وقف جوناثان في الغابة وحيدا, كان متوترا وخائفا جدا مما سمعه, من يكون صاحب ذلك الصوت المرعب ؟!
-أنا القرين الموكل بوجهك القبيح هل تدرك بشاعة مهمتي؟ أنت بكل غلائل نفسك وقبائح تفاصيلك… أنام معك وأصحو, أنت لا تتخيل أبدا أيها الجرذ صعوبة مهمتي!!
قفز جوناثان من الخوف وسقط على الأرض لا يعلم مايفعل, كان نفس الصوت الذي سمعه من قبل ماذا عليه أن يفعل؟! هل يهرب أم يبقى في مكانه؟ إن بقي سيموت و إن هرب فقد يتبعه الصوت أينما حل وارتحل…
وضع يديه على رأسه خائفا مرتجفا, حاول أن يتجاهل الصوت لكنه لم يستطع أبدا!!
-أنظر إلى أقرب مخلوق أمامك في هذه اللحظة.. أنظر له جيدا واشعر فقط بأنك قد أوكلت به لبقية حياتك.. تمشي معه, تأكل معه, تصحو معه, و تنام معه… شيء مريع أليس كذلك؟! إعلم أيها القرد أنني أنا السيد فوق رأسك.. أنا الزعيم, أنا من تحكم بك طوال هذه السنوات الماضية.. ربما تساءلت عن كيفية وصولك لهنا.. كيف لجرذ صغير بلا هدف ولا طموح, أمضى حياته في الغابة كيف أصبح من أكبر الباحثين في التاريخ المصري دون أن يحبه يوما.. هه الحب؟ يالها من كلمة حقيرة تستعملونها أنتم البشر.. تريد أن تعرفني.. لك ذلك أيها الجرذ.. إستعد فقد لا تتحمل هول المشهد الذي ستراه…
أحس جوناثان كأنه قد انتقل عبر آلة غريبة.. شعور غريب كانت الريح تداعب شعره الفضي وعيناه المغلقتان تزيدان من جمال و سينيمائية المنظر.. وفجأة توقف ذلك الشعور.. فتح عينيه فوجد نفسه في قاعة كبيرة بيضاء..
-أنظر أيها البشري.. أنت الآن في عالمي قبل 3000 سنة قبل الميلاد.. هنا في هذه الغرفة حدث ما غير العالم للأبد..في هذا اليوم قررت الإنتقام من أخي.. دعني أشرح لك.. قبل 24 ألف سنة قبل الميلاد أصبح جدنا الأكبر رع إله و حاكما للعالم.. بعد موته قسمت قوته على تسعة أشخاص من ذريته وهم : أتوم إله الشمس وهو الأقوى بيننا, شو إله الهواء, جب إله الأرض, نوت إلهة السماء , حورس إله العدالة, إيزيس إلهة الحياة, أوزوريس إله العالم السفلي, تفنوت إلهة النار, أنا أنوبي إله الموت و الظلام... بعد مرور سنوات عديدة أصبح أوزوريس الحاكم الأوحد لعالمنا, كان كل يوم يزداد قوة وسلطة, كان ينحدر نحو القاع و الظلام...
-وهل هذا مادفعك لمحاولة قتله؟ قال جوناثان وهو ينظر لوجه أنوبي بخوف ورهبة شدية...
-هاهاها.. هل ذلك ما اخبروكم به؟ حقا.. التاريخ يكتبه المنتصر... لم أحاول قتله بل حاولت إنقاذ العالم من وحش يدعى أوزوريس, وحش كل مايهمه هو السلطة والمال, لدرجة دفعته لإعلان نفسه إلها على البشر, كل مافعلته أنني فقط.. واجهته , أخبرته بأن يعود كما كان ويبتعد عن تلك الأفكار الشيطانية, لكنه لم يصغي بل و نفاني إلى العالم السفلي... وهناك أمضيت سنوات وسنوات في العذاب, كل يوم كان علي حمل أحجار ضخمة الواحدة بوزن جبل كان علي حملها إلى القمة , وبمجرد انتهائي منها, تسقط وتسقط معها أحلامي بالتحرر والحرية.. أمضيت سنوات عديدة تغيرت فيها طباعي وشخصيتي إلى أن جاء ذلك اليوم... بمجرد خروجي من السجن توجهت لقصره وهناك أمام الجميع طعنته بسيفي في قلبه... شعرت بالحرارة و الحماس في شراييني.. لقد انتقمت.. حسنا في الحقيقة لم أقتله, بل أصبته في قلبه, لكنه جمع قواه وضربني بقوة جعلتني أرمى خارج أسوار القصر.. وهناك قبض علي و جعلني احاكم في محكمة الأموات...
يتبع.. ..