الفصل 236: الشيطان بين البشر، إذن اسحقه
(تنبيه الفصل يحتوي علي عنف غير مناسب للاطفال)
المشهد أمام عينيه، في نظر يي شياو، لم يكن مفاجئًا.
ظهور عالم الخلود، منذ زمن بعيد غيّر من شكل عالم البشر.
في جوهر الأمر، العائلات الثمانية الكبرى مثل لاعبين كبار في ألعاب قديمة، يعتمدون على قوتهم الجبارة، ويتصرفون كما يشاؤون بلا أي قيد.
وبهذا التأثير، أصبح التنمر على الضعفاء في الشوارع أمرًا مألوفًا لا يثير الاستغراب.
حتى أولئك البلطجية الذين حاولوا سرقة باي شياو شياو من قبل كانوا على نفس الشاكلة، ولولا أن يي شياو وقتها كان يمتلك بعض القوة، لما استطاعت باي شياو شياو الصمود حتى لحظة استيقاظها على موهبتها من الدرجة SSS.
في هذه اللحظة، ومع اقتراب تلك الفتاة حاملة الخنجر، كانت الشابة المحمية بين ذراعي أمها ترتجف من الذعر، وعيونها تبحث وسط الحشود المحيطة لعلها تجد من ينقذها.
لكن، سواء لبرود الحاضرين أو لمكانة تلك الفتاة، فإن النظرات المرتبكة سرعان ما توارت، والناس تراجعوا بضع خطوات إلى الخلف، حتى أن بعضهم تفادى النظر إليها.
هذا المشهد لم يترك سوى خيبة أمل في قلب الفتاة، مع تزايد شعورها باليأس.
من البداية وحتى النهاية، كان يي شياو يراقب بهدوء من بين الحشد. وحتى أن نظرات شوو تشينغتشينغ التقت به.
لكن، لسوء حظها، لم يكن لدى يي شياو أي نية للتدخل.
فهو لم يكن يعرف ما الذي جرى بين الطرفين.
ومن دون معرفة الصورة الكاملة، لا يصدر حكمًا.
حتى لو بدا من الظاهر أنه استقواء على الضعفاء، فمن يدري ما هي الحقيقة الكاملة؟
ثم إن مثل هذه الأمور لا يريد يي شياو التدخل فيها، ولا يستطيع أن يسيطر عليها جميعًا.
لكل شخص مصيره، إن أراد ألا يُظلم، فلا بد أن يصبح قويًا، إما بنفسه أو بالاعتماد على آخرين.
هاتان الأم وابنتها، ملامحهما جميلة، ولو وضعتا كبرياءهما جانبًا واحتمتا بقوي، لكان ذلك وسيلة لحماية أنفسهما.
لكن إن لم يكن لديهما القدرة، ومع ذلك تمسكتا بكبريائهما، فهذا ليس خطأ في نظر يي شياو.
إلا أنه في لحظة الاضطهاد، لا داعي للبكاء والتذلل، فالجميع راشدون، ومن يسلك طريقًا مليئًا بالأشواك، عليه أن يكون مستعدًا لتحمل نتائجه.
أما أن يعلقوا آمالهم على الآخرين في مثل هذه الأوقات، ففي نظر يي شياو، هذا تصرف غبي.
ومع ذلك، مقارنةً بشوو تشينغ تشينغ، فإن أمها رغم الخوف، ما زالت تحاول التماسك قائلة:
"آنسة تشاو يا، ما تفعلينه يخالف قوانين التحالف. حتى لو لم تُعاقبي لكونك من عائلة تشاو، سيظل ذلك يضر بسمعة عائلتكم.
أنا وابنتي مجرد بشر عاديين، وليس من الحكمة أن تشوهي سمعة عائلة تشاو من أجلنا. إن كنت لا تزالين غاضبة، فأنا أعتذر بدلًا من تشينغ تشينغ عن تصرفها الطائش، يمكنني أن أنحني وأقر بخطئي، فقط أرجوك دعي ابنتي وشأنها."
ثم، ومن دون انتظار موافقتها، ألقت بنفسها على الأرض وبدأت تضرب رأسها بالأرض مرارًا.
"بوم! بوم! بوم!"
في لحظة، امتلأ جبينها بجروح دامية بشعة، والدماء سرعان ما تسربت لتشكل بركة حمراء على الأرض، ومع ذلك لم تتوقف.
"أمي!"
صرخت شوو تشينغ تشينغ وهي تحاول النهوض بضعف لصد والدتها، لكن مهما حاولت، لم تستطع أن تحركها قيد أنملة.
