الفصل 261: الهجوم المضاد! قوة ليست سيئة

الظهور المفاجئ ليي ينغ جعل وجوه أكثر من عشرين من كبار المحاربين في المستوى التاسع، الذين كانوا أصلاً في حالة من الذعر، تتغير كلياً.

من المفترض أن هؤلاء جميعهم من أقوى مقاتلي عالم الخلود، معروفون منذ زمن بعيد، وقد تعودوا على مواجهة الكوارث دون أن تتغير ملامحهم.

لكن ما حدث اليوم فاق ما واجهوه طوال عشرات السنين، بل كان أكثر صدمة من أي شيء سابق.

أولاً، تسعة من كبار عائلة “زو”، الذين لم يكن أحد يسمع عنهم، أظهروا قوة لا تقهر، رغم أن الجميع اكتشف لاحقاً أنهم استخدموا فناً محرماً يستهلك حياتهم ثمناً له.

لكن ما إن انتهوا من تلك المشكلة حتى ظهر بينهم خائن!

والأسوأ أن هذا الخائن، “يان فَي”، قتل عدداً منهم بسهولة مروعة، ضربة واحدة لكل منهم.

تلك القوة جعلت الجميع يشعرون بالرعب القاتل.

ولم يكدوا يتعافون من صدمة “يان فَي”، حتى ظهر أمامهم الهدف النهائي لحملتهم هذه — “يي ينغ”، من دون أي صوت أو أثر مسبق.

في تلك اللحظة، وقف “يِي شياو” أمام الجميع، ونظر إلى الأسفل.

رأى في عيني “زو يي” ومن خلفه وجوه رفاقه نظرات الحزن واليأس.

نظر أيضاً إلى الأرض المليئة بالدمار، ثم إلى الجسد الملقى غير بعيد عنهم.

كان يعرف ذلك الجسد — إنه أحد شيوخ عائلة زو، وجَدّ “زو يي”.

عندها، أصبحت نظرات “يِي شياو” أكثر عمقاً وغموضاً.

لقد سمع الضوضاء في الخارج، فجاء فوراً، رغم أنه كان في حالة تحول ملكي، ولم يكن يعلم ما الذي جرى.

لكن من المشهد أمامه، لم يحتج إلى من يخبره بما حدث.

غير أنه لم يفهم شيئاً واحداً: لماذا هؤلاء جميعاً واقفون في أماكنهم دون حركة؟

في الجهة الأخرى، نظر “ويي مِنغ شوان” إلى “يي ينغ” وتبدلت ملامحه مراراً.

منذ أن علموا بوجوده حتى لحظة وصولهم، لم تمر سوى نصف ساعة تقريباً، رغم بعض العقبات البسيطة.

فلماذا؟

لماذا انتهى تحوّله الملكي بهذه السرعة؟ أقل من نصف ساعة؟!

تغيّر لون وجه “ويي مِنغ شوان” بين الشك واليقين، ثم لمعت فكرة في ذهنه:

يي ينغ... فشل!

نعم! فالتحول الملكي الذي حدث له سابقاً كان عظيماً جداً، لا يمكن أن ينتهي بهذه السرعة أبداً.

إذن التفسير الوحيد هو أن “يِي شياو” فشل في التحول.

وقد حدثت حالات فشل في التحول عبر التاريخ، و”ويي مِنغ شوان” يعرف جيداً عواقبها.

حين فكر في ذلك، ارتسمت على وجهه ابتسامة خفيفة.

قال بصوت مرتفع:

"أيها السادة! يي ينغ ظهر بعد أقل من نصف ساعة! تحوّله الملكي فشل! وحتى في أفضل الأحوال، سيهبط مستوى خصائصه بمقدار 20%! إنه الآن يتظاهر فقط بالقوة!"

كان واثقاً من فشل التحول، وشعر بأن حملاً ثقيلاً سقط عن صدره.

لكن لم ينس أن خلفه يقف “يان فَي” يراقبه عن قرب.

فقد أظهر “يان فَي” قوة قاتلة بثلاث ضربات فقط، جعلته يشعر بالخوف الحقيقي.

غير أنه أدار عينيه إلى “يان فَي” وقال بنبرة محسوبة:

"يان فَي، قلت إن يي ينغ سيهاجمنا، وأنك لن تتدخل، أليس كذلك؟"

ابتسم “يان فَي” ابتسامة باردة، ونظر إليه بهدوء.

