ستونهارت


في مكان ما في متاهة "ستون-إيڤ" الضخمة أطلقت الذئاب عواءا متناغما قل ما تعلق في الهواء.كان ذلك نذير شؤم.

رفع "ماكون ستونهارت" رأسه معتدلا و هو يطرف بشدة بعد أن غط في نوم عميق متوسدا كتابا دون عليه تاريخ العائلة.

كان قد قضى الليل كله في القراءة لكن هذا ليس شيئا جديدا عليه فبجانب حبه للقراءة لم يكن ماكون من هواة النوم.

شعر بالإرتباك و سرت قشعريرة في كامل جسده و تصلبت قدماه، ألقى نظرة على الصفحة التي توقف عندها ؛ ... «لينجليت ستونهارت إبن اللورد باستيان و الليدي جيدنا تريكستار توفي بشكل غامض عن عمر يناهز الرابعة و العشرين و اختفى مرافقه في ظروف غامضة و المدعو "سير أوس.. »

و قبل أن يكمل ماكون القراءة عوت الذئاب من جديد فأغلق الغلاف الجلدي الثقيل على الكتاب الذي كان يقرأه و حجب تثاؤبه بظهر يده و راقب نور المشكاة الذي كان يرتعش بينما تسرب نور الفجر من النوافذ العالية.

دلك قدميه ليبعث فيهما شيئا من الحياة و عرج من مكانه معيدا المجلد الضخم إلى مكانه بكل حرص فلا أحد يريد أن يكون أحمقا بما يكفي لدرجة أن يتسبب في إتلاف المجلد الذي يحوي تاريخ العائلة.

نزل على السلالم الحجرية شديدة الإنحدار التي تلولبت حول برج المكتبة الحجري الرمادي و ملأ رأتيه بهواء الصباح البارد المنعش و حملق في الجدران ذات الأحجار الرمادية.

بنيت "ستون-إيڤ" من هذه الأحجارة القاسية الصلبة و تشكلت من أسوار و أبراج و ساحات و أنفاق و متاهات و في الأجزاء الأقدم من القلعة كانت الغرف و القاعات مائلة و دافئة حيث أن مياه الينابيع الساخنة قد تغلغلت بين الحجارة الرمادية في جدرانها .

لم يكن ضوء الشمس قد بلغ أسوار القلعة بعد لكن الرجال كانو قد بدأوا ممارسة عملهم بالفعل و قد أحدثوا جلبة .

سقط ظل على وجهه فالتفت ليجد تابع والده الشخصي يرتفع أمامه كالجرف ، السير "ميرين فوت" . كان درعه الرمادي يلتمع بينما يتحرك و يصدر أصواتا رنانة و قد خفض مقدمة خوذته مخفيا وجهه المتزمت .

هز ماكون رأسه بلا اكتراث و راح يمشي مبتعدا مخرجا صفيرا من بين شفتيه فيما تبعته أصوات الدرع ، توقف فتوقفت ثم خطى مجددا بضع خطوات لتنطلق متتبعة إياه من جديد ثم توقف مرة أخرى و استدار على عقبيه ليجد الرجل ينظر إليه فسأله بلهجة آمرة :

- ( هل أضعت شيئا يا سير فوت ؟ )

أجاب السير ميرين بحاجبين معقودين و قد تطلع بنظراته عبر مقدمة خوذته المفتوحة :

- ( والدك اللورد يأمر بحضورك فورا . )

قال ماكون :

- ( في وسعه الإنتظار ، أفضل أن أتناول فطوري أولا . )

و التفت مكملا طريقه لكن أصوات الدرع استمرت في تتبعه . فتح فمه ليقول :

- ( أعتقد أنني أخبرتك ... )

و قاطعه السير ميرين :

- ( لا وقت لهذا .. إنه أمر طارئ يتعلق بالملك . )

إتسعت عينا ماكون الرماديتان بلون حجارة القلعة و غمغم قائلا :

- ( الآن أصبح الأمر مثيرا للإهتمام . )

و اندفع يتبع الفارس المدرع .


في القاعة الكبيرة في أحد الأبراج الغربية الضخمة جلس اللورد "ريفز ستونهارت" سيد قلعة "ستون-إيڤ" على مقعده الطويل من الخشب الأسود المدعم بمعدن مصقول عند مفاصله ، نحت ظهره على شكل سيفين متقاطعين و كانت راية العائلة معلقة على الجدار فوق رأسه تماما «سيفان رماديان متقاطعان و خلفيتهما صُوِّر برج قلعة رمادي اللون .

