عندما إستيقظ لوميان في الضباب الرمادي، لم تكن غريزته الأولى هي التحقق من حالته الجسدية. بدلًا من ذلك، جلس فجأةً ونظر إلى الطاولة بجانب النافذة.
هناك، غارقة في الضوء الناعم الذي ترشح من خلال الضباب الكثيف، كانت أزهار الكستناء الحمراء الثلاثة والزجاجة الزجاجية من مسحوق أوراق الحور.
‘لقد أرسلت حقًا المكونات التكميلية للداخل…’
‘كما تمنيت تمامًا، أنا بخير في الحلم عندما أكون أفضل في الواقع على الرغم من أن الإصابات في كلا الجانبين ليست متساوية على الإطلاق…’
إختفت علامات الأصابع الخمسة، الكدمات والكتل الدموية.
جعل هذا لوميان يتساءل عما إذا كان قتل الوحش المتجاوز جزءًا من حلمٍ فقط.
لحسن الحظ، فإن الغرض القرمزي في الكيس القماشي، المبلغ الأكبر قليلاً، وبندقية الرش بجانب سريره أكدوا حقيقة تجربته.
إرتاح قلب لوميان. مع الكيس القماشي المحتوي على الغرض القرمزي والمبلغ الكبير من المال، غادر غرفة النوم وتوجه مباشرةً إلى الطابق الأول. ممسكًا زجاجة النبيذ الأحمر وكوب بيرة، عاد إلى الغرفة مع بعض الريحان.
لقد حرص على إحضار أسطوانة قياس وميزان مصغر إشترته له أخته أورور.
عند النظر إلى المكتب المليء بجميع الأغراض الضرورية، شعر لوميان بالإثارة والتوتر.
مع كل شيء في مكانه، كل ما تبقى هو تحضير الجرعة!
لم تكن الجرع مشروبات كحولية. كانت أكثر خطورة من الكحول، وكانت قادرة على قتل الشارب أو تحويله إلى وحش بأدنى خطأ.
أخذ لوميان نفسًا عميقًا وزفر ببطء، يداه ثابتتان بينما إستخدم أسطوانة القياس لصب 80 مليلتر من النبيذ الأحمر في كوب البيرة.
ثم أضاف 10 جرامات من الريحان و 5 جرامات من مسحوق أوراق الحور وزهرة كستناء حمراء واحدة.
ذهبت العملية دون وقوع حوادث. إحتوى السائل الأحمر في الكوب على عدد قليل من البقايا والزهرة الطافية، ولكن بخلاف ذلك بدا غير جاذبٍ للإنتباه.
مع الكيس القماشي من المادة القرمزية بجانبه، راقب لوميان بإهتمام بينما إنزلق الغرض في كوب البيرة.
بدون صوت، بدت الكتلة الحمراء الداكنة وكأنها تذوب بسرعة، ساحبةً السائل المحيط أثناء تلك العملية.
ظهرت الفقاعات، وتحول الكوب بأكمله إلى ظل عميق من اللون الأحمر. كانت زهرة الكستناء الحمراء قد ذابت تمامًا.
‘هذه هي جرعة الصياد؟’
القوى الخارقة للطبيعة التي سعى إليها لفترة طويلة كانت أخيرًا في متناول يده.
دون تردد، أخذ نفسًا عميقًا وأعد نفسه لما سيأتي. رفع الكوب إلى شفتيه، وشرب الجرعة دفعةً واحدة بسرعة.
ملأت رائحة الدم النفاذة أنفه، وبدأ في سماع الأشياء.
عندما وضع الكوب، قطع ألم حارق عبر جسده،
شديد جدا لدرجة أن لوميان تساءل عما إذا كان قد ابتلع كرةً من النار. بدا وكأن اللهب قد حرق مريئه، معدته، قلبه، رئتاه، أمعائه وأوعيته الدموية في آنٍ واحد.
في الوقت نفسه، إنبعثت رائحة دم قوية من حلقه.
قاتل لوميان ليبقى واعيًا، متذكرًا تحذير السيدة عن كيف أن الإغماء قد عنى الهزيمة. لقد علم أن المخاطر كانت كبيرة، وكانت النتيجة واضحة إذا فشل.
