المقدمة

أنا شخص بدين مشرد وعاطل عن العمل، أبلغ من العمر 34 عاما.

إضافة إلى بدانتي، أنا قبيح المظهر لكني طيب.

إن كان هناك ما أنا ناد ٌم عليه فهي حياتي التي عشتها.

في الواقع لم أكن هكذا قبل ثالث ساعات

كنت انطوائيًا، لم يغادر غرفته لمدة عام.

تغير حالي بعد أن فارق والد ّي الحياة في غفلة.

بالطبع لم أحضر العزاء وال أي اجتماع عائلي ولك أن تعرف السبب.

لهذا طردت من المنزل

بت أضرب جدران الغرفة وأتخبط باألرض كالمجنون.

ثم شرعت في ممارسة عادتي السرية.

ودون سابق إنذار اقتحم أشقائي الغرفة مرتدين لباس الحداد وانهلوا علي يتوعدونني بقطع عالقتهم بي.

لكني لم أعط الأمر أدنى اهتمام وتجاهلتهم ببرود.

ثارت حفيظة أخي الصغير وبدأ يلوّح بمضربٍ خشبي قبل أن يحطّم جهاز الحاسب.

جهاز الحاسب الذي أفنيت عمري في تجميعه وبنائه، فلذة كبدي!

اندفعت عليه بجنون لكن أخي الكبير وقف في طريقي وأبرحني ضربًا.

أجهشت في البكاء طبًعا وتوسلت إليهم بكل مهانة لكن بال جدوى.

سحبوني قسًرا وألقوا بي في الشارع قبل أن أجمع أغراضي.

استجمعت قواي محاوًال النهوض واأللم يصقع صدري؛ على األرجح أضلع مكسورة.

بدأت أجول الطرقات مترنّ ًحا وشتائم إخواني الجارحة ما زالت عالقة في ذهني.

اجتاح فؤادي أل ٌم فظيع وأنا أستذكر تلك اللحظات.

لماذا حدث هذا لي؟ أين أخطأت؟

تساءلت في نفسي "ماذا سأفعل اآلن؟"

الجواب معروف، سأعثر على وظيفة في مكان ما وأشتري بعض الطعام.

لكن كيف؟ فأنا ال أعرف كيف أحصل على وظيفة.

بالطبع سمعت عن "ديوان الخدمة المدنية" لكني ال أعرف أين موقعهم بعد اعتكاف في المنزل دام عشر سنوات! ]

ناهيك أ حك للوظيفة فقط

حينئ ٍذ سأحتاج إلى كتابة سيرة ذاتية والذهاب إلى جهة العمل ويليها المقابلة، ثم أقابلهم بثيابي الرثة المتسخة بالدم والعرق.

محا ٌل أن أتوظف! لو كنت في محلهم لن أوظف شخ ًصا مثلي، ربما أشفق عليه لا أكثر.

أهناك محالت تبيع أوراق السيرة الذاتية؟ محالت قرطاسية؟ أو متاجر؟

ربما أجدها في المتاجر لكني لا أحمل مالا

إن افترضنا أنه حالفني الحظ وتمكنت من استعارة النقود من مؤسسة مالية، واشتريت ثيابًا جديدة، وأوراق سيرة ذاتية، وبعض األدوات القرطاسية، ثم ماذا؟

وثيقة السيرة الذاتية ال تُقبل دون عنوان إقامة!

انتهى أمري.

في هذه اللحظة أيقنت أن حياتي انتهت.

..... هاه.

بدأ المطر في الهطول.

آه صحيح، نحن في أواخر الصيف؛ فترة انخفاض درجات الحرارة وبرودة الجو.

تساقطت قطرات المطر الباردة على ثيابي البالية التي لبستها لسنوات عديدة سارق ًة حرارة جسمي

..... آخ لو كان باستطاعتي البدء من جديد.

