كان ريو ينظر إلى رياس ونبلائها بعينين خاليتين من أي مشاعر، وجهه كان متجمداً وبارداً تمامًا. فجأة، اندفعت رياس نحوه، واحتضنته بقوة وهي تبكي بحرقة.
"من الجيد أنك استيقظت... لا يمكنك أن تتخيل كم كنت خائفة عندما وجدتك في ذلك المصنع المهجور. لقد كنت أظن أنك قد تموت، وكل ما حدث لك كان بسببي... أنا آسفة جدًا، ريو."
لكن ريو لم يتحرك، ولم يرد. نظر إليها بطرف عينه فقط، وكأن الكلمات لم تصل إلى قلبه.
اقترب كل من أكينو، كيبا، كونيكو، وآيسي.
أكينو قالت بابتسامة مرتعشة: "من الجيد أنك بخير، ريو-كون."
كيبا أضاف: "نعم، من جيد أنك استيقظت، ريو-سان."
حتى كونيكو، التي عادة ما تكون باردة المشاعر، ابتسمت قليلًا وقالت: "سعيدة أنك بخير."
ثم أتى دور آيسي، الذي بدا عليه القلق: "ريو-سان، هل تعرف كم كانت رياس سنباي تشعر بالخوف؟ الطبيب قال إنها كانت تخشى أن تبقى في غيبوبة للأبد."
لكن داخليًا، كان ريو يغلي. صوت في رأسه يصرخ: "اقتلهم! هم السبب في كل ما حدث لك!"
أمسك ريو رأسه، والألم ينبض في عقله، وفجأة، انهار على الأرض.
رياس صرخت في ذعر: "ريو! هل أنت بخير؟! استيقظ! كيبا، اذهب وأحضر الطبيب بسرعة!"
هرع كيبا خارجًا، بينما أمسك أكينو وكونيكو وآيسي بريو الذي سقط على الأرض فاقدًا للوعي. بعد دقائق، عاد كيبا مع الطبيب والممرضة. تقدم الطبيب نحو ريو، وبدأ بفحصه.
"من فضلكم، أخرجوا الآن"، قال الطبيب بهدوء.
خرج الجميع إلى الممر خارج الغرفة، حيث بدأت رياس بالبكاء مجددًا.
"كل هذا بسببي... لم أكن أعير ريو الاهتمام الذي يستحقه. كنت أنانية للغاية. كل ما يحدث له بسبب أخطائي."
حاولت أكينو تهدئتها، بينما كان كيبا غاضبًا، يلكم الجدار بقبضته.
"اللعنة! لو كنت أقوى... لو كنت قد ذهبت للبحث عنه بنفسي، لما حدث هذا!"
بعد ساعة، خرج الطبيب والممرضة. تجمع الجميع حوله بلهفة.
"هل هو بخير؟"، سألت رياس بصوت مرتجف.
"نعم، إنه بخير. الإغماء كان نتيجة للألم النفسي والبدني الذي تعرض له. لكن حالته مستقرة الآن."
تنفس الجميع الصعداء عند سماع ذلك.
ثم أضاف الطبيب: "ولكن... ريو يعاني من صدمة نفسية عميقة، وقد يستغرق بعض الوقت حتى يعود كما كان. لكن هناك خبر سار، قوته الجسدية ازدادت بشكل ملحوظ، ويبدو أنه اكتسب قدرة على الشفاء بسرعة."
قالت رياس بعزم: "لا بأس، سنقف بجانبه ونعمل معًا لمساعدته على التعافي، أليس كذلك يا رفاق؟"
"نعم!" أجاب الجميع بصوت واحد.
ثم سألت رياس: "هل يمكننا الدخول لرؤيته؟"
أجاب الطبيب: "آسف، لكنه يحتاج إلى الراحة الآن."
في غرفة كان ريو كان جالسًا على السرير، غارقًا في أفكاره حول الأحداث التي مرت به. "من تكون؟" تساءل بصوت داخلي غامض. "لقد قال إنه جانبي المظلم، لكنه ذكر حادث السيارة الذي أودى بحياة أبي..."