كان يعرف تماماً ما يدور في ذهنه، وقال ببطء:

"لا تتعب نفسك بخطط ضدي. إن نجوت من يد يي ينغ، فلن أهاجمك."

تلألأت عينا “ويي مِنغ شوان” وقال بسرعة:

"أتقول هذا حقاً؟"

رد “يان فَي” بازدراء:

"لو أردت قتلكم، لفعلت ذلك بسهولة. لست بحاجة إلى الثرثرة."

ظهر الغضب في عيني “ويي مِنغ شوان”.

منذ صغره كان موضع تقدير الجميع، وبعد أن أصبح من كبار المستوى التاسع، لم يجرؤ أحد على مخاطبته بهذه الطريقة.

لكنه كبح غضبه، لأنه يدرك أن الموقف لا يسمح بالمواجهة الآن، وقد حصل على ما أراد.

أما أسباب خيانة “يان فَي” وقوته الغريبة، فسيُحقق فيها لاحقاً.

في نظره، “يان فَي” مجرد رجل ميت يسير بخطواته الأخيرة، فلا داعي لأن يلوث كرامته بالجدال معه.

وبينما كان يفكر، بدأت بقية المحاربين الذين كانوا مصدومين يتجاوبون مع كلماته، ومع حواره مع “يان فَي”.

فانفجر أحدهم ضاحكاً:

"هاها! من الواضح أنك تقلل من فشله. 20% انخفاض؟ هذا في فشل التحول من الدرجة الأولى فقط! أما تحوله فكان من الدرجة الرابعة!"

وأضاف آخر:

"تحول من الدرجة الرابعة؟ إذن فشله يعني انخفاضاً في جميع خصائصه بنسبة 80%! أي أنه أصبح نكرة تماماً!"

قال ثالث بسخرية:

"كنا قلقين منه سابقاً بلا داعٍ. حتى لو لم نهاجمه، فهو لم يعد يشكل أي خطر على عشائرنا الثمانية."

ضحك آخر وقال:

"هكذ يي ينغ نفاية ! أيٌّ منا يستطيع سحقه بسهولة. بالغنا كثيراً في تقديره."

ثم تابع أحدهم بنبرة تهكم:

"حسناً، من يريد تولي أمره؟"

عندها خرج رجل ذو شعر أبيض من بين الصفوف، ممسكاً بخنجر قصير، وعلى وجهه ابتسامة شريرة.

قلب الخنجر في يده بلا مبالاة وقال ببرود:

"دعوني أتعامل معه. لا أطيق رؤية ساحر يحمل خنجراً. يبدو منظره مقرفاً."

لم يعترض أحد. بل سخر بعضهم:

"تشي لينغ، لا تقل لي أنك طمعت في سلاح هذا الضعيف؟"

ضحك آخر:

"هاها، يا تشي لينغ، وأنت أحد أفضل ثلاثة قتلة في التحالف، هل حقاً تطمع في خنجره؟ حسناً، إن قتلته، سأهديك بعض الخناجر الأسطورية بدلاً منه."

ابتسم “تشي لينغ” باحتقار:

"احتفظ بخردتك لنفسك. الأسطورية عندي نفاية."

ضحك الجميع، مرتاحين ومستهزئين.

أما “يِي شياو”، فاستمع إلى كلامهم جميعاً، وتبدلت ملامحه قليلاً.

ومن حديثهم، أدرك تقريباً ما حدث.

ثم نظر إلى “يان فَي” بتأمل، متسائلاً في نفسه:

لماذا يساعدني هذا الرجل؟

لكنه لم يسأل بصوت عالٍ.

فقد أنهى “تشي لينغ” سخريته، وقرر التحرك دون تأخير.

قلب خنجره بمهارة، وانطلق كالسهم نحو “يِي شياو”.

وقال بصوت عالٍ أثناء اندفاعه:

"يا فتى، من أجلك أرسلنا العشائر الثمانية ستةً وثلاثين من أقوى المحاربين! موتك اليوم شرف لك!"

وفي لحظة، وصل أمام “يِي شياو”، وأطلق من خنجره طاقة حمراء حارقة.

كانت حركة مفاجئة ماكرة، يصعب على أي خصم عادي أن يتفاداها.

رأى “تشي لينغ” أن “يِي شياو” لم يتحرك، فازدادت ابتسامته شراسة.

وفي عينيه نظرة من يرى جثة حية قبل أن تسقط.