لم أستطع كتمان حسرتي فأنا لم أولد بهذا االنحطاط. أنا االبن الثالث من عائلة غنية، لدي أخوان أكبران وأخت كبرى وأخ أصغر، يمكنكم القول إني رابع خمسة. في صغري أو على وجه التحديد في المرحلة االبتدائية، كنت أفوق سني ذكاًء. ألصدقكم القول، لم أكن األفضل في الدراسة إنما بار ٌع فيما عدا ذلك من الرياضات وغيرها. صرت مركز اهتمام الفصل ذات مرة. أما في المرحلة اإلعدادية، انضممت إلى نادي الحاسب اآللي وشاركت في المجالت وجمعت المال الكافي لبناء جهاز حاسب. ئا في البرمجة. كنت األذكى من بين جميع أفراد عائلتي الذين ال يفقهون شيً

نقطة التحول في حياتي كانت في المرحلة الثانوية.... لا ، بل في السنة الثالثة من المرحلة اإلعدادية.

كنت مشغولا في ذلك الوقت بإصالح جهاز الحاسب وأهملت دراستي.

برأيي ، هنا بدأ كل شيء.

اعتقدت حينها أن التعليم لا طائل منه وال توجد له قيمة تطبيقية في الحياة.

في نهاية المطاف، دخلت مدرسة ثانوية تافهة تعد الأسوأ في المحافظة لكني لم أكترث لألمر بتّة.

كنت أقول لنفسي إنّي قادٌر على النجاح ريثما شئت وإني مختل ٌف عن بقية الحمقى أو هكذا اعتقدت

ما زلت أذكر تلك الحادثة كوضوح الشمس.

بينما كنت أنتظر في طابور المقصف لشراء طعام الغداء، لاحظت شخصا يتجاوز الصف. لم أتمالك نفسي وتفوهت ببعض العبارات التهكمية؛ قد يرجع هذا لعزة نفسي وغرورها. لسوء الحظ ذلك الشخص كان سينباي وثاني أخطر طالب في المدرسة. لكم وجهي حتى تورم وأبرحني ضربًا ثم خلع مالبسي وقيدني عند باب المدرسة وأنا مكشوف العورة. ثم التقط العديد من الصور ونشرها في أرجاء المدرسة. أصبحت أضحوكة المدرسة في غضون لحظات وحصلت على العديد من األلقاب من بينها "الفتى األغلف" ]2 ] توقفت عن الذهاب للمدرسة واعتكفت في الغرفة لشهر كامل. حاول أبي وإخواني تشجيعي بشتى الطرق دون فائدة. لست المخطئ ولكني جنيت على نفسي. من المحال أن يعود شخص بكامل قواه العقلية إلى المدرسة لو حدث معه الأمر ذاته، مستحيل تماما. راودني شعور أن جميع زمالئي وأقراني ينظرون إلى صوري ويسخرون مني. وآل بي الأمر إلى الإنغلاق على نفسي واستئناس الوحدة.

صار جهاز الحاسب هو مالذي الوحيد، فلم أكن بحاجة للخروج ما دام اإلنترنت موجودا.

عند إبحاري في العالم االفتراضي كسبت اهتمامات عديدة وبضع هوايات كتركيب المج ّسمات البالستيكية وتلوينها، وإنشاء المدونات. لم تبخل عل ّي والدتي بدعم هواياتي ماديًا كلما طلبت منها النقود.

لكن سرعان ما سئمت منها قبل أن يحول عليها الحول.

فقدت عزيمتي كلما رأيت شخ ًصا أمهر مني فإنجازاتي وضيعة مقارنة بهم.

كنت أظن أني إنسان فارغ لا يسعه فعل شيء فتقوقعت نفسي في غرفتي المظلمة.

لكن الحقيقة خالف ذلك.

على األقل، كان بمقدوري أن أصبح مؤلف مانجا وأرسم المانجات السخيفة أو أصبح كاتب روايات وأنشر مؤلفاتي.