كان اللورد ريفز رجلا مسنا ناهز السبعين من عمره ، شعره رمادي قاتم كالفحم لم يختلط به شيب قط لكن الصلع قد وطأ رأسه ، عيناه رماديتان مميزتان للعائلة و بشرته بيضاء شاحبة أصابه العجز و صار قليل النشاط عرف عنه أنه سريع الغضب حاد الأسلوب فظ اللسان .

إندفع الفارس المعدني و الفتى الشاب من خلفه من مدخل القاعة و حنا رأسه احتراما بينما لم يبدو على ماكون أنه يهتم بإبداء الإحترام لوالده .

قال السير ميرين فوت بوقار :

- ( إبنك هنا يا سيدي اللورد . )

ضيق الرجل العجوز عينيه و قال :

- ( هل نسيت فروض الطاعة و الإحترام أيها الإبن العاق ؟ )

أجاب ماكون من غير اكتراث و بلهجة مستهترة :

- ( أبتِ !! )

ثم حنى رأسه و تابع قائلا :

- ( هل طلبت خدمة تابعك الوفي و ابنك المخلص ؟ )

لمس اللورد ستونهارت الإستخفاف في كلام إبنه الوحيد و قال بغيظ :

- ( وفر كلامك الفارغ هذا لنفسك أنا لست في حاجة إليه . )

- ( حسنا ! )
قال ماكون و رفع رأسه و زم شفتيه .

- ( كان عليك أن تحضر لزيارتي كالمعتاد أم أنك أصبحت لوردا الآن و لم تعد في حاجة إلى استعطافي ! )

- ( تماما ! )
أجاب ماكون مختصرا الإجابة فلم تكن تلك الزيارات ودودة على أية حال .

- ( إذن أنت تتجول هنا و هناك و تعتبر أنك نلت إسم والدك و صرت لورد القلعة المقبل ! )

أجاب ماكون باستخفاف متواصل :

- ( يبدو أنه يوم التخمينات الصائبة بالنسبة لك أقترح أن تجرب هذا مع أشخاص آخرين . )


- ( هل طلبت رأيك ؟ أنت لست لورد القلعة بعد ، ليس قبل أن أموت ، هل أبدو لك ميتا ؟ لن أسمع منك توجيهات . )

- ( كما تأمر حضرتك . )

غمغم الفتى الشاب و فكر في أن إهانات والده لم تعد تأثر كالسابق .

و بالحديث عن هذا ماكون ستونهارت ذو الخامسة عشر عاما هو الإبن الوحيد ل اللورد ريفز و لطالما عرف ب "ماكون ستون" لأنه ابن غير شرعي «نغل» أنجبه والده من امرأة مجهولة بعد وفاة زوجته التي يقال أنها كانت عاقرا لا تنجب ما دفعها للانتحار قفزا من إحدى الأبراج.

ماكون فتى هزيل ورث عيني والده الرمادية و شعره كذلك و بشرته البيضاء الشاحبة لكنه كان دائما محبا للهدوء و القراءة و معروفا بحسن أسلوبه عكس اللورد العجوز و رغم كونه مجرد فتى فقد عانى من معاملة سيئة خصوصا من والده الذي عامله بسوء بالغ و لما شعر أنه سيودع هذا العالم عما قريب قرر أخيرا الإعترف بنغله كإبن له أمام الآلهة و البشر و أعطاه إسمه كاملا و أصبح وصيا على حكم معقل العائلة ؛ "ستون-إيڤ" و خليفة له لكنه لم ينل ذلك إلا بعد جهد مضن في استعطاف والده و محاولة نيل رضاه . أما الآن فبعد أن أصبح ينال حقوقه كاملة كابن شرعي معترف به لم يعد يهتم برضا والده عنه بتاتا و يمكن وصف علاقتهما بعلاقة القط و الفأر .

حاول أن يتحلى بجرأته المعتادة و قال سائلا
-و إن لم يجدها- :

- ( لماذا أنا هنا ؟ )

أجاب السيد والده :

- ( هل إعتقدت الآن و بعدما صرت إبنا شرعيا أنه من المخول لك أن تتجول و تعبث هنا و هناك دون فعل شيئ مفيد ؟ )

قال ماكون :

- ( لم أكن أعبث كنت أقرأ . )

- ( فيما سينفعك ذلك ؟ من المفترض أن تتعلم مني القيادة ... آه أنا خائف على إرثي عائلتي من بعدي ، اللوم يقع علي فأنا لم أنجح في إنجاب إبن شرعي من المرة الأولى . )

