الفصل الأول - المقدمة.
من الصعب المرور عبر الأوقات الصعبة دون الشعور بالإحباط أو الإستسلام، الجميع تعلم هذا مرة واحدة على الأقل وأنا لم أكن إستثناء لهذه القاعدة، ولكن بعد المرور عبر هذهِ المرحلة -و في حالة نجاحك في تحقيق ما أردته- يغمرك الشعور بالفخر و الإرتياح.
نظرت لشاشة الكمبيوتر في غرفتي التي كانت تعرض موقع المسار الدراسي التابع لوزارة التعليم الجماعي، التي كانت تعرض نتيجة السنة الدراسية و الإختبار النهائي للثانوية التي كان علينا إجتيازه قبل ما يقارب أسبوعين، بالإضافة إلى المجموع العام و النتيجة.
هاه! إبتسمت بينما وضعت يدي على وجهي وأملت رأسي للوراء (مستريحا على صارية كرسيِ)، ماذا كانت فرصة نجاحي؟ يجب علي الإعتراف، لقد أهملت دراستي في السنوات الأخيرة وبالنسبة لشاب في الثانوية كان هذا خطيرا جدا (بالنسبة لمستقبلي، بالطبع) وبينما تصرفت بشكل طبيعي في الأسبوعين الأخيرين إلا أنني كنت أشك في أنه سيتوجب علي تكرير هذه السنة.
لهذا السبب قمت بالإطلاع إليكترونيا عليها قبل أي احد، في الصباح، في يوم النتائج، ولكن من كان يعرف أنني سأحرز جيدا في الإختبار؟ بالطبع، لقد حظرت له، ولكن بالنظر إلى نتيجة السنة المتوسطة جدا، توقعت أنني سأحرز أقل من المعدل، لابد أنني كنت محظوظا، كما أنني قمت بإستعمال بعض الأساليب المشكوك فيها في مادة الرياضيات والفلسفة....ولكن هذا ليس مهم.
"نقطة السنة الدراسية: ١٠,٤٥/٢٠
نقطة الإختبار النهائي: ١٤,٣٦/٢٠
النقطة النهائية: ١٣,٢١
النتيجة: نجاح، مستحسن."
توجه عقلي للتفكير في صديقي المفضل، على عكسي فقد كان مجتهدا مذاكرا، لاشك في أنه قد إجتاز الإختبار بنقطة مماثلة أو أفضل مني! حتى لو لم يستعمل أساليبي.
قمت بإلغاء تشغيل حاسوبي و غادرت غرفتي و ذهبت للمطبخ.
"أه! أنت مستفيق" قالت والدتي التي كانت تعد فطورا من نوع ما عندما رأتني، نظرت لي للحظة قبل أن تقول بإبتسامة "حسنا، اليوم سنرى نتيجة حل الأكل الذي تستهلكه و الإهتمام الذي تتخذه، نحن لا نريدك أن تكون كأخيك، إذهب لمدرستك."
"لا حاجة، أمي" تجاهلت إشارتها لأخي، الذي كان قد كرر سنته، وقلت بينما رفعت إصبعي للأعلى، عادة لاتفارقني أبدا هي إستعمال إشارات يدوية عند الكلام "قام إبنك بتجاوز هذه السنة، وليس بنتيجة 'متوسط جدا' كما تقولين دائما!"
نظرت لي والدتي للحظة قبل أن تأتي نحوي وتعانقني "هذا هو إبني! ألا أقول لك هذا دائما؟ أنت أذكى مما تظهر نفسك عليه!"
تذكرت عندما أتت أختي قبل مدة و قامت هي و والدتي بالمزاح حول إحتمالية تكرير السنة (على الرغم من أن أختي كانت جادة قليلا) أو قبل بضعة أيام حيث منحتني أمي خطاب 'لا بأس إذا حدث شيء غير متوقع' الذي كان في الغالب حول حصولي على نتائج سيئة.
قلتُ لها هذا ولكنها ضحكت فقط وقالت "لقد كنتُ أمزح فقط! الأن إذهب و أيقظ والدك، سيكون فرحا بهذا الخبر ،و أخوك أيضا!"
فعلت ما قالته وشاركت الأخبار مع ما تبقى من عائلتي، ولقد كانوا سعداء أيضا، قاموا بتهنئتي وكل شيء إلى أخره، أنت لم أنسى تذكير والدي بالهاتف الجديد الذي وعدني به.
بعد القيام بكل هذا، قمت بالتراجع لغرفتي و إتصلت بصديقي المفضل لأنني كنت مهتما بنتيجته و كنت شبه متأكد من إجتيازه، ولكن عندما تكلمت معه صدمني عندما قال أنه فشل و رفض إخباري بنتيجته عبر الهاتف لذلك قلت له أن نلتقي.
قمت بدفع القطعة النقدية الثانية في ألة القهوة (في الشارع) التابعة للمحل و حملت الكأس البلاستيكي الثاني تحت الصنبور و تركت الألة تملأه قبل أن أستدير و أتوجه نحو صديقي الذي كان جالسا بجانب الطريق، ذهبت وجلست بجانبه وسلمته كوب القهوه.
"هذا لا يصدق يا رجل" قلتُ بينما أخذت رشفة من الكوب في يدي "من شبه متأكد من نجاحك"
"أنا ايضا!" قال بينما أمال رأسه على يده "لا أعرف ما حصل، لابد أنهم إرتكبوا خطأ ما...أو أنني إرتكبت خطأ كبيرا في الإختبار، لقد كنتُ مرتبكا جدا..."