العديد من الأشخاص فعلوا شيئا من هذا القبيل وهم في مثل ظروفي. ً

كنت أسخر من هؤلاء الناس و أحط من قدرهم و أستحقر أعمالهم بصفتي محنك و ناقد أعمال رغم خلو حياتي من الإنجاز

أريد العودة

أود الرجوع أليام ا لمدرسة االبتدائية لو كان هذا ممكًنا فقد عشت فيها أجمل لحظات حياتي

أود الرجوع لأيام المدرسة الإعدادية... لا

لو أني رجعت عاما أو عامين...

حتى وإن كانت مدة قصيرة ألفعل بها شيئا من أجل نفسي...

وإن أخفقت وتعثرت في منتصف الطريق، سأعاود النهوض من جديد مهما حصل...

سأبلغ النجاح حتما لو سخرت كامل جهدي.

لماذا لم أفعل شيئا حتى الأن

كنت أملك الوقت الوفير، ما دمت أمام حاسبي فباستطاعتي فعل الكثير حتى وإن لم أغادر غرفتي.

إن لم يكن بمقدوري بلوغ القمة فبوسعي بلوغ النجاح على األقل.

لو بذلت كامل جهدي لحققت بعض اإلنجازات سواء كانت في المانجا أو الروايات أو األلعاب أو حتى البرمجة، بصرف النظر عن إمكانية استغاللها ماديًا......

آه.. ال فائدة. لن ينفعني الندم

لو عاد بي الزمن إلى الوراء فسأتعثر من جديد وأستسلم على الفور ألني لم أجتهد من قبل.

سبب فشلي هو عدم قدرتي على تخطي الصعاب التي يفترض على اإلنسان الطبيعي تخطيها.

"هاه؟"

ما هذه األصوات التي أسمعها؟

أسمع أشخا ًصا يتشاجرون في هذا المطر الغزير.

حاولت تجاهل مصدر اإلزعاج، ال أريد التورط فيما ال يخصني... لكن اعتراني الفضول.

".... كل هذا بسببك أنت!"

"أنت السبب! ...."

عند اقترابي من مصدر الأصوات، رأيت ثالثة من طالب الثانوية يتشاجرون.

فتاة وشابان يرتدون الزي المدرسي الشبيه بزي البحارة.

يبدو أنه خناق حب أو حرب حاريم ثارت بينهم.

الشاب الطويل يتشاجر مع الفتاة بينما اآلخر يحاول تهدئتهما دون جدوى.

تذكرت أيام اإلعدادية وصديقة طفولتي التي كانت نو ًعا ما جميلة. يمكن تقدير جمالها بمستوى 4 أو ربما 5 . شعرها قصير ومظهرها ملفت لألنظار بمقدار 3 من بين 10 أشخاص. واألهم من ذلك هي عضوة في نادي الجري!

آنذاك أصابني هوس حول أنيمي معين متعلق برياضة الجري وارتبط نادي الجري في ذهني بتسريحة ذيل الحصان لذا كانت فتاة قبيحة في نظري.

منزلها قريب من منزلي وتشاركنا الفصل ذاته في المرحلة االبتدائية وأحيانًا كنا نعود من المدرسة مما

سنح لي العديد من الفرص للتحدث معها وأحيانًا أخرى كنا نتشاجر.

أمٌر مؤسف حقا أن تضيع هذه الفرصة، ف في وضعي الحالي مجرد سماع كلمات مثل "إعدادية"، و"صديقة طفولة"، و"نادي جري" كفي ٌل بجعلي أستمني ثالث مرات.

آه صحيح، سمعت عن طريق الصدفة أن صديقة الطفولة تزوجت قبل سبع سنوات.

