز إلى داخل اللهيب.

هذا المشهد المفاجئ جعل يي شياو مذهولًا تمامًا.

وفي نفس الوقت، ومع غوص جسد بوتشي الضخم داخل النار.

تلك النيران الجحيمية وكأنها حصلت على محفز هائل، ارتفعت فجأةً مجددًا، وخلال لحظة غطت جسد بوتشي تمامًا.

لكن الغريب أن النيران التي صارت أكثر شراسة بدت وكأنها أحياء، وعلى الرغم من أنها كانت تندفع بلا توقف للخارج، إلا أنها كانت وكأن شيئًا ما يقيدها، تكبح نفسها باستمرار.

هكذا، وتحت عيني يي شياو المصدومتين.

بدأت ملامح بوتشي تختفي تدريجيًا.

والنار تحولت من اللون الأحمر إلى الأزرق، وفي النهاية أصبحت بيضاء شبه شفافة.

وفي نفس الوقت، ومن خلال تلك النار البيضاء الشفافة، ظهر ببطء ظل غريب بطول ساعد صغير تقريبًا.

يي شياو كبح صدمته، وعينيه مثبتتان على ذلك الظل أمامه.

هل هذه هي الخنجر من رتبة فائقه؟

بريق عيني يي شياو اهتز، ومع صيرورة اللهب أكثر شفافية، سرعان ما رأى الطاقة البنفسجية الداكنة المحيطة بالخنجر تقترب ببطء.

الخنجر بدا وكأنه شعر بشيء ما، فبدأ يرتجف بجنون.

لكن في مواجهة اللهيب الأبيض، لم يكن لذلك الارتجاف أي جدوى.

سرعان ما، لمست الطاقة البنفسجية الداكنة جسد الخنجر.

"ووونغ!"

مع طنين يشبه أنين تنين، رافق اللهب.

وفجأة، بدأ الخنجر كله يشع بضوء ساطع.

وبالتوازي مع ذلك، النار الشفافة تمامًا تجمعت بسرعة في تلك اللحظة.

قبل أن يتمكن يي شياو حتى من التفاعل، كانت النيران قد اندمجت بالكامل داخل الخنجر.

الورشة بأكملها غرقت في سكون غريب، وكأن الهواء المحيط قد سُحب بالكامل.

هذا المشهد الغريب جعل يي شياو يشعر ببعض الانزعاج.

لكن، لم ينسَ وصية بوتشي السابقة، فبقي ثابتًا في مكانه.

وفي تلك اللحظة.

في وسط الورشة الساكنة، انبعثت فجأةً من الخنجر هالة مرعبة غير مسبوقة.

وفي لحظة، رأى يي شياو لهبًا بنفسجيًا داكنًا يتفجر مثل سيل جارف، محملًا بهالة مرعبة تخطف الأنفاس.

سرعة ذلك اللهيب كانت رهيبة، وفي رمشة عين وصل إلى أمام يي شياو.

يي شياو كان ينوي تفاديه بشكل غريزي، لكن تذكّر وصية بوشي، فأجبر نفسه على البقاء.

لكن في نفس الوقت، فعّل على جسده عشرات الدروع الدفاعية، وأطلق أخيرًا مجال الموت.

تلك العشرات من الدروع كانت قد تعلمها من أكثر من 1500 حجر مهارة حصل عليها من عائلة تشي في قصر حاكم مدينه لي يويه.

من قبل، لم يستخدمها كثيرًا، أولًا لأن نقاط صحته ضخمة جدًا ولا يحتاجها.

وثانيًا لأنه أراد اختبار دفاعه بنفسه.

لكن الآن، في مواجهة هذا الوضع المجهول، لم يكن ليستطيع الاستهانة.

تحت عشرات الدروع، دفاع يي شياو وصل إلى أقصى حد.

ومع تأثيرات تجهيزاته المتعددة، فقد وصل معدل تقليل الضرر عنده إلى 94%، وتقليل الضرر السحري إلى 70%.

بالإضافة إلى ذلك، هذه الدروع قدمت 8930 نقطة امتصاص ضرر جسدي و6943 نقطة امتصاص ضرر سحري.

مع مثل هذه الحماية، إضافة إلى تأثير مجال الموت، يي شياو كان وجودًا يسير كالملك في أي منطقة اساسيه

شبه مستحيل أن يخسر نقطة صحه.

حتى إن خسر، فمع معدل استشفائه المخيف، فهو يساوي العدم.

لكن، عند لحظة اصطدام اللهيب البنفسجي بجسده، حدث شيء أذهله.

العشرات من الدروع التي غطت جسده، أمام ذلك اللهيب، بدت وكأنها لا وجود لها. النيران اخترقتها بدون أي عائق.

وفي لحظة، اندمجت في سطح جسده.

"فواا!"

بمجرد لمسها لجسده، اللهيب تصرف وكأنه وجد وجبة شهية، وارتجف بحماس.

لكن الغريب أن تلك النيران التي غمرت جسده لم تسبب له أي ألم.

بل بالعكس، أحس بشعور غامض لا يمكن وصفه يتدفق من داخله.

متذكرًا كلمات بوتشي.

فكر يي شياو قليلًا، ثم عض على أسنانه وبقي ثابتًا في مكانه، مراقبًا النار وتغيرات جسده بصمت.

وفي هذه اللحظة، ومع وصول آخر خيط من اللهيب.

الخنجر الذي ظل محاطًا بالنيران، تحرك أخيرًا.

تحت سحب الطاقة، اندفع فورًا إلى أمام يي شياو.

وفي اللحظة التالية، وتحت أنظاره المندهشة، الخنجر انطلق ليطعن مباشرة قلبه.

يي شياو ارتعد داخليًا، لكنه لم يتمكن من رؤية أثر الخنجر.

وفي لحظة، اخترق الخنجر قلبه بالكامل واختفى.

ومباشرة بعدها، النار المحيطة صارت أكثر نشاطًا.

يي شياو رمش بعينيه، ليجد أنه لم يحدث له شيء، ولم يشعر بأي ألم.

هذا جعله في حيرة.

لكن فجأة، لاحظ أن نقاط صحته بدأت تهبط بسرعة مرعبة.

وفي نفس الوقت، ذلك الشعور الغامض في جسده صار واضحًا جدًا مع دخول الخنجر.

وبالتدريج، ظهرت في ذهنه رسالة غريبة.

---

【امتصاص طاقة ناب التنين الغامض جارٍ……】

【قوة الامتصاص الحالية: 10%】

---

ناب التنين الغامض، يبدو أنه اسم هذا الخنجر.

لكن ما معنى "امتصاص الطاقة"؟

يي شياو شعر بالارتباك أمام هذه الرسالة المفاجئة.

لكن في اللحظة التالية، حين رأى أنه مع كل انخفاض في نقاط صحته، يزداد مؤشر قوة الامتصاص بنسبة 1%، فهم الأمر.

هل هذه إذن هي السبب وراء وصية بوتشي بعدم التحرك؟

هذا الخنجر الذي لا يعرف بعد خصائصه أو جودته، كان يمتص نقاط حياته ليقوي نفسه!

شيء كهذا، لم يُسمع به من قبل!

يي شياو لم يستطع إلا أن يشعر بصدمة عميقة من هذه القدرة الغريبة.

وبعد أن فهم ما يحدث، هدأ قلبه قليلًا، وفي الوقت نفسه، نشأ داخله شعور بالترقب.

ترقبًا لميلاد هذا الخنجر.

2025/09/09 · 201 مشاهدة · 1832 كلمة
Medo s
نادي الروايات - 2025