كان صوتًا يصدح في رأسه، وصدى حديثه ما زال يتردد في أعماق ذهنه. بينما استرجع القتال الأخير ضد الشياطين الثلاثة الضالة، شعر بالغثيان عندما تذكر كيف تحول إلى وحش بعد أن استسلم للظلام، وتذكر اللحظة المرعبة عندما أكل أجزاء من تلك الشياطين.
لكن مع كل تلك الكوابيس، لاحظ ريو شيئًا مختلفًا في جسده. قوته زادت بشكل ملحوظ، وكذلك طاقته الشيطانية التي كانت تفيض داخله، وحواسه أصبحت أكثر حدة من ذي قبل. نظر إلى يده، وتذكر اللحظة التي تحولت فيها أظافره إلى مخالب حادة.
بدأت عروقه تنتفخ، ونمت أظافره بسرعة إلى مخالب سوداء حادة، طول كل منها يصل إلى خمسة سنتيمترات. "يبدو أنني أصبحت أقوى... ربما يمكنني الآن أن أقارن نفسي بشيطان من رتبة متوسطة، لكنني ما زلت بحاجة إلى خبرة في القتال."
وفي تلك اللحظة، لاحظ ثلاث كرات شفافة تطفو أمامه. "ما هذا؟" تساءل ريو. أمسك بإحداها وأمعن النظر فيها، لتتسع عيناه بدهشة. كانت هذه إحدى أرواح الشياطين الضالة التي هزمها. بسرعة، أمسك بالكرتين المتبقيتين، وتأكد أن جميعها أرواح لتلك الشياطين.
ارتبك ريو وسأل نفسه بصوت مسموع: "ما معنى هذا؟" حاول البحث عن إجابة في ذاكرته، وتذكر الشيطان الذي تحدث إليه، لكنه لم يجد تفسيرًا. وفجأة، خطر بباله شيء قديم كان قد قرأه عندما كان طفلًا، قصة عن مستحضر الأرواح. "هل يمكنني تحويل هذه الأرواح إلى وحوش مستدعاة؟"
وقف ريو بسرعة، أغلق الباب والنوافذ حرصًا على ألا يراه أحد، ثم وضع الأرواح في منتصف الغرفة. "لكن كيف أستدعيهم؟ أذكر أنه يجب أن تكون هناك دائرة سحرية للاستدعاء." وقف في منتصف الغرفة وهو يفكر مليًا، قبل أن يخطر له: "هل يمكنني إرسال طاقتي الشيطانية؟"
رفع ريو يده وبدأ بإرسال طاقته الشيطانية إلى الكرات التي بدأت تتحول تدريجيًا إلى اللون الأسود الداكن. "انهضوا!" نطق ريو بهذه الكلمة بطريقة غرائزية، لكنها خرجت من فمه باردة، متسلطة، وكأنها أمر لا يمكن عصيانه.
انطلقت هالة مظلمة كثيفة من الكرات الثلاث، وبدأت تتشكل من جديد. كانت أشعة من الضوء المظلم القوي تتلاشى بينما تظهر أمامه ثلاثة فرسان يرتدون دروعًا سوداء لامعة، تحمل أشكالًا غريبة ومخيفة. كانت عيونهم مشتعلة بنيران أرجوانية داكنة، وأيديهم تمسك بسيوف طويلة ومهيبة. ركع الفرسان الثلاثة أمام ريو، الذي كان يلهث بسبب استنزاف طاقته الشيطانية.
لكن رغم الإرهاق، لم يستطع ريو إخفاء ابتسامته الصغيرة.
ريو أخذ نفساً عميقاً ووقف ينظر إلى الفرسان الثلاثة الذين استدعاهم. كان يبتسم بشغف، حيث خطرت له فكرة مجنونة: صنع جيش من الأموات الأحياء. ابتسم بقوة، لدرجة أن أسنانه بدت مثل وحش، وانطلقت منه هالة مظلمة بقوة.