سبح رأسه وهو يخفضه، محدقًا في عروقه الحمراء الباهية البارزة على ظهر يده.
جاء الألم والحرق في موجات، لكنهم سرعان ما بدأوا في التراجع. ولكن ما إن اعتقد أن الأمر قد انتهى، صدى صوت غامض في ذهنه، كما لو كان قادم من مكان بعيد بلا حدود وبجانبه مباشرة.
كان الصوت أشبه بأشواك فولاذية تخترق دماغه وتلف بقوة.
فجأة، عادت تجربة الاقتراب من الموت التي مر بها من قبل، واندلع الألم والحرق مرةً أخرى.
قام لوميان بعض أسنانه وشد قبضتيه، وهو يشعر كما لو أن شيئًا ما كان يحاول شق طريقه للخروج من جسده.
بدا وكأن الضباب الرمادي حوله قد إزداد كثافةً.
تلاشى الصوت المرعب الذي ملأ أذنيه ببطء، وتلاشى تلوي لحمه ودمه مثل الوهم.
تبدد الألم الشديد، الإحساس بالحرقة، والرائحة المعدنية للدم، تاركةً لوميان يلهث للهواء البارد بينما استعاد السيطرة على جسده.
انحنى، يديه على ركبتيه، يلهث بشدة بينما أدرك المخاطر الحقيقية للسعي وراء القوى الخارقة، كما حذرته أخته.
جرعة تسلسل 9 فقط كادت تودي بحياته!
بالطبع، بدا الأمر في البداية قابل للتحكم فيه- خطير، لكن قابل للتحمل. لكن الصوت الغامض الذي أحدثه الرمز الموجود على صدره كاد أن يتسبب في انهياره في اللحظة الحرجة.
بدا وكأن كل نفس أخذه قد أعاد بعضًا من قوته، وسرعان ما شعر وكأنه تعافى تمامًا.
بانغ! قبض لوميان قبضته وأرجحها بقوة، ضاربا الهواء بقوة تسببت في انفجار صوتي.
لم يتخيل قط إمتلاك مثل هذه القوة من قبل، وهذا الإدراك ملأه بالإثارة. في غرفة نومه الصغيرة، تدرب على أسلوب قتالي علمته له أخته، كل لكمة أنتجت صوتًا حادا.
بانغ! بانغ! بانغ!
على الرغم من الضجة، تحرك لوميان بدقة وتحكُم، ولم يلمس أي شيء بينما أكمل المجموعة.
ولدهشته، لم يشعر بالتعب أو الإرهاق، بل شعر بالحيوية وأنه حي.
قيَّم حالته:
‘مُساوٍ لأورور…’
‘من حيث القوة، السرعة، رد الفعل والتحكم في الجسم، فقد تم تحسينها جميعًا بشكل كبير. هذا غير إنساني قليلاً….’
‘أمتلك قوة دب ورشاقة قط. إنه مكافئ نوعًا ما لمزيج بين الاثنين…’
‘بدون الجرعة، لم أكن لأتمكن أبدًا من الوصول إلى هذا المستوى من القوة في حياتي…’
ولكن قبل أن يتمكن من إنهاء فحصه، تخللت رائحة دمٍ أنفه، وإنقبض قلبه من الخوف. غريزياً، استنشق الهواء وأدرك أنه إستطاع تحديد مصدر الدم- لقد جاء من جسده!
نظر لوميان إلى الأسفل ورأى أن ظهر يده كان مغطىً ببقع حمراء.
ذهب إلى مرآة كامل الجسده مرة أخرى وأدرك أن وجهه كان ملطخًا بالمثل.
لقد مسح بعض الدم، لكنه لم يجد أي علامة على وجود أي جروح.
بعد لحظة من التفكير، توصل لوميان إلى إدراك.
‘هل تسببت الجرعة في إنفجار الشعيرات الدموية التي تحدثت عنها أورور؟ وبعد ذلك شُفيوا بسرعة بعد أن إمتصصتُ الجرعة؟’
كان التفسير الوحيد لحالته الحالية هو تأثير الخوارق.
بعد أن أدرك لوميان أنه لم يُصَب بأذى، دفع الأمر جانبًا وركز على حاسة شمه، والتي بدا وكأنها قد خضعت لتغيير كبير.