عالقتي بها لم تكن سيئة فقد كنا نتحدث معا دون تحفظ منذ الصغر، كانت عالقة خالية من الحب. لكن لو أني درست بجد آنئذ وبذلت جهدي والتحقت بنفس مدرستها الثانوية لزادت فرصي معها، ومن المحتمل أن تواعدني إن تقدمت لها... كان من الممكن أن نتغزل ونتخاصم مثل هؤالء الثالثة، أو ربما نتداعب في فصل خال بعد انتهاء الدوام المدرسي.

بعد إمعان النظر، هؤلاء الثالثة يعيشون في نعيم! ُسحًقا لهم.... هاه؟

فجأة أدركت شيئا في تلك اللحظة

رأيت شاحنة منطلقة نحو الثالثة بسرعة هائلة وسائق الشاحنة نائم على المقود، ولم ينتبه أحد منهم إلى الخطر المقبل.

"خ - خـ- خـ - خطر!!"

صيحة خافتة مبحوحة غطّ على صوتها هطالن المطر. هذا كل ما استطعت إخراجه من هذا الجسد المتهالك.

لا عجب! بالكاد استخدمت أحبالي الصوتية طوال السنوات العشرة الماضية.

قلت في قرارة نفسي أن علي إنقاذهم وفي الوقت ذاته تساءلت لماذا؟

كنت على يقين إن لم أحرّك ساكًنا فسأندم بعد خمس ثوا ٍن، بل سيأكلني الندم لو راقبت الشاحنة تدهسهم.

سأندم حتما إ ذا لم أنقذهم. ..

فكرت أني سأموت بسبب الجوع في كل الأحوال لذلك أريد أن أختم حياتي البائسة بفعلة ُمرضية.

لا أريد أن أشعر بالندم حتى النهاية.

--- ركضت نحوهم وتعثرت.

قدماي لم تألفا الحركة منذ عشر سنوات.

أضالعي المتكسرة توجعني بشدة في كل خطوة أخطوها.

تمنيت ألول مرة في حياتي لو أني أكثرت من التمارين وتناولت المزيد من الكالسيوم.

ألم فظيع، ألم ينخر كامل جسدي ويعيق حركتي ومع ذلك استمريت في الركض..

ركضت وكأن الجحيم خلفي.

انتبه الشاب الطويل إلى الشاحنة المسرعة وحضن الفتاة أما الأخر فاعترته الصدمة من تصرف صاحبه

المفاجئ ولم يلحظ الشاحنة خلفه؛ أمسكت ياقة قميصه دون تردد وسحبته بكل ما أوتيت من قوة وسقط

الفتى على جانب الطريق بعيدا عن مسار الشاحنة.

جيد. تبقى اثنان.

ما إن قلت هذا إلا و الشاحنة أمامي كنت أخطط لسحب إثنين إلى بر الإمان لكني إندفعت إلى الأمام لا إراديا عندما سحبت الأول والعجب في هذا؛ كتلة لحم مندفعة بوزن يفوق 100 كجم وساقين هزيلين لا يمكنها التوقف فجأة

شعرت بوميض ينبعث من خلفي فور ارتطامي بالشاحنة.

أهذا ما يسمونه بشريط الذكريات الذي يحضر المرء قبل موته؟

لم أستطع مشاهدة شيء البتّة.

مرّ الشريط بسرعة خاطفة.

لحظة، أحياتي فارغة؟

قذفتني الشاحنة بعيدا ولصقت بحائط اسمنتي شديد الصالبة.

انسحق جسدي وتطاير الدم من فمي.

تشنجت رئتاي الفارغتان من الهواء بسبب الركض العنيف.

لم أستطع نبس كلمة لكني لم أمت بعد.

على الأرجح كتل الدهون المتراكمة في جسمي أنقذتني.....

ثم ظهرت الشاحنة أمامي فجأة...

وانسحق جسدي مثل طماطم مهروسة بين الشاحنة والحائط.

المترجم : DEAD END

2022/08/03 · 208 مشاهدة · 1610 كلمة
dead end
نادي الروايات - 2025