في قلبها شعور مرير، وخلف عينيها بريق غضب مكتوم.
أما الناس من حولها، فظلوا صامتين. كأن المشهد مألوف لديهم.
في تلك اللحظة، نظرت الفتاة التي تُدعى تشاو يا إلى ما يجري بلا أي تعاطف، رافعة رأسها بتعجرف، تحدق فيهما من علٍ.
وبعد لحظة، تحدثت ببطء.
"كلامك صحيح، ليس من المنطقي أن أخاطر بسمعة عائلتي من أجل اثنتين من الرخيصات مثلكما."
رفعت والدة شوو تشينغ تشينغ رأسها فجأة، في عينيها أمل كبير، وقالت بحماس: "آنسة تشاو يا..."
لكنها لم تكمل، إذ لامس برودة حادة ذقنها.
تجمدت ملامحها، وابنتها بجانبها تغير وجهها إلى الشحوب، فيما جسد الأم صار صلبًا من الخوف.
وعندها، همست تشاو يا بصوت كالشيطان:
"لكن هناك شيء يجب أن أصححه. مدينة تيانهه هي لعائلتي تشاو، وعائلتي هنا هي السماء، وكلمتي أنا هي القانون.
حتى إن لم يكن هناك مثل هذا القانون، فما أقوله الآن يجعله قانونًا.
هل فهمتِ؟"
صمتت الأم، بينما تابعت تشاو يا بابتسامة ساخرة:
"كنت أريد فقط أن أشوه وجهك، لكن لأنك تجرأتِ على التلويح بقوانين التحالف أمامي، قررت الآن أن أمزقكما أنتما الاثنتين حتى الموت."
ثم نهضت رافعة خنجرها عاليًا.
"لا تتحركي، إن تحركتِ قيد أنملة، سأترك المزيد من الجروح على وجه ابنتك."
شوو تشينغ تشينغ نظرت إليها بذهول، والظلام غطى عينيها.
اليأس التام استبد بها.
في تلك اللحظة، الفتاة الأنيقة ذات الثياب الفاخرة التي أمامها لم تعد مجرد إنسانة، بل شيطان خالص.
والحشود المحيطة، أصابهم بعض الاضطراب الداخلي، لكن لم يجرؤ أحد على التدخل.
بل إن رفاق تشاو يا من الشباب والفتيات بدأوا يهتفون ساخرين:
"يا أر، خذي وقتك، لا تقتليها بسرعة، وإلا فلن يكون ممتعًا."
"هه! ألا تعرفون مهارة يا أر؟ أراهن أن هذه المرأة ستصمد على الأقل 20 ضربة."
"أنا أراهن على 25."
"أنتم تستخفون بقدراتها، أراهن على 30."
ضحكاتهم ترددت في الشارع، كأن الأمر كله لعبة مسلية.
أما تشاو يا، فابتسمت ابتسامة شيطانية صغيرة، ورفعت خنجرها، وأوشكت على شق وجه الأم.
فجأة.
"سووش!"
صوت خفيف انبعث فجأة.
وقبل أن يفهم أحد ما حدث، ظهر شخص طويل القامة فجأة أمام تشاو يا.
الجميع أصيبوا بالذهول.
حتى تشاو يا تجمدت من المفاجأة، ثم سرعان ما عقدت حاجبيها، وقالت بغضب:
"من هذا الأحمق الذي يجرؤ على اعتراض طريقي؟"
"صفع!"
قبل أن تكمل كلامها، شعرت بألم شديد على وجهها.
تدحرجت في الهواء وسقطت أرضًا بقوة.
"بوم!"
ارتطم جسدها الصغير بالأرض بعنف، ثم تبعه صوت كسر عظم واضح.
عندها فقط استوعب الجميع ما جرى.
"يا أر!"
"يا أر!"
أصدقاؤها الذين كانوا يضحكون هرعوا نحوها في ذعر.
أما البقية، فوقفوا مذهولين أمام ما رأوا، الدهشة تعلو وجوههم.
فهنا، هذه مدينة تيانهه.
وعائلة تشاو هي الحاكم المطلق فيها.
حقًا هناك من لا يعبأ بحياته؟
لم يقتصر الأمر على منع "تشاو يا" من الاستمرار، بل وأصابها أيضًا.
لقد تورط في مصيبة كبرى!
الجمهور المحيط، ارتعش فجأة، وأجسادهم جميعًا تراجعت لا إراديًا للخلف مرارًا.