- ( لسوء حظك ! لكن أتعلم ! لقد تعلمت من الكتب الكثير بالفعل و حسب ما قرأت كان شقيقك اللورد الراحل "لينجليت ستونهارت" سيد القلعة و حاكم «سكيليك» و وجودك على رأس العائلة هو محض الصدفة لا أكثر و لا أقل ثم إن نسل العائلة معروف بأنه ضعيف حتى أن والدك اللورد الراحل "باستيان ستونهارت" اضطر للزواج من ابنة عائلة تريكستار المعروفة بعراقتها و قوة نسلها . )


رد اللورد ريفز ساخطا :

- ( الآن يتجرأ النغل على تعليمي أصول عائلتي . )

- ( و هي عائلتي كذلك ، أتطلع لكي أتعلم المزيد تماما كتطلعي لمعرفة السبب الذي جيئ بي من أجله إلى هنا فمعدتي ظلت خاوية منذ الأمس و أنا في حاجة إلى تناول الطعام . )

- ( عليك اللعنة ! أجاب اللورد العجوز بسخط مجددا و تابع :

- ( لقد كانت والدتك تحلب الماعز عندما أفرغت فيها نطفتي أول مرة و ها أنت الآن صرت كبيرا بما يكفي لتخاطب رجلا تصدى لحصار أعتى الجيوش و تجعله يبدو كالأحمق ، اللعنة على أطفال اليوم لا فائدة ترجى من وراء إنجابهم . )

قاطع السير ميرين فوت حديث الأخذ و الرد بين الأب و نغله قائلا :

- ( معذرة يا سيدي و لكنني أعتقد أن الأمر قد طال و قد حان الوقت لتدخل في صلب الموضوع . )

غمغم الفتى مؤيدا هذا الكلام :
- ( معه حق . )

رد العجوز بتهكم :

-( حتى أنت أيضا يا سير فوت صرت تقحم مؤخرتك المعدنية تلك أراهن أنك تقضي الكثير من الوقت في الحمام بسبب درعك هذا . )

جعل هذا ماكون يبتسم مخرجا ضحكة أطفال لم يستطع أن يكتمها .

قال السير ميرين و قد جمد تعابير وجهه :

- ( فل يتقدم مرسول الملك . )

تقدم الرجل و معه فارسين من فرسان الوردة الملكية -فرسان البلاط- و بدا ل ماكون أنها أول مرة يرى فيها فرسان بلاط الملك و فكر انه لابد و ان الوضع خطير بالفعل لكي يرسل هكذا أشخاص على جناح السرعة .
قال المرسول :

- ( باسم إليوت الأول سليل عائلة دي روز ملك روز و حاميها و سليل الملوك الأوائل ، موحد الأراضي ، الغازي قاهر الأعداء و المرتدين حامي الدين و خادم الآلهة ، أنا مرسول الملك و تابعه المخلص أتقدم إلى حضرتكم لورد ريفز ستونهارت سيد معقل ستون-إيڤ و حاكم سكيليك . )

- ( أعد علي ما قلته عند مجيئك . )

خاطبه اللورد ريفز بلهجة آمرة .

أجاب المرسول :

- ( إن جلالة الملك الموقر يستدعيكم إلى "يورك-شير" بالعاصمة لأمر طارئ و لن يقبل أي ممثل أو مبعوث تكون رتبته أقل من لورد يحمل إسم ستونهارت و قد أرسل مثل هذا الخطاب لكل سادة القلاع . )

توجه اللورد العجوز إلى ماكون بلهجته الفوقية المتعالية :

- ( هل سمعت ما قاله الرجل ؟ الملك يرغب بحضور لورد القلعة و لن يقبل بخليفة له غير ستونهارت لهذا ستذهب أنت . )

- ( أنا ؟؟ )

أجاب ماكون بدهشة و أضاف :

- ( لماذا أنا ؟ ما العيب بك أنت ؟ هل سقطت منك إحدى خصيتيك ؟ )

- ( تأدب مع حضرته . )

قال السير ميرين بوجهه المتزمت الجامد كحجارة الجدران المحيطة بهم و قد أصدر درعه رنينا مسموعا بعد أن اقترب منه بضع خطوات .

- ( الأدب ليس موروثا بين أفراد العائلة . )
غمغم ماكون .

- ( ستذهب يعني ستذهب ، سأحشد لك بعض الرجال لكي يرافقوك و سيكون السير ميرين معك أيضا أنت ترى أنه لم يعد بمقدوري التحرك في عمري هذا . )

- ( هه نعم أنا أرى لكن أراهن أنه لا يزال بإمكانك تحريك الأفعى بين فخذيك لتناسب جحرا ما . )
قال ماكون بضحكة نصف مكتومة .


