منذ طفولتي، كان والدي يقول: "ريو كوجين يرمز إلى القوة، لذا عليك أن تسخّر قوتك لمساعدة المحتاجين عندما تستطيع، وسوف تحصل على مكافأة من السماء." كان والدي بطلًا وقدوة، لذلك كنت أرغب في أن أكون مثله. أردت مساعدة المحتاجين. ولكن عندما كنت في أمس الحاجة، رحل أبي في حادث سيارة. لم أجد شخصًا يساعدني، حتى أمي تخلت عني ورحلت مع حبيبها بعد وفاة أبي، وتركتني في أصعب لحظة في حياتي.
أذكر ذلك اليوم جيدًا عندما أخذت أمي كل أغراضها وركبت سيارة فخمة. حاولت إيقافها، حاولت التمسك بها حتى لا تتخلى عني، لكنها دفعتني بعيدًا ونظرت إليّ ببرود وتحدثت قائلة: "ابتعد عني، لا أريد أن أعيش هذه الحياة بعد الآن، وانسَ أنني كنت يومًا أمك."
لم أستطع تصديق ذلك. اختنقت ولم أتمكن من الكلام، فقط بكيت. بينما كانت تسير مبتعدة، تابعت القول: "يقولون إن اسمك يرمز إلى القوة، وإن عليك مساعدة المحتاجين، لكن ما فائدة هذا إذا لم يكن لديك مال؟! رجل أحمق."
سخرت مني ومن والدي. ربما لم يكن لدينا مال، لكن لا أحد يستطيع السخرية من والدي. لكن ماذا كان بإمكاني أن أفعل؟ لم يكن لدي الجرأة أو القوة للرد على كلماتها. ركبت أمي السيارة وانطلقت، وركضت خلفها، لكنني لم أستطع اللحاق بها. كنت مجرد طفل يبلغ من العمر ثماني سنوات. كل ما استطعت فعله هو السقوط والبكاء.
تعهدت أن أصبح غنيًا وأريها أنني قادر على تحقيق أكثر مما تتخيل. لكن حياتي كان لها رأي آخر. فقدت منزلنا بسبب ديون والدي وطمع أعمامي. لم يقبل أحد توظيف طفل، لذلك ركزت على الدراسة. ولكن رغم كل الجهود، لم أكن ذكيًا، ورغم العمل الجاد نجحت وأصبحت من المتفوقين.
مع تقدمي في العمر، كان المال المتبقي من التأمين والحساب البنكي ينفد، لذلك اضطررت للعمل بدوام جزئي في متجر قريب. لكني لم أنسَ كلمات والدي عن مساعدة المحتاجين، لكن لم أحصل أبدًا على مكافأة من السماء. لذلك اعتقدت أن السماء ستكافئني في النهاية.
عندما نجحت في المدرسة الإعدادية، حصلت على منحة دراسية في واحدة من أفضل الأكاديميات في المدينة. ظننت أنها المكافأة من السماء، رغم أن الأكاديمية كانت للفتيات فقط حتى أصبحت مختلطة قبل عام. كان كل شيء بخير في الأكاديمية، حصلت على أصدقاء ودرست بجد.
لكن كل شيء تغير في يوم من الأيام. كنت عائدًا من عملي، وصادفت مجموعة من المتحرشين يتحرشون بفتاة. تعرفت عليها، كانت طالبة في الأكاديمية، تكبرني بسنة. كانت واحدة من أجمل الفتيات في الأكاديمية. تدخلت لمساعدتها، لكن أحد المتحرشين كان يحمل سكينًا، وطعنني.
عندما اعتقدت أن كل شيء انتهى، حدث شيء غيّر حياتي بشكل جذري. اكتشفت أن الفتاة التي حاولت مساعدتها كانت شيطانية، وأعادت تجسدي بسبب لطفها، أو هذا ما زعمته. كان اسمها رياس جريموري، وريثة عشيرة جريموري. وهكذا أصبحت جزءًا من فريق رياس، لكني كنت مجرد إنسان عادي، بدون موهبة سحرية أو عتاد مقدس، على عكس باقي الفريق.
رغم ذلك، لم أستسلم. تدربت بجد لأصبح أقوى، حتى لو لم أتمكن من الوصول إلى مستواهم، على الأقل لأتمكن من حماية نفسي ومساعدتهم. بصراحة، وقعت في حب رياس. من لا يحب جمالها؟ أردت أن أصبح أقوى لأستحق أن أكون بجانبها.
لكن الحياة كانت لها رأي آخر. لم أتقدم خطوة واحدة، ولم أفهم لماذا. رغم أنني عملت بجد، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا. ظهر شخص يحمل عتادًا مقدسًا، أكبر منحرف في أكاديمية كوه: إيسي هيودو. ورغم أنه منحرف، إلا أن رياس أرادته بشدة. حتى أنها استعانت بالملائكة الساقطة لقتله وإعادته للحياة كشيطان. ومنحهما قدرًا كبيرًا من الاهتمام، مما جعلني أشعر بالغيرة والغضب.
أصبحت أنظر إلى رياس بشكل مختلف. أنا إنسان متّ وتحولت إلى شيطان، وتقبلت العالم الخارق. ومع ذلك، لم أستطع التوقف عن حبها، لكن كان دائمًا إيسي هو محور الاهتمام بسبب قدراته الخاصة كحامل عتاد التنين الإمبراطور الأحمر، وهو أحد العتاد المقدس الذي يمكنه حتى قتل الحكام.
في ضوح مدينة كوه، في مصنع مهجور، كان يمكن سماع صرخات.
"آآآآآآآآ!"