كان واثقاً تماماً من ضربته.

فلم ينجُ أحد منها من قبل، حتى من بين كبار المحاربين في المستوى التاسع.

لكن "يِي شياو" لم يتحرك... وكأنه لم يرَ الهجوم أصلاً.

في تلك اللحظة، تنفس "تشي لينغ" الصعداء بعد أن كتم غضبه طويلاً، وأخيراً أفرغه في ضربته هذه.

عاد وجهه يملؤه الكبرياء، ووقف شامخاً بهالة المقاتل القوي من الطبقة التاسعة العليا.

أما أولئك الواقفون خلفه من النخبة نفسها، فقد كانوا يعرفون "تشي لينغ" جيداً، ويعلمون مدى رعب تقنيته القاتلة.

ابتسموا جميعاً، والارتياح بادٍ على وجوههم.

وفي اللحظة نفسها، خطرت في أذهان الجميع فكرة واحدة متشابهة:

"أخيراً... انتهى الأمر!"

وفجأة—

💥 "بوووم!"

شق الخنجر القصير صدر "يِي شياو" مباشرة، وانفجرت منه طاقة حمراء مرعبة، تحولت في لحظة إلى عمود ضخم من اللهب القرمزي، ابتلع جسده بالكامل.

ارتفع العمود بطاقة هائلة إلى السماء، وشق الغيوم كما لو أنه يخترقها بسيف أحمر من نار.

ابتسم "تشي لينغ" بارتياح، وارتفعت ضحكات الذين خلفه.

قال "ويي مِنغ شوان" بصوت عالٍ وبكل ثقة:

"رائع! هذه ضربة لهيب التنين الخفي! حتى أنا لو أصابتني لما صمدت أمامها! فما بالك بهذا الساحر الذي فشل في تحوله الملكي؟ حتى لو كانت قوته خارقة من قبل، اليوم هو ميّت لا محالة!"

ضحك آخر قائلاً:

"هاها! ألاحظ أن لهيب التنين الخفي صار أقوى من قبل! يبدو أن تقنيته بلغت ذروتها!"

وأضاف ثالث بسخرية:

"مهارة أسطورية بالفعل! هذا الرجل قدراته الأخرى عادية، لكن بفضل هذه الضربة الواحدة فقط، صار أحد أقوى ثلاثة قتلة في عالم الخلود، بل الثاني بينهم! أحياناً لا يسعني إلا أن أغبط حظه!"

وتابع آخر:

"هاها، أن يموت يي ينغ بضربة مشهورة كهذه، هذا شرف كبير له!"

وانفجر الجميع ضاحكين، يتحدثون واحداً تلو الآخر بثقة واستعلاء.

أما داخل قصر المدينة، فقد كان "زو يي" ورفاقه متجمدين في أماكنهم، وجوههم مشدوهة تماماً.

منذ لحظة ظهور "يِي شياو" وحتى هجوم "تشي لينغ"، لم تمر سوى دقيقة واحدة بالكاد.

لكن في تلك الدقيقة، كانت كافية لتحطم آمالهم.

حين ظهر "يِي شياو" فجأة، امتلأ قلب "زو يي" بالفرح والرهبة،

لكنه لم يكد يُظهر ذلك الفرح حتى رأى خصمه يطعن سيده بتلك القوة المهولة.

كان "زو يي" أقوى من معظم الموجودين هناك، لذا شعر أكثر من غيره بمدى رعب الطاقة في ذلك العمود الأحمر.

لم يحتج أن يُصيبَه العمود نفسه ليدرك فداحة قوته — يكفي أن تلمس أطرافه لتمزقه إرباً!

فهي ضربة أطلقها أحد أقوى المقاتلين في الطبقة التاسعة.

كان يؤمن بقوة "يِي شياو"، لكنه سمع ما قاله "ويي مِنغ شوان" قبل قليل.

وإن كان ما قاله صحيحاً — أي أن التحول الملكي لـ"يِي شياو" قد فشل —

فكيف يمكنه أن يتحمل تلك الضربة؟

بل حتى إن نجا، فهل يستطيع مواجهة أكثر من عشرين من أقوى المقاتلين حوله؟

اجتمعت على وجه "زو يي" مشاعر القلق واليأس، حتى لم يعد أحد يعرف بماذا يشعر.

في الجهة الأخرى، كانت "زو وان" و"زو لينغ" تحدقان بذهول نحو عمود اللهب الأحمر، والقلق يملأ أعينهما.