- ( يالك من إبن قليل أدب ، لازال يمكنني أن أنجب أبناء أفضل منك أيضا إذا كنت تتساءل . )

- ( حسنا ! جميل جدا ، رائع ، أتمنى ألا أتحول إلى أخ كبير يشعر بالتهديد على منصبه و يخنق أطفالا رضعا في مهدهم إذا كان الوقت قد حان فلا بأس بالإختلاط مع أولئك العجزة المدعين . )
-يقصد قادة القلاع النبلاء-

إنصراف! قال اللورد العجوز.
سحب ماكون نفسه بهدوء و خفة متراجعا و أوقفه صوت والده الذي خاطبه:
ليس أنت أيها الشقي.
ألم ينتهي كلامك بعد أيها العجوز البشع؟ قال ماكون في نفسه ثم اعتدل أمام والده العجوز و قال يصطنع المودة: أمرك!
فتح اللورد العجوز فمه و بدأ في إملاء التوجيهات عليه: لا تحرجني بوقاحتك أيها الفتى، لا أعرف ما سبب هذه الدعوة و لكنها من الملك بنفسه و لا أشك لوهلة أن صبيا مثلك يدرك مدى خطورة الأمر. و قال مزمجرا: لكنني أثق بك!
اللعنة! قال ماكون في نفسه. لماذا تختار وقت طعامي لكي تتحدث عن الترهات.
تابع العجوز سرده: سيكون هناك أشخاص كثر و سادة أشداء و رجال عتاة و فرسان نبلاء و الكل سينصب نظره نحوك إذا أتيحت لك الفرصة لتتكلم لهذا إنطق بالحكمة أو التزم الصمت.
أومأ ماكون إيجابا في غير اكتراث و كأنما سئم من توجيهات العجزة و قال: إسمح لتابعك بالانصراف يا سيدي.
إنقلع! غمغم اللورد ريفزو أشار عليه بالانصراف.

تبعه الفارس المعدني و حدثه قائلا: حضر نفسك سننطلق الليلة و سأعلمك بالتفاصيل لاحقا ما إن تكون متاحة.

الليلة؟ هل للأمر عجلة؟
هذا ما أراده اللورد ريفز.
اللعنة كنت أخطط لاستكمال قراءة مجلد العوائل، أهو مسموح لي باصطحابه معي؟
لا غير مسموح!
تجهم وجه ماكون و قال: تبا!
مسموح بمتاع قليل فقط.
حسنا دعني وشأني الآن. و راح يشق طريقه وسط القلعة بعد أن شغلت معدته جل تفكيره.

________---______---_______---________

معلومات متوفرة حاليا :


ملحق العوائل:

ينحدر آل ستونهارت من القديس (بانكر) الذي اتجه جنوبا و بنى قلعته "ستون-إيڤ" وسط الجبال الحجرية المتراصة المعروفة ب
(سكيليك) شكلت مناجم الحجارة و الفحم ثروة للعائلة التي حكمت المكان و سميت (ستونهارت/ قلب الحجر ) تيمنا بموقع القلعة و سط الجبال الحجرية . تعرضت القلعة للهجوم من طرف (حلف المملكة الغربية و كذا حلف الدرع الأحمر ) في الحرب التي عرفت
( بحرب المناجم ) لكنها صمدت و مرة أخرى ذلك كان راجعا لطبيعة موقعها .
راية آل ستونهارت هي سيفان رماديان متقاطعان و خلفيتهما صُوِّر برج قلعة رمادي اللون .

كلماتهم : صلب كالحجر .

القديس بانكر باني القلعة و مؤسس العائلة .

ريفز ستونهارت سيد ستون-إيڤ و حاكم (سكيليك) خلفا لشقيقه (لينجليت) الذي مات في ظروف غامضة .

زوجته الليدي سارما روك . ماتت منتحرة .

ماكون ستونهارت فتى في الخامسة عشرة من العمر مجهول الأم (نغل سابقا كان يعرف ب ؛ ماكون ستون ) إعترف به والده كوريث شرعي ل ستون-إيڤ .

قائد الحرس و المرافق الشخصي : السير ميرين فوت لقبه الفارس المعدني .

أبرز العائلات التي أقسمت بالولاء ل
ستون-إيڤ :

روك ، فوت ، بارس ، سيلفرروك.


.
.
.
.
.
#Leo
#KOTG
#King_Of_The_Game

2019/07/12 · 406 مشاهدة · 2206 كلمة
Leo
نادي الروايات - 2024