خوفًا من أن يُجرّوا إلى هذا الأمر دون قصد.
على الجانب الآخر، "تشاو يا" التي سقطت أرضًا، كان خدها الأيسر متورمًا بشدة، بينما بقية وجهها شاحب إلى أقصى حد، وعرق بارد بحجم حبوب الفول يتدفق باستمرار من جبينها.
وعلى وجهها ملامح ألم لا يوصف.
الضربة لم تكن فقط على وجهها، بل جعلت عظام نصفها السفلي وكأنها تحطمت، حاولت أن تتحرك قليلًا، لكن الألم المبرح اجتاح جسدها كله في لحظة.
هذا الألم جعلها تسحب نفسًا باردًا لا إراديًا.
لكن في اللحظة التالية، رفعت رأسها فجأة، وحدقت بذلك الشخص الذي ظهر فجأة، وعينيها تفيض حقدًا قاتلًا.
"لماذا ما زلتم واقفين؟ أأنتم عميان؟ أريده أن يموت!!!"
كانت "تشاو يا" تصرخ بأسنانها، مستنزفة كل قوتها.
وصراخها هذا جعلها على وشك أن تفقد وعيها.
لكنها ما زالت تصمد بقوة.
لا يمكن أن تغيب عن وعيها.
منذ صغرها، لم يجرؤ أحد على معاملتها هكذا.
خصوصًا بعد أن أصبح أخوها الأكبر له مكانة في "مدينة تيانهه". أرادت أن تفعل ما تشاء، سواء داخل العائلة أو خارجها.
كل من يلقاها، أيّهم لم يكن يتودد إليها بخوف؟
في البداية، كان هناك من يجرؤ على إغضابها، لكن بعد أن ذاقوا عذابًا يفوق الموت، صار منذ زمن بعيد لا أحد يجرؤ على الإساءة إليها، فضلًا عن استفزازها.
لكن لم يخطر ببالها أن "شو تشينغ تشينغ" ظهرت منذ أيام قليلة.
واليوم، ظهر شخص غريب آخر فجأة.
النار المشتعلة في قلب "تشاو يا" لا يمكن كبحها، نظراتها صارت أشد برودًا وقسوة نحو هذا الشخص أمامها.
لقد قررت أن تستخدم أبشع الوسائل لتعذيبه حتى الموت كي تُشفي غليلها.
وبينما هي تصرخ، تجمد عدة شباب وشابات للحظة، ثم استوعبوا الموقف، وقفزوا مباشرة نحو "يي شياو".
من يرافق "تشاو يا" لا بد أن له خلفية قوية، وهم أيضًا مضى أكثر من عام على يقظتهم كمحترفين، فمستوياتهم جميعًا فوق الخمسين.
وفوق ذلك، تعودوا على التسلط والبطش برفقة "تشاو يا" في "مدينة تيانهه"، فلم يفكروا أصلًا إن كان الخصم خصمًا مناسبًا لهم.
لكن "يي شياو"، في مواجهة هؤلاء الشباب المندفعين، لم يُبدِ أي تردد.
رفع يده ولوّح، فانطلقت كرات نارية متتابعة.
في لحظة، تجمدت أجساد هؤلاء الشباب الذين كانوا في كامل حيويتهم.
مع مرور نسمة خفيفة، تحولت أجسادهم المتفحمة إلى غبار متناثر غطى الأرض.
سكون!
الشارع المزدحم منذ لحظة، غرق تمامًا في الصمت.
الجمهور المحيط، وهم يرون هذا المشهد المرعب، حتى أنفاسهم نسوها.
كلهم جمدوا، وأعينهم تحدق بذلك الرجل الشامخ أمامهم، وعقولهم تعطلت عن التفكير.
لم تمض سوى ثانيتين، حتى شق صرخة رعب حادة السماء.
"آااااااه!!!"
ارتجف الجميع، وأداروا رؤوسهم نحو الصوت.
فإذا بهم يرون "تشاو يا" التي كانت قبل قليل باردة النظرات وهي تصرخ، الآن وجهها مشوه بالخوف والرعب.
مع أن المشهد دموي، لكنه مقارنة بوسائل "تشاو يا" المعتادة، لا يُعتبر شيئًا.
لكن المشهد المزلزل الذي حصل الآن، جعل قدميها تبردان، وجسدها يرتعش.
في النهاية، هي تملك وسائل عديدة، لكنها دائمًا تستعملها على الآخرين.