استجمع ريو أفكاره المجنونة، وتذكر أن استدعاء الأرواح قد يسبب له مشاكل، ليس لأنه قد يُقتل، ولكن لأنه إذا شعر العالم الخارق بأنه يمثل تهديداً لهم، فقد يتحدون لقمعه. أو قد تتدخل عشيرة "جريموري" وملك الشياطين لقتله إذا شعروا أن رياس لم تعد تسيطر عليه. قد يتمكن من الهروب، لكن سيصبح شيطاناً ضالاً ولن يستطيع النمو. كما أن كل كيان خارق سيطلب رأسه. قد يتمكن من قتل ذوي الرتب المتوسطة أو السفلية، لكن ماذا عن الرتب العليا والنهايات؟
ريو: "أفضل شيء الآن هو عدم إظهار العداء تجاه رياس حتى أمتلك قوة تعادل رتبة عليا. كما يجب أن أخفي حقيقة أنني أستطيع استدعاء الموتى."
وجه ريو نظره إلى الفرسان الثلاثة وبدأ في دراستهم.
بعد ساعة، اكتشف ريو قدراتهم. كانوا جميعاً من عنصر الظلام، يتمتعون بصلابة قوية، ويُعتبرون خالدين طالما أن ريو حي ولديه طاقة شيطانية. حتى لو قُتلوا، فإنهم سيعودون للحياة. كانوا يستعملون عنصر الظلام، لكن أحد الفرسان امتلك اللهب الأسود، كما احتفظوا ببعض خصائص الشياطين. كانوا مرتبطين بريو ولديهم ولاء مطلق له، ولا يتذكرون شيئاً من حياتهم السابقة. كل ما يعرفونه هو أن ريو سيدهم المطلق، وأوامره لا تُناقش.
ريو: "اختبئوا في ظلي وأخفوا طاقتكم. لا تتحركوا إلا بأمري."
تحول الفرسان إلى ظلام ودخلوا في ظل ريو.
ريو: "عندما أصبح أقوى، سأتخلص من قيود قطعة البيدق وأظهر لهذا العالم جيش الظلام."
كانت عيون ريو الحمراء تلمع مثل شمس حمراء.
في نفس الوقت، في معبد أسكارد، في أعماق جزء مظلم من المعبد، ظهرت صورة على جدار لوح، كانت لعرش عظيم على جبل من الجثث، يجلس عليه شخص يرتدي درعاً أسود. أسفل العرش، كان هناك جيش.
شعر الجميع في المعبد بقوة عظيمة تنبعث من أعماقه، واتجه كبار الكهنة نحو مصدر هذه الهالة المرعبة. عندما وصلوا، ركع جميع الكهنة تحت ضغط شديد لدرجة أنهم لم يستطيعوا رفع رؤوسهم.
"ما هذا الضغط المرعب؟" قال أحدهم.
"لا أعرف، ولكن ظهور نبؤة على الجدار في هذا المكان العميق يجب أن يشير إلى أن صاحب النبؤة قوي جداً."
بينما كان الكهنة يتحدثون، سُمع صوت خطوات.
"إذا كان هذا الضغط مجرد نبؤة، فهذا يعني أن العالم على وشك التغيير."
كان الصوت لرجل عجوز يرتدي رقعة عين. كان هذا أحد أقوى الحاكمين، أودين.
تقدم أودين وأطلق ضغطاً لمواجهة الضغط المنبعث من الجدار. رفع الكهنة رؤوسهم، لكنهم ظلوا راكعين أمام أودين.
اقترب أودين من الجدار وبدأ في التحقيق في النبؤة.
أودين: "هذا العرش... أين رأيته من قبل؟"
استخدم أودين عينه لمعرفة أين رأى هذا العرش.
أودين: "مستحيل، هذا عرش سيد الظلام، أحد حكام القديمة."
صُدم الجميع عند سماع اسم "حكام القديمة ". كيف لا؟ فحكام القديمة كانوا أول الحكام، لكنهم اختفوا منذ زمن بعيد، ومن قوتهم تشكل الحكام الجدد.
رايك في فصل