نظرت إليه لعدة لحظات من الصمت، اللعنة! أنا سيئ في مواقف كهذه! لا استطيع التعبير عن ما أريده بشكل صحيح و لا أعرف ما أقول!
"أنظر، ما هي نتيجتك؟"
"٨" قال بينما رأسه لايزال يواجه الأسفل "الدورة الإستدراكية"
"الإستدراكية؟ هذا ليس سيئا" قلت عندما فكرت أنه لا يزال يملك فرصة للنجاح إذا إجتاز الدورة الإستدراكية بنجاح، هل هي بعد تسعة....ربما عشر أيام؟ يستطيع المراجعة قليلا في غضون هذا الوقت.
"يجب عليك المشاركة بها" قلت له.
"أنا لا اعرف يا رجل، أنا لا أزال مرتبك قليلا..."
نظرت إليه، لقد كان دائما طالبا مجتهدا، وعلى الرغم من أنه لم يكن قريبا من أن يكون من أي مكان قريب من أذكى التلاميذ في المؤسسة إلا أنني متأكد أنه لم يكن متشككا في إحتمالية نجاحه، لذلك حصول عكس ذلك هو صدمة قوية من نوع ما.
'تذكر الأوقات الصعبة، صديقك يمر بأحدها الأن!' قلت لنفسي داخليا، نظرت إليه و وضعت يدي على كتفه وقلت " لا تدع قلبك يضطرب بسبب هذا، ثق بنفسك!...و بي، وبالتأكيد ستنجح في هذه الدورة."
نظر إلي بينما إبتسم قليلا "شكرا يا رجل، أعتقد أنني إحتجت إلى هذا" توقف قليلا وأخذ رشفة من كوب القهوه في يده قبل أن يتابع "لا أصدق أنني كنت أفكر في عدم الذهاب للإختبار الإستدراكي! إذا لم أفعل هذا سيتوجب علي إعادة السنة بالكامل!"
"بالطبع يا صديقي، بالطبع" قلت بينما ربتت على كتفه قليلا قبل أن أقف (من جانب الطريق) وقمت بشرب كامل الكوب البلاستيكي في يدي، رميته في الأرض و سحقته تحت قدمي!
"يو! ألا تهتم بالبيئة؟ ترمي مخلفاتك في الشارع!" قال صديقي الذي يبدوا أنه قد إستعادة بعض حيويته، إبتسمت بينما كنت أنظر إليه وقلت "الجميع يرمي مخلفاته في الشارع، يا صديقي القديم، ليس وكأنني سأفعل هذا"
قمت بإستعمال قدمي لرمي كوب القهوة المدهوس في الهواء، و تابعت ركل الكوب في الهواء قبل أن أواجه إتجاه ألة القهوة التي كانت تملك حاوية قمامة قريبة و قمت برمي الكوب المدهوس (بركلة) بشكل مباشر داخل الحاوية "هدف!"
إستدرت للنظر لصديقي الذي كان لايزال جالسا و قلت له "عليك الذهاب لمنزلك، لا يزال عليك قول هذا الخبر لعائلتك، لاتخف، سيتفهمون الأمر"
"نعم، سيتفهمون الأمر" قال بينما إبتسم، أخذ رشفة كبيرة من كوبه لإنهائه، ولكن على عكسي فقد قام بالمشي حتى حاوية القمامة و رمي مخلفاته، دائما ما عرفت انني النظير الممتع هنا!
"حسنا الأن، وداعا!" قال بينما لوح بيده وقمتُ بالرد قبل ان أستدير (و إستدار هو أيضاً) "نعم سنراك المرة القادمة!"
فقط عندما إتخذت بضعة خطوات، قمت بالإستدارة مرة أخرى لأخذ كوب قهوة أخر من الألة، أنا محب كبير الكافيين وأنا أعرف أن هذا مضر لصحتي، قمتُ بإدخال يدي في جيبي ويحب عملة بقيمة خمسة دراهم وإدخاله في الألة و وضع كوب بلاستيكي تحت الصنبور، هاه! من قال أن المال لا يطير؟! الثمن الذي ندفعه من أجل الأصدقاء.
قمت بسحب كوبي من الألة و أخذ رشفة صغيرة، ساخنة، كما أحبها! أخذت لمحة نحو الطريق الذي سلكه صديقي و رأته على وشك قطع الطريق، و لكن كانت هناك شاحنة مسرعة قادمة على الطريق و صديقي الذي هو على وشك قطع ذلك الطريق غير منتبه لأنه على هاتفه...
إستغرقت لحظة أخرى قبل أن أدرك ما يحصل هنا، صعدت رشفة باردة عبر عمودي الفقري، صديقي الغبي على وشك أن يتم دهسه عن طريق شاحنة لعينة! قمت برمي كوب القهوة جانبا و ركضت مسرعا نحوه مستعملا كامل سرعتي! بغضون وصولي إليه كان وسط الطريق بالفعل! أمسكت قميصه من الوراء و رميته للوراء بكل قواي!
إستدرت فقط لأرى الشاحنة أمام وجهي....أوه...الثمن الذي ندفعه من أجل الأصدقاء!
"بووم
بووم"