لكن بينما كان القلق يخنق قلوب الحلفاء، وكان "ويي مِنغ شوان" ومن معه يتبادلون الضحكات...

حدث ما لم يتوقعه أحد!

العمود الأحمر — الذي ظل يتصاعد بعنف نحو السماء —

توقف فجأة!

كل الطاقة داخله تجمّدت تماماً، كما لو أن الزمن توقف.

سادت الدهشة بين الجميع،

حتى "تشي لينغ" نفسه، الذي كانت عيناه تتوهجان بالدهشة والريبة.

"ما الذي يحدث؟!"

لقد استخدم "لهيب التنين الخفي" آلاف المرات،

لكن لم يحدث هذا قط.

تجمّدت الطاقة... تماماً.

وفي اللحظة التالية —

اهتز العمود فجأة!

لكن بدل أن يتبدد، ازداد عنفاً واشتعل أكثر من قبل!

تراجع "تشي لينغ" خطوة إلى الخلف، ملامحه مشدودة من الصدمة.

كان يشعر أن الطاقة داخل العمود أقوى مما أطلقها هو نفسه!

"مستحيل!" — صرخ في ذهنه.

فهو يعرف تماماً حدود قوته.

لكن ما شعر به الآن تجاوزها بكثير.

وبينما هو يحدق في المشهد غير مصدق،

بدأ العمود الأحمر يتقلص بسرعة جنونية!

في غمضة عين، انكمش ذاك العمود الضخم إلى كرة طاقة صغيرة!

اتسعت عينا "تشي لينغ" في رعب، لم يفهم ما يحدث.

لكن قبل أن يحاول استيعاب الموقف... وقعت الكارثة.

ظهر "يِي شياو" مجدداً من داخل تلك الطاقة!

بلا أي إصابة، واقفاً شامخاً!

ثم رأى الجميع — بأعينهم —

كيف امتص جسده كرة الطاقة الحمراء بسهولة، كما لو كانت جزءاً منه!

"هذا... هذا مستحيل!"

لم يكد "تشي لينغ" يفكر حتى بدأت عينا "يِي شياو" تتوهجان بضوء أحمر قاتم مألوف جداً بالنسبة له.

الوهج ذاته... والحرارة ذاتها...

"هذا... لهيب التنين الخفي؟!"

كانت آخر فكرة تمر في ذهن "تشي لينغ" قبل أن ينقطع وعيه تماماً.

لم يفهم أبداً ما الذي حدث... ولن يفهمه إلى الأبد.

فبين أنظار عشرات المحاربين،

انفجر جسد "تشي لينغ" بضوء أحمر ساطع!

ثم تحطم في لحظة إلى غبار دقيق،

تبعثر مع دفق من الدماء القانية، وسقط على الأرض كالأمطار.

> "تشي لينغ... مات!"

ساد الصمت التام.

وفي المكان الذي وقف فيه قبل قليل،

ظهر "يِي شياو" واقفاً، شامخاً، لا خدش في جسده.

كانت في يده سكينه السوداء الطويلة "ناب التنين الغامض"،

تتوهج بوميض أحمر خافت، مطابق تماماً للطاقة التي أطلقها "تشي لينغ" قبل موته.

لو كان "تشي لينغ" حياً، لعرف فوراً أن تلك الطاقة... كانت ضربته هو!

لكن لم يعد هناك من يدرك ذلك.

اختفت الابتسامات من وجوه الجميع، وتيبست ملامحهم في رعب لا يوصف.

رفع "يِي شياو" نظره إليهم وقال بهدوء قاتل:

"قوة ليست سيئة... لقد فاجأتني قليلاً."

كانت كلماته مثل نصل جليدي يخترق السكون.

وساد صمت مطبق في سماء مدينة "لي يويه".

حتى صوت قطرات الدم المتساقطة من سلاحه كان مسموعاً بوضوح.

ثم قال مجدداً بصوت منخفض عميق:

"والآن... جاء دوركم."

في اللحظة التي أنهى فيها كلماته، تحرك!

واهتزت الغيوم فوق المدينة بعنف شديد،

وانتشر اضطراب طاقي هائل كأن السماء والأرض نفسها خضعت له.

وفي تلك اللحظة...

خبا الضوء في العالم، وعمّ الظلام من جديد.

2025/10/08 · 28 مشاهدة · 1796 كلمة
Medo s
نادي الروايات - 2025