عندما ركز، ‘تحللت’ الروائح من حوله وحفرت في أنفه بأشكال مختلفة.
‘رائحة الدم، رائحة الكحول المتبقية، رائحة الزهور، رائحة الغبار…’
في الوقت نفسه، ‘رأى’ آثار أقدام غير مرئية وإضطرابات في الغبار في غرفة النوم، ‘سمع’ دقات قلبه والنسيم خارج المنزل….
‘التغيير الثاني هو أن قدراتي الحسية قد ازدادت أضعافًا مضاعفة، متجاوزةً معايير البشر العاديين. لا عجب أن الوحش الذي واجهته كان ماهرًا جدًا في التعقب…’
والأهم من ذلك، أن هذا التحسن لم يتدخل في حياته اليومية ولم يَظهَر إلا عندما يركز. لم يأخذ سوى شكل نسخة أضعف.
من خلال التجريب والفحص الذاتي، اكتشف لوميان تغييرين آخرَينِ أحدثتهما جرعة الصياد.
‘التغيير الثالث يسمح لي بتحديد مواقع نقاط معينة في بيئتي بدقة، مثل نقاط الضعف في الجدار، مما سَـيُمَكِنُني من نصب الفخاخ بشكل أكثر كفاءة وقتل اعدائي- سواء كانوا بشرًا، حيوانات أو وحوشًا- بشكل فعال أكثر.’
‘التغيير الرابع هو أنه لدي المزيد من المعرفة حول النباتات البرية وأعضاء الحيوانات، مما سيسمح لي بالبقاء على قيد الحياة بشكل أفضل في البرية والعثور بسرعة على دواء يوقف النزيف عند الإصابة. يمكنني حتى صنع سُمٍّ لوضعه على الأسلحة إذا لزم الأمر…’
بينما أكد هذه القدرات المكتشفة حديثًا، لم يستطِع لوميان إلا أن يشعر بشعور من السخافة.
‘لقد تمكنتُ في الواقع من قتل وحش البندقية؟’
‘الأنا الحالي أقوى بكثير من أنا السابق ولم يكن الوحش أضعف بكثير من أنا الحالي…’
فكر لوميان لفترة وإستخلص نقطتين مهمتين.
‘القدرة مهمة، لكن العقول لا تقل أهمية!’
‘يمكن أن يزيد استغلال بيئة جيدة بشكل فعال من قوتي!’
بعد بعض التفكير، أضاف لوميان داخليًا،
‘أيضًا، لا يمكنني أن أكون غير حريص وافقد صبري في أي وقت…’
مشى إلى النافذة وحدق في أنقاض الحلم مرة أخرى.
اندفع إلى قلبه إحساس لا يوصف بالضغط، الخوف والخطر. كان هذا شيئًا لم يشعر به من قبل.
‘آه، التغيير الخامس هو نوع من تقوية الحدس…’
ذهب إلى الحمام وغسل جسده بالماء النظيف. غيَّر إلى مجموعة جديدة من الملابس ثم إستلقى على السرير، مع ماله قريب منه.
لقد أراد العودة إلى الواقع في أقرب وقت ممكن، متحمسًا لمعرفة ما إذا كانت قدرات الصياد ستبقى معه أم أنها ستضعُف.
…
في جوف الليل، كانت كوردو صامتة بشكل مخيف. غطت الغيوم القمر القرمزي والنجوم، تاركةً الظلام ليحكم.
قام لوميان بمسح مشهد الليل وشعر بإحساس غامر بالسعادة.
لقد أصبح الآن متجاوزًا في العالم الحقيقي، ولم تضعف قواه على الإطلاق مقارنةً بعالم الأحلام.
ضربه حدسه، فك لوميان أزرار قميصه وحدق في صدره.
‘يظهر أيضًا في الواقع…’
لقد لاحظ أن الرمز الأسود المزرق الذي كان قد غطى سلسلة الأشواك لم يكن موجودً إلا في حلمه.
فجأة، تخطى قلب لوميان ضربة وهو يحدق في شجرة الدردار القريبة. كانت البومة من أسطورة المشعوذ جالسة على فرعٍ وتراقبه بهدوء.