في الداخل، كان هناك ثلاثة مخلوقات بشعة تقف وتنظر إلى فتى مقيد بسلاسل، ملابسه ممزقة وجسده كله مليء بالدماء. كان هذا ريو كوجين، يتعرض للتعذيب من قبل شياطين ضالة.
كيف انتهى به المطاف هنا؟ قبل يوم، في نهاية يوم السبت، كان يقوم بنشر منشورات استدعاء، ولكنه تعرض لهجوم من شيطان ضال. وبما أنه كان ضعيفًا، خسر بسرعة، وبدلاً من أن يقتله الشيطان، قام بخطفه وإحضاره إلى هنا لتعذيبه هو ورفاقه.
رغم محاولاته للمقاومة، استمر الشياطين الثلاثة في تعذيبه. حاول ريو تهديدهم بأنه تابع لرياس غريموري، لكنهم سخروا منه قائلين: "كيف يمكن لشيطان ضعيف مثلك أن يكون تابعًا لرياس غريموري؟"
قال أحد الشياطين: "ههه، أيها الفتى، هل ترى؟ لم يأتِ أحد لإنقاذك."
لم يجب ريو، فركله الشيطان في بطنه، مما جعله يتقيأ دماءً، لكنه ظل صامتًا.
"يبدو أن روحه انهارت من كثرة التعذيب."
"معك حق، لقد مر يومان وهو يتعرض للتعذيب لدرجة أن الأمر أصبح مملاً."
"هل نقتله؟"
"لا، سوف يموت وحده، وسنأكله."
في هذا الوقت، كان ريو في فضاء روحي، مقيدًا بعمود، وكل شيء حوله كان أبيضًا. تساءل ريو بصوت خافت: "هل حقًا تم التخلي عني مرة أخرى؟" كان هذا السؤال الوحيد الذي يشغل عقله. لقد مر يومان، ألم يلاحظ أحد غيابه؟ هل هو غير مهم لهذه الدرجة؟ ألم تقل رياس إن جميع أتباعها هم جزء من عائلتها؟ كيف يمكن لأحد أن يتخلى عن عائلته؟
فجأة، سمع ريو صوتًا: "نعم، يمكن لأحد أن يتخلى عن عائلته. ألم تفعل أمك ذلك؟"
رفع ريو رأسه ليرى شخصًا يشبهه. قال ريو: "من أنت؟"
"أرى أنك لست خائفًا مني."
"هل يحتاج من سيموت أن يخاف؟"
"هذا منطقي."
"أنت لم تجب على سؤالي. من أنت؟"
"أنا أنت."
ريو: "يبدو أنني أهلوس قبل الموت."
"لا، أنا أنت. أو بالأحرى، أنا جانبك المظلم."
"جانبي المظلم؟"
"نعم، أنا تجسيد كل مشاعرك المظلمة، كالكراهية، الحزن، اليأس، الغيرة، والرغبة في الانتقام. أما كيف أصبحت هكذا؟ فهذا بسبب قطعة البيدق التي استخدمتها تلك العاهرة لتجسيدك كالشيطان. أنا الشيطان فيك."
ضحك ريو بخفة: "ههه..."
"لماذا تضحك؟"
"لأن وصفك لها مناسب."
"نعم، هي مجرد عاهرة. هل أنت حزين لأن تلك العاهرة لم تنقذك؟ في الأصل، لم تكن تهتم بحشرة مثلك. لو لم تتدخل وتحاول التصرف كبطل، لما وصلت إلى هذا الحال."
"حقًا، وصف مناسب لها ولي. لو لم أتدخل، لما تعرضت للتعذيب. كنت أعتقد أن أبي بطل، وأردت أن أكون مثله عندما أنقذ أمي بشجاعة."
"هاه؟ هل تعتقد أنك مميز؟ ولماذا تنادي تلك المرأة بأمك؟ ألم تكرهها حتى النخاع؟"
"لطالما قال أبي إن مساعدة المحتاجين ستكافأ من السماء."
"لكن السماء تخلت عنك."
صمت ريو، غير قادر على الرد.
"انظر، أنت ستموت وستصبح طعامًا لهذه الوحوش. ولن يهتم أحد، لا أمك ولا رياس. لن يبكي أحد من أجلك. هل هذا ما تريده؟ هل هذا ما كان يريده والدك؟"
صرخ ريو بغضب: "اصمت أيها اللعين!"
امتلأت عينا ريو بالكراهية.
"لماذا أصمت بينما أنت من يجب أن يصمت؟ أنت لم تقبل حقيقتك. دائمًا ما تخدع نفسك. اقبل حقيقتك وأظهر نفسك. اجعل الجميع يدركون من أنت."
"حتى لو اضطررت لتقديم روحي للشيطان، سأنجو!"
أصبحت عيون ريو مليئة بالكراهية، وصوته يعكس قوة ورغبة لا تنتهي.
"لا تحتاج إلى بيع روحك، فأنت بالفعل شيطان."
"ماذا أفعل؟"
"اقبلني. اقبل ظلامك. دع الجميع يغرقون في ظلام أبدي."
"أنا مستعد لقبول حقيقتي. سأنجو، وسأحطم وأقتل كل من يقف في طريقي. سأصبح الأقوى."
"هذا ما أريده."
بدأ الشيطان في التفكك والاندماج مع ريو. أغلق ريو عينيه بينما بدأت الشظايا تندمج معه. تحول شعره إلى الأبيض، وتحولت المساحة الروحية إلى بحر من الدماء. فتح ريو عينيه، وكانت حمراء كالدماء.
في العالم الخارجي، كان الشياطين الثلاثة يستعدون للرحيل لإحضار ضحية جديدة. فجأة، شعروا بهالة مرعبة خلفهم. نظروا إلى الوراء ليجدوا أن ريو قد حطم السلاسل.
____
ما رايك في فصل