أما الآن، فجأة يظهر شخص غريب، ويستعمل نفس الوسائل على من حولها، فكيف لا تخاف؟ كيف لا ترتعب؟
لكن بعد صراخها، تذكرت فجأة، وبدأت تصرخ بجنون:
"لا تقترب! أنا "تشاو يا" من عائلة "تشاو"! لو جرحتني فلن تخرج من هنا حيًا."
وكأنها شعرت أن هذا غير كافٍ، فأسرعت تضيف:
"أخي هو "تشاو هو"، وهو أكثر من يحبني، لو جرحتني فسوف يقتلك بيده. لن يقتلَك فقط، بل سيقتل عائلتك كلها، وأقاربك وأصدقاءك، أي شخص له علاقة بك سيموت!"
ومع نهاية كلماتها، صار وجهها جنونيًا، وكلامها غير مترابط.
لكن "يي شياو" لم يعرها أي اهتمام.
التفت أولًا نحو الأم وابنتها خلفه، فوجدهما تحدقان به بذهول، فهز رأسه.
ثم أعاد بصره نحو "تشاو يا".
في الحقيقة، لم يكن ينوي التدخل منذ البداية.
لكن وهو يغادر، سمع اسم "تشاو يا"، فقرر التدخل.
لم يتوقع أن يصل إلى "مدينة تيانهه"، ويقابل أحد أفراد "عائلة تشاو".
ومن كلماتها القصيرة، أدرك أن هذه الفتاة مجرد شخص مدلل بلا حدود.
بل وحتى من منظورها، فإن البشر العاديين في الاتحاد لا يختلفون عن الكلاب والقطط في الخارج، مجرد أدوات للذبح والإهانة.
هذه الفكرة لم تأت من فراغ، بل من تربية طويلة المدى.
ومن هذا الاستنتاج، يمكن القول أن كبار عائلة "تشاو" ينظرون للعامة بنفس الطريقة.
لكن هذا ليس مهمًا.
هو جاء لهدف واحد: إبادة عائلة "تشاو".
وهذه الفتاة تبدو ذات مكانة في العائلة، لذا أمسك بها ليسألها عن بعض المعلومات.
لكن قبل أن يتكلم، هدأت "تشاو يا" فجأة، وبدأت تهدده ببرود مليء بالقتل:
"لو لمستني اليوم، فأعلم أن عائلتي جلبت أربعين مقاتلًا من المستوى التاسع. أي واحد منهم قادر على تدميرك تمامًا."
"ليس هذا فقط، معظم أبناء "تشاو" الآن في "مدينة تيانهه". لا تفكر بالهرب. أنصحك أن تركع أمامي الآن وتطلب غفراني، ربما أجعل موتك أهون قليلًا."
"وهاتان الحقيرتان، اجعلاهما تركعان أيضًا، وإلا فسأدع رجالي يعرونهما في الشارع ويعذبونهما حتى الموت!!!"
ارتجف جسد "شو تشينغ تشينغ" وابنتها بلا سيطرة.
لكن "يي شياو" لم يهتم بتهديداتها.
أن يكون مصيرك بيد شخص آخر، وما زلت تتكلم بوقاحة، فهذا غباء نتج عن حياة مدللة.
ومع ذلك، اعترافها المباشر وفّر عليه جهد الكلام.
تقدم وأمسك برأس "تشاو يا".
فجأة صار وجهها شرسًا.
"كيف تجرؤ أن تلمس رأسي؟ تبحث عن الموت! سأجعلك—"
"كرااك!"
صوت واضح دوّى.
لكن في آذان الجميع كان كأنه صرخة شيطان يخرج من الجحيم، جعل أجسادهم تقشعر.
رأوا بأعينهم رأس "تشاو يا" يُنتزع حيًا، ومعه فقرة من عمودها الفقري الأبيض.
ووجهها صار مليئًا بالألم والالتواء.
الأشد رعبًا، أن رأسها بعد فصله لم يمت فورًا.
رآها الجميع تحاول أن تتكلم، لكن لم يخرج سوى صوت "هاه! هاه!" متقطع.
مع أن "يي شياو" لا يدعي أنه إنسان صالح، ولم ينوِ التدخل أصلًا.
لكن بما أنه التقى هذا "الشيطان في ثوب إنسان"، فلا مانع أن ينهي أمره.
وبالطبع، لا يليق بالشيطان أن يموت بسهولة.
فشدّ قبضته قليلًا.
وفي لحظة، رأس "تشاو يا" انفجر كالكرة.
هذا هو المصير الذي يستحقه الشيطان!